نصيحة جزائري
معمر حبار
الجزائري الذي عايش أحداث التسعينات، يجعله أكثر فهما واستيعابا، لما يجري في مصر، ومن واجبه أن يقدم النصح لإخوته في المشرق العربي ومغربه، لأن الجراح العميقة، التي تركتها الأحداث، لم تندمل بعد، فلا يرضى لإخوته، أن يحدث لهم ماحدث، وهو يرى نفس البداية الأليمة.
§ إن المجتمع أعظم من الأفراد، لأن المجتمع إذا انهار، انهار معه التاريخ والجعرافيا، فليحافظ الأفراد على تماسك المجتمع والدولة، ففي تماسكهما، تماسكا للأفراد.
§ مهما ارتكب الذي أمامك في حقّك .. فهو الأخ، والجار، والصديق، والصهر، والأب، والإبن، والعم، والخال، والعاقل لايعادي من لايستطيع أن يعيش دونهم وبفضلهم، فاغفر واعفو، فأنت تعفو عن قريب، والعفو عن الصاحب القريب، فضيلة يدركها أهل الفضل.
§ قال الأوائل: الخطأ في العفو، أفضل من الخطإ في العقوبة، فاعفو قدر ماتستطيع، على من أساء إليك، وحرمك ممن تراه حقا، ولايهم بعدها، إن أخطأت في العفو. فالعفو على الأخوة والأحباب، مجلبة للرضا، ضامن لعودة الحق لأصحابه.
§ كن حسن النية بأخيك، ماستطعت إلى ذلك سبيلا، فإن حسن النية، يفتح القلوب والصدور، ويجمع الأفئدة المشتتة، والأيادي المتعاركة.
§ احذر من حمل السلاح في وجه أخيك، ولو مزاحا، وفي الأمثلة الشعبية الجزائرية، يقولون: أن من رفع السكين في وجه أخيه مزاحا، لم تزره الملائكة، مدة 40 يوما. والأجداد حين ذكروا هذا المثال الشعبي، كانوا يقضدون من وراءه، عدم اتخاذ السلاح لعبة وتسلية، لأن عواقبه وخيمة، لايمكن للمرء أن يتداركها.
§ اغضب، ثم اغضب، لحق ضاع، أو لحق تسعى إليه. والغضب من الأخ، علامة الحب والرضا، لكن دون هدم البيوت، واتلاف الزرع، وهدر الأرض، وانتهاك العرض، وسفك الأرواح. ومن فعل هذا، يسمى حاقدا، ومفسدا، ومبذرا، وقاتلا، ولاينال شرف الغضب، الذي هو سمة من سمات المروءة.
§ كل مافي الدنيا يُعوّض .. فالصناديق، والكراسي، والمناصب، والعقار، والمحلات، والزروع، كلّها تُستبدل، بمثلها أو بأحسن منها .. لكن الروح التي زُهقت، لن تُعوّض ، وستظل تطارد صاحبها، بأيّ ذنب قتلت؟، فلا تكن المُطَارَد، لأن قاتل الروح، لاملجأ له، ولامجير.
§ مهما كانت المشاكل بين الأخوة، كبيرة وعظيمة، سيأتي اليوم الذي تحل فيه، بأحسن السبل، ولو طال الأمد، لأن الأخوة، أعرف من غيرهم، بالداء والدواء. لكن حين يتدخل الأجنبي، أيّ أجنبي، سيكون عامل بلاء و وباء، ويطيل في عمر المشكلة، ويزيدها تعقيدا، لأنه يجهل الأسباب، والدوافع، ولايعرف الجمر الذي يعانيه صاحبه منذ سنين. فاحرص أن تحل مشاكلك بين أخيك، واصبر على رفض الأخ وعناده، فالحلول نتيجة التعاون والصبر.
§ النفوس ضعيفة، ميّالة للأسهل، ولو كان خطيرا، وتكون أكثر خطورة، حين تستعين بالمال والسلاح ضد الأخ، فتتفاقم الجرائم، ويصعب حلها. فاحذر أيها الأخ، أن تسعين بغيرك، ضد أخيك، فتخسر مجتمعا، وتمسي أضحوكة من سلّمك المال والسلاح، باسم الدين أو الدنيا.
§ ضياع حق، أو كسب حق، ليس مدعاة لليأس أو الغرور، إنما هو فرصة، للجلوس مع النفس، ومن هو أهل للمشورة، ليقف الجميع، حول الأخطاء التي ارتكبت، ليخفّف من حملها، وعدم الرجوع إليها، ففي ذلك تسلية للنفس، ودافعا لشحذ الهمم من جديد، بأقل الأخطاء. فالصعود من جديد، أفضل من الركون إلى الأبد.
§ كل يخطىء في حق أخيه، فتلك طبيعة الأخوة والبشر، لكن احذر أن تسلب مال الأخ، أو تسفك دمه، أو تنتهك عرضه، باسم الدين ورب العالمين، فالاعتداء باسم الدين جريمة، تفوق الفعل الشنيع بحد ذاته، ويزهد غير المتدين في دينك، ويجعلك أضحوكة لغيرك، ومثالا سيئا في البعد عن الدين وتشويهه.