قطر تغير حاكمها وحكومتها

د. صالح بكر الطيار

قطر تغير حاكمها وحكومتها

د. صالح بكر الطيار

رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي

تخلى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني عن السلطة وسلمها الى ابنه الشيخ تميم بن حمد مفسحاً بذلك المجال امام جيل من الشباب لإدارة شؤون البلاد التي تمتلك ثروة نفطية كبيرة والتي يعتبر فيها دخل الفرد الأعلى عالمياً .ورحل مع الأمير حمد بن خليفة ال ثاني رئيس وزرائه ووزير الخارجية الشيخ حمد  بن جاسم بن جبر ال ثاني الذي كان الشخصية الأبرز في عصر قطر الحديث والذي تردد انه سيتولى ادارة صندوق قطر للإستثمار .ولم يكن التغيير مفاجئاً إذ سبق ورشحت اخبار بشأنه منذ عدة اشهر من العائلة الحاكمة نفسها لأن اميرها يعاني من ظروف صحية تستوجب الراحة والإبتعاد عن التوتر الذي تتسبب به مشاغل السلطة وهمومها اليومية .ومعلوم ان الأمير حمد الذي انقلب على والده  بسبب سوء ادارة البلاد وشيوع الفساد تسلم السلطة وخزينة البلاد شبه فارغة حيث استطاع خلال سنوات قليلة من ان يحول الإمارة الى واحة للإستثمار ،وان يعزز الدور الدولي لقطر في مجال انتاج الغاز وتصديره ، كما تمكن من ان يمنح لهذه الإمارة الصغيرة مكانة دولية في السياسة الخارجية حيث كان لها الدور الأكبر في ايجاد حل للأزمة السياسية في لبنان عام 2008 ، وإنهاء ازمة لوكربي ، وأحتضان "الربيع العربي" في ليبيا ومصر وتونس ، ودعم وتمويل المعارضة في سوريا ، وجعل الدوحة مقراً جديداً لقادة حركة حماس ، وملتقى للتفاوض بين طالبان والولايات المتحدة الأميركية بشأن المستقبل السياسي لأفغانستان .وعلى الصعيد الإقتصادي نجحت هذه الإمارة بأن تكون شريكاً فاعلاً في اهم المؤسسات والشركات الدولية وأن تشتري اكبر المخازن التجارية وافخم الفنادق السياحية في اوروبا وأميركا وبعض دول العالم العربي .وفور تسلم الأمير تميم مقاليد السلطة عمد الى تشكيل حكومة جديدة  من كوادر مختصة تمتلك العلم والخبرة والمعرفة وتمثل في نفس الوقت كل اجنحة القبائل والعشائر القطرية ليبقي من وراء ذلك على التوازن العائلي الذي يحفظ الإستقرار .وفي اول اطلالة اعلامية له تعهد بالحفاظ على ما حققته قطر من تقدم وأزدهار ونمو وأمن وأمان ، كما بعث من خلال خطابه برسائل الى الخارج من دول الجوار والدول الغربية ليؤكد حرصه على تحقيق المزيد من التعاون معها دون ان ينسى فلسطين التي اراد لها ان تكون قضيته المركزية .ومن غير المعروف بعد كيف سيتعامل الشيخ تميم مع ايران التي اتهمت الدوحة بأنها وراء انشاء شبكة للتجسس في طهران ، ولا كيف سيتعامل مع الملف السوري حيث لقطر رجالها الخاصين ضمن فريق المعارضة ، كما لم يحدد موقفه  المستقبلي من الحركة العالمية للأخوان المسلمين التي تستضيف قطر مرشدها الروحي الشيخ يوسف القرضاوي، ولا موقفه مما تتهم فرنسا قطر به بأنها من الداعمين لتنظيمات اصولية في بعض الدول الأفريقية .في كل الأحوال ما جرى في قطر تجربة جديدة سيقودها شاب في مقتبل العمر ، ولهذا من المبكر الحكم على مدى نجاحها لأن التحديات كبيرة ومعقدة في ظل ظروف دولية غير طبيعية ، وأزمات مالية عالمية حادة ، وتعددية قطبية ناشئة تتنافس بشدة فيما بينها على كيفية رسم خارطة شرق اوسط جديد.