مُجتَمَعُنا يَرْفُض المَرأَة الجريئة..
مُجتَمَعُنا يَرْفُض المَرأَة الجريئة..
عبير محمود عليان زايد
المَرأة العربية في مجتمعنا أم وأخت وزوجة وابنة وصديقة ، في كل صورها هي الكيان الإنساني الذي اعتاد جموع الناس المناضلين لإكسابه حقوقا مسلوبة ..وإن كانت تلك النضالات الطويلة على مدى زمن ليس ببعيد قد حققت أَهدافَها وأخرجت المرأة من دائرة تبعيتها للرجل واستغلاله مبدأ القوامة لفرض مايريد ومايحمل من أفكار عليها . وإن كان نداء تحرير المرأة قد علا منذ عهد قاسم أمين ذلك الرجل المتفتح الذي عاصر حضارة احترمت المرأة على أساس عقلها وكينونة شخصيتها بغض النظر عن استغلال أنوثتها، لا على أنها تابع لسلطة ذكورية فرضت نفسها على أمين وواقع عصره … وإن كان الرجل الشرقي كما المرأة ناضَلا أيَّما نضال للوصول للحظةِ إشراك النساء بأعمالهم وأفكارهم فكانت من أولئك العالِمةُوالسياسِيَّةُ والمُفَكِّرَة …لكنه الرجل نفسه ، ذلك الذي خطا خَطْوَ أمين قد يرفض أحياناً امرأة تتسم بالجرأة واقتحام المواقف والمبادَرَة بتغيير ثقافة أو نمط حياة مُتَّبَعْ.
وفي حوار بسيط أجريته مع بعض الرجال قال السيد علاء مهنا من مدينة السويداء السورية والموظف الحكومي في مديرية التجارة الداخلية
موقفه من الجريئة :" للجرأة أنواع وأُؤيِّد المرأة الجريئة عندما تَربِط جرأتها بثقافة وشفافية عاليتين ، ولكن ضمن حدود الأَدَبْ ، ورغم ما عبَّر عنه من إعجاب بجرأة المرأة إلا أنه أضاف :" المرأة الجريئة تثيرني وأقبلها زميلة في العمل وصديقة أو جارة لكنني لا أَقبل بها زوجة أبداً لأنها بالتأكيد ستخرج عن طاعتي".
وهو كذلك أيِ الرجل يختلف في نظرته للمرأة الجريئة من بيئة لأُخرى ومن ثقافة وتنشئة لأُخرى . ومن هذا المنطلق فقد قال آخر وهو مازن عوّاد رئيس تحرير شبكة هنا القدس الإِخباريَّة :" أنا بصراحة مع جرأة المرأة لكن بحدود وان لا تنسى كونها أنثى لأن واقع المجتمع لا يرحم ولدور المرأة الكبير في المجتمع جنباً الى جنب مع الرجل فإن عليها التسلح بالجرأة والقوة و أن تقتحم المواقف وتغير وتبادر في المجتمع لكن دون خروجها عن حدودها كامرأة " .
تحدث عوّاد عن الحدود التي على المرأة التزامها لكنه لم يفصح عن نوع تلك الحدود إنْ كانت أخلاقية أو فكرية . وأضاف في موقفه من الزواج بالمرأة الجريئة :" طالما أنها تحافظ على كينونتها الأُنثوية ، فلا أمانع وأقول نعم للزواج من الجريئة".
تعددت آراؤهم جميعاً كرجال فَبَيْنَ رأي مهنّا وعوّاد نجد كثيرين ، يؤيدون ويرفضون أو قد ينتهجون منهج الوسطيّة في الأمر .
ومن جانب آخر فقد تفاوتت آراء النساء أنفسِهِنَّ فقالت نورا غيث :" بصراحة جرأة الإِناث بها نوع من الوقاحة والتمرد ".
في مجتمعنا ، تجدهم جميعاً رجالاً ونساءً معجبون بامرأة تبتعدُ عن النمطيَّةِ والعُرْفِ سواءً كان ذلك البعد يسلك مسلكاً إيجابياً كثورة الفكر أو منهجاً سلبياً يسلك مسلك التقليدِ الأعمى المُفْتَقِرِ إلى توظيف الحواسِّ والعقل لتسيير تلك الجرأة نحو تغيير الواقع ِ بطرح أَفكارجديدة والتخلص من كل ما هو بالٍ ويحذو حذو تراثٍ امتثل له كثيرين خوفاً من التغيير . ولكنهم أولئك الأشد انتقاداً للجرأة هم الأكثر إعجاباً بمن هي مختلفة ، جريئة فكرياً أو سلوكياً في البيئة العملية والاجتماعية .لكنهم يرفضونها زوجة لاعتبارات ورواسب نفسية ناشئة عن التربية المجتمعية الشرقية التي وإن غابت خلف تَنَوُّرِ العقل الإنسانيّ تعود وتظهر في أدَقِّ تفاصيلِ مواقفِ الحياةِ اليومية.