سيدتي الرئيسة !

كم كنت رائعة

علي الكاش

كاتب ومفكر عراقي

[email protected]

برعاية الرئيسة الإيرانية المنتخبة مريم رجوي تم إفتتاح المؤتمر العاشر للتجمع من أجل الحرية بحضور حوالي (50000) ألف مواطن، و(600) شخصية برلمانية وسياسية وقانونية وأكاديمية وإعلامية يمثلون( 47) دولة ومن خمس قارات. من بينهم جونز مستشار الأمن القومي للرئيس اوباما ونيوت غينغريج الرئيس السابق لمجلس النواب الأمريكي ومرشح الرئاسة الأمريكية عام (2012)، وايد رندل رئيس الحزب الديمقراطي (2001-1999) وحاكم بنسلوانيا (2011-2002) ووفد كبير من الكونغرس الأمريكي وعدد من القادة العسكريين السابقين منهم هيو شلتون والجنرال كيسي رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي وقائد قوات الائتلاف في العراق(2007-2004)  والجنرال تشاك وايلد مساعد قيادة القوات الأمريكية في اوربا والجنرال جيمز كانوي قائد قوات المارينز(المشاة البحرية/34)، والعقيد وسلي مارتن القائد السابق لمكافحة الارهاب لقوات الائتلاف في العراق ومسؤول الحماية الأمريكية لمخيم أشرف. ومن البرلمان الاوربي شارك آلخوفيدال كوادراس نائب رئيس البرلمان الاوربي، واستراون استيفنسون رئيس هيئة العلاقات مع العراق في البرلمان الاوربي. أما من الدولة المضيفة فرنسا فقد حضر وزراء العدل والداخلية والدفاع ومعظم عُمد فرنسا. ومن العرب حضر عدد كبير من البرلمانيين العرب والنخب السياسية والإعلامية مثلوا الأردن ومصر والبحرين والمغرب والجزائر وسوريا واليمن وفلسطين ولبنان ودول أخرى. وكان للعراق وبقية الدول العربية حضور مميز في المؤتمر. والقى كلمة الوفد العراقي الوجه الوطني والقومي المعروف الدكتور محمد الشيخلي.

كانت الرئيسة المنتخبة رجوي كالعادة محطة أنظار وإعجاب جميع الحضور بأرادتها الحديدية التي لا تقهر، وعزيمتها العالية التي لا تنحني امام الريح الصفراء مهما إشتدت، إرادة يفتقر لها الكثير من رجال السياسة. علاوة على إسلوبها المميز في عرض وتلخيص المشكلة الإيرانية، وكشفت اللثام عن الوجه المرعب والممسوخ للولي الفقية ونظامه الإرهابي. فقد أكدت بأن وجود النظام الحالي في إيران يعني إستمرار تهديد الأمن والسلم العالمي، وإن هذا التهديد لا ينتهِ بتقليم إظافر النظام وإنما بإجتثاثه من الجذور. وسلطت الضوء على دور الولي الفقية في إثارة النعرات الطائفية في المنطقة بواسطة أقزامه في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين والكويت والسعودية ومصر وغيرها.

إن السلاح الغادر الذي يستخدمة نظام الملالي في إثارة الإضطرابات في المنطقة هو المذهب، أي نفس النهج الذي رسمه لهم الخميني. وأكدت الرئيسة رجوي إن هذا النظام الذي يدعي التشيع قد قتل من الشيعة أضعاف ما قتل من غيرهم، وابرز دليل على ذلك شهداء منظمة مجاهدي خلق، مما يدل على أن المذهب يستخدم كأداة لتنفيذ أهدافهم المشبوهة ولا علاقة له بالتشيع مطلقا. التشيع مذهب السلام والحب والايثار والتضحية ونكران الذات، وليس مذهب الدماء والغدر والقتل والحقد والكراهية.

رسمت السيدة رجوي السياسة المستقبلية للمنظمة التي تتوافق مع الشرعية الدولية والمُثل الإنسانية العليا والمعايير التي وضعها ميثاق منظمة الأمم المتحدة وبقية الصكوك الدولية، من تعزيز حقوق الإنسان والحريات الشخصية وحماية البيئة، والفصل بين السلطات الثلاث، وإعطاء المرأة حقوقها الكاملة التي أجهض عليها الولي الفقية وجعلها أسيرة المنزل وظلام الجهل والأمية والتخلف. علاوة على رفض التوجه النووي لنظام الملالي.

إن النظام الحاكم في إيران بدون وجود القتابل النووية يشاكس الشرعية الدولية ويتحداها بصفاقة وعنجهية، ويعلن بكل صلافة عن أطماعه التوسعية في المنطقة، ويزع الفتن والإضطرابات والمشاكل من خلال عملائه والخلايا النائمة،  فما بالك وهو يمتلك القنبة النووية؟ إنه نظام إرهابي لا يؤتمن بإمتلاكة سكاكين وليس أسلحة نووية.

وكان لإحترام سيادة الدول وإستقلالها السياسي والإقتصادي، والعيش معها بسلام وأمن، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتعزيز علاقات حسن الجوار، وبنائها على أسس تتوافق مع المواثيق الدولية، من أهم النقاط التي ناقشتها الرئيسة رجوي في المؤتمر الدولي.

وأكدت الرئيسة رجوي بأن الإنتحابات التي أجراها نظام (ولاية الكريه) مؤخرا كانت مسرحية هزلية عكست مرحلة السقوط الحتمي له. فقد" أقصى خامنئي رفسنجاني أي العنصر الذي تسبب في ايصاله الى السلطة، الا أنه في نهاية المطاف وبين استئناف الانتفاضات من جهة، وقبول روحاني على مضض من جهة أخرى، اختار الثاني. ومن أجل التستر على هذه الهزيمة شن خامنئي بالضبط قبل ساعات من اعلان نتائج الانتخابات اعتداءا على مخيم ليبرتي. وكان هدفه من قتل المجاهدين تحذير الإيرانيين في الداخل الذين كانوا يترصدون الانتفاضة".

وحول الشأن السوري والتدخلات العدوانية لنظام الملالي في دول المنطقة، أوضحت الرئيسة رجوي بأن" نظام ولاية الفقيه انبرى لمحاربة الشعب السوري من أجل  التهرب من السقوط ليس إلا. فهذه
الحرب القذرة لا تأتِ من أجل الحفاظ على نظام الأسد، وانما لإنقاذ نظام الخامنئي في طهران من السقوط. فهذا النظام ومن أجل الإبقاء على كيانه الهش، يقوم  بتوسيع رقعة التطرف والارهاب بدءا من افغانستان والعراق الى البحرين واليمن".

وكشفت الرئيسة رجوي حقيقة ولاء مارتن كوبلر للنظام الحاكم في ايران وربيبه العراقي. فهذا الأممي الخبيث ـ الذي كانت خاتمة أعماله في العراق توديع السيستاني في النجف! لربما خاطب سماحته" لا أظنني قصرت في خدمة مشروعكم الجهنمي في العراق ـ إضافة إلى تضليله الرأي العالم والأمم المتحدة بأكاذيبه، فإنه كما يبدو يجمع المعلومات عن المنظمة ويقدمها لإيران. وهذا ما يمكن أن نستشفه من خلال زيارته لإيران ولقائه إثرها بالرئيسة مريم رجوي. فقد "كان إهتمامه الأول والأخير ليس وضع الأشرفيين ومعالجة أوضاعهم المزرية في ظل حكومة المالكي العميلة، بل معرفة أحوال ومكان المناضل مسعود رجوي بناء على طلب حكومة نجادي". وبدورنا لا نظن أن كوبلر مع إيمانه بولاية الفقية وإنتقاله للتشيع الصفوي وتقليده السيد السيستاني، سيقدم تلك المعلومات المخابراتية مجانا لوجه الخامنئي أولنصرة المذهب؟

كما دعت الرئيسة رجوي الملة الجديد روحاني الى الرضوخ إلى مطالب الشعب الايراني الملحة. بقولها" بدون حرية التعبير، وحقوق الانسان، وبدون اطلاق سراح السجناء السياسيين ونشاط  الأحزاب، ووقف سياسة النظام العدوانية في سوريا والعراق، ووقف كامل لمشروع انتاج القنبلة النووية، فلا يتغير أي شيء في ايران. ها هي ساحة اختباركم فتفضلوا!". وأستدركت بالقول: لكن الحقيقة هي" أن الولي الفقيه يعلم جيدا بأن أي تغيير جدي في هذه السياسات سيؤدي الى سقوط النظام برمته! فما هي حصيلة(35) عاما من حكم الملالي؟ سوى القتل والدمار والفقر والادمان على المخدرات ونشر الفساد والغلاء والبطالة. بالتأكيد السقوط لا يتحقق عشوائياً. إنما يتطلب حركة ومقاومة وتنظيم جيد وموحد، وأفراد مستعدين للتضحية وامتداد اجتماعي وتواصل".

من جانيها أكدت الوفود المشاركة في كلماتها ما سبق أن أشارت إليه الرئيسة رجوي. لإن معظم الدول العربية تعاني من تدخل نظام الملالي في شؤونها الداخلية بشكل مباشر أو غير مباشر. فهذا النظام هو المصدر الرئيس للفتن والإضطرابات يعاونه عملائه العرب من نوري المالكي وحسن نصر الله وبشار الاسد وبقية شلة (الفقيه الكريه). كما إستنكرت الوفود العربية العدوان الصاروخي الثالث الذي استهدف اللاجئين العزل في سجن ليبرتي القسري والذي جاء بأمر مباشر من خامنئي ونفذ على أيدي أزلام قوة القدس الارهابية وبدعم شخصي من المالكي وشراذمه عبر اطلاق 40 صاروخ من عيار 107 ملم، نجم عنه إستشهاد إثنين وجرح أكثر من 70 لاجيء. وطالبت بعض الوفود الأمم المتحدة بأن تأخذ دورها الفاعل في حماية وتسوية مشكلة (سجناء ليبرتي) وليس والتضليل والتحايل على الرأي العام الدولي والمشاركة في الجريمة كما تمثل في الدور الذي  مارسه كوبلر وتغاضت عنه الأمم المتحدة، ولم تكلف نفسها ولو بالإعتذار! فقد إكتفت المنظمة بنقله دون التحقيق معه في جريمة التضليل والرشاوي التي تسلمها من نجادي والمالكي. كما طالبت الوفود بتقديم كوبلر للمحاكم المختصة لإشتراكه المباشر في جريمة بشعة ضد الإنسانية.

وناشدت الوفود المشاركة الحكومة الأمريكية والأمم المتحدة والاتحاد الاوربي والبرلمان الاوربي بضمان حقوق سكان ليبرتي العزل بتوفير الأمن والسلامة لهم، مؤكدين بأن الحل الوحيد لمنع وقوع مأساة أخرى وتوفير أمن نسبي للسكان، إنما يكمن في عودتهم فورا الى أشرف، واعادة توطينهم في بلد ثالث على وجه السرعة.

الإنجاز العظيم الذي يحق للأشرفيين أن يفتخروا به طوال الزمن هو أن قضيتهم لم تعد قضية لاجئين إيرانيين يتعرضون إلى الإبادة الجماعية على أيدي جزاري طهران وبغداد، بل أصبحت أعمق من ذلك بكثير. لقد تحولت إلى قضية دولية تتعلق بالنضال الوطني ضد قوى الشر والطغيان. إنها قضية الأحرار في كل مكان في العالم، إنها قضية الديمقراطية التي تغتال بإسم الدين، وقضية الإنسانية المكبلة بقيود الطغاة وما تتعرض له من إنتهاكات جسيمة أمام أنظار المجتمع الدولي. إنها الرسالة التي حملها الرسل والأنبياء والفلاسفة والثوار والمصلحين في كل زمان ومكان تحث البشرية بقوة في الثورة على الطغاة والظالمين، ورفع لواء الحرية والعدالة والمحبة بين الجميع.

الاشرفيون ليس وحدهم في الميدان الجهادي، فالملايين تقف ورائهم، تنصرهم وتناضل من أجل قضيتهم العادلة. حتى لو سويت القضية بشكل وآخر وتم توطيتهم في بلدان أخرى، فإن قضيتهم لن تنته! ستكتب حتما في سجل التحرر والحرية بأسطر من ذهب. وستكون نبراسا للأجيال القادمة تتعرف بها على معايير التضحية والفداء والتحرر والعزيمة والإرادة الحرة التي ترفض أن تنحني لقوى الشر والعدوان. أنها قضية الشعوب المضطهدة في الماضي والحاضر والمستقبل.

هنيئا للأشرفيين هذا الوسام الجهادي الرفيع، فعيون شرفاء العالم ترنوا إليهم بفخر وإعتزاز. هنيئا لهم والعالم يعيش قضيتهم بكل أبعادها وآلامها. هنيئا لهم وحناجر عشرات الآلاف من الحضور في التجمع لم تتعب طوال أكثر من ثمان ساعات وهي تزأر بكل قوة( أشرف.. أشرف..أشرف)، ويتصاعد الزئير إلى اعنان السماء فيمزق صداه أذان الملالي في طهران وأقزامهم في بغداد.

أي فخر وكبرياء هذا الذي حظيتم به وأنتم جديرون به قولا وفعلا! إني لأقسم بأن الآلاف منا تتمنى أن تكون مكانكم في معتقل ليبرتي، مفضلين سجنكم على الحرية. لا لشيء سوى أن يخلدهم التأريخ كما خلدكم. لقد عريتم نظامي الملالي في إيران والعراق من ورقة التوت الأخيرة أمام العالم أجمع، فقد بان خزيهم وعارهم وإجرامهم، وسيدخلوا التأريخ أيضا ولكن في سجل الطغاة والإرهاب والعار والسقوط.

أنكم تصعدون قمة المجد، وأعدائكم ينحدرون إلى هاوية الذل والخزي. هنيئا لكم! ولديكم رئيسة رائعة يعيش جسمها في فرنسا، وروحها في ليبرتي، لا تفارقكم لحظة واحدة. كأم تحتضن أولادها، تبتسم لإبتسامتهم، وتبكي لمصابهم، وتسهر لأوجاعهم وتحن لرجوعهم إلى حضنها الدافيء.

المصيبة الكبرى إن جلاوزة إيران والعراق لم يدركوا بعد لحماقتهم، بأنهم كلما ضغطوا عليكم، كلما توسع فضاء المؤيدين لقضيتكم العادلة، وكلما قتلوا وجرحوا منكم، كلما أرتفع كوكب جديد في سماء الحرية يزهو بخيلائه. ولكن لا عجب فهذا هو ديدن الطغاة، لا يدركون الحقيقة إلا بعد فواتها، ولات ساعة ندم وحسرة.

في المقال القادم بعنوان( مفرقعات على هامش تجمع من أجل الحرية) سيكون حديثنا في ثلاثة محاور الأول: مفرقعة رئيس الوزراء الجزائري السابق سيد احمد غزال بتشبيه الرئيس الشهيد صدام حسين بأحمد نجادي وموقف الوفد العراقي والوفود المشاركة منه. والثاني: إعتراف دولي خطير بتورط الأمم المتحدة في الصراع الطائفي في العراق. الثالث: إعتراف الجنرال كيسي بالجهة التي كانت وراء تفجير العتبات المقدسة في سامراء عام 2006 والتي كانت السبب وراء إندلاع الحرب الأهلية في العراق.