الكراهية
أ.د. حلمي محمد القاعود
هل يمكن أن تنشئ الكراهية حضارة أوثقافة تفخر بها الأمة؟ لا أظن! فالكراهية مرض عضال ينسف القيم الطيبة ويقضي علي المثل العليا, ويهيئ للعنف والدم والرعب.
في أوائل القرن العشرين قال رحالة غربي إنك تستطيع أن تسير من الإسكندرية إلي وادي حلفا ليلا ونهارا دون أن تتعرض لخطر! في أيامنا صار ركوب التوك توك كفيلا ببث الخوف وتوقع جريمة. لماذا انقلبت الأحوال وتغيرت المآلات؟ لأن الكراهية صارت حافزا علي مقارفة الشر والتعبير عنه علي أرض الواقع بأدوات الجريمة.الكراهية أوضح ما تكون في المجال السياسي. كان النظام المستبد الفاشي طوال ستين عاما يفرض الصمت علي جميع القوي السياسية, ويفرض الطاعة والاستقرار بالحديد والنار وسياط الجلادين. كان المعارضون الحقيقيون داخل السجون والمعتقلات بعد محاكمات استثنائية أو دون محاكمات, وكان الحاكم المستبد الفاشي الفاشل, يفرض الحرمان علي أقاربهم خارج البوابات السوداء, فلا مكان لهم في الصحافة أو الثقافة أو التعليم ولافي القضاء أو النيابة أو الشرطة ولا في الجامعة أوالتعليم أو الجيش.. حتي النوادي الرياضية والاجتماعية حرموا منها! النظام المستبد الفاشي الفاشل احتضن أقليات سياسية وثقافية انتهازية, باعت ضمائرها وأخلاقها لمساندة الحاكم الإله, وتسويغ جرائمه, وتجميل قبائحه, وعندما سقط هذا النظام انفجرت فيها خزانات الكراهية ضد كل صوت نبيل, وكل قيمة عظيمة, ورأينا هذا العنف اللفظي غيرالمسبوق في الصحافة وقنوات الليل والإذاعات ينال ممن يؤمنون بالفكرة الإسلامية ويسعون للتعبير عنها. ولو قارنا ما كتب ضد الصهيونية واحتلالها أرض القداسات والبلاد العربية علي مدي سبعين عاما لوجدناه لا يساوي واحدا من مائة مما كتب ضد الإسلاميين والإسلام منذ استفتاء19 مارس2011 حتي الآن! الكراهية لم تؤثر في الحركة الإسلامية بقدر ما أثرت في الوطن ومستقبله, فقد عطلت الاستقرار وبناء المؤسسات, وأعاقت الرئيس المنتخب عن العمل بكامل طاقته, وهيأت وهو الأخطر للعنف والدم والخوف, وانتشار الفوضي وما يسمي الانفلات الأمني الذي جعل مصر تعرف لأول مرة عمليات الاختطاف والاغتصاب والسرقة والتثبيت وإسقاط هيبة الدولة والكلمة الحرام!