وزير الثقافة والهوية واليسار
وزير الثقافة والهوية واليسار
محمود القاعود
يقول أمير الشعراء أحمد شوقى :
إِلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما
وَهَذي الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما
وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ
وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما
وَأَينَ الفَوزُ لا مِصرُ اِستَقَرَّت
عَلى حالٍ وَلا السودانُ داما
وَأَينَ ذَهَبتُمُ بِالحَقِّ لَمّا
رَكِبتُم في قَضِيَّتِهِ الظَلاما
واسأل مع أمير الشعراء .. هذى الضجة الكبرى علاما ؟ منذ مجئ الدكتور علاء عبدالعزيز ، وشبيحة اليسار يملأون الدنيا ضجيجا ونقيقا وصخباً .. احتلوا وزارة الثقافة وسط تأييد من المارينز الإعلامي الذى يرى فى اقتحام الوزارة عملاً ثورياً بطولياً يستحق الإشادة والتقدير ! بل أغرب من ذلك أن يُوصف من قاموا بتلك الفعلة الإرهابية الشنعاء بأنهم " رموز الحركة الوطنية" ! أى رموز ؟ وأى حركة ؟ وأى وطن ؟ إن هؤلاء الذين اقتحموا الوزارة ، إرهابيون خرجوا على كل الأعراف والتقاليد واستأجروا البلطجية لضرب من يحتج على إرهابهم وعبثهم .
السؤال الذى يطرح نفسه بقوة ويجعلنا نردد مع أمير الشعراء سؤاله عن " الضجة الكبرى" ماذا فعل الدكتور علاء عبدالعزيز وير الثقافة لتحدث كل هذه الضجة وتلك الفوضي ؟
الرجل لم يصادر رواية .. لم يمنع كتابا .. لم يلغ مهرجانا .. لم يُكفّر أحدا .. فقط أقال قيادات لا تعمل وطالب بضبط أموال الوزارة التى تنفق دون حسيب ولا رقيب .. ما الذى فعله أكثر من ذلك ؟
ثم إن الكلام واللت والعجن عن هوية مصر، كلام غير مفهوم .. الشعب المصري هويته عربية إسلامية ، واليسار يرى أنها قبطية فرعونية .. هذه هى مشكلة اليسار يحلها مع نفسه .. هو اختار منهج كارل ماركس .. وليس من حقه أن يفرض هذا المنهج على تسعين مليونا .. له أن يحتكر وزارة الثقافة فى روسيا أو كوبا أو كمبوديا أما فى مصر المسلمة العربية ، فلا وألف لا .. لن ينفق الشعب على " شلة" منحت نفسها الألقاب وأطلقت على نفسها مصطلح " رموز الحركة الوطنية" وكأن فيهم أحمد عرابى ومحمود سامى البارودى و محمد فريد ومصطفى كامل ! بل أكثر من ذلك أن هؤلاء الذين لا يتورعون عن الكذب والخداع ، يرون فى أنفسهم أهل الإبداع والفن والرقى ، وفى غيرهم وحوش ظلامية لا تفقه الفن والأدب ، وهذا خبل وخلل فى منهجهم السقيم ..
هم يعلمون علم اليقين أن هناك مثقفون ليسوا ماركسيين أو يساريين كتبوا الرواية والقصة والمسرحية والنقد الأدبى وأنهم يعانون التهميش والتجهيل والغبن والإجحاف ، ومع ذلك يرون أنهم المبدعون وصناع الحضارة والفكر .
والغريب جد غريب ، توظيف الإعلام فى خدمة الإرهاب الماركسي كأن يتم وصف من يتعاطون الحشيش والبانجو ويغلقون شارع شجرة الدر أمام وزارة الثقافة ويشتمون عباد الله بأنهم " شباب المبدعين" ! أى إبداع فى هذا ؟ وما هو إنتاج هؤلاء البلطجية فى فنون الأدب ؟
لماذا هذه الضجة ؟
ولماذا يدخل على الخطة الممثلين والممثلات ؟ ما هى علاقتهم بالثقافة .. ؟
لهم نقابات ولهم فضائيات ، ما علاقتهم بوزارة تعنى فى المقام الأول بالفكر والأدب والثقافة ؟
والأهم أى " فنان" فيهم يحفظ أحد أبيات الشعر أو قرأ رواية عربية أو غربية ؟
ونعود لنسأل من جديد .. ما هو إنتاج أحمد مجاهد ؟؟ ألا تعيبون على الدكتور علاء عبدالعزيز أنه لم يؤلف سوي ثلاثة كتب ؟؟ فما هو إنتاج أحمد مجاهد ونبيل الحلفاوى وخالد صالح وخالد يوسف وشعبان يوسف وفتحية العسال وسامح الصريطي وأحمد عبدالعزيز وسعد الصغير ومصطفى كامل ؟
وماذا يساوى إنتاج عبدالرحمن الأبنودى وجمال الغيطانى وإبراهيم عبدالمجيد ويوسف القعيد وبهاء طاهر وجمال بخيت فى ميزان الأدب الحقيقي من وجهة نظر نقاد كبار؟
ثم ما رأيكم فى السرقات التى قام بها أحد أشهر الذين قادوا اقتحام الوزارة ، فسرق نحو خمس روايات من كاتب ونسبها لنفسه ؟
فى أى عرف أو قانون أو دولة أن تُقتحم وزارة وتتحول إلى " مقهى" للسحلب والطاولة والتقاط الصور التذكارية ؟
إن ما يحدث الآن يحتاج إلى إعادة صياغة المفاهيم ، لا سيما مع اختطاف اليسار للحياة الثقافية طوال أكثر من ستين عاما .. لنحدد ما هو مفهوم الثقافة .. ما هو مفهوم الهوية .. ما هو مفهوم الإبداع .. ما هو مفهوم " رموز الحركة الوطنية" ؟؟
نريد أن نعرف على أى أساس يتم تصنيف هذا مبدع وهذا غير مبدع ؟
وعلى أى أساس يتم تصنيف شاب شعره على هيئة " ديل حصان" ويرتدى قرطا " حلق" ويرقص أمام الوزارة ، ويوصف هو ورفاقه بأنهم " شباب المبدعين" ؟!
فى تقديرى أن أزمة وزارة الثقافة كشفت العديد من الحقائق الغائبة، وفضحت ازدواجية الإعلام العلمانى اليسارى المتعصب الذى لا يريد سماع "الرأى الآخر" فى ذات الوقت الذى يكيل فيه التهم الخرقاء للتيار الإسلامى بأنه يريد الإقصاء والتكويش ورفض الآخر ..!
إنه الإسقاط .. وإنها النازية فى أقبح صورها ..
ويبقي السؤال : ماذا فعل الدكتور علاء عبدالعزيز – بخلاف انهاء ندب رجال فاروق حسنى – لتحدث هذه الضجة العارمة ؟ ما هو الفعل الذى قام به ضد الثقافة وضد هوية مصر العربية والإسلامية ؟