نتنياهو بين عاصفتين..!
د. هاني العقاد
لم يعد السجال بين نتنياهو الإدارة الامريكية فيما يتعلق بزيارة نتنياهو لواشنطن خارج برتوكولات البيت الابيض وعزمه القاء خطاب امام الكونغرس الامريكي يتحدث فيه عن النووي الايراني سجالا عاديا ولا هو شكل من اشكال المناكفات السياسية بين الادارة الامريكية والمدللة اسرائيل بل انه اصبح خلاف كبير قد ينذر باهتزاز التحالف الاستراتيجي بين واشنطن وحليفتها الوحيدة في المنطق اسرائيل وينذر بتغير في الموقف الامريكي الداعم لإسرائيل تحت أي ظرف من الظروف لسياسات اسرائيل في العالم وليس مع الفلسطينيين ,وقد يتعدى الامر اكثر من ذلك بغض واشنطن النظر عن تعرض اسرائيل لعقوبات اوروبية بسبب سياستها مع الفلسطينيين وبالتالي عزلها أوروبيا بالمرحلة الاولى لامتناعها عن السير في عملية سلام حقيقية تنهي الصراع وقد يتعدى الامر اكثر من ذلك بسماح الادارة الامريكية لمجلس الامن الدولي اتخاذ قرار مصيري وهام ينهي من خلاله الاحتلال الاسرائيلي لأراض العام 1967 ويحدد سقف زمني ليرحل الاحتلال البغيض عن الارض التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وتنطلق بالتزامن مع ذلك مفاوضات برعاية دولية تقود الى قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .
نتنياهو هذا الاسبوع في واشنطن ليتحدث امام الكونغرس عن النووي الايراني ويتعدى بذلك على الشأن الداخلي لإدارة اوباما في تعاملها مع الملفات الدولية وخاصة اهم ملف حتى الان وهو ملف النووي الايراني , ولا نعرف كيف سيصل نتنياهو واشنطن..؟ وهل سيستقبله احد من البيت الابيض بالمطار..؟ او يقوم كبار اعضاء الكونغرس الجمهورين بهذا في اول انشطار في العلاقة بين البلدين..؟ لكن الذي بات معروفا ان سجالا سيحدث على منابر الكونغرس الامريكي لان الواضح ان الرئيس الامريكي سوف يتغيب عن القاء كلمه له كما هو متعارف علية امام الايباك ويكلف (سوزان رايتس) لتنوب عنه بذلك وتتحدث عن سياسة واشنطن في معالجة النووي الايراني بالمقابل ,وهذا يعتبر رسالة كبيرة تفهمها الجالية اليهودية بأمريكا و يفهمها نتنياهو نفسه , ويشكل خطاب رايس حركة مضادة لخطاب نتنياهو أمام الكونغرس الذي يتوقع انه سيصطحب معه خريطته المشهورة التي تشير الى وصول ايران لصنع القنبلة النووية وسيعرض فيه مساوئ ومخاطر الاتفاق الدولي مع إيران. وتنوي رايس أن تتناول بالتفصيل أسباب ميل الإدارة إلى ابرام اتفاق سياسي مع إيران وما اهداف ذلك الاتفاق في حال ما تم انجازه . كما ستلقي السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة "سامنتا باور" كلمة أمام مؤتمر "إيباك" أيضاً، وخاصة ان "باور" هي التي قادت الحملة الديبلوماسية الدولية ضد إيران. ويشكل الخطابان معركة منابر علنية بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية .
قبل توجه نتنياهو الى واشنطن كانت هناك زوابع خفيفة تثير شيئا من التساؤلات عن جدوي تلك الزيارة لواشنطن واهميتها لإسرائيل واهمية السجال الحالي والمتوقع ان ترتفع وتيرته هذا الاسبوع القادم ,وبدأت هذه الزوابع تتحول الى عاصفة سياسية يطالب فيها الجميع بإزاحة نتنياهو وتغير النظام اليميني من خلال مظاهرات سياسية يقودها قادة عسكرين سابقين و رؤساء اجهزة الموساد السابقين مثل "مئير دوغان" و"شبتاي شافيت" ، ورئيس الأركان السابق "دان حلوتس"، وقائد الجبهة الشمالية الأسبق "عميرام ليفين "حيث يرتفع صوت هؤلاء القادة علانية بالمطالبة بإزاحة نتنياهو عن الحكم لما سيسببه من ضرر كبير لإسرائيل وبالطبع سيكون هناك مهرجان شعبي كبير في تل أبيب ضد نتنياهو تحت شعار "إسرائيل تريد التغيير"، وسوف يكون الجنرال "مئير داغان " المتحدث الرئيس في هذه المظاهرة ويهدف المهرجان ، لاستعادة الأمل في حياة أفضل، عبر ملء الميدان والصراخ "الشعب يريد تغيير النظام". وقد بدأ داغان حملة نقد شديد لنتنياهو ضمن إعلانات جاء فيها أنه يشعر "بالخطر على استمرار وجود الحلم الصهيوني" تحت قيادة نتنياهو , و يأتي اعتراض هؤلاء القادة حديث نتنياهو في الشأن الايران في توقيت المفاوضات بين كيري و وزير الخارجية الايراني لإحباط أي اتفاق دولة تقوده واشنطن لإدراكهم ان اسرائيل قد تتأذي بسبب هذا لأنها بالأول والاخير دولة نووية وغير موقعة على أي معاهدة للحد من انتشار الاسلحة النووية.
هناك في واشنطن عاصفة اخري تنتظر نتنياهو وهي الاكبر لان عينها عاصفة سياسية تقودها الادارة الامريكية ضد تدخل نتنياهو في الشئون السياسية لواشنطن ومحيط هذه العاصفة عاصفة شعبية كبيرة تتشكل من خلال حملات تعارض زيارة نتنياهو لواشنطن حيث سيشاهد نتنياهو بأم عينه ويقرأ العشرات من العبارات الرافضة لزيارته وسياسته العنصرية ضد الفلسطينيين وفرض الحصار عليهم وقف المسيرة السلمية وعدم الوصول الى حلول تاريخية ويقود هذه الحملات بالطبع ائتلاف " الاتحاد من اجل فلسطين " وهو ائتلاف عريض من المنظمات المناصرة والمؤيدة لفلسطين في الولايات المتحدة و تقوم هذه الحملة الان بنشر اعلانات ضخمة في الشوارع الرئيسية وعلى القطارات والاتوبيسات العامة في سبع مدن امريكية تظهر الاثار الكبيرة والعنصرية لسياسة اسرائيل في التعامل مع الفلسطينيين, ويبقي بين العاصفة التي تهب وراء نتنياهو في اسرائيل والتي تسبقه في واشنطن سؤال كبير هل ينجح نتنياهو في مواجهة تلك العواصف ويحقق اهدافه من الزيارة ويفشل الاتفاق مع ايران او يكون سلوك نتنياهو الدافع الكبير لإنجاز الادارة الامريكية اتفاق كبير يبعد شبح الحرب الكبيرة عن المنطقة وينزع فتيل النار التي يريد ان يشعلها نتنياهو ليعود لحكم اسرائيل ولاية ثالثة ليس اكثر ولا اقل.