الإرهاب الشيوعي في مكتب الوزير !
أ.د. حلمي محمد القاعود
نظمت عشرات المتظاهرات وقفة احتجاجية بالطبول أمام مكتب وزير الثقافة بالزمالك، للمطالبة بإسقاط النظام ورحيل وزير الثقافة وتعيين وزير جديد. ورددت المتظاهرات بعض الهتافات منها : "اقفل على الحرية الباب مرشد عار ورئيس كذاب..اصحى مرسى وصحى النوم ثلاثين سته آخر يوم ..ثورة ورجعت فى الميدان ضد المرشد والإخوان..يا للى بتسأل نازلين ليه قولى الثورة عملت إيه". من جانبها دفعت قوات الشرطة بثلاث سيارات أمن مركزى وسيارتي "بوكس" تحسبا لوقوع أي اشتباكات!
هذا نموذج من ممارسات الإرهاب الشيوعي الذي يقود الحظيرة الثقافية والمناهضة السياسية للنظام الشرعي والديمقراطية والحرية ، وعينة من بذاءاته وسفالاته التي لا يحاسبه أحد عليها ، فتشجع على المزيد منها ، وقام باحتلال مكتب الوزير ، ثم انتقل إلى ممارسة الإرهاب البدني والاعتداء على مؤيدي الوزير بالضرب وإسالة الدماء، وله في قنوات الليل وصحف الكذب والعهر دفاعات جاهزة بالباطل عن جرائمه وخطاياه .
الماركسيون وأشباهم من عناصر الحظيرة والأحزاب الشيوعية الورقية ، كانوا ومازالوا من خدام النظام الإرهابي الاستبدادي الذي أسقطت رأسه ثورة يناير العظيمة ، ويصعب عليهم أن يبتعدوا عن السيطرة والهيمنه على مخ الشعب المصري ومقدراته ، وقد جعلوا من تعيين وزير الثقافة الجديد فرصة للبكاء على فقدان السيطرة والهيمنة ، وضياع النهب المنظم بالقانون لميزانية الوزارة المنكوبة !
يلاحظ أن قادة الإرهاب الشيوعي الثقافي من عناصر الحظيرة ، ينتمون في أغلبهم إلى نظام مبارك وكانوا من المقربين إلى الرئيس وزوجته ، وسبحوا بحمده كثيرا ، وإن كانوا قد انقلبوا عليه في مقالاتهم وتصريحاتهم بعد سقوطه ، وأنقل هنا بعض ما كتبه أحد اليساريين من المنتمين إليهم ، كتب كتابا في صحوة ضمير ، أو رغبة في تصفية حسابات مع الحظيرة لسبب ما . اسمه " سعد القرش " وكتابه يحمل عنوان "الثورة الآن" وقد أشار إلى أن الحظائريين الكبار كانوا أعضاء في لجان سياسات الحزب الوطني بوصف العضوية الحصانة المانعة لأعضائها حيث تجعلهم فوق أي قانون . وضمت اللجنة الثقافية بالحزب الوطني المنحل أسماء بينها "السيد يسين وفوزي فهمي وجابر عصفور وعماد أبوغازي ومحمد الصاوي ويوسف القعيد والناشر إبراهيم المعلم " وكلهم كان مرتبطا بالوريث جمال مبارك . بعد نجاح الثورة أعلن جابر عصفور في صحيفة "الأهرام" ما أسماه "كوارث الحزب الوطني" ورئيسه مبارك ، الذي أفسد الحياة السياسية باحتكار السلطة وتزوير الانتخابات وتشجيع تحالف السلطة ورأس المال !! وهذا العصفور سيلهث فيما بعد حتى يصبح وزير ثقافة في حكومة أحمد شفيق التي عينها مبارك قبل خلعه .. في تحد بالغ لدماء الشهداء .
يتعجب القرش من الذين يدعون الثورية اليوم ويلعنون زمن مبارك بينما هم من سارع لمقابلة مبارك بعد وعكته الصحية الأخيرة، وخرج كل منهم يمجد في شخصه وفكره وحكمته على صفحات الجرائد الحكومية ، ومن بين هؤلاء فوزي فهمي وصلاح عيسى ويوسف القعيد ومحمد سلماوي وعائشة أبوالنور والسيد يسين وأنيس منصور وسامية الساعاتي وأحمد عبدالمعطي حجازي وجابر عصفور وخيري شلبي وجمال الغيطاني . .
وقد كتب جمال الغيطاني بعد لقائه بمبارك " لقد جنبت خصاله القيادية مصر الكثير من المخاطر في ظروف عالمية ومحلية مضطربة" ، وقال بعد نجاح الثورة وخلع مبارك في إحدى الندوات : " إن نظام مبارك أسوأ نظام مر على مصر .. حتى من الاحتلال الأجنبي " مؤكدا أن خطابات مبارك تؤكد الاستخفاف بهموم المصريين والسخرية منها !.
ودعا الغيطانى، الحكومة المصرية، لتطبيق قرار النائب العام الذى صدر بحبس مبارك، فى القاهرة ، مثل جميع المتهمين الذين صدر بحقهم هذا القرار، وأكد الغيطانى على ضرورة أن يتم ذلك بعيدا عن شرم الشيخ، التى مثلت هاجسا للمصريين، عن طبيعة إقامة مبارك بها، وقال الغيطانى، فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع" أن حبس مبارك لحظة تاريخية بكل المقاييس، وتراجيديا مثيرة، ربما تكون بحاجة لأدباء عظام مثل شكسبير أو نجيب محفوظ، للتعبير عنها.
المفارقة أنه بعد ظهور شعبية الحركة الاسلامية في الانتخابات عاد الغيطاني الذي يحمل إعدادية صناعية وكان عامل نسيج في أحد مصانع السجاد والتقطه الشيوعي " محمود أمين العالم " ليكون محررا بأخبار اليوم مع أنه لا يجيد الإملاء ولا النحو ولا التعبير السليم ، ويملك موهبة ضحلة ومحدودة ، عاد إلى الإعراب عن ميوله المباركية وانحيازه إلى الفلول ومهاجمة الحكومة الجديدة ، وشن في تصريحات صحفية هجوما شديدا علي الدكتور محمد مرسي لاختيار صلاح عبدالمقصود نقيب الصحفيين الأسبق بالإنابة، وزيرا للإعلام في الحكومة الجديدة، ووصف هذا الاختيار بأنه خطة متكاملة للسيطرة على إعلام الدولة وتطويعه بما يتوافق مع أفكار الرئيس. يذكر أن الغيطاني حرض الطاغية المخلوع من قبل علي إغلاق الصحف والأحزاب المعارضة.
والجدير بالذكر أيضا أن الغيطاني تقاعد عن العمل منذ عشر سنين و لا يزال يحتفظ بعموده ويومياته في الأخبار وهو وضع غير قانوني ومثله جلال دويدار وكثير من كتاب الأخبار الموالين لحكم مبارك .
يعدد القرش أسماء كثيرة لمن باعوا ميدان الثورة ولم يعودوا إليه إلا بعد رحيل مبارك، ومنهم أحمد مجاهد رئيس قصور الثقافة آنئذ ومجدي الدقاق محرر مجلة أكتوبر وطارق حسن محررالأهرام المسائي . وفي التليفزيون حدث ولا حرج ويضرب مثلا بقناة المحور ، التي اشتهر من خلالها سيد علي وهناء السمري ، وكانا يقولان بالفم الملآن أن ميدان التحرير يضم عناصر حماس وليس الثوار المصريين . وقد استعانا بأدلة بشرية تؤكد تلقيها تدريبات على قلب نظام الحكم في الدوحة وأمريكا ! والشيء نفسه فعله خيري رمضان بينما قاد عبداللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار ماكينة كذب أكثر خطرا.
هذه نماذج من مثقفي مصر الذين آثروا أنفسهم على الوطن ، ولم يعبأوا بقيم ولا أخلاق، ويتولى الآن قادتهم الماركسيون إرهاب وزير الثقافة الذي جاءت به الثورة ليطهرها من الفساد والنهب المنظم . إن الإرهاب الماركسي الذي يقود عملية تخريب البلاد الآن من خلال التظاهرات والاعتصامات واستخدام المولوتوف والخرطوش والحجارة وارتداء الأقنعة لن يتوقف مالم يأخذ الشعب زمام المبادرة ، ويعيده إلى جحوره المظلمة .