كيف تنصر الثورة السورية

كيف تنصر الثورة السورية

المنصور

من أسباب تقدم الغرب ثقافة رسّخها أعلامه والتزمها رجاله ومثقفيه تلك هي ثقافة الاختصاص هذه الثقافة الإسلامية والتي نسيها وأغفلها اليوم المسلمون ، عندما زرت لأول مرة في حياتي في السبعينات أوربا أعجبني عندما كنت أسأل بعضهم عن أمر فيقول لي لا علم لي به بل إن أحدهم قال لي حرفيا إني واهٍ ضعيف في هذا الذي تسألني عنه ! كلمة لا يمكن أن تسمعها قط من أصغر مراهق في بلادنا فقد نشأنا على ثقافة "الزبدية الصينية" التي من أين ما نقرت عليها عزفت ألحانا وفوق هذا فإنها لا تقهر فهذه الزبدية ليست تحتوي على كل أصناف العلوم بل هي لا تقهر ولا تكسر أي ثقافة الانتفاخ والتعاظم مع أنها في آخر أمرها لا تعدو أن تكون زبدية بنغم واحد وقابلة للكسر . كان علماء سلفنا ينكرون على كل متكلم يخوض في غير اختصاصه ويقولون "من تكلم في غير فنه جاء بالعجب" ويا لهف نفسي أين نحن منهم فباعث قولهم هذا يرجع إلى أصولي تكلم في العلل والرجال أو محدث خاض في الكلام ولا يخفى أن مثل هذا العلوم الشرعية المتداخلة تورث ملكة عامة في فهم قواعد الدين ولكن مع ذلك أبى علماؤنا في دقائق العلوم أو الاجتهاد فيها على غير المختص فيها والمبرز المتفرغ لها ، فما ظنك اليوم وكما قال محمد الغزالي بمهندس يتكلم في التفسير بما لم يسمع بمثله قط أحد ، وبطبيب يتكلم عن الحرب النفسية ويحتج فيها بقوله تعالى (وإذ يريكهم الله في منامك ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم ... وإذ يريكموهم إذا التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا ...) فيقول : الآية الكريمة المذكورة سابقا واضحة الدلالة فهي ترشدنا و بوضوح بأنه لاينبغي لنا أبدا كتابة أو نقل أي خبر يشير إلى ضخامة قوة العدو وأعداده ... لأن ذلك يرفع من معنوياته ... و يضعف معنوياتنا ... فمنهاج ربنا جلّ جلاله يدعونا لأن نقلل من حجم عدونا ... فترتفع معنويات مجاهدينا... ويقبلون باندفاع وشجاعة على مقارعة قوى الظلم ولبغي والعدوان ... يقبلون وقلوبهم مليئة أملا وثقة بنصر الله القريب !!!؟ ثم  يهذي فيقول:يلاحظ المراقب للإعلام في الأيام الأخيرة أنه يركز على ذكر أخبار دخول الآلاف من حزب اللّات ... والآلاف من إيران وكذا من العراق ...هذه الأنباء لاشك بأنها مدسوسة ومسربة من أعداء سورية ... وممن يحاولون بث روح اليأس عند مجاهديها و أهلها ... و ممن يضمرون الشر للثورة السورية !!؟ .انتهى كلامه . والذي هو مستخرج من الزبدية "السمفونية" فيجيبه آخر -متكئ في الخارج على أريكته- من الزبدية التي لا تقهر فيقول: لا يا دكتور المطلوب ادخال حزب الله بالكامل لسورية للقضاء عليه وعلى جميع مقاتليه !!؟ ...هاتان عيّنتان على آلاف الحالات التي توهن وتضر بثورتنا فبين غير مختص يخوض في غير علمه وبين منتفخ في الخارج يقطع رِفْده ورفد غيره بترهاته وانتفاخاته حتى يظن من يسمعه أنا منتصرون لا محالة على عدونا وأن قوته أهون علينا مما نعتقده فيه من كونه أهون على الله تعالى من جُعْل تدفع الخُرء بأنفها فشتان بين الاعتبار المعنوي والاعتبار الواقعي الملموس على أرض المعركة مما يستوجب تمام إعداد وجمع واستنفار أمة وايقاظها من سباتها ، إن هذا الطبيب الخائض في غير اختصاصه لم يدرك أن وقعة بدر حادثة عين لا يقاس عليها في الأحكام المولّدة لاطراد الأحكام وقد انقطع مدد الملائكة بعد بدر فضلا عن أن هذه الواقعة بمجموعها لا تدل البتة على انتهاج الكذب والتزوير في عدد العدو وعدته -وقد أبان النبيء أمر تبوك وما نحن فيه أعظم- ، فضلا عن أن تكون وحاشى لله منهج لله تعالى فالواقعة رؤيا أراها الله تعالى نبيه ليقضي أمرا كان مفعولا فحدث النبي بالصدق وكانت الرؤيا من الله تعالى وتعبير الرؤيا يحتمل المجاز والتمثيل وهو أوسع من الحقيقة فكان معنى تقليل العدد رمز عن توهين شأن العدو وأن مدد الملائكة سيجعل من قدرة العدو الضاربة لا تتجاوز العدد المرئي سيان من النبي أو من تخمين الصحابة 70 إلى 100 والعدو ألف ونيف ، كما أن هذا الطبيب قد غفل عن معنى إذ في مطلع الآية وهي للمفاجأة ولما مضى من الزمان كما غفل عن سياق الآيات والتي جاء بعدها النص الثابت ( آلان خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضُعفا -وضَعفا وضعفاء- فان تكن منكم مئه صابره يغلبوا مئتين و ان يكن منكم ألفا يغلبوا ألفين) فطاش كل ما بنى عليه ، فرحم الله امرءا وقف عند علمه ولم يخض فيما لا علم له فيه 
إننا اليوم مطالبون بناء على أمر الله تعالى بالنص الثابت (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ما استطعتم كلمة جامعة شاملة لكل ما قُدِر عليه واعتبار الاستطاعة هذه مقدر بأهل الخبرة والكفاءة والاختصاص ولا يصح أن يقول المرء الغير مؤهل قد أعددت ما استطعت فهذا يصح له في دفع صائل عنه خصوصا لا في دفع صائل على الأمة عموما فهنا تعتبر الاستطاعة باستطاعة خيرة هذه الأمة وأقدرها على تأمين أسباب القوة من مظانّها ، إن كل مسلم في الخارج -سوري أو عربي أو أعجمي- على ثغرة في جهاده لنصرة المستضعفين في الشام فمن كان يملك القدرة والكفاءة الجهادية وجب عليه وجوبا عينيا الالتحاق بالمجاهدين في الشام ومن كان يملك المال وجب عليه بذل كل ما يستطيع في دعم المجاهدين ومن كان رأسا أو قياديا وجب عليه الدعم السياسي والتأثير على أصحاب القرار السياسي ومن كان من المشايخ وأئمة المساجد وجب عليه التنويه بذلك كله واستنهاض كافة المسلمين على التظاهر عقب الجمعات نصرة للشام ومن كان على الصفحات وجب عليه بث الرسائل هذه وتنبيه عوام المسلمين من خطر الغزو الفارسي والمِغْول الرافضي ومن كان يمضي الوقت الطويل على تصفح الصفحات فليكن شغله نقل الحقيقة والفيديوهات للصفحات العربية والغربية والعالمية وأيضا لأعلام الرياضة والعلم والسياسة والصحافة والفن وما سواه ، هذه وظيفة من في الخارج وليس وظيفته التباهي والتعاظم بانتصارات الشجعان في الداخل فغير هذا ينتظرون منه فهم ينتظرون منه المدد وتخفيف الرمد وإقامة العمد قد قال النبي صلى الله عليه وسلم
 "من اعتبط مومنا قتلا عن بينة فإنه قود إلا أن يعفو ولي الدم وإن المومنين عليه كافة -أي على القاتل يدا واحدة- ولا يحل لهم إلا قيام عليه" وهذا في قتل مسلم واحد أوجب النبي على الأمة كافة القيام على نصرة الأولياء لإقامة القصاص فكيف والحال في الشام حرب على الدين وقتل للمسلمين ؟ 
 نشر شيخ من الداخل بوستا يشجع فيه الثوار ويرفع معنوياتهم ويزدري بالعدو ويهون من شأنه وهذا أمر طبيعي لرجل في الداخل يرفع معنويات الجند من حوله من أصحاب الحُدْق الحُمْر ولكن أولائك الذين في الخارج المتكؤون على المقاعد المحتسون للحار والبارد ليس هذا عملهم وليس لهم ألأن ينتفخوا بعضل غيرهم ولا يتباهوا بشعر شمشون داخلهم وإنما عليهم (وأعدوا لهم ما استطعتم) ولهذا يتطلب عليهم التهويل أكثر من التقليل وتحقير العدو وهو لعمر الله قوي خبيث إن الولايات المتحدة عندما أرادت حرب صدام جعلت من جيشه الضعيف سادس أقوى جيش في العالم واستصرخت عليه أهل الأرض وجيشت الجيوش من أنحاء الأرض مع قدرتها التامة على الانتصار عليه ولكنها السياسة الذكية والحرب التحزيبية التي تعزل العدو وتقلل من الضحايا من جهة واحدة فيعم العداء وتستنهض العباد على العدو المعزول ، أما نحن فلم نزل نتباهى بالانتصارات التي تكلف شبابنا مقل عيونهم وبعض أعضائهم وذبح أبنائهم وعرض نسائهم ...الخ أفبهذا أمرنا ؟ أم أهذا ما يدعونا العقل إليه والحكمة ؟ لعمر الله ما أرى هؤلاء الذين يتباهون بانتصارات شبابنا المرة والمكلفة ويضيعون الأوقات بوضع الايكات إلا وهم يفرّجون عن أنفسهم بذلك عبء ما يناشدهم به ضميرهم وواعظ الله في نفوسهم من نصرة إخوتهم فمن قلت عنه إنه منتصر ظافر غالب وأمره على أتم ما يرام فلا حاجة بك ولا في نفسك أن تنشغل في أمره ولا يؤنبك عليه ضميرك أما إن قلت العكس وأنهم على خطر وشظف وشدة وحاجة ماسة فالشأن والطلب والقرار أيضا على عكس ذلك إنه بكل بساطة الاسترواح إلى اعتقاد حسن حال المجاهدين مما تسر به النفس وتسكن ونقيضه أن لا تستقر وتعمل وتبتهل وتبذل ولكل مقام مقال ولكل موطن موقف ومن في الخارج له عمل ونهج و وظيفة كما وظيفة من في الداخل الثبات عند الوقيعة  والله الموفق وهو يهدي السبيل.