الأسير نصري عاصي وخبر حمل زوجته

الأسير نصري عاصي...

كان خبر حمل زوجته بلسماً لجروحه في الأسر

شاء الله أن يضع في أحشاء الزوجة طفلاً يحمل اسم أبيه، فيكون ذلك الطفل ثمرة الميثاق الغليظ بين زوجين فرقهما الاحتلال الاسرائيلي بعد 45 يوماً من زواجهما.

إنه القدر الإلهي الذي لا يقوى على منعه أحد مهما بلغت قوته، أهداه الله للأسير نصري عايد حسين عاصي 36 عاماً من بلدة بيت لقيا قضاء مدينة رام الله، رغماً عن أنف الاحتلال، فكانت فرحة العائلة بقدوم عايد الصغير كبيرة جداً، فخبر مجيئه على هذه الدنيا، خفف من لوعة فراق نصري وحكمه المؤبد، ليتبدل الحزن والألم إلى فرح.

الأسير نصري عاصي، والذي ترصد له الاحتلال بالاعتقال ونفذ ذلك بتاريخ: 27/7/2004، وفرض عليه السجن وعذاباته، وحكم عليه بفراق أحبابه، وبدلاً من أن يكون خبر الحمل بالمولود البكر والأول خبراً يتشارك به مع زوجته التي أحب ومع أهله، استقبل نصري ذلك الخبر وتلك البشرى في سجنه.

أم نصري، والدة الأسير والتي في حديثها لمركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، عادت للوراء تسعة أعوام، وهو عمر حفيدها عايد ابن الأسير نصري، والذي لم يحظى بقبلة وضمة من أبيه منذ أن جاء، وقالت:" عندما جاءت إلينا زوجة ابني تحمل لنا خبر حملها، وزففنا الخبر لنصري في سجنه، كانت تلك لحظات لا توصف، كما أنها خففت عن نصري ألم انتظار قضاء حكمه بالسجن 18 مؤبداً و70 عاماً".

وتكمل أم نصري:" عندما جاء عايد للدنيا وزار والده في السجن وكان عمه شهران، كان البكاء سيد الموقف والدموع هناك لم تتوقف فرحاً كبيراً برؤية عايد، الذي لا يتوقف عن الأسئلة منذ أن كبر( لماذا أبي مسجون؟ متى سيخرج؟ لما أنا ليس لي أب؟ متى سيكون فرج الله؟ إلى متى سأبقى وحيداً وأنا أرى كل الأطفال ينعمون بالحياة الجميلة مع آبائهم؟)...

كما أن عايد، ورغم أنه يزور والده باستمرار، إلا أنه يشعر بنقص كبير، لأن رؤياه له تتم من بعيد، كما أن الوقت الذي يقضيه عايد في حديثه مع والده أثناء الزيارة، هو قليل لا يكفي لتعميق وتقوية علاقة عايد بأبيه كما لو أنه موجود معه باستمرار.

الوالدة أم نصري، والتي تنصب صور نصري في كل زاوية من زوايا البيت، وتتكلم معه وتقول له:" لقد تركت يا بني  فراغاً كبيراً في البيت، وتردد دعاء الرضا عليه دوماً وتدعو له، فهي لا تقوى على زيارته كثيراً بسبب وضعها الصحي كونها تعاني من مرض السكري.

أما أم عايد، زوجة الأسير نصري، والممنوعة من زيارته، فهي تنتظر حلماً وأملاً بعودة زوجها، الذي لم تعش معه سوى 45 يوماً، لكنها تحفظه وتذكره دائماً، وتذكر ابنها به وتحدثه عنه، وتزرع في قلبه القناعة بأن أباه سيتحرر ذات يوم من سجون الاحتلال وسيقضون حياتهم معاً.... فتلك هي الزوجة والأم الفلسطينية الصابرة... التي رغم الألم الذي بداخلها ومهما كبر... تبقى شمعة تضيء من حولها وتنثر عطر الأمل في كل مكان.

والأسير نصري عاصي، أنهى دراسة الثانوية العامة في الأسر ويقبع حالياً في سجن ريمون، ويعيش في سجنه بعيداً عن أسرته، التي تشكلت نواتها وهو عايد وهو داخل الأسر، وشاء القدر أن يتفرقوا وأن يبتعدوا، لكنه يؤكد دائماً أن الإرادة والعزيمة هما من يهزم العدو الاسرائيلي، وأن الأسرى جميعاً في سجونهم، يحاولون ضبط الأنفاس والتحلي بالصبر والعزيمة والإرادة هناك، عل ذلك يخفف القليل عنهم.

فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان قال أن معاناة عائلات الأسرى لا تقل عن معاناة الأسير في سجون الإحتلال وأن الأسرى المتزوجين في قلق دائم على عائلاتهم وينتظرون الساعة التي يفرج بها عنهم ليعودوا لأسرتهم وعائلاتهم وأطفالهم .