خلفيه ودوافع أحداث الاحتجاجات في تركيا
محمد رفيق
انقره - تركيا
الاحـداث التي تجري فـي تركــيا يصدقٌ فيها قــول الله سبحانـهٌ وتعـالى (وعســى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيـهِ خيراٌكثيـراً) وقـد لخص وزيـر التربيه التركي الاحــداث بجملة مختصره حيث قــال(مالم تستطيع المعارضــه عملـهٌ فـي عشـرة ســنوات نحن أنجزناهٌ في خمسةِ أيام )مشيراٌ بذلك ألى أن المعارضه وخصوصاٌ غير المرخص بها قد تجمعوا كلهم في هــذه الأحداث حيث تألفت مـن مجموعـات يساريـه متطرفـه ومن ورائهم روسيا،والعلويين ومن ورائهم أيران وسوريا ، والأرمن ومن ورائهم روســيا وأيران وسوريا ،وأصحاب المال الحرام يضاف اليهم الأعـلام المنحرف حيث قــادوا حمله ضد الحكومه ورئيسها أردوغان.
خلفية الاحداث
1. أعد لهذهِ الاحداث منذ فتره طويله حيث أن عمليه تسقيط زعيم حزب الشـعب الجمهوري المعارض(دنييز بايكال ) ذو الاصول السنيه بعـــد تصويره بحـاله فاضحه مع احد النائبات لأنه كان يسعى لعزل العلويين من قيادة الحزب ومـن أقوالـه المشهوره في أحــد لقـائاته (نحن سنةُ أحناف) والاحتمال الـــوارد أنـه خطط لعـزله من عـدة جهـات ربما تكون أيران وسوريا وروسيا وراء ذلك أو الموســـاد ،والأتيان بكمال قلجدار أوغلو ذو الاصـول العلـويه والمنـحدر مـن مدينة تونجلي العلويه الصرفه الوحيده في تركيا ذات التاريخ المناوىء للدوله منــذ العــهد العثماني ويســــاعدها فـــي ذلك طبيعـته وتعقيــــدات مـــوقعــــها الجغرافي،والغايه من صعود هذه الشخصيه خلق حـــالة استقطاب سني بقيادة أردوغان وعلــوي بقيادة كمال قلجداروالذي كــانوا ينادونه بغاندي ومنقذ تركــيا ، ومــع الفشــل المتلاحق للمعارضه يقابلها أنجــازات كبيره للحكومــــه حيث لم يبقى لاحزاب اليسار والقوى الدوله العميقه ألا القيـام بأعمال غوغائيه فـــــي المدن التركيه تمهيداً لتدخل الجيش للقيام بأنقلاب وأبعاد الحكومه ومن ثم منع قياداته مـن المشاركـه الســـياسيه وعلى غرار ماجــرى مـع السيد أربكان،ومـع بــدء الاحداث في سوريا وتأييد حكومه اأردوغان القوي لثورة الشعب السوري بدء التنسيق بين أيــران وســوريا وروسيــا وقـوى المعارضه (الاحزاب اليساريه ،الارمنيــه ،الكرديـــه ،والجهات المتضرره من الحكومــه وخصوصا الراسمالين) لزعزعـه الامـــن والعمل لاسقاط الحكومــه بشتى الوسائل ،لكن الحكومه وخــلال هــذه الفتــره
2. انجزت اتفاق ســـلام تاريخي مــع حــزب الــ (ب ك ك )يقضي بــوقف القتال والانسحاب مـن الاراضي التركيــه وأعتبر انتصار كبير لحكومــه اردوغان ، وقد صرح زعيم الجناح العسكري للحزب وقائده الحالي (مــراد قره يلان ) لصحيفه الشرق الاوسط أن دوله أقليميه (في أشاره الـى أيران )عرضت عليه الدعم بالسـلاح والمال شريطــة ان يستمر بتنفيذ عملياته ضــد الجيش والدولة التركيـه ،وأعترضت قوى المعارضه التركيه على هذا الاتفاق لأنـــه سيعزز مكانه الحكومــه بقيادة حزب العداله ويرفع رصيدها الانتخابي ويلحق الضرر بالمعارضه جراء ذلك وتشير الاحصـــائيات الاخيـره الى أنـه لم يقتل ســـوى جنديين جراء أنفجار لغم قديم خلال الخمســة أشهـر المـاضيه فيما كـان معدل الخسائر السنوي يقدر ب (900) جندي كل سنه ،وقدرت خسائر تركيـا خلال (30) عاما بنحو (400) مليار جراء تلك العمليات ،لذا أن ايقـاف نزيــف الدم سيضر بمصالح تلك الاحزاب المنتفعه من الاقتتال بين الــ( ب ك ك ) والدوله والتي لم تتمكن اي حكومـه منذ ثلاثين سنه من ايقاف هذا النزيف، ومما يشار اليه أن المـدن الكرديـه (ديـاربكــر ،أورفا،وان ،سيرت وبقية المدن الكرديه)لم تشارك في احداث الاحتجاجات واعمال الشغب ضـد حكومـه اردوغـان ممـا يؤشر نجاح عمليـه السلام مع حزب العمال الكردستاني ،فيما لم يؤيد (حزب المجتمع الديمقراطي )الجناح السياسي لحزب (ب ك ك) هذه الاحــداث ودعـا للمعارضـه السلميــه وتحكيم صناديق الاقتراع وهذا الموقـف يعـود لسببيـن الاول الارتبـاط باتفـاق سلام مع الحكومه والثاني عدم وجود علويين من اصول كرديه ،كمـا دعـا الحزب القومي التركي للابتعاد عن الممارسات غير السلميـه للمتظـاهرين وأكـد علـى وجود قوى خفيه خلف هذه التظاهرات وأعتبر صناديق الاقتراع هـي الفاصل
3. كانت احـد اسبـاب سقوط الدولـه العثمانيـه هي الـديون حيث عانت تركيا ومنذ عام 1878 مـن تراكم الديــون على الرغـم مـن تسـديد السـلطان عبـد الحميـد (30)مليون ليرة ذهبيـه خـلال (33)عام لكن دول الغرب عملت على اسقاطه واستمرت المعاناة مـن الديون حتى تمكنت تركيا قبل اكثر من شهر من تسديد جميع ديونها بل تعدت الى تمكنها مـن أقراض صنـدوق النقـد الدولـي (500) مليون دولار وهنا يعني أن العامل الاقتصادي اصبح مـن القوة التي ينافس بها الدول المتقدمه بقياده حكومه اسلاميه تعرف طريقها لاستقطاب دول الربيــــع العربي بفضل التجربه الرائده في القياده السياسيه والاقتصاديه .وقد اشار اردوغان لذلك عند رجوعه من الدول المغرب العربي حيث قال (الاحداث الاخيرة ورائها لوبيات الربويه)
4. أن صدور قانون الخمور الذي اتى بقيود على بيعها (علما ان هذه القيود تشابه الى حد ماموجود في دول اوربا مع العرض ان القيود التي صدرت موجوده بالدستور التركي لكنها غير معمول بها) يضـاف الـى ذلك صـدور قانـون منع الاجهاض مما أغاظ العلمانيين والاحزاب المتطرفه ومــن ثم البــدء بالعمـل بانشـــــــاء الجسرالمعلق الثالث فــي اسطنبــول(ينتهي العمل به عام 2015) بحضور رئيس الجمهوريه والذي سمي بأسم السلطان سليم ياوز الـــــذي قهر الدوله الصفويه الامر الذي اغاظ العلويين ومن ورائهـم ايــران حيث طالبـــوا بتغيير اسم الجسر،يضاف الى ذلك السماح يالحجاب في الجامعات بل بدء الحجاب تنتشر المدار الثانويه والابتدائيه كذالك وعنــد المعلماتفـــــــي المناطق ذات التوجه الاسلامي على الرغم من عدم صدور قانون يسمح بذلك مما حدا بالاحزاب اعلاه الى نعت الحكومــــه بأنها تحاول أسلمة كل مـــرافق الدوله .
5. تخوف المعارضه من مشروع الدستور التركي الجديد المطــروح للنقـاش فـي البرلمان والذي ينص في احد تعديلاته الى تحول النظام السياسي من برلمـاني الى رئاسي أو نصف رئاسي مما سيوفر الفرصه لرئيس الوزراء اردوغــــان لمرحلتين رئاسيتين جديدتين من سبـع سنــوات لــذا فــأن احــزاب المعارضه تحــاول جديـا منع صــدور الدستور الجــديد على الرغم أن الدسـتور الحــالي معمول به منذ الانقلاب العسكري بداية الثمانينيات من القرن الماضي وتشوبه عيوب كثيره تنتقده المعارضه ايضا ،لكن التوجس من حزب العداله الاصلاحي قائم على اساس انه سيمنحه حريه أكبر مما يسبب انحسار دور احزاب اليسار وبقيه المعارضه مما يدعوهم للعمل بشتى الوسائل لمنع صدور دستور جديد.
6. اغلب محركي الاحتجاجات الاخيره هم من قـــــاده ماتسمى (الدوله العميقه ) الذين تعرضوا لضربات قاسيه تكاد ان تقضي عليهم نهائيا لاسيما ممن قامــوا بأنقلابات في الستينات والثمانينات و اللذين اسقطوا حكومة اربكان من الصحفيين والجمعيات التي تعمل تحت غطاء مبادىء اتاتورك ولكن الحقيقه انهم (امتداد للذين عملـــوا على اسقـــاط الخلافه العثمانيه ).ومن بينهم قادة حزب العمل التركي التي تدعي اليساريه وفي مقدمتهم زعيم الحزب (دوغو برينياك) ومؤخرا اثبتت الجهات الرسميه التركيه ارتباطه بالمخابرات الامريكيه وحزب الشوعي التركي ، ومما ازعج هذه الاحزاب كثيرا وثار حفيظتها احكام سيطرة اعضاء حزب العداله على مؤسسات (الشرطه،التعليم العالي ،القضاء) وغيره من المفاصل المهمه لكن بمستوى اقل ،مما دفع قادة الدوله العميقه لانتهاز اي فرصه للنيل من الحكومه وحزب العداله من خلال التظاهرات تمهيدا لكسب تدخل الجيش لصالحهم لكن حساباتهم لم تكن في محلها لان عمليه الانقلاب يعتبر انتحارا لمن يخطط لها وينفذها علاوة على ذلك فان الحكومه الحاليه استطاعت من السيطره الى حد ما على مؤسسه الجيش.
7. أن اعتراض الجمعيات التي تدعي حماية البيئه لم يكن مبررا على رفع عدد من الاشجار حيث يسجل لحكومه اردوغان أن عدد الاشجار أزداد بنسبه عشرة مرات لكل فردفي استانبولت وأثنا عشرة مرات لكل فرد في انقرة وهكــــذا فــي بقية المدن التي يتولى حزب العدالة ادارتها ،وحقيقة الذي جرى في اسطنبول أن البلديه نقلت عشرة اشجار كبيره من مكانها الذي يتجمع فيــــه المعترضين حاليا وغرسها في مكان اخر ولم يجري قطعها تمهيدا لانشاء قيــــادة المدفعيه العثمانيه التي هدمها أتاتورك والتي تعتبر نموذج للمعماري العثمانـي الراقــي لجلب السواح الاجانب وســط اسطنبول ،والســبب الاخــر هــو تخوف قــوى العلمانيه من انشاء مسجد في منطقة التقسيم وسط اسطنبول (ساحة العلمانيين )التي تغص بالبــارات واماكن الفساد مع العرض يتواجد فــي نفــس المـــكان كنيسة كبيره .
8. كان احد اسباب اسقاط حكومة اربكان محاولته انشاء مسجد فـــي منطقة تقسيم وهي نفس المنطقه التي بداءت منها الاحتجاجات ،ومما تجدر الاشاره اليـه أن المعترضين على قلع عدة اشجار قاموا في نفس المكان بحرق ثلاثمئة سيـــارة واكثر من ثمانون سيارة شرطه وبحدود عشرين باص وعدد من سيارات الاسعاف وقدرت الخســــائر ب(40 ) مليون دولار وتشير المعلومات الى جرح اكثر من(250) شرطــي ومن المدنيين اكثر من (60) مدني وهنا السؤال هل أن الحكومــة استخـدمت الشدة ؟ أم أنه أمر ُ بُيت لهٌ بليل؟ ومما تجدر الاشارة اليه أن الاعلام الغـــربي وخصوصـا الــ (bbc) نقل الاحـداث بسلبيــة والادهى أنها كـانت تشير الـى أماكن الاضطرابات قبل حدوثها وقد اشار لذلك الكثير من المسؤولين الاتراك ومع أستمرار الاحداث أظهر السيد أردوغان أسلوب يميل للتحدي والشـدة في مواجهه الاحداث مما زاد مــن طبيعه الاعتراضات والاحتجاجات ،فيما كــان نائبه (بلندارج) اكثر ليناً وهـدوءاً فـــــي توجيــه رسالتـه للشعب وقال مــاقاله اردوغان لكن باسلوب يميل الى الحكمه نســـأل الله ان يحفظ تركيـا وحكومتها من كيد الاعداء .
9. و لابــد من ذكر حساســية المعارضه مــن حكــومه اردوغــان وحــزبه وانجازاته لاسيما بالنسبه للبيئه وتناست القوى العلمانيـــه اعتــراض اردوغان عندما كان رئيس بلدية اسطنبول فـــي تسعينيات القرن الماضي علـــى اقتلاع عدد كبير جدا من الاشجار بلــغ عـــددها (52) الف شجـرة مـن احـد غابــات اسطنبول لانشاء جامعه قوج واقامت عليه دعوى في المحكمه اتهموه فيها انه يعارض نشر العلم .
10. واخيرا الصراع مستمر بين القوى العلمانيه والقوى الاسلامية والوطنيه فمن اعدام عدنان مندريس في الستينيات الى تسميم طورغوت اوزال في التسعينيات الى اسقاط حكومة اربكان وابعاده عن السياسه وسجن اردوغان ورجوعه الى الساحة السياسيه مرة اخرى بصورة اقوى واستلامه للحكومة ومحاولة اغلاق حزبه والتخطيط لانقلاب واكتشافه واختراق التجسسي لمكتبه وغيره من المؤامرات جعل الاسلامين اكثر قوة وتجربه وزاد من شعبيتهم اكثر.وجعل مخالفيهم اكثر ارتباكا فلم يبقى امامهم الااثارة الغوغاء وحرق الممتلكات العامه والخاصه وهذا افقد مصداقيتهم في ادعاءاتهم بما فيها حماية البيئه
نسأل الله ان يحفظ تركيا وشعبها وحكومتها من كل سوء ومنكر.