مُحبَطون مُحبِّطون... قصة النهاية

وليد فارس

حمص المحاصرة,

أخبرتني أمي – حفظها الله- بأن أسرة خرجت لنزهة قرب نهر فكانت الفتاة وعمرها أربعة عشر عاماً تحدث الأم عن الأيام التي كانوا يخرجون فيها نزهة مع جدهم وجدتهم رحمهما الله فقالت الأم نعم أصبح الأمر ذكرى وهذه الأيام ستصبح ذكرى أيضاً وقالت للبنت: غداً تتزوجين أنت أيضاً ويصبح لديك أطفال وتأتين إلى هذا المكان وتجلسين هنا ويأتي ابنك للعب على ضفة النهر فيسقط فيغرق فيموت, فبدأت الفتاة بالبكاء والأم بدأت تبكي وتلطم نفسها وتقول راح الولد, راح الولد وهكذا.

سبحان الله في ناس بهذه الدنيا متشائمين ومحبطين وينقلون لك شعورهم في كل فرصة ويبلغوك دائماً أن المستقبل يحمل لك المفاجآت السيئة ويبنون أفكارهم على أمور لم تحدث بعد, أمس قابلت أحد الأخوة فأبلغني أن الثوار انسحبوا من القصير وهذه خسارة كبيرة وأنهم ينوون الانسحاب من البويضة والضبعة والمسعودية وأبل وغيرها من المناطق التي صار يعددها ثم أكد لي بأن النظام سينتهي خلال يومين أو ثلاثة من هذه المناطق وبعدها سيأتي مع قوات حزب الله وإيران إلى مدينة حمص ويبدأ القصف العنيف وطلعات الطيران وسيبدأ الاقتحام من المكان الفلاني والفلاني وفي طريقه مر على جبهة الريف الشمالي فقال أنها كذا وكذا..خلال عشرة دقائق من حديثه انتهت الثورة في حمص ثم انتهت الثورة في حلب ثم في دمشق وريفها ولم تمضي نصف ساعة حتى أنهى ثورة سورية كلها ولم يتبقى أمامه إلا اللطم والندب كما فعلت المرأة في القصة أعلاه.

البعض يكتب أيضاً على الانترنت أو في الصحف كتابات قمة في التشاؤم, منذ أيام قرأت مقالاً طويلاً عن اتفاق روسي أمريكي أوربي حول سورية فور انتهائي من المقال قلت علينا أن نحسم أمرنا إما أن نطلب من النظام السماح ونجري تسويات أو نترك الثورة كلها والعياذ بالله.

لا أعرف كيف هذه النفسيات المحطمة وصلت إلى سورية العزة والكرامة إلى أرض الشام المباركة الطيبة التي يقوم أبطالها بالتصدي لأكبر نظام مجرم في العالم بإمكانيات بسيطة يواجهون الطيارة والدبابة ويواجهون إيران وحزبها وروسيا وسلاحها, هذه النفسيات غير مقبولة في هذا الجو السائد في سورية اليوم وهي تظهر كلون أحمر على حائط أبيض شاذة وغريبة.

المعركة اليوم كبيرة ولا تزال مستمرة وبأوجها والأبطال يقاتلون ومؤمنون بهدفهم ويرونه واضحاً جلياً يسيرون على خطى درب حريتهم دون أن يزحزحهم العالم ولن يتركوه –بإذن الله- حتى النصر, والمعنويات هي في النهاية مشاعر تزيد وتنقص هي مرتفعة وفي السماء عند الجميع وقد تضعف عند البعض الهمم وهذا أمر عادي ويحصل كثيراً وهو طارئ سرعان مايتركك وتعود لوضعك الطبيعي, المشكلة في أولائك الذين يزرعون التشاؤوم أين ما حلوا وينبئونك بالنهاية القريبة, إذا كنت تعرف أياً منهم فحاول أن لا تتعاطى معهم كثيراً- هذه نصيحتي- فهم مُحبَطون مُحبِّطون فليتقوا الله فينا وليتجنبوا الناس ولهم الأجر إن شاء الله.