شيء من رحيق الأمس(2)
والحنين إلى زمن مضى !!!
سليمان عبد الله حمد
التأسى على زمن مضى !!! ، بجانب هذا فان هناك العديد من البدع التي ارتبطت بمؤسسات التعليم المختلفة والتي تتعدد مظاهره من حفلات التخرج بدءا من مراحل الروضة أما الحديث عن الدروس الخصوصية إنما هو حديث تشيب له الوجدان فالمدرسة لم تعد هي التي تعلم الطالب رغم هذه التكلفة العالية وللمعلم لم يعد هو الذي يعلم الطالب في المدرسة وإنما يعلمه في الدرس الخصوصي مدفوع القيمة إضافة لما يدفعه للمدرسة ويا لها من مفارقة فلقد كان الفصل من المهنة عقوبة كل معلم يمارس دروسا خصوصية ولكن كله هذا مبرر بمنطق السوق والاقتصاد الحر والمجال لا يسع التفصيل للحديث عن اغتيال التعليم .
ما أوردته عن التعليم هو نموذج لما صحب سياسات الحكم الوطني من تدنى فكيف يكون حال المواطن العادي وقد يكون أب لأسرة من عدة أبناء يحتاجوا التعليم في نفس الوقت فكيف حال من له أكثر من ولد وبنت في مراحل الدراسة وماذا عن حاله بالنسبة لاحتياجاته الضرورية الأخرى التي سأعود إليها حقا لقد حررنا السودان من الاستعمار فتمزق وانفصل عنه جنوبه (ولسه الساقية مدورة) وحررنا الاقتصاد واغتلنا الجنيه فأصبح الضحية المواطن كل هذا لان الانجليز أسسوا لنظام دمرناه بأيدينا بعد أن أصبحنا حكاما لأنفسنا فهل هذه دعوة للتحسر على الاستعمار ؟
ما هو النظام الذي أسس له الانجليز ؟
وكيف كان هذا النظام حريصا على حقوق المواطن الضرورية؟
وما هي علاقة هذا بقيمة الجنيه السوداني والدولار؟
مجموعة أسئلة لا بد لهذه الأجيال أن تقف علي إجابة عليها لترى كيف كان ومن أين جاء الدمار الذي لحق بالسودان وتهديد وحدته وحياة مواطنه.
لقد كان السودان تحت ظل الاستعمار ينقسم لتسعة مديريات ثلاثة منها فى الجنوب وستة في الشمال وعلى رأس كل مديرية محافظ يشرف على المديرية ومقره عاصمة المديرية وهو بمثابة الحكومة يتبع له ضابط إداري أو من عرف بضابط مجلس بلدي في المدن الرئيسية بالمديرية ثم ضباط المجالس الريفية والذين يتمركزون في عواصم المديريات يتولون الإشراف على الأطراف بالمديرية وكان هذا الكادر الإداري المحدود والذى لا يتعدى أصابع اليد في المديرية كان يشرف ويتولى كل شئونها بمساعدة مجالس محلية مساعدة من رجال الإدارة الأهلية وكبارات رجال المنطقة من أصحاب الخبرة والحكمة من باب التشاور في إدارة شان المواطنين حتى لا تغيب الدولة عن أي مواطن ولا يكلفون الخزينة أي التزامات ومخصصات مالية ولكم أن تتصوروا هنا كم يبلغ عدد الكوادر الإدارية التي تدير الدولة سواء في المركز أو الولايات ومقارنة هذه الكوادر بعددها اليوم في السودان بعد الحكم الوطني وما يستنزفونه من خزينة الدولة وما يتقاضونه من مرتبات ومخصصات وتوابعها على حساب إرهاق المواطن ومعاناته ويا ليتنا نجد مصدرا يقدم إحصائية لمقارنة واقع اليوم بما كان في عهد الانجليز لنرى كيف تمدد وتزايد هذا الكم الهائل من الكوادر في عهد الحكم الوطني وكم بلغ اليوم على وجه الخصوص وكم سيبلغ في مستقبل الأيام وكيف يقابل هذه الكم الهائل من الكوادر الإدارية التي ابتدعت لها المسميات المختلفة وما تتكلفه من الخزينة العامة رسميا ناهيك عن الجانب غير الرسمي والذي يشكل عبئا فوق طاقة المواطن وخصما على حقوقه الضرورية حتى أصبح المواطن هو الذي يتحمل عبء الكادر الذي يدير الدولة وليس هو في خدمته كما يقتضى الحال والذي وضع أساسه الاستعمار.
هذه بعض مفارقات الامس بين ما كان قائما على خارطة الوطن وبين واقع الحال وذلك لتثقيف شباب الغد الزاهر لتكون منطلقاً يضيء معالم خارطة الطريق ويسيرون بخطى واثقة تعم الجميع لنلحق بركب قطار التقدم والحضارة المأموله !!!
وللحكاية بقية ... فليس من رأى كمن سمع !!!