شيء عن تلاوين المكونات ...
عقاب يحيى
عمرنا ما شعرنا بالانتماء الأقلوي..لم نتعامل على هذا الساس. لم يبحث أحدنا عن أصل الآخر، ومن يكون، وما هي عقيدته.. كان الانتماء الفكري والسياسي هو المقياس..
ـ في سنوات توغل الطائفية، والبعث ما يزال راية، ولحافاً، وممسحة.. كان الهمس قوياً بين الناس عن الصول، وأصبحت القاف عنواناً.. وكثير صار يتقنها ويلفظها انتهازية ومصلحة لتمرير أموره، أو لفرض نوع من الهيبة على آخر يهاب شخص من ينطقها ويصنفه على الفور بأنه مدعوم ومن أهل السلطة.. فيتحاشاه.. وقد ينصاع لطلباته..في بحر قويت فيه تلك الأمواج..
ـ في فترة ما، وخاصة بعد هزيمة حزيران.. وبروز التكتل العسكري بقيادة الطاغية النرجس كثر الهمس والكلام داخل الحزب، وحتى في أوساط قيادية عن وضع غير مقبول.. عن طغيان في الجيش وأجهزة الأمن، ومفاصل الدولة..
ـ كان الطاغية الأكبر وقحاً في جرأته وطائفيته، فأعلنها شبه رسمية.. في مركز القوة الذي استند إليه : الجيش والأجهزة الأمنية، ثم في فرض انتخابه رئيسا للجمهورية..وفي ممارسات تتلطى وتتغطى بالشعارات الكبيرة، وتهرب إليها لنحرها.. ودوسها بطريقة فجة وصولاً إلى نوع من الوقاحة والاستفشار في الممارسة ..وفي كثير التصرفات التي طالت ميادين مختلفة لم يكن الجيش والأمن قصراً عليهما.. بل شملت ميادين المجتمع والحياة
ـ في أول دورة للكلية الحربية بعد سيطرة الطاغية الأكبر على السلطة : تشرين الثاني عام 1970 أفادت المعلومات الموثقة أن 1000 ينتمون للطائفة العلوية هم في عدادها من بين 1150.. اي 150 لبقية المدن، و"الطوائف".. وأن معظم الدورات اللاحقة سارت على نفس المنوال، وهذا ما يفسر وجود هذا العدد الكبير، المختل من الضباط، نسبة للآخرين، ويعطي صورة بارزة عن أحد السباب المهمة لتماسك الطغمة حتى الآن ...
ـ الثورة داست بشعاراتها على فئوية النظام. لخصت جوهرها بكلمات قليلة كانت نتاجها، وماركتها الخاصة : واحد واحد واحد..وردّت واقعياً على محاولات النظام جرجرتها إلى الفئوية، وإلى صباغتها بلون مذهبي.. ونجحت بمقدار كبير..
لكن.. والصراحة يجب أن تكون ديدننا للتصويب والتصحيح.. فمع تعمق المذابح التي تركزت على مناطق الأكثرية بكل الدمار والويلات المرافقة، ومع انتشار السلاح وما حمل من نتاجات متشابكة، ونمو التيارات المتشددة، وتصعيد التطرف مقابل التطرف،وحصول عمليات تطهير مذهبي لئيمة وموجعة، وضعف مشاركة أبناء المكونات غير السنية في الثورة ـ باستثناء سلمية، ونسبياً ـ ووجود جهات مختلفة تغذي هذا الخط، والوجع، وتريد حرف الصراع من وطني، ومن صراع لأجل إنهاء نظام الاستبداد والفئوية، وانتزاع الحرية إلى صراع مذهبي.. تنتشر موجات الفكر الطوائفي، وكثيرون يسألون : من اين أنت كي يطلقوا احكامهم المسبقة، وكأنه عليك، إن كنت واحداً من ابناء تلك المكونات، أن تبلع أوراق المصحف لتثبت أنك مع الثورة، وربما عليك أن تفتح دفاتر حياتك كلها.. وكأنك متهم يحتاج إلى مرافعة.. وربما توكيل محام شاطر يبرأه من تهمة خطيرة ..
ـ بالمقابل.. هناك من يبتز وضعه كابن أقليات للسمسرة فيها، والتضخيم في طرحها للحصول على مقابل ما يعتبره تضحيات كبيرة لمجرد أنه محسوب على الثورة.. وهناك قسم من هؤلاء من يستثمر أصوله لأغراض ذاتية..
ـ الثورة الأصيلة.. التي تمر بوضع صعب تحتاج إلى تنقية طروحاتها من كل دخيل عليها لتبقى ثورة الحرية والكرامة للشعب السوري بكل مكوناته السياسية والفكرية والقومية والدينية والمذهبية، وكرهان أكيد لصيانة الوحدة الوطنية والحفاظ على وحدة الشعب والأرض والنظام السياسي القادم ..