الشعب في انتظار تقرير المحكمة الدستورية العليا!

الشعب في انتظار

تقرير المحكمة الدستورية العليا!

بدر محمد بدر

[email protected]

سألني صديق يبدو عليه القلق والتوتر: إلى أين تتجه الأحوال في مصر؟! فقلت: بإذن الله تتجه إلى الاستقرار والعمل والإنتاج والنهضة، ومزيد من الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فقال: للأسف أنا محبط ومشوش، لأن كل الأمور التي تجري من حولي لا توحي بذلك، فقلت: ربما يكون انطباعك فيه بعض الصحة، ولكن!

مصر يا صديقي اجتازت بالفعل أصعب المراحل، بعد حالة الفوضى والإرتباك التي أعقبت الثورة وأصبح لديها الآن لأول مرة رئيس مدني منتخب ودستور جديد تم استفتاء الشعب عليه، ومجلس شورى منخب يقوم بالتشريع الضروري، حتى يتم تشكيل مجلس النواب الجديد، وهذه كلها أمور إيجابية لم يسبقنا إليها أي من دول الربيع العربي، ويتبقى استكمال بناء المؤسسة التشريعية، وهي مجلس النواب الجديد، ثم يتم تشكيل حكومة جديدة بناء على الأغلبية، تحظى بثقة ودعم البرلمان.

الحكومة الجديدة سوف تجد وراءها برلمانا شعبيا قويا، يدعمها ويراقبها ويناقشها ويحاسبها، وأيضا يساعدها بإصدار التشريعات الجديدة، وإصلاح منظومة القوانين المتهالكة، وحل المشكلات التي تواجهها، وبالتالي تكون قادرة على العمل والعطاء بقوة وانطلاق، وسوف تنجح في حل الكثير من الأزمات، وعلى رأسها المشكلة الأمنية، وأزمات المرور والوقود والنظافة وغيرها، وسوف يكون لها دور واضح في تحسين أحوال المعيشة للمواطنين وزيادة فرص الاستثمار وتقليل نسبة البطالة.   

الحكومة القائمة الآن تحاول بذل كل ما تستطيع من أجل إنقاذ الوضع الاقتصادي المتردي، ونجحت بالفعل في الحفاظ على مستوى الاحتياطي الأجنبي من الدولار وعدم تراجعه، بعد أن تم تدميره وانخفاضه بنحو 21 مليار دولار في زمن المجلس العسكري ونجحت الحكومة أيضا في توقيع عشرات الاتفاقيات الاقتصادية مع عدة دول مؤثرة، سوف تظهر نتائجها الإيجابية في الفترة القادمة، لصالح توفير مئات الآلاف من فرص العمل، وإنعاش الأسواق، وتحسين مستوى المعيشة.

ولا أكاد أشك في أن الحرب الدائرة الآن ضد حكومة الدكتور هشام قنديل، والمطالبة المستمرة بإقالتها، والهجوم الدائم على الكثير من وزرائها، هذه الحرب ليست بريئة من المغزى السياسي والحزبي، الذي يهدف إلى إرباك هذه المرحلة، وتشويه أي إنجاز يمكن أن تقوم به على أرض الواقع، خصوصا والانتخابات النيابية القادمة باتت على الأبواب، لأن الأمر في النهاية هو خصم من فترة السيد الرئيس، وتصوير الفشل عنوانا طبيعيا للمرحلة فهل تغيير الحكومة يحل المشكلة؟!  

الإسراع بإجراء انتخابات البرلمان القادم يجب أن يحظى باهتمام كل من يريد مصلحة الوطن، وهو مهم جدا لاستكمال بناء المؤسسة التشريعية من جهة، ومن جهة أخرى سوف تكشف الانتخابات الأوزان الحقيقية لمختلف القوى السياسية، وأبعاد دورها في المرحلة المقبلة، وسوف يفرز هذا البرلمان أيضا حكومة قوية، تستطيع اتخاذ قرارات جريئة للسيطرة على حالة الفوضى والانفلات الأمني، وتملك القدرة على تطبيق القانون بقوة وحزم، وتواجه الفاسدين أيا كانت مواقعهم.

والآن الشعب المصري كله ينتظر تقرير المحكمة الدستورية العليا عن مدى توافق قانون الانتخابات الجديد، الذي أعده مجلس الشورى، وأيضا قانون مباشرة الحقوق السياسية، مع مواد الدستور الجديد، بعد أن تسلمت المحكمة هذه القوانين قبل نحو ثلاثة أسابيع، وفق مبدأ الرقابة السابقة على قوانين الانتخابات، وعندما يظهر تقرير المحكمة يعاد المشروعين إلى مجلس الشورى من جديد لإجراء أي تعديلات قد تكون مطلوبة، وفي نهاية المطاف يتم إصدارها، ونشرها في الجريدة الرسمية.

أتمنى أن تصدر المحكمة الدستورية تقريرها سريعا عن القوانين المعروضة عليها، وأن تثبت لمن ينتقدونها أنها تضع مصلحة الوطن فوق كل المناكفات السياسية!