شيطنة الإسلاميين!

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

لا يفتأ نفر من اليساريين ( شيوعيين وناصريين وأشباههم ) على تصوير الإسلاميين بمختلف فصائلهم على أنهم شياطين الإنس والجن ، حياتهم دماء ، وحوارهم دماء ، وأيامهم دماء ، لا يعرفون للرحمة سبيلا ، ولا علاقة لهم بالتعامل الإنساني ، وهم منتقمون جبارون يكرهون الناس ولا يبالون بقيمة إنسانية أو آصرة بشرية ، وهم في مفهوم هذا النفر أيضا ظلاميون ، وإسلامهم ظلام ، بل إظلام ، لا يعانق الحياة ويحرم البهجة والسرور . إنهم تكشيرة دائمة ، وجهامة مستمرة ، وخشونة بشعة لا سبيل إلى الاقتراب منها  أو التودد إليها .

الإلحاح على هذه الصورة في الكتابات الصحفية والأدبية ، وفي الثرثرة الليلية على الشاشات التي يملكها اللصوص الكبار بل التي تملكها الدولة أحيانا ، حول الإسلام والمسلمين في ذهن المواطن العادي الذي مازال يصدق هذه الوسائط إلى خصم للإسلام والإسلاميين دون أن يدري ! فهو يقرأ لهؤلاء ، ويستمع إليهم ، دون أن يقرأ للطرف الآخر أو يستمع إليه .

كان الخراب الذي صنعه النظام المجرم الفاسد على مدار ستين عاما ،  والتخريب الذي تصنعه دولته العميقة الآن ، هو الميراث الذي ورثته مصر الثورة بعد يناير 2011 ، وهذا الميراث يصوره أقطاب الثورة المضادة أو هذا النفر من اليساريين بأنه نتاج للثورة المصرية العظيمة التي أطاحت بالطاغية ولم تخلع جذور أنصاره بعد . ويقولون للمواطن العادي هذا ما صنعته الثورة والديمقراطية والرئيس المنتخب ، لم يقدموا لك شيئا ، ولكنهم أفقدوك الأمن والطمأنينة ، ولم يوفروا لك السلع الغذائية ، ولم يجعلوا حياتك طبيعية ، وتناسوا أن يقولوا للمواطن الضحية : إننا تحالفنا مع الفلول والفاسدين والبلطجية ، وتلقينا دعما معنويا وماديا من جهات شتى من الداخل والخارج لنشعل النار في الوطن ، من خلال الاعتصامات والإضرابات والاحتجاجات واستخدام الرصاص الحي والخرطوش والمولوتوف والحجارة والطوب وكسر الرخام وإشعال الحرائق في السيارات والحافلات ومقرات الأحزاب الإسلامية ، وسحل الملتحين وضربهم والاعتداء على المحجبات ، ومهاجمة الفنادق وإغلاق المؤسسات العامة ومحاصرة قصر الاتحادية ومسجد القائد إبراهيم وقتل المتظاهرين الإسلاميين وقطع الطرق وتعطيل الإنتاج المواصلات العامة ومصالح الناس ووقف الحال في شتى أرجاء البلاد !      

الأكثر بشاعة هو تزييف الحقائق وتضليل الناس ، ولا أدري بم يشعر الناس حين يطالعون ليساري متغطرس متعجرف حين يقول :

" واليوم، من حق الصهاينة أن يفرحوا بالنصر في حرب لم يخوضوها. حرب تحرير الشعوب العربية بإرادات أبنائها الحرة، التي تحولت إلى انتصارات لأكثر قوى المجتمع ظلامية بفضل خطة تمكين أمريكية واضحة وشفافة أكثر مما ينبغي ".

 " نصر مزدوج أسكر الصهاينة والقوى المنتصرة في بلاد الربيع العربي: مصر، تونس، والمغرب (التي تسلمها الإسلاميون قبل أن تتحول أول نسمة إلى ربيع حقيقي). اختلاف الأثمان التي دفعها الإسلاميون نظير الكراسي واختلاف التوازنات مع القوى الأخرى واختلاف طبيعة الرعاية الأمريكية يحدد درجة السكر التي يتصرفون بها ودرجة العنف التي يتخذون بها قراراتهم هنا أو هناك.

الرعونة الانتحارية حتى الآن تبدو من نصيب إخوان مصر، إلى حد لم يعد واضحا معه إن كان هذا الانتقام السريع من كيان الدولة المصرية مصدره فخر المحارب أم ذل الزوج الذي لم يتمكن من روح أو جسد عروسه، سكرة النصر النهائي أم هلع الاقتلاع من التاريخ؟

لا أحد يمكن أن يدخل بين الإخواني وقلبه ليعرف مصدر كل هذا الشر المنفلت مثل قنبلة انشطارية تغتال أكفأ الشباب، تنكل بألمع النساء، تدوس القانون، تجفف الاقتصاد، وأخيرا ترتكب الكبيرة المحرمة مصريا: ضرب الوحدة الوطنية ".

هذا الغل اليساري البشع الذي يشيطن الحركة الإسلامية وليس الإخوان وحدهم ، يتجاهل جريمة الفصائل التي ينتمي إليها ، وهي جرائم تتم على أرض الواقع وتتطابق مع الإرادة الصهيونية المجرمة ، هل يمكن مثلا أن نغفل المطابقة بين الحملة المجرمة على قطر التي وقفت بجانب الاقتصاد المصري وبين ما يقوله السفاح الصهيوني إيهود باراك عندما صرح أن الإخوان حولوا مصر إلي بلد تابع لكائنات صغيرة، في إشارة لمحاولات الإخوان لتقوية العلاقات مع قطر، مؤكدا أن مصر لا تستطيع أن تأتي بنظام سياسي لا ترضي عنه الولايات المتحدة الأمريكية ؟ إنهم يرددون الأقوال ذاتها والأفكار نفسها .

ثم تأمل اتهاماتهم الرخيصة بالانتقام والشر المنفلت واغتيال الكفاءات بما يحدث على أرض الواقع حين ترى على سبيل المثال  أن النائب العام "الذي اتهم بالانتساب إلي الإخوان" يحقق مع حارس خيرت الشاطر - نائب المرشد العام للإخوان المسلمين- ويحيله للقضاء ، ويُحكم عليه بالحبس لمدة عام... في الوقت الذي يفرج فيه عن المتهمين في تنظيم البلاك بلوك الإجرامي .

وحين ترى على سبيل المثال أن طائرة عسكرية تنقل المذيع المعارض يسري فودة – شفاه الله وعافاه  - بعد حادث سيارة مؤلم في البحر الأحمر إلي مستشفي فخم في القاهرة لإسعافه ، بينما أخت رئيس الجمهورية توفيت في مستشفي حكومي عام بالزقازيق كانت تعالج فيه .

وعلى سبيل المثال يكرم رئيس الجمهورية الدكتور أحمد عكاشة في عيد العلم وهو الذي وصف الدكتور محمد مرسي قبل بضعة أسابيع بأنه " مريض نفسي" على شاشة إحدى الفضائيات ، هل هذا انتقام وشر منفلت واغتيال للكفاءات يا خصوم الإسلام والمسلمين ؟

أما الوحدة الوطنية يا خصوم الإسلام فهي مصونة ، ولكن المتمردين الطائفيين في الداخل والخارج يريدون تحرير مصر من الإسلام ، وهو أمر معروف ينكره الشيوعيون والناصريون ومن والاهم .

إن الشائعات والأكاذيب التي اختلقتموها  ، والأضاليل التي روجتموها فهي من الكثرة بمكان ولا يتسع لها المجال ، ولكن نسألكم : لماذا تشيطنون الإسلام والمسلمين ؟ وإلى متى يظل العدوان على المسجد أمرا هينا ، وقتل المسلم مسألة عادية لا تهز لكم رمشا ولا تحرك عندكم ساكنا ؟