بين المسجد العمري والكاتدرائية
بين المسجد العمري والكاتدرائية
محمود القاعود
حدثان على درجة عالية من الخطورة لا يفصل بينهما سوي بضعة أيام ، لكن شتان الفارق بين رد الفعل تجاه الحدثين ، سواء على الصعيدين المحلى أو الدولى ..
أما الحدث الأول فهو اعتلاء فرق التشبيح الكنسية وشبيبة تواضروس الثاني جدران الكاتدرائية المرقصية بالعباسية وإطلاق النيران الطائشة تجاه أهالى العباسية بوسط القاهرة وتكسير السيارات والمحلات والهتاف : انسي القبطي بتاع زمان .. بكرة هنضرب فى المليان .. كان هذا يوم الأحد 7 / 4 / 2013م أثناء تشيع جثامين ضحايا الخصوص وضحايا الأحلام الكنسية ..
على الفور خرج صبيان الكنيسة وشبيحة المعلم تواضروس الثاني ، لتأديب الشعب المصري بأكمله والصراخ والبكاء والنواح فى شتي الفضائيات ، وزعمهم أن "الكاتدرائية" هى " أقدس مكان على وجه الأرض"! وأنها بيت الله ! رغم علم هؤلاء السفلة أن الكاتدرائية يُرمي فيها الله عز وجل بالصاحبة والولد ، وأنه يُكفر فيها بآيات الله ويُستهزئ بها ، وأنهم يعبدون " يسوع" الذى يدعون أنه "ابن الله" مع الأخذ فى الاعتبار أنه الله ، ونعوذ بالله من هذا الكفر .. إلا أن شبيحة تواضروس يرون أن الكاتدرائية هى أقدس مكان على وجه الأرض، ونلاحظ أن استخدام "أفعل التفضيل" يجعل كلامهم يفضل الكاتدرائية بيت الشرك والأوثان والبهتان على المسجد الحرام والمسجد الأقصي وجميع بيوت الله التى يُذكر فيها اسمه، ويُسبح له فيها بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ..
قامت الدنيا ولم تقعد .. أقيمت حفلات التطبير العظمي من أجل قنبلة غاز مسيلة للدموع اقتربت من شبيحة تواضروس الذين يحملون الرشاشات فوق أسطح الكاتدرائية ! كيف تجرؤ الشرطة الإرهابية أن تواجه الرصاص الكنسي بقنبلة غاز ! وعلى طريقة " ضربني بوشه على إيدي يا سعادة البيه " خرجت صحف وفضائيات ساويرس لتتحدث عن " بلطجية الإخوان" الذين انتهكوا حرمة الكاتدرائية ! وأهالى العباسية القتلة الذين رفضوا الموت بهدوء بالرصاص الكنسي ونزلوا من بيوتهم للتصدي لشرفاء الكاتدرائية الذين كانوا يلعبون برشاشات ومسدسات المياه من فوق أسطح الكاتدرائية، وظن الأهالى المتأخونون المأجورون أن هذه الرشاشات بها – لا مؤاخذة – الرصاص الحي الذي يقتل الناس !
توالت الإدانات العربية والدولية للتنديد بـ " انتهاك" الكاتدرائية ! رغم أن الكاتدرائية هى التى انتهكت الوطن والمواطنين ، واستخدمت السلاح ضد المارة والأبرياء ، ومع ذلك استمرت حفلة التعذيب المفروضة على الشعب من قبل صهاينة مدينة الإنتاج الإعلامي والخونة والمتنصرين الذين يدعون الليبرالية ..
نفس هؤلاء الخونة هم الذين أيدوا حصار المساجد بالمقطم واقتحامها بحجة وجود أسلحة بداخلها .. أما الكاتدرائية التى يسمونها " بيت ربنا" – ربهم يعنى – فعلى الناس أن تتقبل الرصاص الخارج منها بصدر رحب .. حد يطول يموت برصاص مقدس !
أقارن الآن بين رد فعل حزب الكاتدرائية بيتنا تجاه هذا الحادث وتجاه ، قيام قوات المجرم وشبيح الشرق الأوسط السفاح الكافر النجس بشار الأسد ، بقصف المسجد العمرى فى درعا يوم السبت 13 / 4 / 2013م .. هل تحدث منهم أحد ؟ هل اعترض أحد على قصف بيت الله الحقيقي ؟ هل امتعض أحد ؟ هل ندد أحد ؟ هل أدان أحد ؟
المسجد العمرى بدرعا الذى أرسي قواعده سيدنا عمر بن الخطاب .. أحد أقدم مساجد سوريا على الإطلاق .. أين الذين انتفضوا من أجل قنبلة غاز سقطت بجوار سور الكاتدرائية ؟ أين صحف الإفك والضلال ؟؟ أين عبدة الشيطان الذين يقبعون فى مدينة الإنتاج الإعلامي ؟؟ بل أين منظمة اليونيسكو التى أقامت الدنيا ولم تقعدها من أجل تمثال بوذا بأفغانستان ؟
ولكن .. لما العجب ؟ ولما السؤال ؟
ألا يُذبح الشعب السوري منذ أكثر من سنتين وسط صمت دولى مطبق ؟ ألا يُأتى بالسورية فتغتصب أمام أولادها وزوجها ؟ ألا يُطعن السوري بالحراب فى عموده الفقري وجنبه حتى تفيض روحه ؟ ألا تُقطع الأعضاء الذكورية للسوري ويقضي ؟ ألا تنزع حناجر السوريين ؟ ألا يُشق السوري بالمنشار ؟ ألا تخلع عيون المعتقلين السوريين ؟ ألا يُقصف الشعب السوري بالقنابل العنقودية وصورايخ سكود والغازات السامة والسلاح الكيميائي؟ ألم يترك العالم الشعب السوري فريسة لحزب خامنئي بلبنان وعراق المالكي وإيران وروسيا والصين ؟
لما العجب من هذه الازدواجية ؟
إن قنبلة غاز مسيلة للدموع أطلقتها الشرطة المصرية للدفاع عن نفسها تجاه الرشاشات المنهمرة من الكاتدرائية ، تسببت فى إدانات دولية وعربية ، وجعلت إعلام البغاء المصري يحرمنا من النوم ولسان حالهم يقول لكل فرد من الشعب : مش هتنام .. اصحى عيط على الكاتدرائية !
كم هى المرارة فى القلب .. وكم هو الاشمئزاز من ازدواجية الغرب وصبيانه فى عالمنا العربي ..
كم هى سفالة الإعلام الفاجر الذى حصر مأساة الشعب السوري فى الزواج من السوريات ، والمانشيتات المثيرة .. وكم هى سفالة الإعلام المغرض الذى يعلن النفير من أجل كاتدرائية تطلق الرصاص ، ويغط فى نوم عميق وبيوت الله تقصف وتهدم ..