صواريخ "سكود"

صواريخ "سكود":

من أين تنطلق، وأين تسقط، ولماذا يستخدمها النظام

مسار برس (خاص) - تقرير محمد غريبو

بعد لجوء نظام الأسد إلى استعمال الصواريخ البالستية بكثرة في الأشهر الأخيرة، "وكالة مسار برس" تلقي الضوء على صواريخ "سكود" والألوية المسؤولة عن إطلاقها في سورية، كما ترصد الأسباب التي دفعت الأسد إلى استعمالها، مع استطلاع رأي خبراء وشهود في المناطق التي قصفت بهذه الصواريخ.

مع كل تقدم جديد للثوار يزيد نظام الأسد من ثقل أسلحته مستهدفا المدن والتجمعات السكنية، لينتهي به الحال أخيرا إلى استعمال صواريخ "سكود" في مناطق مأهولة، لتخلف دمارا هائلا وإصابات بالغة وأعدادا كبيرة من الشهداء أمام صمت وعجز دوليين.

فقد استخدم النظام السوري صواريخ السكود قصيرة المدى في قمعه للثورة الشعبية، حيث أطلقت في غالبيتها على المناطق الشرقية والشمالية من سورية، وخاصة ريف حلب، في مدن مارع وتل رفعت ودابق وجبرين ومنبج والباب ودارة عزة وجبل بدور.

السكود و النوعية المستعملة في سورية

"سكود" هو اسم لسلسلة من الصواريخ البالستية التكتيكية التي طورت من قبل الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة. يبلغ طول الصواريخ المستخدمة من قبل قوات الأسد وهي من نوع "سكود - بي" 11.25 مترا، وقطرها 0.88 مترا، ووزنها يتعدى 6400 كيلو غراما، وتُدفع الصواريخ بمحرك واحد يعمل على مادة الكيروسين أو حامض النتريك. وهي صواريخ قصيرة المدى يصل مداها إلى 300 كيلو مترا، وتحمل رأسا متفجرا يزن قرابة 1200 كيلو غراما.

وتحتاج صواريخ "سكود" إلى قرابة ساعة بدءا من تجهيزها وحتى إطلاقها، ونسبة خطئها في إصابة الأهداف تصل إلى 1000 متر، لأنه لا يعتمد في توجيهه على أقمار صناعية أو نظام GPS، وبالتالي يستخدم في القصف العشوائي وكثيرا ما يصيب مناطق سكنية ويخلف عددا كبيرا من الضحايا.

اللواء 155

تنطلق معظم هذه الصواريخ من ريف دمشق وتحديدا من مدينة القطيفة التي توجد فيها الفرقة الثالثة المتمثلة بالفوج 14 والألوية 81، 65، 116، 156 بالإضافة للواء 155 الذي تطلق منه الصواريخ بالتحديد، حيث رصد إطلاق أكثر من 35 صاروخا منه حتى الآن، كما رصد إطلاق صواريخ من كتيبة الناصرية القريبة منه.

ويعمل اللواء 155 تحت إمرة قائده العميد غسان أحمد غنام ونائبه العميد نمير ميهوب، ويتألف من عدد من الكتائب الصاروخية منها الكتائب 51، 52، 77، 79، وكتيبة 580 دفاع جوي، وعدد من السرايا، منها سرية للإشارة، وسرية للهندسة، وسرية للنقل.

دوامة موت

"انفجار - أقل ما يقال عنه إنه عنيف هز سماء وأرض مدينة تل رفعت بحلب" هكذا يصف محمد من مدينة تل رفعت لحظة سقوط صاروخ السكود على مدينته. هذا الانفجار لم يكن قد اعتاده أهل المدينة من قبل فهو ليس قذيفة هاون، ولا برميل متفجر من طائرة هيلوكوبتر يلقي به عسكري هاوٍ فوق البيت الذي يحلو له، هذه المرة "كان الصوت ضخما جدا ومدويا" كما يقول محمد. وقد اكتشف سكان المدينة بعده كتلة من الأنقاض قطرها يتعدى الـ 100 مترا. ما يزيد عن 20 منزلا دمّروا بشكل كامل في لحظة واحدة.

تعطيل تقدم الثوار وترويع المدنيين أهداف رئيسية من استعمال الـ"سكود"

يجمع الكثير من المحللين أن السبب في استعمال السكود هو تراجع قوة الأسد الجوية مع سيطرة المعارضة على عدة مطارات في الشمال، وبروز قوة الثوار على الأرض وسيطرتهم على مساحات واسعة.

اللواء المصري والخبير الاستراتيجي عادل عباس القلة يرى أن لجوء النظام لاستعمال السكود جاء بعد اكتشافه أن القتال بينه وبين الجيش الحر يجري في مناطق سكنية ضيقة وعلى مستوى ما يسمى بحرب العصابات، وبالتالي فإن انشقاق العديد من قوات الأسد سيكون سهلا في تلك المناطق، "ومع ابتعاد النظام عن معركة العصابات التي تؤدي بالغالب إلى انشقاقات في صفوف جنوده كان لجوؤه إلى ال"سكود" لتدمير الحاضنة الشعبية للجيش الحر".

أما العميد صفوت الزيات فقد اعتبر أن استعمال النظام لتلك الصواريخ هو "مقدمة لاستعمال السلاح الكيماوي" وهو "اختبار لصمت المجتمع الدولي ولردة فعله"، كما اعتبر أن تغلب الثوار على السلاح الجوي هو ما دفع الأسد إلى استعمال الـ"سكود" على نطاق واسع في الآونة الأخيرة، وأن "الغاية الأولى والأخيرة من استعمال هذا النوع هي تدميرية بحتة".

صمت قاتل

يحمّل المعارض السوري زهير سالم، مدير مركز الشرق العربي في لندن، المسؤولية  الكاملة في كل ما يحدث "للصمت الدولي القاتل" الذي شجع على "التمادي" في قصف وقتل المدنين الأبرياء فمن "رمايات الدبابات وراجمات الصواريخ إلى قذائف المدفعية البعيدة المدى إلى القصف بالطيران الحربي وبالقنابل العنقودية المحرمة دوليا والبراميل المدمرة الحارقة وأخيرا صواريخ سكود ليقتل الإنسان ويدمر العمران".

فعبارات الاستنكار والشجب والتنديد "ودموع التماسيح التي يظهرها الغرب لم تعد تنطلي على السوريين" كما يقول أبو حسين من مدينة تل رفعت في شمال حلب بعد كل هذا العدد من الصواريخ التي سقطت في المدينة.

أما أبو موفق من جبل بدور في حلب الذي دمر بيته بعد سقوط صاروخ سكود على حيه، فيرى أن الغاية من استعمال السكود هو تفريغ البلاد من الأسلحة الاستراتيجية حتى "لا يبقى من يستعملها ضد إسرائيل بعد الأسد".

وأخيرا بين الصمت الدولي وصواريخ السكود التي تتساقط تباعا على بيوت السوريين يبقى المدنيون هم المتضررون الحقيقيون، وتبقى بيوتهم الهدف الوحيد لتلك الصواريخ، إلا أن الأمل يبقى وحده مصبرا لهؤلاء وكما يقول أبو عزيز من دارة عزة "من استطاع الانتصار على الطيران والمدفعية لابد وأن يأتي يوم ينتصر فيه على السكود".