شيعة إيران في مصر السُّنيَّة!!
حسام مقلد *
اتساقا مع حالة السيولة السياسية والضبابية الفكرية التي تعيشها مصر عقب ثورة يناير المباركة (وهذا طبيعي في الثورات ...) يحلو للبعض إطلاق العنان لمخاوف متوقعة من أخطار وهمية لا وجود لها، من ذلك ما يزعمه البعض من أن السياح الإيرانيين هدفهم الأول والأخير نشر التشيع بين المصريين!! وهذا زعم خاطئ وبعيد كل البعد عن الصحة لأسباب منطقية كثيرة منها:
1. المصريون ليسوا بهذه الخفة ولا بهذه الرقة في الدين وتمسكهم بعقيدتهم ليس هشا لهذه الدرجة حتى يتخلوا عن دينهم هكذا بكل بساطة وسهولة.
2. كانت العلاقات الإيرانية المصرية قوية جدا قبل ثورة يوليو لدرجة المصاهرة (ففي عام 1936م تزوجت الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق من ولى العهد الإيراني محمد رضا بهلوي) فلماذا لم يتشيع المصريون؟!!
3. منذ عشرات السنين والسياح بالملايين من اليهود والنصارى والكفار والملحدين ومن كل الملل والنحل يأتون إلى مصر ومع ذلك لم يترك المصريون دينهم.
4. التنصير يعمل بكل قوته في مصر منذ أكثر من قرن ونصف القرن ولم يترك المصريون دينهم.
5. أقام العبيديون في مصر (الدولة الفاطمية) وامتدت عشرات السنين ... لكن المسلمين المصريين لم يتشيعوا، وعندما جاء الناصر صلاح الدين ـ رحمه الله ـ أزال كل مظاهر التشيع التي كان العبيديون (الفاطميون) قد وضعوها، وأعاد مصر دولة سنية، بل أصبحت درة التاج في الخلافة الإسلامية والحصن الحصين للمسلمين السنة، وأصبح الأزهر الذي بناه (جوهر الصقلي) ليكون منبرا للتشيع أصبح مركز الإشعاع الأول للعلم الشرعي لكل المسلمين السنة، وله مكانة سامية في قلوب جميع المسلمين.
6. الإيرانيون الفرس لا يتحدثون اللغة العربية وبالتالي لن يكون هناك تواصل إنساني على نطاق واسع لا باليسر ولا بالسهولة التي تمكنهم من نشر التشيع.
7. لو كان للشيعة مؤامرة لنشر التشيع بين أهل السنة (والمؤامرة موجودة بالفعل وقد تحدث شيخنا العلامة القرضاوي ـ حفظه الله ـ عنها ...) فلن تكون السياحة أهم وسائلها بل هم يستخدمون وسائل غزو فكري واقتصادي واجتماعي وإعلامي أشد ضراوة وفتكا وأبلغ ضررا وأكثر خطورة من السياحة.
8. يمكن للشيعة أن يرسلوا شيعة عرب (من السعودية أو الكويت أو لبنان أو العراق...) لنشر التشيع في مصر، وهؤلاء لن يجدوا عائق اللغة أمامهم، بل سيرحب بهم الجميع باعتبارهم أخوة عرب ...!!
9. لا ينبغي أن يكتفي المصريون بالدور السلبي أو أن يقبلوا على أنفسهم انتظار من يأتي ليؤثر عليهم، فهم شعب عريق ذو حضارة، وليسوا بأقل من غيرهم، فعلينا بالإضافة لتوعية أبنائنا القيام بجهود كبيرة للتواصل مع أهل السنة في إيران ودعم حقوقهم (ونسبتهم لا تقل عن 35% من الإيرانيين).
10. هناك ملايين الشيعة العرب في كل دول الخليج تصل نسبتهم في البحرين لأكثر من 50% ومع ذلك لم يتشيع مواطنوهم.
11. الشيعة حقيقة جغرافية وتاريخية ويجب التعامل معهم بكل أدب واحترام متبادل ... وليس مقبولا ولا منطقيا أن نقيم علاقات طبيعية كاملة مع كل دول العالم (وحتى إسرائيل...!!) بما في هذه الدول من ملاحدة ومشركين ... ونرفض إقامة علاقة مع جارتنا القوية إيران.
12. فرق هائل بين العلاقات السياسية وبين المخاوف والأوهام التي تعشعش في أذهان البعض، ولمصر مصالح استراتيجية عليا في المنطقة يجب الحفاظ عليها خاصة في مثلث القوة الاستراتيجي (المصري التركي الإيراني).
13. لقد رفضت دول الخليج إدخال مصر عضوا في دول مجلس التعاون الخليجي وأدخلت الأردن والمغرب رغم بعد المسافة (...!!!) وذلك لمصالح معينة ... وبالتالي من حق مصر البحث عن مصالحها والحفاظ عليها دون وصاية من أحد (...!!).
14. مصر ليست جمهورية موز وهي بأجهزتها الكثيرة (العلمية والسياسية والديبلوماسية والأمنية والمخابراتية...إلخ) قادرة على المراقبة والمتابعة وحماية أمنها القومي من أية مخاطر تتهددها...!! وقادرة على مواجهة أية خطط أو مؤامرات (فكرية أو ثقافية أو إعلامية ...) والرد عليها بالمثل ... !!
15. أدعو شباب جميع الجماعات الإسلامية (وخاصة شباب الدعوة السلفية) للاتحاد لتوعية البسطاء وتعليمهم دينهم بدلا من التراشق الفيسبوكي والمناكفات والمشاكسات السياسية العبثية التي قيمة لها، إنني أدعو شباب جميع الجماعات الإسلامية أن يروا الله تعالى من أنفسهم خيرا، وينجزوا عملا جماعيا واحدا يبينوا لنا من خلاله أنهم فعلا أبناء دين واحد وأبناء وطن واحد (...!!) ويظهروا لنا أنهم جماعات دينية تهتم بالدعوة الإسلامية بالفعل، وعليهم أن يجهدوا أنفسهم وينزلوا للعمل الميداني وسط الجماهير والبسطاء من الناس لنشر الوعي الشامل بينهم: دينيا وصحيا وسياسيا واجتماعيا وإعلاميا.
16. وأخيرا يجب على الأزهر وكل الجماعات الدينية والمدارس والجامعات ووسائل الإعلام توعية الناس بحقائق الدين الإسلامي الحنيف، وتحصينهم ضد أية أفكار خاطئة أو عقائد منحرفة تأتينا من إيران أو من غيرها.
* كاتب إسلامي مصري