حنتوب ذاك الماضي المضىء والحاضر المظلم !!!

حنتوب ذاك الماضي المضىء

والحاضر المظلم !!!

سليمان عبد الله حمد

[email protected]

زمان مضى وراح وانطوت ايامه(1)

اسماء فى الذاكرة

كثيرمن الكلمات والعبارات مثلها مثل الاماكن تبقى حية متقدة فى الذاكرة وفى الوجدان لفترات تطول وتقصرويجترذكراها الناس من حين لآخرمهما تقادم عليها الزمن .وبطبيعة الحال تختلف اسباب بقائها واختفائها من شخص لآخرتزامنا مع ظروف سماعها او العيش فيها (ان كانت من الامكنة ذات السحروالجمال) ومدى ما تحدثه من تاثيرآنى او مستقبلى(حالة كونها عبارات) على احاسيس ومشاعرسامعيها ووجدان متلقييها فضلاعن شخصية وموقع المتحدث فى نفس السامع.وانطلاقا من هذا المفهوم فانه رغما عن انقضاء ما يزيد عن نصف قرن من الزمان فانّ كثيرا من العبارات والكلمات التى استمعنا اليها من معلمينا (رحمة الله عليهم اجمعين)لا تزال حية ومتقدة فى نفوسناونفوس اعداد غفيرة من طلابهم عبرالزمان واصداء نبرات اصواتهم لاتزال باقية فى نفوس من جلسوا الى حلقات درسهم داخل فصول ذلك الصرح العظيم اواستمعوا الى احاديثهم خارجها وكلما خلوا الى نفوسهم اوكانت لنفرمنهم فرصة للقاء فان اجترارما حفل به ماضى الزمان من ذكريات هو ما يسود ويملآ كل جوانب ومساحات تلك اللقاءات ويطل ذلك الماضى الذى نظم فيه الأستاذ الراحل سعد الدين فوزى فى منتصف اربعينات القرن العشرين بعض قصيده الذى تغنى به المبدع الاستاذ عبدالكريم الكابلى(متعه الله بمزيد من الصحة والعافيه) بقوله " ذلك الماضى لنا..منه تنساب المنى,,نحوسودان جديد..واضحت تلك الكلمات نشيدا عذبا ظللنا ننشده جماعات وافرادا اباّن فترة دراستنا ألأولية والمتوسطه.زمان مضى وراح وانطوت ايامه التى كانت بكل المقاييس وافرة الاشراق.
واستاذنا العزيزالراحل (السفيرفى لاحق من الزمان)لا تزال وتظل اصداء نبرات صوته الفريد فى ذاكرتىا ووجداننا نحن من عرفناه معلما متمكنا من ناصية لغة بنى السكسون – الانجليزيه- مثلما كان رياضيا متفردا .لن انسى كلماته حالما نهض من بين رفاقه المعلمين فى احد اجتماعات الصباح ليعلن عن مباريات دورى كرة القدم بين الداخليات التى كانت تقام عصارى ايام السبت من كل اسبوع .كانت الحروف المتشابهة فى اسماء الداخليات حينما ينطق بها لسانه فى تتابع حلووفريد فى جرس الفاظ جاذب علمناه بين مصطلحات الشعر باللغة الانجليزيه بأسم ال "اوناماتوبّيا" يتجلى فى انغام "مموسقة عذبة اللحن وريقه" تدغدغ المشاعروتبعث اقدرا وفيرة من الراحة الذهنية والابتهاج النفسى:

AbuAnja & Nujumi on Ground 2,Likeilik &Deifalla on Ground 4, Dinar &Digna” on Ground 6, Zubeir &Mek Nimr on Ground 8. " وكانى استمع الان الي الاستاذ الجليل ألأمين محمد الامين سنهورى (رحمة الله عليه فى الفردوس الاعلى)وهوينطق حرفى النون والجيم فى "ابوعنجه&نجومى" وحرف اللام فى"لكيلك & ضيف الله" والدال والنون فى"دينار& دقنه"وحرف الراء فى آخر ومنتهى"زبير& مك نمر"مع ملاحظة ما كان من التنافس فى عصرية ذلك اليوم بين اقرب الداخليات فى مصفوفه الثمان داخليات مواقعا الى بعضها ما عدا "ابولكيلك وضيف الله" لما كان بينهما من بعد مسافة موقعيهما على خط "الدياقونال"فى المثلث القائم الزاويه!

وبما ان داخليات الصرح العطيم الست ألأوائل حظيت باسماء المشاهيرمن رجال السودان وعظمائه فى اجزاء متفرقة من ارجائه الممتده فى شماله وشرقه ووسطه الآ ان غربه البعيد لم يحظ باى من تلك المسميات ولعل كبارالمعلمين قد فطنوا لما ربما كان قد سها عليهم سابقا فاعطوا الامر قدره من الاعتبارحين اجتمعوا لتسمية الداخليتين الجديدتين اللتين اكتملت مبانيهما فى بداية.1949 فكان اسم السلطان على دينار احد الاسمين..فهوعلم على راسه نار.عاش ستين عاما لم تزد بين عام مولده.. 1856 وعام وفاته 1916 قضى منها ثمانية عشرعاما سلطانا على دارفور(كآخر سلاطين الفور(1898-1916) من السلالة الكيراويه وحسبما اورد المؤرخ الكبير الدكتور"اوفاهى" الذى عمل استاذا للتاريخ الافريقى بجامعة الخرطوم فى الاواخر من ستينات القرن العشرين فان "الكيرا والكنجارا" كانا اكبرفروع قبيلة الفوروتمكن قادتهما باتحادهم من توحيد كل القبائل الفوراويه لتقوم اثرذلك دولة الفورذات القوة والشكيمه كنتاج للتصاهرالذى ظل مستمرا بين القبائل الافريقيه وبين بطون وافخاذ بعض القبائل العربيه..ومن منجزات السلطان على دينارالتى لن تنسى باى حال من الحوال ومهما تقدم عليها الومان انه اقام مصنعا لغزل كسوة الكعبة المشرفة التى ظل يرسلها طوال عشرين عاما الى مكة المكرمه.. كما يقال انه هو من قام يحفر ألآبار المعروفة بأسم"آبارعلى" التى اصبحت تتخذ ميقاتا لأحرام القادمين من المدينة المنورة للحج والعمره . وقف السلطان على دينا ر مساندا ومناصرا الثورة المهدية وشارك فى نشرالدعوة بين قبائل الفورفى عهد الخليفة عبدالله الذى التقاه وبايعه عند زيارة السلطان مدينة امدرمان سنة.1892 وفى عام 1916 قضى السلطان على دينارباندحارجيشه تحت نيران قوات الاحتلال البريطانى بقيادة ريجنالد وينجت لتصبح دارفورمديرية من مديريات السودان ألأنجليزى المصرى.

حينما اكتملت مبانى الداخلية فى يناير1949 شرقى مبانى المدرسه واتخذت من اسم السلطان على دينارمسمى مما جعلها شرقية الموقع على ارض حنتوب لكنها غربية المكان فى السودان نسبة للاسم الذى اقترن بها ولذا ظل ساكنوها يسمح لهم بالخروج فى عطلة نهاية الاسبوع مع رفاقهم طلاب الداخليات الغربيه الذين شاءت لهم الاقداران يقعوا فى قبضة مستربطرس هولت رئيس شعبة التاريخ الذى ظل الى حلول شهرنوفمبر1951مع طلاب على دينار"اكثرمن قرايب ما يغيبواعن بعض ابدا زى اعزاتنين حبايب".الخواجه قوى الشكيمه..آخرانضباط..بعبارات هذا الزمان فهو "تفتيحه وناقش"وعلى مكر ودهاء لذا كان ساكنوعلى دينار يعملون ل"شيطونته" الف حساب لئلا يقعوا فى قبضته اذ هم مدركون ان من يرميهم حظهم العاثرفى يديه لا محالة زائرون"غرفة ألأريكه" الواقعة بين مكتب شعبة اللغة الانجليزيه ومكتب البيرسرومؤخراتهم ذائقة لسعات من ضرباته الموجعه.وما محاولة احد طلاب دينار الفاشلة للافلات من عقابه بعد مغادرة الخواجه سريرالمرض فى مستشفى ودمدنى ببعيدة عن الاذهان.لكن كان العزاء لساكني داخلية على ديناريتمثل فى سكن الاستاذ (السفيرلاحقا) حامد محمدالأمين القادم لتوه من مدرسة التجارة الثانوية الصغرى فى امدرمان "هاوسماسترا" لها الذى كان على الدوام حمامة سلام ودرعا واقيا لهم بينهم وبين المستر هولت. وتعاقب على الاقامة فى على دينارنفرمن المعلمين خلفا للاستاذ حامد بعد وزاجه ومغدرته الداخليه. كان من بينهم استاذنا الراحل عبدالرحمن افندى النصرى حمزه (عليه فيض من رحمة الله"هاوسماسترا وتيوترا" فى آن واحد وحل مكانه بعد رحيله الى جامعة الخرطوم استاذ التاريخ محمد عبدالحليم محجوب (متعه الله بمزيد من الصحة والعافيه)هاوسماسترا فى معية استاذه احمد حامد الفكى رئيس شعبة اللغة العربية (عليه الرحمة ) تيوترا لها خلفا للاستاذ عبدالرحيم الامين الذى لم يبق طويلا فى حنتوب مؤثراعليها العمل فى معهد التربية ببخت الرضا.لينتقل اليها بعد حين معلم التاريخ ابراهيم افندى عبدالله من المك نمرللاقامة فيها هاوسماسترا وتيوترا فى آن واحد (عليه الرحمة فى الفردوس الاعلى )
فى بداية عهدها الاول من يناير1949 كان اختيار االطالب(المهندس بوزارة الرى فى لاحق من الزمان)عثمان النورمصطفى الرياضى الكبيرالضاحك الممراح(رحمه الله رحمة واسعة) رئيسا اولا بها اختيارا موفقا وصائبا لما كان يتمتع به من دماثة خلق وسعة افق شاركه الرئاسة فيها النطاسى البارع فى لاحق من الزمان(متعه الله بمزيد من الصحة والعافيه)الدكتورحسن سيد احمد قريش لتؤول المهام الرئاسية من بعدهما فى عام 1950 الى عباس العبيد رئيسا اولا وعبد البديع على كرار(عليه فيض من رحمة الله)رئيسا ثانيا ومحمداحمد عبدالواحد (متعه الله بالمزيد من الصحة والعافيه)رئيسا ثالثاويشاء الله لهما ان يتزاملا مرة اخرى بعد تخرجهما فى حنتوب ان يلتحقا بالكلية الحربيه ويتخرجا معا برتبة الملازم وينخرط كل منهما فى عمله بالقوات السلحة السودانيه الآ ان كتاب عبدالبديع على كرارالمسطوركان اسرع فقد لقى ربه فى اواخرعام 1959عندما فشلت المحاولة الانقلابيه التى شارك فيها وهو برتبة الرائد ضد حكم الفريق عبود. وجاء العام الدراسى (1951) بثلاثة من ابناء الدفعة السادسة (رحم الله ثلاثتهم فى اعلى عليين) تولى مهام الرئيس الاول منهم بشيرمحمدعلى الذى كان له من العطاء المتميز فى القوات المسلحه ما جعله يتقلب فى الرتب العسكرية بعد تخرجه فى الكلية الحربيه ليتم ترقىيه وترفيعه الى اعلى رتبة عسكرية..رتبة "الفريق"وينصّب قائدا عاما للقوات المسلحه فى فترة من ايام مايو "الظافرة" (والفريق بشيرهومن امرسائق سيارته الرسميه بالتوقف فى طريقه وهوعائد الى الخرطوم بعد رحلة عمل لاحدى القيادات العسكريه طالبا منه انزال علم القوات المسلحة من السارية الامامية لسيارة القائد العام حالما فوجىء ب صوت قارىء اخبار الثالثة ظهرا من راديو اذاعة امدرمان يبث من بين اخبارالظهيرة نبا انهاء خدمته بالقوات المسلحة واحالته للتقاعد... وكان الادارى الحاذق الذرب(من بعد التخرج فى جامعة الخرطوم)حسن على احمد رئيسا ثانيا فى"على دينار" وكان ثالثهما الدكتورعبدالله المبشرعلى سدة رئاسة الداخليه. وشاءت الاقدارمرة ثانية لاثنين ممن تولوا الرئاسة في داخلية على دينارعام 1952ان يلتحقا سويا بالقوات المسلحة(الرئيس الاول الصادق محمد الحسن والرئيس الثانى عبدالحميد عبدالماجد وياتيهما الكتاب المسطورمعا فى اواخرعام 1959 بعد فشل ذات المحاولة الانقلابيه على نظام الفريق ابراهيم عبود التى كان المرحوم عبدالبديع على كرارواحدا من المشاركين فبها.(علي ثلاثتهم فيض من رحمة الله فى الفردوس الاعلى) وقد كان الصادق وعبدالحميد من دعامات الفريق الاول لكرة السله. وكان لاستاذ الاجيال بالمدارس الوسطى فى لاحق الزمان ولاعب الفريق الاول لكرة القدم ورئيس منزل كردفان فى مدرسة ودمدنى الاهلية الوسطى عام 1948- عبدالمنعم يوسف الشهير ب "ابوها"(متعه الله بالمزيد من الصحة والعافيه) نصيب فى موقع الرئيس الثالث فى داخلية على دينارمزاملا العزيزين الراحلين الصادق وعبدالحميد.
كان من الذين بزغ نجمهم فى مستقبل ايامهم من منظومة خريجى الدفعة الخامسة عام 1950من ساكنى داخلية على دينار الاخوة الكرام الطبيبان محمد ابراهيم الامام الذى تقلد منصب وكيل وزارة الصحة ورفيقى دربه النطاسيان دكتورعبدالرحمن كباشى وابن الدويم الفذ دكتورحسن محمد حامدالى جانب محمد المامون الاقتصادى الكبير (عليه فيض من رحمة الله) وكان يعقوب عيسى(ود العمده) الذى خاض غمار السياسه اصبح وزيرا اقليميا للتعليم فى الاقليم الاوسط ابّان الفترة المايويه.مثلما سعد طلاب على دينارمن خريجى الدفعة السادسه بنهاية العام(1951)بزمالة آدم عبدالله المهندس فى ادارة مشروع الجزيره وحميده محمد الهادى كبير المهندسين بالادارة المركزية للكهرباء لفترة من الزمان فى مدينة ودمدنى وهو من رفعت راسه عاليا ابنته الكبرى التى كانت قد احرزت المرتبة الاولى فى امتحان الشهادة الثانوية فى عام من الاعوام.ومن المعلمين كان مالك ابراهيم حيدوب الذى قال انه لم يعجب باى جملة انجليزيه طوال فترة بقائه فى حنتوب سوى "ليت اص بيقين" تلك الجملة التى كان يستهل بها مستربراون دعوته للطلاب لتناول وجبة الغداء فى قاعة الطعام .ولن انسى ان اذكربقدروفيرمن العرفان المرحوم على محمد مالك مديرادارة السكة حديد بالخرطوم الذى امربتسييرالقطار الخاص الذى حمل المستر براون والخريجين الى مدينة ودمدنى لحضورالاحتفال باليوبيل الفضى فى مارس.1971

اما من رفاق الدرب خريجى الدفعة السابعة فقد كان ممن سعدوا بالاقامة فى على ديناراستاذ لغة بنى السكسون صلاح الدين عمرمحمد عبدالله الكارب الذى كان من القلائل الذين التحقوا مباشرة بوزارة المعارف حال تخرجهم فى جامعة الخرطوم فى ابريل من عام1957وكان له باع طويل فى تدريس اللغة الانجليزيه فى كليةالمعلمين الوسطى فى بخت الرضا وفى معهد المعلمين العالى وتم اختياره بعد انتفاضة ابريل 1985لتولّى منصب الامين العام للمجلس القومى للتعليم العالى.وكان المهندس عمر احمد الطريفى ابن شقيقة المرحوم عثمان النور(اول الرؤساء الاوائل لداخلية على دينارعام 1949وابن مدينة ودمدنى البار(متعهما الله بالمزيد من الصحة والعافية)من المقيمين ايضا فى داخلية على دينار.لن انسى تذكارالنطاسى البارع (عليه فيض من رحمة الله)على عبدالكريم الذى كان من المناصرين بل من غلاة المدافعين عن الفنان الراحل عثمان الشفيع وابداعاته الغنائية .

وفوق ذلك النفر الكريم الذين اقاموا فى داخلية على دينار كان ألأخ الكريم الراحل المقيم فى نفوس كل اهل حنتوب وطلابها..محمد نورادريس(رحمه الله فى الفردوس الاعلى) يفرد جنا حه الرفراف فوق ساكنى داخلية على دينارجميعا ويحيطهم مودة واخاء وتفانيا فى خدمتهم وابتساما فى وجوههم وكم كانت السعادة تغمره وهويلقاهم هاشا باشا ودموعه تبلل ثيابه خلال ايام الاحتفال باليوبيل الفضى عام 1971 رحم الله محمد نوربقدرما اعطى وبذل فى خدمة ابناء حنتوب عامة وساكنى داخلية على دينارعلى وجه الخصوص.

وللحكاية بقية أحبتى من جيل ذاك الزمان المضىء والحاضر المظلم ولنا لقاء آخر !!!

**************************

حنتوب ذاك الماضي المضىء والحاضر المظلم !!!

زمان مضى وراح وانطوت ايامه(2)

 دقنه

عندما انتقل بكم من اقاصى غرب السودان وتذكار شىء من سيرة داخليةابى زكريا السلطان على دينار- الى اقصى شرق السودان مع سيرة الاميرعثمان دقنه الذى خلّد اسمه باحرف من نوردفاعا عن السودان ابان فترة المهديه يستبد بى وبكل الحناتبه الحزن والاسى على زوال ذلك المبنى الذى كانيتوسط مصفوفة الداخليات الشرقيه - ويحمل اسم اميرالشرق - من خارطة الوجود فى ارض حنتوب بعد ان احترق المبنى وازيلت انقاضه واضحى اثرا بعد عين. رحم الله الامير المجاهد فى الفردوس الاعلى الذى اطل على الدنيا عام 1843 وغادرها فى السابع والعشرين من ديسمبرعام1927. اربعة وثمانون عاما قضاها بين التجارة فى بدايات حياته فى صحبة قومه وبين جهاد دائم بداه وهو يناهز الاربعين من العمرفى عام 1882عندما سعى الى اقامة تنظيم عسكرى من اهله وعشيرته من"الهدندوه" لمقاومة السلطات التركية المصريه ولكن مساعيه لم تكلل بنجاح يذكر.

ولما ذاع خبر الامام المهدى وعمت انباء انتصاراته ارجاء البلاد توجه الى كردفان وبايع المهدى ومن ثم بدأت مرحلة جديدة فى حياته زخرت بالبذل والعطاء لما تمكن وهو يقود عددا من اهله من القضاء على بعض الحاميات التركيه المرابطه فى شرق السودان كما لعب دورا كبيرا فى قطع الطريق على كل امداد ياتى عبر منافذ البحر الاحمردعما لحملة هكس باشا الذى تم القضاء عليها على ايدى الانصار عام 1883 فى شيكان..مما جعل كل مدن الشرق بعد ذلك تدين لقوات المهديه تحت قيادة عثمان دقنه الذى كان الامام المهدى قد خلع عليه - قبل انتقاله الى رحاب ربه عام 1885- لقب امير الشرق. ذاع صيته وعلا صوته اكثرواكثرعندما تمكن من الحاق الهزيمة بقوات بيكرفى محاولتها لفك الحصارعن مدينة طوكروتواصلت نجاحاته بفضل سعة افقه وحنكته ومعرفته بفنون الحرب وبما كان لديه من دهاء مع عزيمة لا تنثنى عندما انتقل الى مدينة عطبره ليقطع الطريق على القوات البريطانيه المتجهة الى الخرطوم لفك حصارالانصارعن قصرالحكمداريه وبداخله الجنرال غردون.وبعد سقوط الخرطوم وقف عثمان دقنه يشد من ازر قوات الخليفه الى ان تمت استعادة السودان بدخول قوات كتشنرمدينة الخرطوم وتم القضاء على جيش الخليفه فى ام دبيكرات فتمكن الاميرمن التسلل الى الشرق مرّة اخرى. فاعلن الانجليزعن جائزة مالية لمن يدل على مكان وجود الاميرمما اغرى البعض من ضعاف النفوس ليتم القبض على الاميرالمجاهد واودع السجن فى سواكن عام 1900 ليتم نقله الى سجن رشيد فى مصرعام 1908حيث بقى خمسة عشرعاما الى عام 1923 عندما تم نقله الى سجن وادى حلفا وبقى فيه الى ان توفاه الله فى السابع والعشرين من ديسمبرعام 1927وقد جاء فى الخبران المجاهد الامير عثمان دقنه رفض ان يخرج من محبسه للقاء حورج الخامس ملك بريطانيا لما زارسواكن فى طريقه الى الهند راغبا فى رؤية القائد الفذ الذى كان له باع طويل طويل فى تدويخ جنود الامبراطوريه فى السودان فاضطرالملك لزيارته فى زنزانته التى ظل قابعا فيها يتلوكتاب الله وظهره متجه الى وجه ملك بريطانيا العظمى الذى رغم ذلك قام بتحيته اعجابا به قبل ان يغادرمحبس الامير. تم دفن حثمانه فى وادى حلفا وعند بداية تهجيراهالىها عام 1964 تم نقل رفاة الاميرالى مثواه الاخيرفى مدينة اركويت على سفوح جبال البحرالاحمرالتى شهدت صولاته وجولاته ضد الانجليز.. فلا غرو ان وجد الرجل التكريم من معلمى حنتوب تخليدا لاسمه واحياءا لذكراه بين الشهداء والعظماء من رجال السودان بتسمية واحدة من الداخليات باسمه.فكان طلاب داخلية دقنه على مستوى قامة البطل المجاهدعلى مرالسنين بما ظلوا يحققونه من انتصارات رياضية الى ان انتزعت منها ابولكيلك الزمام حال بروزها للوجود فى يناير1949 واتاها ساكنوها من كل فج عميق بعزيمة لا تلين وحققين النتصارات فى مختلف المناشط التى كان اولها احراز"كاس المسترهولت" فى سباق اختراق الضاحيه فى اواخر شهر فبراير 1949.
تولى الاستاذ امين زيدان – رئيس شعبة الرياضيات – مهام "تيوترية" داخلية دقنه منذ عهدها الاول من عام 1946الى نهاية شهر ديسمبر 1950حينما تمت ترقيته وانتقاله الى وادي سيدنا نائبا للناظر- استاذ الاجيال عوض ساتى.. ليخلفه مولانا الشيخ اسماعيل ابو القاسم (رحمة الله عليهم فى الفردوس ألأعلى)لينتقل الاشراف على طلابها فى لاحق الزمان الى ألأستاذ عزالدين ألأمين رئيس شعبة اللغة العربيه ومن بعده الى آخرين منهم الاستاذ محمود يوسف رئيس شعبة التربية الاسلاميه ومن بعده لاستاذ اللغة العربية احمد محمد حسن الذى سعدت بزمالبته فى مدرسة ودمدنى الثانوية للبنات عام 1961 .وظل يقيم فيها (كاستاذ مقيم – هاوسماستر) الى ان تم نقله الى موقع آخر بعد مغادرتنا الصرح الكبير فى ديسمبر1952مسؤول قسم الديوان والقلم (الباشكاتب) السيد مدنى الجزولى.
جئنا حنتوب فى بداية عام1949 وسمعنا الكثيرعما كانت تحققه داخلية دقنه وظلت تحققه من نجاحات وانتصارات مضطرده فى مختلف ضروب المنافسات الرياضيه فقدكان للاستاذ زيدان الفضل فى تلك النجاحات اذ كان يلهب حماسة ابنائه عند كل تنافس فيرتفع طلابه الى مستوى حماسته الطاغيه وكلما حققوا نصرا من بعد كل نصر ترتفع وتيرة حماستة طبقات الى اعلى.لم يكن الاستاذ زيدان يغيب عن "دقنه" الداخلية فى غدوه ورواحه متخذا طريقه من والى داره عبرها اثناء اليوم الدراسى وبطبيعة الحال فى زمن الالعاب الرياضيه واحيانا بعد العشاء يحادثهم ويشجيهم بحلوتعليقاته فى عفوية محببة الى نفوسهم ويطلق عليهم من الالقاب ما التصق باسماء بعضهم زمانا طويلا.فكان طلاب دقنه على الدوام عند حسن ظنه وفى مستوى توقعاته فقد ضمت "دقنه" نفرا كريما من الطلاب الاخيارفى مقدمتهم كان المرحومان مبارك عثمان رحمه. الرئيس ألأول ورفيق دربه دراسيا وفى القوات المسلحه بعد تخرجهما فى الكلية الحربية محى الدين موسى- كابتن تيم كرة السله الخنتوبى المتميز..المرحوم اللواء مبارك عثمان رحمه .. تقلب فى الرتب العسكريه واستوزرمرتين فى حياته..اولاها كانت خلال الفترة المايويه فى وزارة التجارة وتم تعيينه من بعد سفيرا للسودان فى الصين وكان استوزاره المرّة الثانية ابّان الفترة الديموقراطية التالته عندما اسندت اليه وزارة الدفاع ليغادرها على الحان مارشات انقلاب الانقاذ فى الثلاثين من حزيران عام1989فانتقل الى رحاب ربه بعد حين بين الصديقين والشهداء.أما رفيق سلاحه المرحوم محى الدين موسى فقد احيل الى تقاعد مبكراثناء الفترة المايويه ليتم تعيينه مديرا لمصنع الاسمنت.لعل الشىء بالشىء يذكر فقد سعدت بزمالة المرحوم محى الدين موسى وكان يتقدمنى دراسيا بثلاث سنوات فى مدرسة ودمدنى الاهلية الوسطى اذ كان رئيسا منتخبا لمنزل العاصمه. رحمة الله على الرجلين فى اعلى عليين.ربما كان مبارك عثمان رحمه ومحى الدين موسى من الحالات التى تجدرالاشارة اليها ذلك ان سارالزمان باربعة من رؤساء الداخليات فى (1949)الى نفس المساربالتحاقهم بالكلية الحربية هم جعفرنميرى و مبارك عثمان رحمه ومحى الدين موسى ومحمد خير محمد سعيد الشهير ب"مخازن"(رحمة الله عليهم اجمعين.لن انسى من بين من اقاموا فى داخلية دقنه وبزغ نجمه فى لاحق من الزمان النطاسى البارع امين على نديم الذى اذكر جيدا لقائى به فى اول زيارة قمت بها الى حنتوب فى عام 1947.ايضا من رفاق دربهم كان الاداريان المتميزان محمد السيد عبد الدائم وكامل محمد سعيد اللذان اكملا دراستهما دراستهما الجامعية فى كلية آداب جامعة الخرطوم فى عام 1954وكان لهما باع طويل فى وزارة الحكومة المحليه .عليهما فيض من رحمة الله فى الفردوس الاعلى.
وقبيل نهاية العام الدراسى عام 1949 بعد التشاورمع الاستاذ المقيم والاساتذة الذين كانوا يشكلون منظومة اسرة الداخليه الى جانب استطلاع وجهات نظر طلاب السنة الرابعة المغادرين وقع اختيارالاستاذ امين زيدان على اسماعيل حسن الحاج(رئيسا اولا) وعبدالله محمداحمد(ابن ودمدنى البارالمعروف بأسم عبدالله الجعلى)الذى تسلم قيادة فريق كرة القدم الاول من جغفرنميرى(رئيسا ثانيا)وميرغنى نجيله (لاعب كرة السلة المتميز.رئيسا ثالثا)رحم الله عبدالله وميرغنى فى اعلى عليين.ومن رفاق درب ثلاثتهم لا بد من تذكارالمرحوم ابوبكرعبد القادرالشهيرباسم "ماكبين"معلّم الجغرافيا الذى غادرحنتوب مع المسترهوبسون الى بخت الرضا فى نهاية شهرمايو من عام 949.اطلق عليه ذلك اسم ال"ماك" اختصارا لما كان بين الرجلين من تشابه غريب طولاومشية وتجانس فى نبرات الصوت ولم يكن ثمة خلاف بينهما الا فى اللون. المرحوم "ماكبين" كان لاعب الباسكت المتميزله اسلوب فريد فى تعامله مع الكرة كانها تكاد تلتصق بيده لا تبارحها الا وهى داخل حلقة المرمى نازلة الى الارض بين الشباك. لم يبق فى حنتوب ليكمل عامه الدراسى ومشواره الرياضى وهوالذى كان قد وقع عليه الاختيارليكون "كابتن"الفريق الاول لكرة السله اذ انه ولظروف مرضيه افقدته جزءا من العام الدراسى مما تعذرت عليه مواصلة الدراسه ليعود عام1951 ليكمل دراسته ويسير به الزمان الى مجال التعليم بالمدارس الوسطى الا ان كتابه المسطورعجل به الى رحاب ربه بعد سنوات قلائل. رحمه الله فى اعلى عليين بين الشهداء والصديقين وبمواصلة تذكارنا لخريجى الدفعى الخامسه عام 1950 نجد ان داخلية دقنه قد استاثرت بنصيب الاسد من الذين ذهبت آثارهم فى اغوار الابديه وابعاد اللانهائيه وكانوا بين الذين وصفهم امير الشعراء انهم كادوا ان يكونوا من الرسل. فزامل المرحوم احمد على جابرصاحب المؤسسات التعليميه فى مدينة رفاعه كوكبة خيّرة من رفاقه الى مجال التعليم مع المرحوم ابوبكرعبد القادر "الماك".تميزاحمد على جابرفى مختلف ضروب الرياضه.. كان قلب هجوم فريق حنتوب الاول لكرة القدم وعدّاء المية يارده الذى لم يسبقه اى من العدائين من قبل الا المرحوم اروب دينج مجوك وكان رفبقا لجعفرنميرى لعبا فى نادى الاتحاد فى مدينة ودمدنى.كان الضاحك الممراح نقى الصدرمن كل حقد وغل.كريم العطاء .. رحمة الله عليه بقدر ما علّم وهدى وارشد وقدم لأهله فى رفاعة من علوم ومعارف ومؤسسات تربوية تتحدث عن نفسها.وكان من بين اولئك الذين اختاروا التعليم مهنة لهم الفنان المبدع الرسام التشكيلى الفريد(ابن كردفان الغرأ ام خيرا جوّ وبرّا) يوسف احمد البلاع الذى جسّد برج حنتوب وساعتها فى لوحة تشكيلية رائعة وفريده نالت اعجاب كل من وقع بصره عليها فيظل محدّقا فيها ماشاء له بصره ان ينظراليهاوهو يتأملها دون كلل اوملل ويزداد تعلقا بها كلما حاول ان يغادرها الى عمل آخرفتشده اليها من جديد وكانه يراها لأول مرّة فيظل"متسمّرا"مكانه واقفا امامها"وقوف شحيح ضاع فى الترب خاتمه" متأملا تفاصيلها الدقيقه ومعجبا باختيار الفنان لذلك الموقع العالى الذى اطل منه المبدع الى البرج والساعة فضلاعما فاضت به من جمال فى الالوان التى جعلت اللوحة تكاد تنطق بالحياة خاصة بما كان قد ابدع فيه المرحوم البلاع وجعله جزءا من اللوحه من حركة فى اسفلها اذ جعل المرحوم احمد جالى كبير العاملين مرتديا زيه الرسمى الكامل وهويمشى امام مكتب شعبة "الانقليزى" جزءا لا يتجزأ من واقع الحياة على اللوحه.. نالت الصوره الجائزة الاولى وتقرر ان تكون واجهة الصفحة الخارجية (الغلاف) لدليل حنتوب الذى يقدم للزوار ولآباء واولياء امورالطلاب فى المناسبات . سعدت كثيرابزمالة الاستاذالراحل يوسف فى مدرسة ودمدنى الثانوية للبنات عامى 1961 و1962 للبنات .رحمة الله عليه فى الفردوس الاعلى.اما رابع تلك الكوكبة حيارالمعلمين ممن اقاموا فى داخلية " دقنه" فقد كان المرحوم احمد النوراحمد معلم الرياضيات الذى عمل فترة من الزمان فى المدارس الوسطى وانتقل الى المدارس الثانويه وتقاعد بالمعاش الاختيارى ليقتحم مجال الاعمال الحرة الى ان جاء اجله المكتوب فى مدينة ودمدنى حيث افتقده مجتمع المدينه ونادى الخريجين ورواده الكرام الاوفياء. رحمه الله وجعل الفردوس الاعلى مقرّا له ومقاما. وفى داخلية امير الشرق عاش القانونى الضليع محى الدين عووضه الذى اجتذبه مجال القضاء الواقف منذ تخرجه فى كلية القانون بجامعة الخرطوم(متعه الله بالمزيد من الصحة والعافيه) فهوشقيق لاستاذنا العزيز الراحل ورئيس القضاء فى دولة قطرفى لاحق من الزمان المرحوم الفاتح عووضه ولاستاذ الاجيال معلم اللغة الانجليزيه المرحوم صلاح الدين عووضه (جعله الله من اصحاب اليمين) محى الذين كان يفيض ادبا وانسانية وفضلا.يحدث سامعيه فى هدوء ورزانة فى منطق وابانه.. متعه الله بالمزيد من الصحة والعافيه (كانت دفعة فريده بحق وكم تمنى الكثيرون ان لو كانوا من بين ابناء دفعتهم الخامسة من خريجى حنتوب.

وسراعا انقضت ايام عام 1950 وبينماهويلفظ انفاسه وقبل ان يغادر الاستاذ امين زيدان حنتوب الى الوادى الاخضروضع لمساته الاخيره فى عملية اختياررؤساء داخلية دقنه للعام 1951الذين تولو مهام الرئاسة فوراعلان اسمائهم قبيل تعطيل الدراسة فى اواخر شهراكتوبر 1950و كانوا من الطلاب المتميزين تم اختيارهم من بين رفاق دربهم الذين اشارت اليهم الاصابع بحسبانهم المتوقع اختيارهم لرئاسة الداخليه لما كانوا عليه من خلق رفيع وحسن سيرة وادب جم وانضباط ورزانة فى التصرفات وعطاء متميزفى ضروب الرياضة المتعدده..فى مقدمتهم كان الطاهر العبيد.اسم على مسمى (الرئيس ألأول)يشد من ازره ابن ودمدنى البارعباس البوشى (ابن الاسرة العريقة فى ودمدنى)وكان ثالثهما عابدين حسن عابدون من آل عابدون الغرالميامين فى مدينة بربرالذى صار فى لاحق من الزمان من قادة العمل فى مجال الزراعة بعد تخرجه فى جامعة الخرطوم ومن بين من اقاموا فى داخلية دقنه كان رجل الاعمال منذ صباه الباكر بابكرعوض الكريم الخواض الذى لم يلتحق بالعمل فى دواوين الحكومه وهو من اجتذبته الاعمال الحرة والرأسمالية الوطنيه فانضم حال تخرجه فى حنتوب الى منظومة من سبقوه من اهله الكرام الى عالم الاستثمار والتجارة.وعند الحديث عن داخلية دقنه وساكنيها لا بد ان يطل وجه المرحوم مبارك على كرارالذى اشتهربأسم"ابوالزينه" فقد كان كثيرالترداد لأسم "الزينه" وهو يتباهى بابوته لها ولعله كان يؤمل ان تكون له ابنة يطلق عليها ذلك الاسم فى لاحق الايام.. كان المتحدث المنطلق الساخرمن الدنيا وما عليها.. تخرج فى كلية العلوم بجامعة الخرطوم وتبحّرفى مجال الكيمياء الى ان شغل منصب عميد كلية الصيدلة فى ذات الجامعه.وكان المقدام الذى يجاهر بما يرى ويعتقد لا يخشى فى قول الحق لومة لائم رحمة الله عليه فى اعلى عليين بين الشهداء والصديقين. وحفظ الله ابن دفعته جعفر المبارك (ابن ودمدنى البار)الذى سعدنا بلقائه فى المدرسة الوسطى وفى حنتوب وهويقيم فى داخلية دقنه ومتعه بالمزيد من الصحة والعافيه اذ لا يزال عطاؤه يتواصل ويزداد ويزدان به مجتمع مدينة ودمدنى الباسلة حيث يترأس لجنة نادى الخريجين العريق.
وآلت رئاسة داخلية دقنه فى عام 1952 الى اثنين من ابناء وسط الجزيره الفيحاء تخرجا معالاحقا فى كلية الزراعة بجامعة الخرطوم هما المرحوم محمد بخيت سعيد من ابناء منطقة النوبة والمسعوديه(رئيس اول) وابراهيم عبدالله محمد عائد من ابناء الحصاحيصا الغرالميامين (رئيسا ثالثا) وهوالذى كان من اعمدة الفريق الاول لكرة السلة.يتوسطهما محمد عثمان علم الدين الذى اتخذ قومه وآباءه من مدينة "فاشرابو زكريا مقرا ومقاما سنين عددا(رئيسا ثانيا) وهوشقيق لم نكن نعلم ان كان شقيقا اكبر اواصغرلابن دفعته عبدالواحد عثمان علم الدين(رئيس ثان داخلية ابو عنجه) فقد كانا على طول قامة واحدة فى بياض لون البشرة ومن اصحاب الفضل والانسانية وعلو الهمة والخلق الكريم. سعدت كثيرابلقاء الاخ الكريم محمد بخيت فى بدايات الالفية بمدينة الاسكندريه فى ولاية فرجينيا الامريكيه على غيرموعد اوتوقع للقائه فقد كان اللقاءمن المفاجآت السارة والمحزنة فى آن واحد. كانت المفاجأة سارة ان نلتقى من بعد اربعين عاما او تزيد منذ ان باعدت بيننا الايام بعد تخرجنا فى جامعة الخرطوم فى اواخرخمسينات القرن العشرين وساركل واحد منا فى دروب الحياة المتشعبة غير ان كلاناعرف ألآخرمن الوهلة الاولى حال ان التقت نواظرنا رغم ان الزمن اكيد غيرالكثيرمن ملامحنا الآ انها كانت مفاجاة محزنه بحق ان القاه وقد اعتلت صحته وهو الذى عرفناه ممشوق القوام يفيض حيوية وحركة ونشاطا. وتواصلت لقاءاتنا نجتر الكثيرمن ذكريات ذلك الماضى الذى وصفه استاذنا الراحل المرحوم البروفسيرسعد الدين اسماعيل فوزى فى بدايات اربعينات القرن العشرين فى قصيدة وردت بين ما نظمه فى ذلك الزمان فى ديوان شعر سمّاه"من وادى عبقر" يقول في بعض ما جاء فى القصيدة التى صارت نشيدا من اناشيد صبانا الباكر فى المدرسة الاولية والوسطى" ذلك الماضى لنا ومنه تنساب المنى نحو سودان جديد" وكلما كان لنا لقاء نسترجع الوفيرمما اختزنته ذاكرته التى ظلت حية وقادةعن ايام حنتوب وما حفلت وفاضت به من احداث.. لم يبق الاخ محمد بخيت طويلا فى فرجينيا مؤثرا العودة الى اهله (ليدفن بين آبائه وقومه كما كان يردد كل حين) رحمه الله فى اعلى عليين وجعل الفردوس الاعلى مقرا ومقاما له بين اهله ورفاق دربه من الحنتوبيين الذين كان يذكرهم فردا فردا ويكنّ لهم جميعا اقدارا من المودة والوفاءوفيره.

من الذين كانت لهم دقنه مقرا ومقاما كان المرحوم قريب الله محمد حامد الذى عرف بين رفاق دربه فى حنتوب وفى جامعة الخرطوم ب "قريب الله الانصارى" وهومن كان السودان وتقدمه يشكل له هاجسا يشغل فكره فى حله وترحاله.تخرج فى قسم الرياضيات بجامعة الخرطوم بدرجة متميزة الحقته بالعمل فيها قبل التحاقه بمنظمة العمل الدوليه وكان فى فترة شبابه من قيادات اتحاد طلاب جامعة الخرطوم فضلا عن علاقاته الممتده بالمنظمات الطلابية العالميه.رفض الاستوزارعندما جاءه يسعى فى بداية الحقبة المايويه مؤثرا الجانب التنفيذى من العمل الحكومى خارج جامعة الخرطوم.فقد كان يرى ان تقلده منصب وكيل وزارة التخطيط بدلا من وزيرها هو الاقرب الى تفكيره وميوله وقدراته لخدمة وطنه ولكن انقلاب يوليو 1971 الذى لم تكن له به اى صلة اطاح بكل ما كان قد بدأ يخطط له ويسعى لتنفيذه من برامج عمل مرحليه ومشاريع اقتصادية بنّاءه.فغادرالسودان محبطا لتستاثربفكره وتفانيه منظمة العمل الدولية سنين عددا ليستقر به المقام فى الولايات المتحدة الامريكيه الى ان كان كتابه المسطور فى الحادى والعشرين من ينايرعام 2014..رحمة الله عليه فى اعلى عليين فى الفردوس الاعلى.

البروفسير محمد احمد خليفه ابن شرق السودان الباركان لا بد ان يكون بين طلاب داخلية"عثمان دقنه" سواء كان بناءعلى طلب ورغبة منه او"جابوالطريق اليهاعلى غيرموعد" تقلب فى لواحق الزمان فى مختلف الوظائف الاكاديميىة منها والاداريه فى مجالات الزراعة من بعدتخرجه فى كليتها بجامعة الخرطوم وكان آخرالمناصب التى تولاها هو منصب مديرجامعة امدرمان الاهليه فابلى فيها خيرالبلاءووهبها كل طاقاته وجهده وتفكيره وكان له قدح معلى فى تطويرها وتقدمها.وتشاء له الايام ان تجمع الجامعة بينه وبين استاذه المرحوم عبدالرحمن النصرى الذى كان سعيدا ايما سعادة بزمالة احد طلابه البروفسيرخليفه وهويعمل نائبا له فى ذلك الصرح الكبير.. .فيالهم من معلم عظيم وطالب سعيد وجامعة متميزة واسعد .
واختتم ذكرى داخلية عثمان دقنه بان "تصدق ألآمال وتطول ألآجال" ونتقابل! فى مبنى الداخلية الجديد الذى نؤمل ان تتوافرعلى اعادة بنائه فى موقعه القديم سواعد خريجى الصرح الكبيروامكاناتهم اذا صدقت الوعود بعودة حنتوب سيرتها الاولى منارة علم كسابق عهدها ترافقها وتشد من ازرها رفيقتها "خورطقت" وقد استعادت حياتها من جديد كما رشحت الاخبارعن وعود باعادتها نطقت بها الالسن.كل المنى ان يتبع القول العمل وانّا لمنتظرون ومستنظرون

بلاشك بأن هذا السرد المطول القصد منه تعميم الفائدة لتلك الأجيال لم تحظى بشرف التعلم فى تلك المدارس الثانوية التى شكلت خارطة سياسة اليوم فكثير منهم عمل بالقوات الشعب  المسلحة والجامعات السودانية الحديثة ومنهم من تقلد مناصب وزارية وإدارية بالدولة ياليت جيل يحمل بعض من هذه المشاعل لتضىء لنا معالم الطريق المضىء !!!