مكننا أن نحب بعضنا.. ولو كنا مختلفين ..

مكننا أن نحب بعضنا.. ولو كنا مختلفين ..

عقاب يحيى

الا يمكن أن نحب بعضنا.. فنضعف الذات فينا ؟..

ألا يمكن أن نكون متضامنين نساند بعضنا بعضاً، لتشكيل كتلة صلبة قادرة على مواجهة التحديات ؟..

أعرف أن الطلب يبدو ساذجاً أمام تركيبة البشر وتعدد نوازعهم، ووعيهم، ودواخلهم، لكن الثورة الكبيرة منحتنا الكثير . وهبتنا الحياة . الحلم والأمل، عرفتنا على بعضنا. ربطت بيننا بعد انقطاع وخوف واغتراب، وضعتنا في مواقع المسؤولية والظهور والترحال وتحقيق الذات، وحقنت شرايينا باليانع والجديد بعد يباس، وتصلب، وأمراض شتى.. 

ـ كثيرة عطايا الثورة التي لولاها لكنا هباباً، وفقاعات في بحيرات الذات المتكورة، الراكدة.. لذلك تستحق أن نرتقي لبعضها..

ـ نعم نحن نخطئ، وقد نتصرف بطرق مختلفة، وقد يسيء أحدنا للهدف.. وقد يتجاوز، ويراهن.. وقد.. كثيرات.. في خضم مضطرم، ووسط تحديات كبيرة، وضغوط متعددة الخلفيات والعيار..

ـ ونحن مختلفون في الخلفية الفكرية والسياسية . في الوعي ومنسوبه. في النظرة والموقف.. في الرؤية والتقدير.. كل ذلك صحيح وغيره.. لكن، مع ذلك، الحب الذي أعنيه هو الارتقاء فوق الأنا والمصالح الخاصة المتورمة . هو البحث الموضوعي لعوامل ومحركات الآخر، وهو الفهم للدوافع على خلفية وطنية، بتعزيز العام، واتساع الصدر والأفق لغيرنا من رفاق الدرب، والمنخرطين في الثورة..

حين نحب بعضنا ، وتكون قلوبنا على بعضنا... كما كان الناس أيام زمان.. بذلك التراحم والطيب وتبسيط الحياة.. يمكن لنا أن ننقد، ونخطّئ، ونصحح، ونصوّب، ونصل إلى الأفضل..دونما حاجة للبذاءة في التعبير، والتجريح، والاتهامات التي تزرع الحقد، وتقطع الأواصر، وتخلق المحاور والخًندقة ..

ـ نعم للعقل الجماعي وما يصل إليه من بلورات هي الثوابت.. ونعم أيضاَ للذهن المفتوح الذي يتفاعل مع المتغيّرات فلا يتحنّط ويتحجر..ويملك جرأة الإقدام في قرع الراكد، وتحريك السكون القاتل، وفي وعي الذي يحاك.. لكن على قاعدة المشاركة، واحترام دور الآخر. وعبر التفاعل الصادق الذي يوصل إلى أفضل القرارات والخيارات .

*****

زوبعة الشيخ معاذ تلقي أسئلة كبيرة علينا، وتحتاج وقفة مع النفس، ومع هيئاتنا ووسائلنا بحثاً عن الأفضل لشعبنا، وثورتنا. لقد قلت له أنك أخطأت في الشكل والمضمون، وأنه كان يمكن للهيئات المعنية أن تتحاور بكل مسؤولية في المتغيرات والضغوط، وما يمارس على الثورة، وأن تصل إلى أجرأ الاقتراحات والرؤى، بما فيها واجب استخدام التكتيك الذي يناسب الظرف ومناقلات المرحلة.. 

لكن لغة التصنيف واختراع فتح الدفاترن وإضافة صفحات فيها.. والكلام البذيء، والاتهامات بالكبير، والخطير.. لا يليق بالثوار، ولا بمكانة وتاريخ وخلفية الشيخ الذي يحاول الاجتهاد بطريقته..لما يعتقده مصلحة الشعب والثورة والبلد ..

ـ ونقولها صريحة : الإئتلاف بوضعه الحالي مريض حتى البعثرة، ولا وجود لمؤسسة، وضوابط له، ولا حياة جماعية، وتحديد مسؤوليات، وومارسة كل عضو لمهامه، وتفعيل عمل اللجان ، ومشاركة الجميع في تطويره، وفي وضع إمكاناتهم..

ـ الأسباب كثيرة، ولن يكون منصفاً أن نلقي بالعبء كله على الضغط الخارجي، ودجل الوعود، والتملص، ومثلها ما يحاك لبلدنا من مشاريع، وما يقال عن اتفاق روسي أمريكي، وموثقع الصهيونية ودورها.. وكثير مما تعانيه الثورة على الأرض وتنعكس آثارها على الجميع، خاصة الإئتلاف وهو يتنطع ليكون الممثل الشرعي للثورة..

ـ فكثير من المسؤولية تقع علينا نحن : تأسيساً، ومنطلقا.. كي نكون بمستوى المهام والمسؤولية، وكي نعطي الصورة الجيدة للمعارضة، ولتمثيل الثورة..

ـ نعم يجب أن يمأسس الإئتلاف الآن قبل الغد، وأن ينجز مبادرة سياسية خاصة به، ورؤية سياسية واضحة تطرح مشروعه للراهن والمرحلة الانتقالية، وأن يبلور قانون المصالحة والسلم الأهلي، ويعمل حثيثا على الارتباط بالداخل، وتوحيد العمل المسلح، وتشكيل حكومة لا يقف أمر وجودها على موزافقات الخارج، وما يقدمه من دعم، لأن وجودها بات ضرورياً للثورة وللمناطق المحررة، والتأسيس لنواة الدولة المدنية الديمقراطية، وأن تقف التجاوزات، ومحاولات البعض تحويل الإئتلاف إلى مقاولة، أو غنيمة خاصة..

ـ رئيس الإئتلاف الذي اختير بالإجماع، والذي هو مصدر ثقة ومحبة الجميع، رغم هذه الزوبه وتداعياتها..مدعو لأن يقود هذه العملية، انطلاقاً من هيئة الرئاسة، ووقوفاً عند الهيئة السياسية الاستشارية المؤقتة، وصولاً إلى تفعيل اللجان، ومراقبة العمل، وإشراك الجميع بمهام واضحة محددة تحول الإئتلاف إلى قوة فاعلة تتناغم فيها التباينات، والطاقات، وتتلاقح الأفكار لإنتاج الأفضل ..

ـ نعم يمكننا أن نحب بعضنا، وأن نرتقي فوق الظواهر التي نرفضها والتي ثرنا عليها، وما هو واضح في تركيبة الطغمة ونهجها، ويمكننا أن نتكاتف في الخندق الواحد.. كتلة صلبة قفادرة على صيانة القرار الوطني، وسيادة البلاد، ومواجهة الضغوط كلها، واقتحام الانسداد برؤى عملية، وتحقيق أهداف الثورة في اشتلاع نظام الاستبداد، وتكريس النظام الديمقراطي التعددي.. وفتح صفحة جديدة مختلفة في تاريخ بلدنا والمنطقة ..