سلم الجايزة يا صابر !

سلم الجايزة يا صابر !

محمود القاعود

[email protected]

وَقَفَ الخَلقُ يَنظُرونَ جَميعاً

كَيفَ أَبني قَواعِدَ المَجدِ وَحدي

وَبُناةُ الأَهرامِ في سالِفِ الدَهرِ

كَفَوني الكَلامَ عِندَ التَحَدّي

أَنا تاجُ العَلاءِ في مَفرِقِ الشَرقِ

 وَدُرّاتُهُ فَرائِدُ عِقدي

ولو كان شاعر النيل حياً لأكمل وقال : أنا محمد صابر عرب وزير الثقافة .. قدمت استقالتي وحدي ، بعدما منحت نفسي  جائزة الدولة التقديرية  فى العلوم الاجتماعية وزعمت أن سبب الاستقالة الاحتجاج على سحل المواطنين !

هكذا هو المشهد السريالي الذى أخرجه وزير الثقافة اليساري الدكتور محمد صابر عرب يوم الاثنين 4 فبراير 2013م، تقمص الوزير اليساري دور عنترة بن شداد، وأخذ يروج أنه  استقال احتجاجاً على سحل المواطنين ، وكيف أن حسه المرهف لم يحتمل مشاهدة المواطن "حمادة صابر" وهو عاري الجسد ويضرب من قوات الشرطة !

لم يكتف الوزير المستقيل بذلك ، بل أخذ يدعى أن الحكومة رفضت تمويل الوزارة فى حين أنها موّلت وزارة الشباب لأن وزيرها " إخوانيّ" ، وهو ما يؤكد أن الحكومة تساعد وزراء الإخوان فقط ، وتسعى للأخوة والسيطرة على مفاصل الدولة !

تناسي معالى الوزير صاحب المشاعر الرقيقة، أنه لم ينبس ببنت شفة طوال عهد المخلوع حسني مبارك، لم يحتج على ثلاثين سنة من القمع والقتل والاعتقال والسحل والاغتصاب، لم يندد بمقتل الشاب السكندري خالد سعيد، الذى سمته صحف مبارك بـ" شهيد البانجو" ، لم يندد بقتل الشاب المحلاوي الذى أسقط صورة حسني مبارك فى إضراب 6 إبريل 2008، لم يندد بفيديوهات التعذيب التى قامت بها شرطة حبيب العادلى، فوقتها كان الضمير فى إجازة، طالما أن الذين يتم تعذيبهم وقتلهم هم من عامة الشعب أو الإسلاميين، وهؤلاء فى عرف نُخب العار دمائهم رخيصة لا ثمن لها، ولا تستحق الدفاع عنها أو التنديد بسفكها، وهذه هى عادة اليسار والعلمانيين .. تماماً كما مر خبر استشهاد سبعة من جماعة الإخوان عند قصر الاتحادية – وهم يدافعون عن حاضر ومستقبل البلاد بصدورهم العارية  - برصاص العصابات التى تدعي معارضة ما يسمونه " حكم المرشد" ، فى حين قلبوا الدنيا ولم يقعدوها بسبب مقتل شخص يدعى " جيكا" كان يشتبك مع قوات الأمن عند وزارة الداخلية !

إذاً " حدوتة" الضمير التى يستخدمها صابر عرب ، لا تصح على الإطلاق ، بل تصح من أى يساري ، فاليسار هو آخر من يتحدث عن الإنسانية والضمير والتعذيب، وإلا لما تحالفوا مع الديكتاتور حسني مبارك ولما باع رفعت السعيد الفقراء والكادحين و "البروليتاريا" للجنة السياسات..

لماذا يا سيد عرب تستخف بعقول الشعب المصري ، وتدعى بطولة زائفة، وتقدم استقالتك بزعم الحزن على تعرية مواطن، مع العلم أننا ندين هذا العمل حتى ولو كان مع هذا المواطن المرتبك الذى قال عشرات الروايات المتضاربة هو وأولاده، فالكرامة هى أحد أهم الحقوق التى نص عليها الإسلام ، وليس كتابات ماركس أو أنجلز ..

لماذا يا سيد عرب تذرف دموع التماسيح ، بعد أن علمت أن زوالك من منصبك قد اقترب ؟ ألا تعلم أنك قد استقلت من قبل بعد أن منحت نفسك جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية وحصلت على ثلاثمائة ألف جنيها، ثم عدت إلى منصبك ؟ بالله أين ضميرك فى أن تمنح نفسك جائزة من أموال الشعب، وترأس المجلس الأعلى للثقافة الذى يعلن أسماء الفائزين، ثم تستقيل بعد أن تمنح نفسك الجائزة ، والأغرب أن تعود للمنصب مرة أخرى.. فلو كانت المسألة مبدأ لما عدت للوزارة بعد استقالة حكومة الجنزورى، ولما تعاونت مع حكومة هشام قنديل ..

يا سيد عرب .. أعلم أنك حصلت على الجائزة فى فرع العلوم الاجتماعية ، وكنت أتمنى أن تعدد للرأى العام أسماء كتبك " غير المسبوقة " فى مجال العلوم الاجتماعية التى بموجبها حصلت على الجائزة، لكنك واليسار تستخدمون منطق " من حكم فى ماله ما ظلم" ، تعتبرون الوزارة " عزبتكم" الخاصة، فتمنحون الجوائز لمن تشاءون وتمنعونها عمن تشاءون، وما فضيحة حصول سيد القمنى على الجائزة فى نفس تخصص الوزير عنا ببعيد.. ، فشخص مثل القمنى لم يحصل على الدكتوراة و تعج كتاباته الركيكية بالأغاليط والكراهية العمياء للإسلام والمسلمين، ويتطاول فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك ينال جائزة الدولة التقديرية .. ألا تستحون يا عصابات اليسار ؟؟

لو كنت يا سيد صابر عرب تمتلك الشجاعة الحقيقة لسلمت الجائزة التى حصلت عليها للدولة، فما حدث للمواطن حمادة صابر يجعلك ترد الثلاثمائة ألف جنيها ، فكيف تقبل هذه الأموال بعد تعرية هذا المواطن ؟! ألا تشعر بوخز الضمير .. سلم الجايزة يا صابر ، وكمّل جميلك ، فالشعب أولى بهذه الأموال فى ظل هذه الأزمة الخانقة .. الاستقالة وحدها تدل على حركات اليسار " النص كم" .. سلم الجائزة.. لنشعر أنك من الشعب وأن حسك المرهف حقيقة وليس تمثيلا أو لعبا بمشاعر الجماهير التى هي فى أمس الحاجة لأموال الجائزة التى منحتها لنفسك..

بقيت كلمة للقيادة السياسية : إما وزير يحترم الإسلام والمسلمين .. وإما فلتلغوا هذه الوزارة التى صارت عبئاً وعارا على الدولة .