بيان نصرة الغوطة
الحمد لله ناصر المظلومين والصلاة والسلام على من أرسله الله هادياً للعالمين بشيراً ونذيراً وعلى آله وأصحابه ومن تمسك بهديه وانتصر لدينه إلى يوم الدين وبعد : فلا يخفى على الجميع الإجرام المتواصل والإبادة الجماعية التي يمارسها النظام الظالم على شعبنا الصابر ، وهذه المجازر التي يندى لها جبين الإنسانية وتعجز الكلمات عن وصفها وتصويرها لبشاعتها وفظاعتها.
لقد صب النظام جام غضبه على غوطة دمشق وحاضرتها دوما ومن قبل على حمورية ولم تسلم سقبا ولا عربين ولا حرستا ولا قرى المرج، فقصف الأسواق والمدارس والمساجد والمستوصفات وتعمد قصف التجمعات المدنية والبشرية ليوقع أكبر الخسائر في المواطنين الأبرياء العزل، وجمع إلى ذلك كله الحصار المستمر منذ عامين تقريباً فمن لم يمت حرقاً بالحمم والبراميل والصواريخ مات جوعاً أو مرضاً لقلة الغذاء والدواء أو انعدامهما ، يحدث كل هذا على مرأى من العالم كله ومسمع منه، ولا يرى منه المكلومون والمظلومون إلا صمتاً مطبقاً وتجاهلاً مريباً، والمجلس الإسلامي السوري ومن منطلق مسؤوليته تجاه أمته وشعبه يعلن ما يلي :
أولاً : نناشد إخواننا المسلمين في العالم كله وبخاصة قادتهم في دول الجوار بالتدخل السريع لإنقاذ هذا الشعب الجريح من هذا الطغيان المسعور والعربدة التي لا حدود لها ونحملهم المسؤولية أمام الله عن خذلان إخوانهم في الدين وجيرانهم في الوطن، كما نحمّل المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية والإنسانية المسؤولية الأخلاقية للتدخل من أجل وقف هذه المجازر الوحشية والإبادة الجماعية.
ثانياً : ندعو إخواننا المجاهدين في الغوطة إلى جمع الكلمة ورصّ الصفوف والتشاور عند اتخاذ القرارات المصيرية بحيث تراعى فيها المصالح وتدرأ المفاسد وتتلمس فيها حاجات الحاضنة الشعبية في مثل هذه الظروف الخانقة والقاسية، كما ندعو الجميع إلى تحقيق العدل والاحتكام إلى المحاكم والهيئات الشرعية فيما شجر بينهم من قضايا وخلافات فذلك أحرى أن يعجّل الله فرجهم ويهزم عدوهم، فالله يمكّن للعادلين ويهزم الظالمين.
ثالثاً : ندعو شعبنا المنكوب الجريح الذي عانى كثيراً وصبر طويلاً ونشد على يديه ونقول له اصبر فإنما النصر صبر ساعة، ونذكرهم بقول الحق جلّ وعلا: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ ونسوق لهم بشرى المولى لهم بقوله: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ فاللهم صلواتك ورحماتك على هذا الشعب الصابر المحتسب.
يا أهل سوريا الأبرار الأطهار ، لقد سطرتم بدمائكم أروع أمثلة البطولة في التضحية والفداء ورسمتم بثباتكم أبهى صور الرسوخ واليقين والثقة بوعد رب العالمين، إنكم بصبركم وجهادكم تصنعون الغد المشرق لأمتكم وأبنائكم وأحفادكم ، لن يضيع الله صبركم بحوله وقوته ولن يخيب جهدكم وجهادكم، وسيشفي الله صدوركم بقهر عدوكم ومن يقف وراءه من أشرار العالم ومجرمي الحروب، ونستعيد معكم هتافكم الذي صار شعار ثورتكم (ما لنا غيرك يا الله).
وفي الختام نتوجه إليك يا أرحم الراحمين يا قاهر الجبابرة والطغاة والمستكبرين، نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى بأن تجعل لشعبنا المظلوم من كل هم فرجاً ، ومن كل ضيق مخرجاً ، ومن كل عسر يسراً، وأن تعجل نصره وتثبته على ما تحب وترضى من القول والعمل، وأن تجمع شمل مجاهديه على الحق والهدى والتقوى، وأن تعجل بهلاك طاغية العصر وجنوده ومن شايعه ومالأه من علمنا منهم ومن لم نعلم، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المجلس الإسلامي السوري الخميس 23 ربيع الآخر 1436ه الموافق 12 شباط 2015 م