الدّواعش إلى أين؟
جميل السلحوت
تجاوزت داعش الخطوط الحمراء كلّها، وجرائمها تتطوّر باستمرار، حتى بلغت ذروتها باعدام الطّيار الأردني معاذ الكساسبة حرقا حتى الموت، وواضح أنّ داعش وأخواتها وبنات عمّها يقومون بمهمّة مبرمجة ومدروسة جيّدا للاساءة للاسلام والمسلمين، بل ولتجييش العالم لمحاربة الاسلام والمسلمين، ولو جنّدت كلّ القوى والدّول المعادية للاسلام والمسلمين جيوشها ومخابراتها وأموالها ووسائل اعلامها لمحاربة الاسلام والمسلمين، لما استطاعوا عمل ما فعلته داعش وأخواتها، ولن يقتصر دور هذه القوى التكفيريّة الظلامية على ذلك فقط، بل يتعدّاه إلى تدمير دول المنطقة وقتل شعوبها تنفيذا لأجندات أجنبيّة، وهم يقومون الآن بعمليّات القتل والتدمير في سوريا، العراق، ليبيا، الصّومال، مصر، لبنان وغيرها.
فان كان"الدّواعش" يستمدّون فكرهم الضّال والمضلّل من مؤلفات المسلمين القدامى- وهذا ما يفعلونه على أرض الواقع- فتلك الطّامة الكبرى التي يجب معالجتها والتصدّي لها، وهم يخرجون النّصوص الدّينيّة عن مساقها الصّحيح، والأمثلة على ذلك كثيرة، فكيف يسترقّون الناس ويسبون النّساء، وينهبون الأموال، ويدمّرون دور العبادة والمتاحف وتراث الشّعوب؟ في وقت ما عاد فيه رقّ ولا رقيق، واذا كان الشّيء بالشّيء يقاس، فهل يحقّ لمن يسيطر على منطقة ما أن يفعل ذلك دينيّا –حسب فكر "الدّواعش" ولو من باب المعاملة بالمثل؟ وهل هذا ترخيص للدّول الامبرياليّة أن تسبي نساء المسلمين وأن تسترق رجالهم، وأن تهدم دور عباداتهم، وهم قادرون على فعل ذلك؟
وهذا يتطلب من الدّول العربية والاسلامية أن تعيد النظر في مناهجها التعليميّة، كما يتطلب من الأزهر وغيره من العلماء المسلمين أن يعيدوا قراءة التاريخ الاسلامي، وأن يقوموا بتنقيته من فكر التخلف والجهل، ليتناسب والتطوّر العلمي والانساني، وليواكب العصر.
ومن النّواحي السّياسيّة والأيدولوجيّة يجب على الدّول العربيّة وأنظمتها الحاكمة أن تعيد النّظر في تعاملها مع "المتأسلمين الجدد التّكفيريّين" وتنظيماتهم التي ترفع راية الجهاد في غير محلّها ووقتها الصحيحين، ولا يمكن اغفال دور بعض الدّول العربية والاسلاميّة في تمويل وتسليح وتدريب "الدّواعش" ليعيثوا قتلا وتدميرا وتخريبا وارهابا في بعض الدّول مثل سوريا، العراق، الصّومال، ليبيا، مصر، لبنان، اليمن وغيرها. كما تقوم بتسويقها اعلاميّا، والأنظمة الدّاعمة لهكذا جماعات ارهابيّة تقوم بذلك بناء على أوامر من دول امبرياليّة، لتصفية حسابات مع بعض الأنظمة العربيّة، ولتحقيق أجندات أجنبية ليست في صالح أحد. تماما مثلما لا يمكن اغفال دور الولايات المتحدة واسرائيل وحلف "النّاتو" وحلفائهم في دعم الارهاب"المتأسلم" وهؤلاء لم يخفوا دورهم ودعمهم لقوى الارهاب "المتأسلم" في سوريّا والعراق وليبيا ومصر ولبنان وغيرها.
ولمن يتعاطفون مع "الدّواعش" من منطلقات يظنّونها اسلامية، عليهم اعادة النّظر أيضا بثقافتهم ووعيهم الدّينيّ المغلوط.
إن ظاهرة الدّواعش" ظاهرة عابرة في تاريخنا المعاصر، لكن يبدو أنّها لن تنتهي إلا بعد أن تعيد العالمين العربي والاسلامي قرونا إلى الوراء. وهذا ما يريده من يقفون خلف الدّواعش.
إنّ أمريكا وحليفتها اسرائيل مسؤولتان عن نماء وقوّة "الدّواعش" من خلال رفضهم لأيّ حلّ عادل للقضيّة الفلسطينيّة، وبالتالي فإن دول العالم وشعوبها مطالبة بالضغط على هاتين الدّولتين اللتين تدوسان القانون الدّولي وحقوق الانسان، لتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، لقطع الطّريق على من يتمسّحون بهذه القضية العادلة، وإن كانت أعمالهم على أرض الواقع تدعم الاحتلال بشكل وآخر.