بنو العروبة أموات غير أحياء
وهم لايشعرون أو لايريدون الاستشعار
مؤمن محمد نديم كويفاتيه
في هذه الأيام نسمع عن ميزانيات لدول عربية وإسلامية رصدت مئات المليارات للإنفاق في بلادها ، بينما كان دخلها واحتياطاتها في بنوكها أضعاف ماتمّ رصده ، نتكلم هنا بالتلريونات ، ومعظم ماتمّ رصده كثير منه يدخل في حدود الإسراف والمباهاة والكماليات دون وجود دعم استراتيجيات النهوض على المستوى المحلّي والعربي ، فلم نرى منها مثلاً معامل انتاج السلاح والمعدات المتطورة والتكنولوجيا أو الطائرات إلا في تركيا التي نحت بهذا الاتجاه ، أو مشاريع دعم المشروع المقاوم للتمدد الايراني في المنطقة سوى التماهي في عمل ناطحات السحاب ، أو محاكاة الغرب في قشورهم ، على عكس إيران التي حوصرت وضُيّق عليها لتقديم تنازلات عن مشروعها النووي فلم تفعل قيد أُنملة ، بقصد أن تبقى على ندّية مع الأمريكي الذي قسّم معها الكعكة في المنطقة ، بينما هي طموحها أبعد من ذلك ، لإعادة امبراطوريتها الغابرة ، وهي تتقدّم في عدة بلدان عربية ، وصلت بها الجرأة أن يقول نائب طهران ومسئولين كبار فيها بأن الدولة التالية السعودية ، وبالتالي هي لن تتخلّى عن مشروعها النووي مهما كلفها من ثمن ، وهي اشترت الدولتين العظمتين روسيا والصين بعدما أعطتهم التطمينات أن يكون سلاحها النووي لصالحهم ، وهي تسعى لتطمين أمريكا والغرب على نفس النحو أي تعمل لصالح الكل وحيادية معهم مقابل تمكينها في المنطقة ، وأنّ مسعاها للحصول على هذا السلاح سيعزز مصالح الغرب في المنطقة ، بل وسيجعلها شرطياً ناجحاً في ادارة المنطقة بالنيابة عنهم ، ولاخماد أي حريق يظهر ، عدا عن سيطرتها على آبار النفط في الجزيرة العربية الذي سيعزز مكانتها ولاسيما شرق السعودية ، معتمدين في ذلك على سلاحهم النووي الدائبي السعي للحصول عليه ، بما انفقوه من المليارات ، بغية الحفاظ على مكتسباتهم والتقدم نحو مشروعهم الإمبراطوري ، الذي لايضر الغرب ولا أمريكا مادام قائم على تفاهمات ، كما أن الصين أو روسيا النوويتين لن يضرا الغرب وأمريكا بقوتهم وما يمتلكان من ترسانة الأسلحة الضخمة التقليدية وغير التقليدية ، بل بالعكس قد أمنا تلك الأراضي الشاسعة والواسعة التي تقع تحت أيديهما من اي اختلالات وطموحات هتلرية جديدة للتقدم نحو اراضيهم ومصالحم ، وهم يستطيعوا عقابهما في أي لحظة اقتصادياً ، كما فككوا الاتحاد السوفيتي سابقاً ، قادرين أن يفتتوا روسيا وحصارها كما يفعلوا اليوم ، كي لاتفكر بالتمرد عليهم ، ومثلها الصين مثلما يقولون بضغطة زر ، قادرين على إركاعها ، وكذلك ايران التي سيكون لها دور أكبر ، في ابقاء الصراع دائم في المنطقة بسبب الشحن الطائفي ، وفي نفس الوقت عندها القدرة على حماية المصالح الأجنبية جميعاً
والأغرب من ذلك اصطناع صراعات بينية والمكابرة بالمضي بالخطأ وتفتيت الجسد الواحد لصالح الاستبداد كما حصل في مصر عبر ضرب العمود الفقري ، وضخ المليارات لا لإيجاد تفاهمات بين شرائح كل المجتمع تكون مقبولة لإعادة دور مصر الى جادة الصواب لتكون رديفاً ، بل الى قصمها وإضعافها التي بلغت ديونها قرابة 250 مليار دولار ، ويذهب لوفاء فوائد الديون 40% من الناتج القومي ، ويوميا مصر في تراجع ، وعندما تأتيها الضربة القاصمة ، سرعان ماتتنصل هذه الدول منها لأن حملها ثقيل ، بينما الانقلابيون على مر التاريخ في عرف شعوبهم ليسوا أكثر من خونة ، وهذا لايُعطي الطمأنينة لدولة قطر من سلوك تلك الدول الداعمة للاستئصال فيما لو تمكنت منهم لاسمح الله ، او دعم قوى مناهضة للأسرة الحاكمة ، لتصنّف أسرة الأمير القطري آل حمد ومن معهم كإرهابيين ، لعدم وجود معايير صحيحة لهذه التصنيفات سوى الانتقام الذي لايؤمن جانبهم ، كما أرادت دويلة المؤامرات أن تفتح جبهة مع تركيا ، التي ردّت عليهم بفضائح جنسية ، وصفقات مشبوهة قادرين على نشرها إن لم تكف هذه التافهة من اللعب مع الكبار ، والتي أرسلت طائراتها لتقصف الشعب الليبي باعتراف أمريكي وجزرها محتلّة وأراضيها مُستباحة لكل من هبّ ودب ، وهي من أشعلت الفتنة في ليبيا والقتل المجاني اليومي ، وهي من شجّعت على التصنيفات الارهابية بحق ثوارنا في سورية عام طام ، وكذلك الكثير من الحركات الاسلامية المعتدلة ، فماذا بقي لهم من التخريب والتدمير ولم يفعلوه ، وبدلاً من بناء استراتيجيات في المنطقة على مستوى الحدث لإعادة التوازنات مع الجار الايراني الطامح ، راحوا يفتعلون خصومات مع تركية ، فتارة يتهموها بالعثمنة ، وتارة بدعم الإرهاب ، وكأن تركيا يحكمها الحاكم المطلق وليس المؤسسات التي تُشرف على كل صغيرة وكبيرة ، وكأن لسان حالهم يقول لكي نتعاون مع تركيا ، على أردوغان أن يكون مثل السيسي ، ونسوا أو تناسوا أنهم من بحاجة إليه ، وهو لن يكون إلا كداعم متطوع ، خاصة وأن البلل وصل الى تحت عروشهم ، ويكفي للتدليل على ما أقول ماصدر من تصريحات لكبار ساستهم وملاليهم : ان السعودية ستكون العاصمة الخامسة التي ستكون مفاتيحها في طهران ، وتدخلهم السافر في البحرين متوعدين بالتصعيد إن استمر اعتقال علي سليمان الذي سيؤدي كما قالوا الى تهديد أم المنطقة ، بينما مقتل 21 إمام وخطيب في البصرى على يد دواعش الشيعة لم يهتز لأحد جفن ، وعلى هذه المقارنات تقع تحمّل المسؤوليات ، ولكن كما قال صاحبنا " أموات غير أحياء وهم لايشعرون " مع أننا نأمل صحوتهم ، ولكن مانخشاه هو أن يكون ذلك إلا بعد فوات الآوان.