بيان بخصوص الدعوة لسحب سلاح المدنيين في مدينة حلب
بيان بخصوص الدعوة
لسحب سلاح المدنيين في مدينة حلب
بسم الله الرحمن الرحيم
سمعنا جميعًا كيف طلع علينا من يسمّون أنفسهم (القيادة الموحدة لمدينة حلب) ببيان يمنعون فيه المدنيين من حمل السلاح في مدينة حلب ويطالبون الأهالي بتسليم سلاحهم خلال مدّة محدّدةٍ بخمسة عشر يومًا، وقد وجب علينا كشرعيّين أن نبيّن موقفنا من هذا الأمر.
وعليه فنحن في تجمّع دعاة الشام ندعو جميع المواطنين لرفض هذا القرار جُملة وتفصيلًا حالًا ومستقبلًا للأسباب التالية:
1- لا يجوز شرعًا تعميم الأمر بسحب السلاح الفردي من المسلمين دون تقييد أو ضوابط لقوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) [الأنفال:60]
فسلاحنا ضمانٌ لنا لمنع الطغيان علينا ممّن نعلم وممّن لا نعلم، في أيّامنا هذه وفي قابل الأيّام
-ويستثنى من هذا ما يُعدُّ عرفًا ممّا تتملكه الدولة فقط حال قيامها- ومن قال بخلاف هذا فليأت بالدليل.
2- هل الذين يطلبون أن يُسلِّم النّاس أسلحتهم استطاعوا فرض الأمن والأمان وأمّنوا الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم؟
3- ألا يعلم القاصي والداني أنّ معظم التجاوزات والجرائم الخطيرة في مدينة حلب المحرّرة تحصل ممن يتسمَّون بأسماء بعض الكتائب والفصائل ويوصفون بأنّهم عسكريون وبالتالي لا تشملهم الدعوة لتسليم السلاح؟
4- ما هو الضابط عند مُصدري البيان للتمييز بين المدني والعسكري في ثورة شعبية يشارك فيها النّاس من مختلف شرائح المجتمع؟
5- إصدار هكذا قرار بهذه الطريقة وفي هذا الوقت -على فرض حُسن نيّة من أصدره- يفتح بابًا ويضع ذريعةً للتسلُّط ولسلب أسلحة النّاس وسرقتها من قبل مختلف كتائب اللصوصية التي تُلحق نفسها زورًا وبهتانًا بالجيش الحر وبالمجاهدين؟
6- لابدّ أن يعلم الجميع بأنّ سياسة العقاب الجماعي هي سياسة الفجَرَة الظلمة؟ وأنّ الظلم واحدٌ مهما اختلفت مسمَّيات الظالمين؟ وأنّ قتالنا للظلمة ودفعنا للصائلين لا يتغيّر حكمُهُ بتغيُّر مُسمَّياتهم؟
ومن المعلوم أنّ هذا القرار قد صدر على خلفية الاقتتال الذي حصل في منطقتي بستان القصر والكلاسة بين طرفين يصفان نفسيهما بالعسكرة فما دخل المدنيين في ذلك؟
نقول لتلك الفصائل التي لا تستطيع أن تحاسب كبار المجرمين ولا ترضى أن يأتي غيرها ليريح النّاس منهم، ثمّ تتسلّطُ على الضعفاء الفقراء، نقول لهم ما قاله سيد المرسلين –صلى الله عليه وسلّم-: (( إنَّمَا أهْلَك مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ )).
7- إنّ امتلاك السلاح من قبل مختلف أفراد المجتمع هو أحد الضمانات الأساسية لتحقيق التوازن والاستقرار في المجتمع لكيلا يُنزَع سلاح الأخيار الطيبين ويبقى السلاح بأيدي الفجار الأشرار الذين لا يأبهون بمخالفة القوانين (كما كان في العهد البائد زَمن حكم البعث وكما يحصل في بعض المناطق الآن).
8- لابدّ من أن يوقن الجميع بأنّ هذا السلاح الذي في أيدي النّاس قد دُفعت الدماء ثمنًا له قبل الأموال، وعليه فإنّ إراقة الدماء ستكون دون تسليمه.
وبناءً على ما سبق فقد وجب علينا جميعًا كمسلمين ألَّا نرضى بعد انتصار ثورتنا إلّا بنصٍّ دستوري يؤكِّد حقَّ كل مواطن بامتلاك السلاح دون عوائق ولا عراقيل، ونقول لمن يُمهِّد للمتسلّقين من وراء الحدود -ممن جعلوا دول الغرب قدوتهم وإمامهم- :ها هي قِبلتكم أمريكا وغيرها من الدول الأوربيّة قد نص دستورها على حقّ مواطنيها باقتناء السلاح وأنّه حقٌّ أصلي لا يجوز تجاوزه أو إلغاؤه لتحقيق التوازن في المجتمع ولمنع تسلّط المفسدين.
كما نوصي جميع الدعاة والهيئات والجهات الشرعية بتذكير النّاس دائما بالآداب والأحكام الشرعية المتعلقة بحمل السلاح، ونؤكّد عدم وجود إشكال شرعي في وضع ضوابط لحمل السلاح
(كأن لا يحمله صغار السنِّ وألّا تُحمل المتفجرات وغيرها من قبل عوام النّاس وفي أماكن التجمّعات وما إلى ذلك ممّا يعرفه أصحاب الاختصاص)
ونذكّر من أراد أن يتصدّر لقيادة النّاس أن يُقدّم أمر الله فيستشير العلماء قبل اتخاذ القرارات الإشكاليّة، تلك التي يجب أن تصدُرَ عن ذوي الاختصاص وأن تُبيَّن بشكلٍ واضحٍ ودقيق.
والله من وراء القصد. والله أكبر والعزّة لله.
حُرِّر في شام رسول الله صلى الله عليه وسلم
18/ محرّم/1436هـ
11/تشرين الثاني/2014م