إسرائيل والحلف الممانع
تعميم في الإعلام ..
وتخصيص في الإعدام !
ماجد زاهد الشيباني
· الحلف الممانع ، المتصدّي للمشروعات الصهيونية الأمريكية في المنطقة .. له شأن عجيب ، في السياسة الأمريكية الصهيونية .. هو أقرب إلى الفنّ السوريالي ، منه إلى السياسة الجادّة ، الواضحة ، القابلة للفهم ، والتفسير المنطقي المعقول ! ومعلوم أن العناصر الأساسية لهذا الحلف ، تتكوّن ، حالياً ، من أربعة عناصر هي : الحكم الإيراني ، والحكم السوري ، وحزب الله اللبناني ، وحماس الفلسطينية .. إضافة إلى عناصر أخرى ، تابعة ، أو موالية ، أو رديفة .. مثل : حركة أمل اللبنانية ، وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية ، وبعض التتمّات الديكورية ، الدائرة في فلك هذا الحلف، على مستوى الأفراد ، أو المجموعات ، في لبنان خاصّة ! ونعزف عن ذكر الأفراد ، الذين لايمثّل أحدهم إلاّ مصلحته الخاصّة ، التي يحشد لها إمكاناته الخاصّة ، من فصاحة وفهلوة ، ومواهب أخرى يحتاجها هذا النوع من الساسة ! ونكتفي ، هنا ، بالحديث عن العناصر الأساسية ، الأربعة المذكورة أعلاه !
(1) إيران : الإمبراطورية الناشئة ، الساعية إلى التمدّد والهيمنة ، ومنافسة إسرائيل ، في السيادة على المنطقة العربية ! وهذه تلعب معها إسرائيل لعبة القطّ والفأر، أو لعبة العسكر والحرامية ! والطريف أن كلاّ من الخصمين ، يرى نفسه هو القطّ ، وهو العسكري .. ويرى الآخر هو الفأر ، والحرامي ! وفي كل الأحوال ، هي لعبة بين دولتين قويتين ، لكل منهما مصالحها ، التي تعرفها جيداً ، وتعرف عناصر نجاحها ، وتعرف مجالها الحيوي ، الذي تسعى إلى التمدّد فيه ، وإلى مناجزة الآخرين دونه ! وتنسّقان فيما بينهما ، وتتعاونان .. في أعمق درجة من درجات المكر والباطنية ! وقد ظهر بعض أنواع هذا التعاون، في حرب العراق وإيران ، في صفقة الأسلحة الإسرائيلية ،لإيران فيماعرف بفضيحة( إيران غيت!)، برغم أن إيران ، في التصنيف الأمريكي الإسرائيلي ، إحدى دول محور الشرّ ! وأن إسرائيل دولة حليفة للشيطان الأكير، أمريكا.. وتنوي إيران إلقاءها في البحر!
(2) الحكم السوري ، حكم أسرة أسد : هو الركيزة الأساسية الأولى ، في المشروع الإمبراطوري الإيراني ( وهو ، لدى التمحيص ، فارسي بحت ! لأن إيران دولة واسعة ، تضمّ تجمّعات بشرية كثيرة : عربية ، وتركية ، وكردية ، وغيرها .. وكلها معارِضة للعسف الفارسي ! والاضطهاد البشع ، المنصبّ على رؤوسها ، من حكّام إيران الفرس ، الذين يمارسون عنصرية غريبة ، ضدّ مواطنيهم من الملل الأخرى ، تصل إلى حدّ الشذوذ .. هذا الاضطهاد يشبه ، إلى حدّ كبير، ماتمارسه الأسرة الأسدية ، الحاكمة في دمشق .. ضدّ فئات المجتمع السوري الأخرى ) !
بشار الأسد ، زعيم الأسرة الأسدية الحاكمة ، هو ، في السياسة الإسرائيلية ، بمثابة الطفل المدلّل ، الذي تحرص عليه إسرائيل ، بسائر مؤسّساتها ، العسكرية والسياسية والأمنية .. وتعدّه ركيزة أساسية في أمنها القومي ! ويصرّح بذلك قادتها ، على اختلاف مستوياتهم ، ويعارضون ، من هذا المنطلق ، وبكل قوّة ، توجّهات الساسة الأمريكان ، الذين يفكّرون ، أحيانا ، بإسقاط النظام الأسدي ، الشاذّ الهشّ الغريب ! وساسة إسرائيل محقّون في ذلك ، تماماً ! فمن ذا الذي يحصل على جار هيّن ليّن مطواع ، يسخّر جيش بلاده ، لحراسة الإقليم الذي سلّمه أبوه لجيرانه الصهاينة ، بلا حرب .. كما أن أرض بلاده ، كلها ، مجال مفتوح للطيران الإسرائيلي ، يحوّم فوقها كما يشاء ، متى يشاء ، ويضرب مايشاء ، كيفما يشاء ، ومتى يشاء .. بما في ذلك التحليق فوق القصر الجمهوري نفسه ، الذي هو متنزّه ممتع لطيران الصهاينة ! وبما في ذلك ، أحصَن نقطة، وأبعد نقطة .. في مناطق تمركز الجيش السوري ! وفوق ذلك ، يغازل قادة إسرايئل ، بشارَ الأسد حيناً ، ويضغطون عليه أحياناً ، ويهدّدونه أحياناً ، ويطمئنونه على مصيره في الكرسي أحياناً ! وباختصار: هم يلعبون معه لعبة القطّ والفأر تماماً ، دون أن يحلم ، هو ، يوماً ما ، أن يمثّل دور القطّ ، كحليفه الإيراني القويّ !
(3) حزب الله اللبناني : ذراع إيران ، ومخفرها المتقدّم ، في لبنان .. يظهر للناس أنه العدوّ الأقوى ، والأشرس .. في مواجهة إسرائيل ! لكن المعارك التي استمرّت أكثر من شهر، في صيف عام/ 2006/ أثبتت أن الحرب التي خاضتها إسرائيل ، إنّما خاضتها ضدّ لبنان كله ! وأن الدمار الذي ألحقته طائرات إسرائيل ، إنّما ألحقته بمؤسّسات لبنان كلها ، ومنشآته كلها ، وبناه التحتية كلها ! ولم يلحق بحزب الله ، ومؤسّساته ومنشآته .. إلاّ جزء ممّا لحق بلبنان كله ! وقد تحمّل لبنان كله ، دولة وحكومة وشعباً وجيشاً .. العدوان الإسرائيلي ، دون أن يكون له يد ، في الحرب التي أشعلها حزب الله ، نيابة عن إيران !
(4) حماس .. البعير المعبَّد : ينطبق عليها ، بكل بساطة ، قول طرفة بن العبد عن نفسه :
إلى أن تََحامتني العشيرة كلّها وأفرِدتُ إفرادَ البعير المعبّدِ
ـ إسرائيل تمارس السحق اليومي ، ضدّ حماس ، على كل مستوى .. وضدّ غزّة كلها ، بكل من فيها ، وما فيها .. من بشر وشجر وحجر ! وأمريكا مِن وراء إسرائيل ، تمدّها في العدوان على غزّة وحماس ، وتضغط على حكّام الدول العربية الشقيقة ! كي يمارسوا سياسة العزل ، ضدّ حماس وغزّة .. وهم يعرفون ، أكثر من غيرهم ، معنى البعير المعبّد ؛ أيْ : الجمل الأجرب ، المدهون بالقطران ! لكن لاندري ، ما إذا كانوا يعرفون ، أنهم يتحمّلون مسؤوليّات ، من نوع ما ، أمام الله وأمام الناس ، عن كل طفل من أطفال غزّة ، يموت بسبب الحصار، الذي يشاركون فيه ! بصرف النظر عن أسباب كل منهم ، في هذه المشاركة !
والكلام ، الآن ، هنا ، موجّه ، لا إلى الصهاينة ، الذين يعرفون مايريدون ، من التفرقة بين الحلفاء : حماس وبشار وإيران .. بل إلى حماس ، بالدرجة الأولى ، لتعرف حقيقة حليفها الإيراني ، أولاً ، وحقيقة حليفها السوري ، ثانياً .. وقيمته في ميزان الأمن الاسرائيلي ! وموجّه إلى أنصار حماس ومؤيّديها ، في العالم العربي، وفي العالم الإسلامي كله ، لإعادة قراءة حقيقة النظام السوري ـ في أقلّ تقدير ـ ، منذ تأسيسه .. ومعرفة كل ما فعله ، وما يفعله ، صباح مساء .. في بلاده ، وفي المنطقة ، وضدّ الشعب الفلسطيني ، في سورية ولبنان .. وتجاه الدولة الصهيونية ، بشكل خاصّ !
ولله درّ القائل :
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره إذا استوتْ عنده الأنوار والظلَم