النظام السوري يتهاوى
(2 من2)
د.محمد بسام يوسف*
عوامل قوّة النظام وضعفه
أ- أبرز عناصر القوّة داخلياً:
1- الذراع الميليشياوية العسكرية، المتمثّلة في الحرس الجمهوريّ بقيادة ماهر أسد، ويبلغ عدد أفرادها حوالي ثلاثين ألفاً.. وفي سرايا الصراع بقيادة عدنان أسد، ومعظم قوّة الوحدات الخاصة. مع بعض القيادات الطائفية المؤيّدة في الجيش السوريّ.
2- الذراع الأمنية، المتمثّلة في أجهزة المخابرات، وأكثرها أهميةً هي المخابرات العسكرية (15 فرعاً) بقيادة آصف شوكت، ومخابرات أمن الدولة (11 فرعاً) بقيادة اللواء علي مملوك، ومخابرات الأمن السياسيّ (خمسة فروع) بقيادة عدنان بدر حسن، ومخابرات القوى الجوية (فرعان)، ومخابرات القصر الجمهوريّ (ثلاثة فروع).
3- الذراع السياسية، المتمثّلة في حزب البعث ومنظماته المختلفة، التي يستخدمها النظام واجهةً سياسية.
4- الذراع الإعلامية، المتمثّلة في كل أجهزة الإعلام الخاصة بالنظام، التي تسوّقه وتُدير حربَه الإعلامية النفسية داخلياً.
5- الذراع الاقتصادية والمالية، المتمثّلة في آل أسد وآل مخلوف وآل شاليش، وغيرهم من الذين يسيطرون على المؤسّسات الاقتصادية الكبرى وينهبون المال والثروة، بما فيها عائدات النفط.
6- اللعب بالورقة الفلسطينية وتوظيفها، ضمن الحدود التي تخدم مصلحة النظام واستمراره.
7- ممارسة اللعبة الماكرة الكاذبة، القائمة على تخويف الطائفة العلوية من أنّ سقوط النظام سيعني إبادتها، وعلى تخويف الشعب السوريّ من أنّ سقوطه (أي النظام) سيعني الفوضى أو الحرب الأهلية.
ب- أبرز عناصر القوّة خارجياً:
1- إيران، الداعم الرئيسيّ الأول للنظام، بمشاريعها الاقتصادية والمالية في سورية، وبحرسها الثوريّ، وبقواها الأمنية، وبالأحزاب الموالية لها كحزب الله اللبنانيّ، وبالتمدّد الشيعيّ والديموغرافيّ الفارسيّ الإيرانيّ داخل سورية.
2- بعض القوى اللبنانية وغيرها، الموالية للنظام، التي ما يزال هذا النظام يُمسِك ببعض أوراقها السياسية والأمنية، وذلك بتسخير أعمال هذه القوى على الساحة اللبنانية لصالحه، كما فعل بتآمره في قضية تنظيم (فتح الإسلام).
3- التدخّل في الساحة العراقية، والعبث فيها، واستخدامها في لعب أوراق درء الخطر عن نفسه، كما يفعل من خلال بناء علاقاتٍ خاصةٍ مع تنظيم القاعدة، ومع مجموعاتٍ سنيةٍ وشيعية.. وكما فعل عن طريق (محمود قول آغاسي) الشهير بلقب (أبو القعقاع).
4- الكيان الصهيونيّ، الذي يمارس دعماً غير مباشرٍ للنظام، لأنه يمثّل بالنسبة له خياراً حقيقيّاً ينال الرضى والقبول، ويعرقل أي إجراءٍ أميركيٍ أو دوليٍ ضده، وذلك تخوّفاً من أي بديلٍ وطنيٍ قد يُعيد خلط أوراق الصراع مع هذا الكيان.
5- الانفتاح على تركية، واستثمار ذلك، لاسيما اقتصادياً.
ج- أبرز عناصر الضعف داخلياً:
1- فقدان صانع السياسة الداخلية كما شرحنا آنفاً، وبالتالي ضعف رئيس النظام وتخبّطه، وفقدانه القدرة على الإمساك بخيوط القوّة، وعدم تمكّنه من السيطرة على مراكز الثقل ورجالها، الذين يمسك كل منهم بجانبٍ من السلطة، دون الجوانب الأخرى التي كانت تجتمع كلها عند شخص الأب حافظ، وتتفق بين يديه، وتقتنع بزعامته، وتطمئنّ لقيادته.
2- ترصّد خصوم النظام المنافسين المنتمين إلى الطائفة العلوية، من مثل: رفعت أسد وقوى سرايا الدفاع الموالية له، والمتوزّعة في قطعات الجيش السوريّ بعد حلّها من قِبَل حافظ أسد.
3- الخلافات التي تعصف بأركان الأسرة الحاكمة، فضلاً عن الخلافات المصلحية وصراعات النفوذ الاقتصاديّ والماليّ الصامت بين الأسرة الحاكمة وأولاد العم جميل أسد.
4- النقمة الشعبية، والترصّد الشعبي ضد النظام، الناجم عن ممارساته السيئة، الأمنية والقمعية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك في صفوف الشعب السوريّ بشكلٍ عام.
د- أبرز عناصر الضعف خارجياً:
1- فقدان صانع السياسة الخارجية كما شرحنا آنفاً، الذي أدى إلى التخبّط السياسيّ للنظام، وأفقده علاقاته المميّزة مع أشقائه العرب، التي حوّلها إلى حالاتٍ من الاحتقان والتوتّر، لاسيما مع السعودية ومصر.
2- ممارسات النظام الخارجية الإرهابية، التي أثارت عليه المحكمة الدولية والقوى العالمية التي تدعمها.
3- التحدّي السافر للمجتمَعَيْن العربيّ والدوليّ وللأمن العربيّ والإقليميّ، الذي يقوم به النظام بتحالفه الاستراتيجيّ مع إيران ذات المشروع القوميّ الفارسيّ المذهبيّ.
هـ- عناصر قوّةٍ وضعفٍ في آنٍ واحد:
وهي العناصر التي تبدو للنظام عناصر قوّةٍ له على المدى القريب، لكنها حتماً ستتحوّل إلى عناصر ضعفٍ على المدى المتوسط والبعيد، من مثل:
1- الاستقواء بإيران وحرسها الثوريّ ومشروعها الفارسيّ الشيعيّ، فهذا السلوك بدأ يصنع حالة احتقانٍ شعبيٍ ودينيٍ قابلٍ للانفجار ضد النظام داخل سورية وخارجها.
2- العبث بالساحة العراقية، الذي بدأ يؤلِّب أميركة والغرب ضد النظام.
3- العبث بالساحة اللبنانية، ومحاولات اللعب ببعض الأوراق الأمنية فيها لصالح النظام، الأمر الذي أثار حفيظة اللبنانيين والعرب والغرب على السواء، ما جعل الساحة اللبنانية تتحوّل إلى ساحةٍ متفجِّرةٍ يمكن أن تُعَجّل في إسقاط هذا النظام.
* * *
الشعب السوريّ : الموالون والناقمون
ليس هناك ولاء مطلق للنظام، سوى ما ذكرناه من ذراعٍ ميليشياويةٍ عسكرية، وذراعٍ أمنية، وذراعٍ اقتصاديةٍ وماليةٍ تتمثّل ببعض الإمبراطورية الاقتصادية التي بناها آل أسد وآل مخلوف.. سوى ذلك مما هو موجود على الأرض بمختلف أشكاله.. إنما يمثّل فئاتٍ انتهازيةً أو مصلحيةً مؤقّتة، تقف إلى جانب النظام ما دام قوياً مستقراً، لكنها ستقف إلى الحياد أو ضدّه حين يتعرّض للاهتزاز وعوامل الانهيار.. هذه حقيقة ينبغي أن تُستَوعَبَ جيداً في حسابات الولاء والنقمة.. ولتسهيل ذلك، وبناءً على هذا المعيار، يمكننا أن نقسمَ الشعب السوريّ إلى ثلاث شرائح:
أ- الشريحة الموالية للنظام بشكلٍ مطلق، التي تعتبر مصيرَها من مصيره، تدافع عنه وعن وجوده حتى النهاية.. هذه الشريحة مكوّنة مما يلي:
1- ما ذكرناه أعلاه من أذرعٍ ثلاث، هي: الحرس الجمهوريّ، والمخابرات العسكرية، ونهّابو الثروة والمال والاقتصاد من آل أسد وآل مخلوف ومن لفّ لفّهم.
2- الطائفيون الموالون ولاءً مطلقاً، الذين يعتبرون مصيرَ النظام مصيرَهم.
ب- الشريحة الانتهازية، التي يدفعها حالياً للوقوف إلى جانب النظام: الخوفُ والتردّد، أو المصلحةُ الذاتية الآنيّة على اختلاف أنواعها، أو المسايرة!.. وهي الشريحة التي ستتخلى عن النظام في أول خطوةٍ يتعرّض فيها للاهتزاز، بل ستعجّل في انهياره.. وتتكوّن مما يلي:
1- معظم عناصر الأمن وأجهزة المخابرات من خارج سلك القيادات، ومعظم أفراد الجيش السوريّ وطبقة الضباط الوسطى وضباط الصف، ونسبة لا بأس بها من الوحدات الخاصة.
2- العناصر الموالية لخصوم النظام من المحسوبين عليه طائفياً: (أنصار رفعت أسد وصلاح جديد ومحمد عمران، ..).
3- طبقة الضباط الصامتين الذين أُنْهِيَت خدماتهم: (دوبا وحيدر والصالح وفياض وخليل،..).
4- معظم أفراد حزب البعث ومنظماته الشبيبية والطلابية والعمالية والفلاحية والرياضية والنسوية،..
5- النقابات المهنية.
6- بعض العشائر السورية المسايرة للنظام حالياً.
7- التجار وأصحاب القطاع التجاريّ والصناعيّ والحرفّي.
8- إدارات الدولة ووزاراتها ومؤسّساتها المختلفة.
9- معظم أحزاب الجبهة الوطنية التقدّمية.. وربما كلها.
10- بعض الأحزاب الكردية المسايرة للنظام (الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي – عبد الحميد حاج درويش)، و(الحزب الاشتراكي الكردي – صالح كدو).
12- قطاع التربية والتعليم والتعليم الجامعيّ.
ج- الشريحة المعارِضة، وهي التي تتناقض مع النظام، وتصارعه حالياً، وتسعى لتغييره، وتتكوّن مما يلي:
1- أبناء الشعب السوريّ الناقمون على النظام بسبب طائفيّته وسلوكه القمعيّ بحقّهم، من مثل: أسر ضحايا المجازر العديدة التي ارتكبها، وأسر المفقودين في السجون المختلفة، وأسر المنفيّين أو المهجّرين قسرياً.. وهم يتوزّعون في كل المحافظات السورية بلا استثناء.
2- طبقة الضباط المسرَّحين تعسفياً من الجيش السوريّ.
3- الأكراد الناقمون على النظام بسبب ممارساته العنصرية ضدهم، لاسيما المحرومون من الجنسية، الموجودون بشكلٍ رئيسيٍ (على شكل تجمّعاتٍ) في الجزيرة السورية وبعض مناطق الحدود الشمالية مع تركية، وفي عفرين،..
4- منظّمات المجتمع المدنيّ وحقوق الإنسان المختلفة، والمثقّفون المستقلّون على اختلاف توجّهاتهم الإسلامية والعلمانية واليسارية، وعلى اختلاف انتماءاتهم الطائفية.
5- أحزاب المعارضة السورية على اختلاف أنواعها، الإسلامية والوطنية، وما تمثله من ثقلٍ أو تمثيلٍ شعبيٍ على الأرض.
* * *
إنّ إسقاط النظام الاستبداديّ الأسديّ، وإزاحة كابوسه الثقيل عن كاهل سورية وشعبها.. يستوجب فهم الحقائق التي ذكرناها كلها بلا استثناء، وتوظيف ذلك كله بصورةٍ إيجابية، في ساحات الصراع المختلفة مع هذا النظام الجائر الظالم، الذي تجذّر واستفحل خطره وباطله، ما يستدعي تضافر كل الجهود الوطنية الخيّرة.. كلها بلا استثناء، لاقتلاعه وإزالة آثاره المدمِّرة، وذلك بشكلٍ كامل.
*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام