طبيب يقتل طفلا خنقا في سورية

طبيب يقتل طفلا خنقا في سورية

د. محمد رحال /السويد

[email protected]

كانت فرحة ام حاتم بمولودها حاتم بعد  اربع بنات فرحة لاتوصف ولا تصدق ، وكذلك كان الاب ، وحاز الطفل المدلل على الكثير جدا من الرعاية والحب والحنان ،هذا الحب الكبير الذي كان يتنامى ويزيد مع نمو حاتم والذي امتاز بالحركة والذكاء المفرط درجة ادهشت كل معارف العائلة ، ولم يكد يبلغ الثالثة من عمره قبل ايام حتى بدا وكأنه في السادسة عمرا في الطول والذكاء والحركة المثيرة واللطيفة ، ومساء احد الايام الماضية تناول الطفل حاتم وجبته المفضلة من البطيخ السوري الاحمر اللذيذ ، ثم طلب من والده ان ياخذه خارج البيت ، وكان له ماكان ، وبعد جولة قصيرة على الدراجة النارية طلب من والده ان يصوره صورا خاصة وجميلة لكي يعلقها في البيت ، ولهذا فان الاب لبى امنية فلذة كبده ، ثم عاد به الى البيت وخرج الاب لبعض شؤونه ، وبعد ساعة طلبت ام حاتم من زوجها العودة سريعا الى البيت لطاريء المّ بالصغير ، وفي الليل حيث لاتتوفر العيادات الخاصة في مدينة ادلب شمال سورية ، فلم يكن امام الاب الا حمل طفله الى المشفى الرئيس في البلدة والمعروف باسم المشفى الوطني ؟؟؟؟؟(والذي يذكرني دائما بالحزب الوطني في مصر) وهناك ادخل الطفل الى قسم الاسعاف ، وعلى الفور ناوله الطبيب المسعف ابرة لم يعرف الاب ماهي ، ثم حمل ابنه وعاد الى البيت ، وفي البيت تغيرت احوال الطفل وانتكست اموره وبدأ في المراجعة مما استدعى الاب الى حمله ثانية الى المشفى ، وهناك قابل نفس الطبيب الذي زرقه ابرة اخرى قيل انها كانت لتخفيض السخونة الزائدة وعاد الاب مع طفله ثانية الى البيت ، وبدا واضحا ان حالة الابن زادت كثيرا عن حالها فعاد الى المشفى ، وهناك في المشفى لاحظ الطبيب في الاسعاف ان حالة الطفل التنفسية متردية جدا ، وهنا وضع الطبيب الطفل تحت جهاز التنفس الصناعي .

لم يقتنع الاب بجدوى التنفس الصناعي ولهذا فانه اخذ دراجته النارية وبدأ بالطوفان حول المشفى ليبحث عن منزل اقرب طبيب الى المشفى ، وهداه الله الى طبيب كتب اسمه على باب عمارة الى جانب رقم التليفون ، وسارع والد الطفل ليتصل بالطبيب والذي وبعد العديد من الاستغاثات كادت ان تصل الى تقبيل الارجل لبى النداء بعد وعود مالية سخية ، وطلب الطبيب من والد الطفل ملاقاته الى باب البيت ، ولدى قرع جرس الباب فان الطبيب خرج اليه بلباس النوم قائلا له انه سيخرج معه بالرغم من تعبه الشديد بعد يوم من العمل المضني في اشغال اخرى تتعلق بالبناء ، واتجه والد الطفل والطبيب الى المشفى وهناك قام الطبيب بفتح عين الطفل ثم اغلاقها ، ومن ثم طلب الطبيب الثاني اخراج الطفل من المشفى الى مشفى اخر بحجة عطل في جهاز التنفس الصناعي ، واخذ الاب والطبيب الطفل بسيارة الممرضات بالرغم من وجود سيارات الاسعاف خارج المشفى الى عيادة خاصة ، وهناك في العيادة الخاصة فحص الطبيب الطفل وعلى الفور قال للاب ان الطفل قد مات وانه يسال الله ان يجعله طيرا من طيور الجنة .

حمل الاب طفله المدلل بيديه ونسي دراجته وذهب بالطفل الى البيت وهو يقبل طفله الحبيب وصغيره المدلل ويبكيه طوال الطريق ،وفي البيت لم يكن وضع الام واخواته البنات باحسن حالا من الاب، فقد كادت الام ان ينفطر قلبها على طفلها الممدد في حضنها ، وفي الصباح ودع الجميع طفلهم الوداع الابدي ، وتم دفن الطفل في المقبرة وكان من بين المعزين الطبيب الذي قدم مع الاب ليلا والذي كان مهتما باحوال الاب والتطمن عليه واقناع الاب ان ماوقع لم يكن الاقدرا مقضيا .

بعد ثلاثة ايام عرف الاب ان طفله اكل بطيخا رش بمبيدات كيميائية تسمم بموجبها وان الطبيب في المشفى الوطني الذي عالج الطفل وزرقه بابرتين احداهما  ابرة مضاد حيوي والاخرى لخفض الحراة ، وكان على الطبيب ان يعرف الحالة اولا حيث ان حالات التسمم كثيرة ومنتشرة في الصيف وان يسرع باجراء غسيل معوي ، ولكنه وبعد ان تمدد المبيد  في احشاء الطفل ، تبين ان جهاز التنفس الذي وضع للطفل لم يكن صالحا كما قال طبيب في المشفى ، وطبيب اخر اضاف  ان الجهاز جديد ولااحد يعرف تشغيله ليختنق الطفل تحت جهاز التنفس بدلا من الاسراع في غسل المعدة ، والقصة الاعجب في الموضوع هو ان الطبيب المناوب في الاسعاف تبين انه غائب ، وقدر الله وحده هو الذي ساق والد الطفل الى هذا الطبيب والذي تبين فيما بعد انه نفسه هو طبيب الاسعاف المناوب في تلك الليلة ولكنه كغيره من الاطباء الذين اعتادوا على التوقيع على ورقة الدوام وترك القسم بكامله للممرضين او البوابين  والذين انعدمت لديهم الخبرة وهي عادة منتشرة في اغلب دوائر الدولة ، والجريمة الاكبر ان كلا من الطبيب والممرض المسعف قاما بتزوير توقيع الوالد على انه قام باخراج ابنه سالما معافى من المشفى ، ولتكتمل فصول الجريمة فان الطبيب اخرج الطفل في سيارة نقل الممرضين وليس في سيارة الاسعاف وذلك لان القانون يمنع نقل الموتى في سيارات الاسعاف الكاملة الانعاش ، وهذا ليغطي الطبيب على جريمته.

هذا المشفى المشهور جدا في محافظة ادلب شمال سورية سجل بين جدرانه الكثير من الجرائم والتي كان من ابرزها اجتماع الاطباء فيه على قتل احد زملائهم والذي قدم الى سورية من امريكا بعد حصوله على البورد الامريكية في الجراحة وتبين انه من ذوي الاخلاق الطبية الحسنة ، كما وان مفروشات المشفى وخزائنه لم تبدل منذ انشائه ، ومازالت خزائن الحديد الصدئة هي اثاث ذلك المشفى وعمرها تماما هو عمر الثورة ، كما وان اسرّته الطبية هي من النوع الذي فقد رجليه في الكثير من الغرف ، الى جانب ان المصعد الكهربائي قليلا مايعمل ولايستخدم الا من قبل المسؤولين في حال عمله، ولك ان تتخيل عزيزي القاريء المصيبة الكبرى لمن يأتي لهذا المشفى ويكون مشلولا وليس له احد ، فان عليه ان يصعد ثلاثة ادوار على يديه دون عون من جهاز طبي يستحسن نقلهم الى المسالخ بدلا من المشافي ، ومازالت دورات المياه في ذلك المشفى الطبى لاتعمل في غالب الايام وتملأ القاذورات المنبعثة منها ردهات المشفى فضلا عن الدورات نفسها ، وتسرح اسراب الصراصير الحمراء على المرضى وفي داخل الخزائن الحديدية الصدئة ، واعجب مافي المشفى هو الطعام الذي يقدم الى المرضى دون ملاعق خوفا على الملاعق من السرقة وعلى كل مريض زيارة المشفى ان يحمل ملعقته بيده .

 كان لي شرف زيارة هذا المشفى تحديدا لزيارة احد المرضى , وفوجئت بهذه التعاسة التي تلف المشفى ، ورأيت كيف يحمل المرضى على الكراسي لاصعادهم الى الطوابق العليا ، ونقلت حينها ملاحظاتي الى محافظ المدينة حينذاك وكان طبيبا متكبرا ومتغطرسا جدا  واسمه عاطف نداف ، والغريب انه اجابني اجابة مقنعة وهي ان كان قلبي يؤلمني على وضع المشفى والمرضى فبامكاني الذهاب الى مشفى اخر او التبرع بمشفى خاص من جيبي .

لقد وصلت تفاصيل هذه الجريمة الى شمال الكرة الارضية فمتى ستصل الى آذان المسؤولين في دمشق وعلى راسهم وزير الصحة النائم، والاجهزة الامنية .