السياسة التمييزية لبلدية القدس

جميل السلحوت

[email protected]

تصدر بلدية القدس دوريات تشرح فيها بالصور الملونة والكلمات الجميلة الخدمات التي تقدمها للمقدسيين الفلسطينيين في القدس الشرقية، التي ضمتها اسرائيل اليها من جانب واحد وبقرار من الكنيست – البرلمان – الاسرائيلي في 28-6-1967 دون موافقة مواطني المدينة ، وفي مخالفة واضحة للقانون الدولي ، وللشرعية الدولية ، ولقرارات مجلس الأمن الدولي ، والجمعية العامة للأمم المتحدة .

وما يهمنا في هذه العجالة هو ان القانون الاسرائيلي تم تطبيقه على القدس الشرقية ، وعلى مواطنيها رغم أُنوفهم ، وتقوم البلدية بموجب هذا القانون بجمع ضريبة المسقفات – الأرنونا – التي من المفترض ان تعود الى المواطنين على شكل خدمات تقدمها البلدية، ومن يتخلف عن دفع هذه الضريبة ، فإن البلدية تقوم باضافة فوائد ربوية عليه الى ان يتراكم المبلغ ، لتأخذ بعد ذلك قرارات في المحاكم لإلزامه بالدفع ، أو بمصادرة الأجهزة الكهربائية من بيته ، أو بسجنه .

والحق يقال أن البلدية تساوي في هذه الضريبة بين اليهود والعرب دن أن تأخذ الفوارق في المداخيل بين الطرفين .

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : هل تقدم البلدية خدمات للمواطنين مقابل الضريبة التي تجمعها منهم ؟؟

وللأجابة على هذا السؤال، فإننا نستشهد بالدراسة التي أعدها مائير مارجليت - عضو المجلس البلدي السابق عن حركة ميرتس الاسرائيلية اليسارية - وتعرض فيها للسياسة التميزيية للبلدية في القدس الشرقية ، ومما جاء في الدراسة التي نشرها باللغتين العربية والانجليزية مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية " ان البلدية تجمع من المقدسيين الفلسطينيين 35% من مجمل الضرائب التي تجمعها البلدية ، لكنها تصرف على القدس الشرقية 7% فقط " فأين تذهب بقية المبالغ ؟؟؟

فالزائر الى المدينة المقدسة لا يحتاج الى كثير من الانتباه حتى يستطيع تمييز حدود القدس الشرقية عن حدود القدس الغربية ، من خلال الأبنية والشوارع والحدائق وغيرها التي تتوفر في القدس الغربية ولا تتوفر في القدس الشرقية ، ومع ان المدارس الرسمية الي تشرف عليها البلدية والمعارف الاسرائيلية في القدس الشرقية لا تستوعب اكثر من نصف طلبة المرحلة الالزامية ، الا ان هذه المدارس تعاني من نقص شديد في الغرف الدراسية يزيد عن ثلاثمائة صف دراسي ..

واذا ما اخذنا السواحرة الغربية – جبل المكبر – كنموذج للإهمال البلدي في تقديم الخدمات ، فإننا سنرى السياسة التميزيية الواضحة للبلدية ، فعلى سبيل المثال تمر مجاري القدس القديمة وبعض الأحياء المحيطة فيها كوادي الجوز ، وسلوان والثوري ،وراس العامود والشياح ، والصوانة ، وبعض احياء القدس الغربية ، وبعض المستوطنات مثل " أرمون هانتسيف " – قصر المندوب – تمر جميعها من السواحرة الغربية ، بينما أحياء واسعة من هذه البلدة بدون مجاري مثل حيّ الشقيرات ، وحيّ مسجد الزاوية ، في حين أن الأحياء القريبة من سيل المجاري ، قام مواطنوها بتمديد المجاري على حسابهم الخاص ، في حين اقتصر دور البلدية على اضافة رسوم مجاري في فواتير المياه التي تصلهم .

وشوارع جبل المكبر ملأى بالحفر ، وبحاجة الى أرصفة ، وضيقة جدا ، في حين أن شوارع مستوطنة – قصر المندوب – أرمون هانتيسف المقامة على الأراضي المصادرة على قمة جبل المكبر عريضة ، تصلح لمرور سيارتين في كل اتجاه ، ولها أرصفة ، ومزروع على أرصفتها وجزرها ورود وأشجار .

ومع ان غالبية اراضي جبل المكبر لا تسمح البلدية للبناء العربي فيها بحجة عدم التنظيم ، فإنها تسمح بالبناء بنسبة 37.5% بجانب الشورع المعبدةـ والتي هي مكتظة بالبناء أصلا قبل قبل وقوع المدينة تحت الاحتلال ، ويسمح البناء لطابقين اضافة الى التسوية ، بينما البناء في المستوطنة المجاورة اربع طبقات اضافة الى التسوية، ونسبة البناء تزيد على المائة في المائة ، علما ان المستوطنة مقامة على اراضي ابناء البلدة المصادرة .

وتعاني مدارس جبل المكبر التي يزيد الطلبة فيها عن خمسة آلاف وخمسمائة طالبة وطالب من نقص حاد في الغرف الدراسية ، وعشرات الصفوف في أبنية مستأجرة،  مخصصة أصلا للسكن وليس للدراسة ، وبعضها في ملاجئ ،وفي مخازن تجارية، وبعض الأبنية تبعد عن البناء الرئيس الذي تداوم فيه الادارة اكثر من ثمانمائة متر

وجميع المدارس تفتقر الى الملاعب ، حتى لا يوجد أمكنة للاصطفاف الصباحي في غالبيتها ، واذا كانت البلدية معنية جدا بعمل الصيانة اللازمة للشورع في القدس الغربية والمستوطنات ، بالسرعة الممكنة ، أو لتمديد خطوط الهاتف والكهرباء ، فإن الشارع الرئيس في جبل المكبر والمعروف بطريق بيت لحم القديمة ، يتعرض للتجريف المستمر ولا يزال منذ أكثر من ثلاث سنوات ، لتمديد المجاري ، وانابيب المياه ، وخطوط الهاتف ، والكهرباء لمستوطنة – منظر صهيون – نيئوت تسيون الجاري بناؤها على السفوح الشرقية لجبل المكبر ، وبعض " المناهل "فيه مرتفعة بشكل لافت ،مما يلحق الأذى بالمركبات التي تمر منه . ولا أمل في تصلحيه  قبل الإنتهاء من بناء المستوطنة وسكن المستوطنين فيها .

ولا يوجد في جبل المكبر أيّ حديقة عامة ،أو أيّ مكان للتنزه ،أو ملاعب للأطفال ، في حين يوجد في المستوطنة أكثر من حديقة عامة.

وبينما يجوب عمال النظافة التابعون للبلدية المستوطنة لجمع أيّ ورقة أو عقب سيجارة في المستوطنة ، وتقوم سيارات البلدية بغسل الشوارع فيها ، فإن جمع القمامة بالسيارات يتم في جبل المكبر مرة كل يومين ، ولا يوجد أيّ نظافة في الشوارع ، وحتى الشارع الموصل للمدارس ، توجد فيه عند ملتقى الشارع الموصل الى حيّ مسجد الزاوية منخفض تتجمع مياه الأمطار فيه ، بحيث لا يمكن المرور فيه للمشاة أو للسيارات المنخفضة ، قامت البلدية بحل المشكلة بأن حفرت رصيف الشارع الموصل لمسجد الزاوية ، ووضعت فيه أنبوبا يصل قطره الى نصف المتر لسحب المياه الى مسافة حوالي ثلاثين مترا ، لتنساب الى الشارع بعد ذلك ملحقة الأذى به، وببعض البيوت القريبة من الشارع بدلا من عمل مجاري تصريف .

ونحن نطرح هذه القضايا التمييزية التي تمارسها البلدية التي لا تتوانى في جمع الضرائب من المقدسيين الفلسطينيين لتنفقها على الأحياء اليهودية وعلى المستوطنات ، مع انها ملزمة بتقديم الخدمات للمقدسيين الفلسطينيين حسب القانون الدولي .وذلك لتبيان مدى الظلم والاجحاف الذي يتعرض له المقدسيون الفلسطينيون.