حقُ النقضِ ( الفيتو  Veto )

د. حامد بن أحمد الرفاعي

حقُ النقضِ ( الفيتو  Veto )

د. حامد بن أحمد الرفاعي

دمّرت الحربُ العالميِّةُ الأولى)1914 - 1918م) بُلداناً عديدةً من العالمِ وعلى الأخصِ أوروبا..وفي أعقابِ مؤتمرِ باريس للسلامِ عام 1919م الذي أنهى تلك الحرب المشؤومةِ..عمدَ جنرالاتُ الحربِ والدمارِ عام 1920م إلى تفّصيلِ هيئةٍ عالميِّةٍ على مقاسِ جشعِهم..تخدم استمراريِّةَ تباغُضِهم وتطاحنِهم على حسابِ أمنِ شُعوبِ العالمِ وإنسانيِّتِهم وطموحاتِهم..سمّوها (عُصبةَ الأممِ League of Nations) بقصدِ منعِ الحروبِ وإقامةِ سلامٍ عالميٍّ..إلا أنَّهم فشلوا لِخللٍ في نواياهم وإصرارهِم على ثقافةِ الهيمنةِ والتّسلطِ والتّفردِ..واندلعت الحربُ العالميِّةُ الثانيةُ عامَ 1939م..وأثناءَ هذه الحربِ المتوحِّشةِ الماحقةِ..وفي لحظةٍ من لحظاتِ استيقاظِ الضميرِ الإنسانيِّ..ظهرت فكرةُ الأممِ المتحدةِ التي انعقدَ أولُ مؤتمرٍ لها عام 1945م..ولمْ يكنْ نصيبُها منَ العبثِ والضغائنِ بأقل ممَّا اكتنفَ نفُوسَ جنرالاتِ الحربِ العالميِّةِ الأولى..فعادوا منْ جديدٍ إلى جريمةِ اختطافِ الإرادةِ البشريِّةِ..وجَعلوها حكراً على إرادتِهم ومشيئتِهم..فشكّلوا مجلساً للأمن احتكروا عضويِّتَه الدائمةِ وهم اليوم ( الاتحاد الروسي،الصين،فرنسا،المملكة المتحدة،والولايات المتحدة الأمريكية)..وشرَّعوا قانوناً ظالماً سموه(حق النقض veto)الذي يُقرِّرُ بكُلِّ تحدٍ وصلفٍ:أنَّ إرادةَ المجتمعاتِ البشريِّةِ لا قيمةَ لها أمامَ إرادةِ ورغبةِ واحدٍ منْهم فقط ..؟؟؟!!!هؤلاء هم الذين يَملؤون الدنيا اليوم ضجيجاً تحدثاً وتشدقاً عن:الديمُقراطيِّةِ وحقوقِ الإنْسَانِ والحُريِّةِ والتحضُّرِ والمُساواةِ..فأينَ هُم وما يدعون ويتشدقون مع حماقة وعار(الفيتوا) في إقصاء ووأد إرادة الشعوب والمجتمعات..؟حقاً إنَّ البشريًّة لفي عارٍ وشنار..ما دامَ هذا العبث والتحدي والتجاهل لإرادة الشعوب قائماً في نظمِ المَسيرةِ الدُوليِّةِ..ومرة قال لي أحدهم:أوافقك تماماً بأن ما يسمى(حق الفيتو)عار وخزي وخطيئة نكراء..ولكن هل لدينا بديل نطرحه..؟قلت:لدينا(حق الترجيح)فهو كما تعلم:لا يلغي الخيارات ولكن يفاضل بينها تبعاً لمصلحة الناس والمجتمعات..وهناك تفصيل وبيان بشأن مصطلح(حق الترجيح) من شاء المزيد فليراجع كتابنا (شركاء لا أوصياء) وهو متاح مجاناً والله المستعان.