هل سيقضي ساسة الشيعة على المذهب الشيعي في العراق

هل سيقضي ساسة الشيعة

على المذهب الشيعي في العراق؟

مهدي حسين

[email protected]

إن دخول العملية السياسية وممارسة السياسة على أساس مذهبي أو عرقي أو ديني يعد من أسوأ نماذج الممارسة السياسية، ولهذا حاول العالم ومنذ أزمان طويلة التخلص من هذه النماذج، والعمل على أساس الانتماء الوطني، وما تمليه مصالح الشعوب على تنوعها، وقد نجحت بلدان كثيرة في القضاء على ما نسميه اليوم في العراق (الطائفية)، فارتقت وأصبحت في مصافي الدول المتقدمة، في حين أخفقت دول أخرى في تطبيق النموذج المثالي الي اهتدت إليه البشرية بعد مخاضات عسيرة، وهناك دول أخرى لا زالت تحاول الارتقاء بممارساتها السياسية.

أما العراق فمنذ تأسيس دولته الحديثة المستقلة عام 1921، كان مؤهلاً لتطبيق الممارسة السياسية الوطنية، فلم يسمح الشعب العراقي، ولا الساسة العراقيين منذ ذلك التأريخ بأية أجندة طائفية للتغلغل أو لعب دور معين في العراق، فقد تعاقبت الحكومات وتنوع نظام الحكم من ملكي إلى جمهوري ومر العراق بانعطافات تأريخية اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية لكن كل تلك الانعطافات لم تتسبب في كارثة اجتماعية من هذا النوع، وحتى في عهد النظام الدكتاتوري البائد، لم تكن الطائفية موجودة لا في الأجهزة الحكومية ولا في النظام الاجتماعي، فبالنسبة للأجهزة الحكومية وحزب البعث كنا نحن الشيعة أكثر من نصف المنتمين وفي مراكز قيادية حساسة وكلنا نعرف قيادات مقربة من الدكتاتور في الحزب مثل (عزيز صالح النومان عضو قيادة قطر العراق، محمد حمزة الزبيدي عضو مجلس قيادة الثورة، نعيم حداد رئيس المجلس الوطني ) وغيرهم كثير، وكذلك كبار قادة الجيش. أما اجتماعياً فجميع العراقيين كانوا أسرة واحدة ونحن لعشرات السنين لا نعرف مذهب جارنا ، بل إن أحد جيراننا كان صابئياً ونحن نحسبه مسلماً.

بعد العام 2003 عام الكارثة التي حلت بالعراق، ربما كنا نعتبرها حسنة لأنها أزالت حكم الطاغية لكننا نعتبرها اليوم كارثة، فأعداد الذين قتلوا – بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو السياسية- بلغوا الملايين والذين هجروا بلغوا الملايين، موت وشجون ونقص خدمات وقلق ورعب، وانتهاكات، والأسوأ أن أغلب تلك الخروقات والجرائم ارتكبتها أحزابنا الشيعية التي تسلمت السلطة، فهي أرادت أن تنتقم (لنفسها) من نظام صدام بسبب سنوات التشرد التي عاشتها خارج العراق، فحركت عامة الشيعة وخدعتهم ليزجوا أبناءهم في تنظيمات إرهابية مسلحة تقتل إخوانهم من عامة السنة بحجة أن السنة يمثلون النظام البائد، وقد صدق الكثير بهذه التبريرات السوداء لأن أغلب الذين انخرطوا في التنظيمات الإرهابية من جيش المهدي وغيرها كانوا بأعمار صغيرة لا تتجاوز ممن هم غير ملمين بالحياة الاجتماعية، وغير واعين لنتائج حماقاتهم والكارثة التي سيحدثونها في بلدهم، فضلا على عذاب الله الأليم الذي يعذب به في الدنيا  والآخرة من يتجاوز على أرواح وحرمات الناس الآمنين.

والأمر من ذلك أن تلك الجرام كلها نسبة إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام، فأصبح شيعة آل البيت منبوذين مجرمين سفاحين، فكلما ذهبنا إلى بلد عربي قالوا : انت سني لو شيعي فإن قلت شيعي، قالوا: عيب عليكم وحرام وخزي ما فعله الشيعة من قتل وانتهاكات،أهذا ما يمليه عليكم مذهبكم القذر؟. وفي الحقيقة إن مذهب أهل البيت بريء من كل تلك الأفعال لكنها جرائم وحماقات الساسة وبعض العلماء والشيوخ الذين لا يخافون الله ولديهم جرأة عجيبة في الباطل على سفك الدماء مثل حازم الاعرجي ومقتدى الزعطوط والجعفري سفاح أحداث سامراء وغيرهم. يا ناس مذهبنا بريء والله بريء وحسبنا الله ونعم الوكيل على كل من أساء لهذا المذهب الشريف العادل من السياسيين والمعممين.