حجاج غزة العالقون وأرانيط العرب

حجاج غزة العالقون وأرانيط العرب

خليل الصمادي

[email protected]

عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ الرياض

تروي كتب التاريخ أن سوء معاملة الحجاج المسلمين خلال طريقهم من وإلى مكة المكرمة من قبل الصليبين  كانت تثير الحمية والنخوة لدى المسلمين وهذه المعاملة السيئة  كانت من أهم  الدوافع القوية لخوض  صلاح الدين معاركه على الصليبيين ففي المرة الأولى تم  نهب قافلة حجاج قادمة إلى مكة قام بها طاغية يدعى  

"روناندو شايتون "   فكانت سبباً في إثارة ردات الفعل ، وكان صلاح الدين حينها سلطاناً على مصر يتحين الفرص للقيام بعمل كبير يجلي الصليبيين عن الديار المقدسة فوجد في عمل الطاغية مبرراً لتدخله فقدم بجيشه من مصر إلى القدس فاستولى على طبريا في 10 تموز 1187 وكانت المعركة الحاسمة التي أجلت الصليبيين عن بلادنا .

وقبلها بسنوات ومنذ عام 1182 كان أرناط يعترض  قوافل حجاج المسلمين وكان قد هاجم شاطئ الحجاز ، وهدد بدخول مكة المكرمة والمدينة المنورة ، وهدم قبر الرسول صلى الله عليه وسلم  فما كان من  صلاح الدين الأيوبي إلا أن أرسل على الفور الأسطول المصري بقيادة القائد المسلم حسام الدين لؤلؤ الذي نجح في القضاء على قوات أرناط ، فهرب أرناط إلى الكرك  تائبا معاهدا صلاح الدين عن أعماله المشينة.

 ولما أعاد أرناط غدره في الاعتداء على الحجاج المسلمين  ونقضه للهدنة والمعاهدة أرسل إليه  صلاح الدين الأيوبي  رسالة يهدده ويقبح فعله ، ويطالبه بإطلاق سراح الأسرى المسلمين ، ورد ما أخذه منهم ، ولكن أرناط امتنع وأصر على عصيانه وغدره .

وردّ على رسالة صلاح الدين ساخراً وقائلاً بكل صفاقة :« قولوا لمحمد نبيكم « يخلصكم » وزاد في تعذيب الأسرى المسلمين .

ولما علم القائد المسلم صلاح الدين بذلك إزداد غضبه واعتبر ذلك إعلانا بالعدوان ، وانتهاءً للهدنة ، وبدأ يستعد للمعركة الكبرى ، ونذر أن يقتل أرناط بيده جزاء لما ارتكبه بحق الحجاج المسلمين وتعذيبه لهم

وفي يومنا هذا برز أرناءاطات أو ارانيط  كثر منهم يهود وصليبيون  ومسلمون عرب وفلسطينيون يعترضون قوافل حج أهلنا في غزة ويحاصرونهم مرة قبل الخروج ومرة بعد أداء مناسك الحج  .فهناك أكثر من 2200 حاج فلسطيني عالقين في ميناء العقبة،يعاني الكثير منهم  من أمراض وهم كبار في السن، بل إن بعضهم قد توفي بسبب البارد القارس".
إنها مهزلة ما بعدها مهزلة ، مسلمون أدوا مناسك الحج ، عرب أقحاح ، فلسطينيون ، غزاويون ، يمنعون من دخول بلادهم من معبر رفح الذي خرجوا منهم بعد معاناة طويلة نقلتها محطات التلفزة وصفحات الجرايد والمجلات ، وثمنها الشعب الفلسطيني للإخوة المصرين بالرغم من إبداء الأرناط  الأمريكي وزملائه الأرانيط الكثر اللوم على مصر لأنها سمحت لهم بالخروج من معبر رفح!!

إنها مأساة ما بعدها مأساة ، أحفاد صلاح الدين يشاهدون على شاشات التلفزة مأساة هؤلاء الحجاج ولا يصدقون أن ذوي القربى من اللحم والدم " الأرانيط الصغار" يطلبون من سلطات الاحتلال التمسك بعدم فتح معبر رفح !!

 ما الحل؟

هل يعبرون من معبر كرم سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية ؟ أم يصرون على العبور من معبر رفح المصري الفلسطيني؟

بالطبع ليس أمامهم إلا الإصرار على العبور من معبر رفح ، فالسيادة المنقوصة لا تجبر بل تزداد نقصا  وكما قال الشاعر

من يهن يسهل الهوان عليه       ما لجرح بميت إيلام

فلو وافق الحجاج على الدخول من المعبر الصهيوني فسيكون ذلك عادة تحت الإذلال ومع منيَّة من قبل سلطات الاحتلال. ولو صمد الحجاج كما نتمى ذلك فسيكون ذلك تحد لجميع الأرانيط  الصليبين واليهود والعرب أيضا.

 لا شك أن مثل تلك المعاملة القاسية للحجاج الفلسطينيين ومن قبلها حصار الشعب الفلسطيني في غزة وغيرها ستنتج صلاح دين آخر عنده سيبدأ بالعلاقمة وبالأرانيط الصغار قبل الكبار ربما يكون العفو عن الأرانيط الكبار غير المسلمين فهم محاربون ويجوز للقائد العفو من المحاربين أو أخذ الفدية، وأما الصغار فلا عفو لهم لأنهم خونة  فمصيرهم مصير سيدهم أرناط الأكبر الذي قتله صلاح الدين بيده تنفيذا لليمن الذي أقسمه.