البرنامج النووي الإيراني 7
المقالة رقم (7)
واشنطن تندد بإيران وروسيا في بحر قزوين
وأول تهديد أمريكي للنظام العراقي
تابع البرنامج النووي الإيراني
حسين علي محمد حسنين
كاتب وباحث/ عضو إتحاد كتاب مصر
(1)
خاتمى يتجه نحو اليابان وموسكو
إنزعجت واشنطن كثيرا من التحول الواضح لحكومة طهران التى فتحت ذراعيها لدول الخليج(البحرين والكويت والإمارات والسعودية) . وقد ظهر ذلك الإنزعاج واضحا فى الرابع من شهر مايو عام 2001 عندما أعلن وزير الخارجية الأميركي كولن باول أن واشنطن سوف تواصل عزل الأنظمة الخطرة بكل من إيران والعراق عبر الحفاظ على العقوبات الأميركية ضد طهران ومراجعة نظام العقوبات الدولي المفروض على بغداد. وقال باول أمام لجنة فرعية في مجلس الشيوخ أن هذين النظامين خطران ، ويجب أن يتم احتواؤهما ، فهما لا يسيران بالطريقة التي يتطور بها العالم " . وشدد باول على ان واشنطن تتابع باهتمام متزايد مجريات الوضع السياسي داخل ايران، خاصة حقوق الانسان والانتخابات الرئاسية . وأبدى باول أسفه عندما قال : أن هذا البلد الذي يملك مقومات النجاح لا يزال متمسكا بإيديولوجيا غير متماشية تماما مع القرن الحادي والعشرين ، وأن واشنطن التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران منذ أكثر من عشرين عاما مستعدة لاستئناف الحوار مع هذا البلد عندما يظهر أن هناك جدوى من ذلك، وحتى يتم ذلك فإن الولايات المتحدة ستبقي العقوبات المفروضة على طهران التي تشمل حظر التبادل التجاري وحظر الاستثمار علي قطاعي النفط والغاز في إيران. وقد شدد باول على ضرورة الضغط على النظام الإيراني، واتهم قادته بالسعي الدائم للحصول على أسلحة نووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل ، وأكد باول على ان واشنطن لن تسمح لإيران بالحصول على تلك الأسلحة مهما كانت النتائج . (يذكر فى هذا الصدد أن الولايات المتحدة الامريكية تبذل جهودا كبيرة لعدم انضمام ايران لمنظمة التجارة العالمية).
رافسنجاني ينتقد معارضة أميركا لانضمام إيران لمنظمة التجارة:
فى 11 مايو 2001انتقد الرئيس الإيراني السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني موقف الولايات المتحدة المعارض لانضمام إيران إلى منظمة التجارة العالمية حيث وصف موقف واشنطن بأنه مشبوه. وامعانا فى انتقاد واشنطن رحب رافسنجاني بعدم إعادة انتخاب الولايات المتحدة لعضوية لجنة حقوق الإنسان والمكتب الدولي لمكافحة المخدرات في الأمم المتحدة. وقال رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام أن الأميركيين رفضوا مجرد ذكر اسم إيران أثناء اجتماع منظمة التجارة العالمية. وكان المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية قد بحث للمرة الأولى طلب إيران الانضمام إلى المنظمة ، إلا أن الولايات المتحدة حالت دون التوصل إلى أية موافقة بشأن الطلب الإيراني . يشار إلى أن إيران تقدمت بطلب الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية في سبتمبر 1996 ، ولكن رفض طلبها بسبب الموقف الامريكى الأوربي تجاه طهران ، ثم عادت ايران إلى تقديم طلبها مرة أخرى عام 1998 ، لكن تعذر بحثه من قبل المجلس العام للمنظمة بسبب معارضة أميركا أيضا .
ايران تتعاون مع شركات النفط الغربية العملاقة:
فى 12 يونيو 2001 أكدت مجموعة رويال داتش شل النفطية العملاقة وجود مباحثات بينها وبين مجموعة من شركات الطاقة اليابانية بشأن تطوير مشاريع نفطية في إيران . يأتى ذلك فى الوقت الذى أشارت فيه بعض التقارير الاقتصادية اليابانية الى أن مجموعة من الشركات اليابانية توصلت إلى اتفاق مع مجموعة رويال داتش شل للتعاون في تطوير أحد حقول النفط في إيران . وقد منحت إيران الشركات اليابانية حق الأولوية في التفاوض على تقييم وتطوير جزء من حقل النفط الإيراني العملاق آزاد جان أثناء زيارة الرئيس محمد خاتمي إلى اليابان في نوفمبر عام 2000 ( يذكر أن الكونسورتيوم الياباني الذي يضم إندونيسيا بتروليوم لميتد وجابان بتروليوم إكسبلوريشن وتومين كورب وجابان ناشيونال أويل كورب، سوف يتولى تمويل معظم تكلفة المشروع التي تصل إلى 500 مليار ين " أي حوالي 4 مليار دولار " ). وقد أشار تقرير اقتصادي ياباني الى ان تلك الشركات سوف تبدأ في إنتاج النفط بكميات تجارية في الفترة بين عامي 2005 و2010. ( يذكر ان اليابان تعتمد بالكامل تقريبا على استيراد النفط الخام الذي يأتي أكثر من 80% منه من منطقة الشرق الأوسط ) . من ذلك يتبين أن الحكومة اليابانية حريصة على فوز الشركات اليابانية بحقوق تطوير حقل النفط الإيراني، خاصة بعد أن خسرت شركة الزيت العربية ومقرها طوكيو امتيازها في الجزء السعودي من المنطقة المحايدة مع الكويت في فبراير عام 2000 .
مخاوف أميركية من حصول إيران على مكونات نووية:
فى 15 يونيو عام 2001 أعربت الادارة الامريكية عن مخاوفها إزاء حصول طهران على بعض المواد التي يمكن أن تستخدم في صنع أسلحة نووية وذلك عن طريق تاجر معادن روسي وان تلك الصفقة تمت فى بدايات عام 2001 عقب تولى جورج بوش مهام منصبه كرئيس للولايات المتحدة ، واوضح تقرير للبنتاجون أن تلك الصفقة تمثلت فى شحنة من الألومنيوم شديد الصلابة الذى يستخدم فى تكنولوجيا المفاعلات النووية. وشدد التقرير على أن لدى واشنطن وتل أبيب أدلة دامغة على أن شحنة الألومنيوم شديد الصلابة قد سلمها بعض العملاء الروس الى مؤسسات إيرانية متخصصة فى مشروع لانتاج أسلحة نووية داخل ايران ، وأن ذلك النوع من الألومنيوم يستخدم فى صنع شفرات دوارة في أجهزة الطرد المركزي الغازية المستخدمة في صناعة اليورانيوم الذي يصلح لصنع الأسلحة النووية . وبناء على ما تقدم فى ذلك التقرير ، قرر الرئيس بوش أنه سيطرح موضوع المخاوف من انتشار الأسلحة النووية في أول لقاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في سلوفينيا فى نفس الشهر .
الرد الروسي:
وفى 16 يونيو 2001 نفت السلطات الروسية ما تردده الولايات المتحدة حول صفقة الألومنيوم شديد الصلابة ، فى نفس الوقت قام وفد روسي عالي المستوى برئاسة سيرجى يكموف مسئول التصدير بالكريملين الروسي بإبلاغ مسؤولين أميركيين بأن شحنة الألومنيوم المذكورة لإيران كانت للاستخدام السلمي الخاص بصناعة الطائرات وليس لها صلة بتكنولوجيا صناعة الأسلحة النووية ، إلا أن واشنطن لم تقتنع بهذا التفسير. فى نفس الوقت قدم وزير الدفاع الروسي سيرجى إيفانوف تأكيدات كتابية لمستشارة الأمن القومي الامريكية كونداليزا رايس تفيد بأن الألومنيوم المذكور كان لصناعة الطائرات وليس للمفاعلات النووية الإيرانية . أيضا قام الرئيس الروسي بتقديم ردا مماثلا لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أيهود باراك.
************
(2)
ايران وخطوة إيجابية نحو الإصلاح السياسى
فى ظل الضغوط الامريكية والأوربية على نظام طهران المتشدد جاءت نتائج انتخابات الرئاسة الإيرانية فى25 يونيو 2001 بفوز غير مسبوق للتيار الإصلاحي بقيادة محمد خاتمى وذلك على عكس ما توقعته واشنطن (80 % من الشعب الإيراني صوت لصالح التيار الإصلاحي وهى سابقة لم تشهدها ايران منذ ثورة الإسلاميين فى فبراير 1979). وتوقع الغرب أن ذلك الفوز قد يمكن خاتمى من تطويع أو إزالة عقبات التيار المحافظ الأكثر تشددا فى ايران . ( يذكر أن من أهم ما أنجزه خاتمي في ولايته الأولى أنه رفع سقف الحوار والجرأة في المجتمع، وأحدث تغييراً جوهرياً في المناخ السائد ، وقد أصبحت الديمقراطية مطلب الأغلبية الساحقة ، وصار الاستماع إلى صوت الجماهير واجبا، كما أصبحت شرعية النظام ومؤسساته مستمدة من تأييد الشعب ورضاه، وزاد عدد الرافضين لفكرة أن الولي الفقيه هو "هبة" من الله ) . ويذكر انه أثناء مرحلة الانتخابات وما تلاها زادت أنشطة أجهزة الاستخبارات الغربية فى ايران وتم تسريب العديد من تقارير تلك الأجهزة كان أهمها تقرير للاستخبارات الألمانية أشار الى أن كل من المرشد العام على خامنئى ورئيس الجمهورية محمد خاتمي بحاجة إلى الآخر، فخامنئي يملك صلاحيات واسعة تفوت بكثير ما يملكه رئيس الجمهورية محمد خاتمى ، وان على خامنئى قادر من الناحية الدستورية والقانونية على أن يشل حركة رئيس الجمهورية. أما خاتمي فهو نائب الشعب الذي يملك الآن تفويضاً من 80 % من الجماهير التي صوتت لصالحه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ، ونظرا لأن المرشد على خامنئى يستحوذ على معظم الصلاحيات، وأن محمد خاتمي مؤيد من قبل أغلبية الشعب ، فان على خامنئى يحتاج إلى الرصيد الجماهيري الذى حصل عليه خاتمى ، فى نفس الوقت نجد أن خاتمى بحاجة إلى صلاحيات المرشد العام. وبعبارة أخرى فإن جماهيرية خاتمي تعزز مركز ودور خامنئي، وأن صلاحيات خامنئي مطلوبة لإنجاز مشروع خاتمي، والطرفان يدركان ذلك جيداً .
وأكد التقرير الألماني أن الرجلان سيعملان على ضرورة استمرار وانتظام الاجتماعات الأسبوعية التي ينفرد فيها محمد خاتمي مع على خامنئي، وأيا كانت طبيعة تلك الاجتماعات فهي تقوي خطوط التفاهم والفهم المتبادل. وشدد التقرير على أن فوز خاتمي الكاسح لا يعني على الإطلاق أنه أصبح ينفرد بصدارة الساحة السياسية لأن قوته المستمدة من تأييد الجماهير لا تعنى على الإطلاق ضعف الجانب المتعلق بالمحافظين، فالمحافظون أقوياء في مؤسسات الدولة القضائية والاقتصادية، إضافة إلى نفوذهم الشديد فى مجالس الخبراء وصيانة الدستور وصيانة مصلحة النظام، وهم أقوياء أيضاً في حرس الثورة والحوزة العلمية وفي البازار.
فى نفس الوقت أشار تقرير لأحد مراكز الأبحاث الإنجليزية المتخصصة فى الشأن الإيراني انه لوحظ على الجانبين المعارضين(الاصلاحيون والمحافظون) فى ايران ان هناك معتدلون ومتطرفون. وأن دفاع الإصلاحييون عن الديمقراطية يوازيه دفاع المحافظون عن ثوابت الأمة وهويتها واستقلالها. ويشدد التقرير على ان هناك فهم واضح بين الجانبين على التفاف عقلاء الطرفين والتعاون جنبا الى جنب حتى لا تغرق البلاد ، ومن ثم فان الرئيس محمد خاتمي لن يتورط مطلقا في صدام مع آية الله على خامنئي بسبب الخلاف حول الصلاحيات حتى لا يلجأ على خامنئي إلى عزل محمد خاتمي أسوة بما فعله آية الله الخميني مع الحسن بني صدر الرئيس الأول لإيران بعد وصول الثورة الإسلامية للحكم ، لان ذلك لو حدث سيرفع احتمالات الصدام بين المحافظين والإصلاحيين . وأوضح التقرير ان التحرش بين الإصلاحيين والمحافظين قد يؤدى الى نتائج لا تحمد عقباها لانه فى تلك الحالة سيتطلب تدخلاً من قوات الحرس الثوري وقوات الباسيج (الدفاع الشعبي)، وان مثل هذا التدخل سوف يكون في أغلب الأحوال لصالح المحافظين باعتبار أن قيادة الحرس على الأقل لها موقف ناقد للإصلاحيين ، وفى هذه الحالة سيتعكر الصفو الذى يؤدى الى تهديد الأمن العام، وفي هذه الحالة سوف يستخدم على خامنئى صلاحياته التي منها "عزل رئيس الجمهورية متخذا فى ذلك عبارة مصالح البلاد،".
وقد أشار التقرير أيضا الى انه من المحتمل ان يكون محمد خاتمي آخر المعممين الذين يشغلون منصب رئيس الجمهورية خاصة وانه لوحظ في الانتخابات الرئاسية الأخيرة أن المرشحين العشرة، كان بينهم اثنان فقط من المعممين وهما محمد خاتمي وحجة الإسلام علي فلاحيان ، أما الثمانية الباقون فقد كانوا جميعاً من غير أبناء الحوزة الدينية ، بل كانوا من طبقة الافندية غير المعممين ، ولوحظ أيضاً أن المرشحين كانوا يحاولون إخفاء علاقتهم بالمحافظين . ويؤكد التقرير بأنه ليس هناك ضمانات وان كل شىء فى السياسة قابل للتغيير في أي وقت خصوصاً في ايران.
رد فعل أمريكي غير متوقع من قبل ايران:
على الرغم من ترحيب الادارة الامريكية بنجاح الإصلاحيين فى انتخابات الرئاسة الإيرانية الا ان البنتاجون سرب تقريرا جاء بمثابة صفعة جديدة للحكومة الإصلاحية الجديدة حيث أشار الى ان إيران خلال معظم العقد الماضي كانت تحاول الحصول على تقنية الطرد المركزي وتقنيات أخرى لتخصيب اليورانيوم ضمن جهود كبيرة لصنع قنبلة ذرية .
فى نفس الوقت أشار تقرير البنتاجون عن اختباره بنجاح لسلاح ليزر عالي الطاقة مصمم بمواصفات خاصة وسوف يستخدم لحماية الحدود الإسرائيلية الشمالية مع لبنان والتى تتمركز فيها قوات حزب الله اللبناني التى يدعمها النظام الإيراني ويمدها بالأسلحة خاصة صواريخ كاتيوشا . وأشار التقرير الى ان تلك الاختبارات الأولية قد أجريت فى منطقة (وايت ساندز ) بولاية نيو مكسيكو بجنوب الولايات المتحدة ، وهو أول اختبار لنظام الليزر التكتيكى عالي الطاقة الذي يستخدم ضد عدة صواريخ فى وقت واحد . وقد تمت تجربة هذا السلاح الجديد على صواريخ الكاتيوشا المختلفة الانواع ونجحت التجربة نجاحا متميزا " طبقا لما ورد بالتقرير الامريكى" . فى نفس الوقت أعلنت قيادة الجيش الاسرائيلى عن تسلمها نظام تسليح جديد يقوم بتدمير أهدافه باستخدام حزم مكثفة من أشعة الليزر . وفى 17 يوليو 2001 قامت واشنطن ببذل كافة الجهود مع حلفائها لعرقلة انضمام ايران لمنظمة التجارة العالمية.
محاولات إيرانية مستميتة للانضمام لمنظمة الجات:
وفى 18 يوليو عام 2001 فشلت محاولات ايران المستميتة فى بدء مفاوضات بشأن انضمامها لمنظمة التجارة العالمية وذلك نتيجة للمعارضة الشديدة التى قامت بها الولايات المتحدة ضد طهران. يذكر انه أثناء جلسة المجلس العام المشرف على منظمة التجارة قام السفير الأميركي لينيت ديلي بإبلاغ المجلس أن واشنطن لا توافق على طلب إيران الخاص ببحث انضمامها لعضوية المنظمة التي كانت تضم فى ذلك الوقت 141 دولة. لكن مندوب ماليزيا سوبيرا مانيام الذي كان يتحدث باسم عدد من الدول ذات الاقتصاديات الناشئة والفقيرة المؤيدة للطلب الإيراني أوضح للمجلس العام المشرف على منظمة التجارة أن أنصار إيران سيواصلون ضغوطهم بلا توقف حتى تتخلى الولايات المتحدة عن موقفها الرافض ضد ايران . وشدد سوبيرا مانيام على أن مجموعة الدول المساندة للطلب الإيراني ستواصل طرحه باستمرار على اجتماعات المجلس العام التى تعقد كل شهر. (ملحوظة:تنص لوائح منظمة التجارة العالمية على الإجماع التام في اتخاذ القرارات وهو ما يعنى أنه بمقدور الولايات المتحدة منع إيران من الفوز بعضوية المنظمة إلى الأبد).
************
(3)
تحول الصراع نحو آسيا الوسطى مؤقتا
وإتهامات متبادلة بين جميع الأطراف
فى 20 يوليو 2001 قامت واشنطن بإحياء مشروع مادلين أولبريت وزيرة الخارجية الامريكية فى عهد الرئيس كلينتون الخاص بتعزيز التعاون الامريكى الاسرائيلى لمواجهة ما وصف بالخطر الإيراني فى آسيا الوسطى . وشددت إدارة بوش على ضرورة مواجهة مخططات القيادة الإسلامية الإيرانية الخاصة بتعزيز مواقعها فى آسيا الوسطى وحوض بحر قزوين . كما تقرر تكثيف العمل مع الجمهوريات السوفيتية السابقة فى آسيا الوسطى خاصة اوزبكستان وذلك فى مجالات الخارجية والدفاع والمخابرات ، مع الوضع فى الإعتبار أن رئيس اوزبكستان إسلام كريموف اكثر ولاءا لواشنطن وعلى علاقة جيدة بإسرائيل ، كما انه أبدى استعدادا بلا شروط للتعاون مع واشنطن فى حملتها ضد الإرهاب والأصولية الإسلامية ، وفوق ذلك انه عقد العديد من الصفقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل فى مجال النفط والغاز والزراعة وغيرها من المجالات ، أما الأهم فهو أن الرئيس كريموف فتح باب الهجرة الى اسرائيل أمام يهود اوزبكستان وعمل على إحياء الجالية اليهودية التى تعيش باوزبكستان . وتسعى واشنطن الى ممارسة الضغط على إسلام كريموف فى التخلي تدريجيا عن التعاون مع روسيا وإيران وسائر دول الرابطة المستقلة بدول آسيا الوسطى فى كل القضايا المتعلقة بالأمن وحماية الحدود بحيث تصبح قادرة على استقبال قوات ردع دولية تحت رعاية حلف الناتو فى حال وجود خطر يتهددها من ايران . ( تعتقد واشنطن انه فى حال انتقال اوزبكستان بصورة نهائية الى المعسكر الامريكى فان ذلك سيؤدى الى تغيير جذري فى توازن القوى بآسيا الوسطى لصالح واشنطن ) .
روسيا وإيران تعارضان بشدة التحرك الامريكى فى آسيا الوسطى:
عارضتا روسيا وإيران التحرك الامريكى فى آسيا الوسطى بأبعاده المختلفة ، ودعا الرئيس بوتين الى ضرورة التحرك فى حوض بحر قزوين لمواجهة النشاط المتزايد للولايات المتحدة ودول أخرى فى هذه المنطقة (يقصد بذلك أوربا الغربية وإسرائيل) . فى نفس الوقت طالب مجلس الأمن القومي الروسي بضرورة تصحيح الأوضاع بالمنطقة لمنع تحويل بحر قزوين الى منطقة نزاعات أخرى . أيضا حذرت ايران من أخطار التواجد العسكري الامريكى الاسرائيلى فى بحر قزوين وطالب قادة ايران بضرورة الاسراع فى تطوير شبكة صواريخها وخاصة من طراز ارض/جو .
واشنطن تسعى لتحجيم دور روسيا وإيران بمنطقة وسط آسيا:
وفى 23 يوليو 2001 أعلنت واشنطن دعمها الكامل لموقف أذربيجان فى نزاعها الحدودي مع ايران وهو النزاع الخاص بوقف أعمال التنقيب عن البترول فى بحر قزوين . ومن هذا المنطلق شددت الادارة الامريكية على تنفيذ خطتها الخاصة بمنطقة آسيا الوسطى والتى ترمى الى: (1) ضرورة تحجيم النفوذ الروسي فى منطقة آسيا الوسطى الى أقصى درجة ممكنة وذلك بهدف ابعاد دول تلك المنطقة عن المظلة الأمنية الروسية . (2) الحد من النفوذ الإيراني فى آسيا الوسطى بأسرع وقت ممكن . (3) والعمل على تقوية الدور والنفوذ التركى بالمنطقة وذلك لإحداث نوع من التوازن بين الأتراك والإيرانيين . (4) الحد من إمكانية استفادة روسيا وإيران من ثروات بحر قزوين . (5) العمل على اثارة النزاعات حول الثروات النفطية وخطوط الأنابيب الناقلة لها للأسواق العالمية بين الدول المطلة على حوض بحر قزوين بما يتيح الفرصة لواشنطن للتدخل فى المنطقة تحت ستار فض الاشتباك . (6) ثم وهو الأهم استبعاد الصين من التدخل فى شئون هذه المنطقة .
مزيد من الضغوط الامريكية:
فى 25 يوليو 2001 وافق مجلس الشيوخ الامريكى على قرار الكونجرس الخاص بتجديد القانون الذي يهدف إلى معاقبة إيران وليبيا ، وقد تم الإستناد إلى الآتى: (1) دعم الدولتين للإرهاب الدولي. (2) تطوير أسلحة الدمار الشامل . (3) تهديد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط والمصالح الامريكية بالمنطقة . ويعطي قانون العقوبات الجديد الصلاحية للرئيس الأميركي جورج بوش والحق في فرض عقوبات على أي شركة أجنبية تستثمر أكثر من 20 مليون دولار في قطاع الطاقة بكل من ايران وليبيا . وقد أشارت بعض التقارير الى انه من المتوقع أن يصادق الرئيس بوش على التشريع.
انتقاد أوروبي محدود لسياسة واشنطن ضد ايران:
فى 31 يوليو 2001 أعربت اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي عن أسفها للقرار الذي اتخذته الولايات المتحدة بتمديد العمل بالعقوبات على ليبيا وإيران لمدة خمس سنوات أخرى. فى نفس الوقت هدد كريس باتن مفوض العلاقات الخارجية للاتحاد الاوربى بأن اللجنة التنفيذية للاتحاد الاوربى سترد بالمثل إذا فرضت واشنطن عقوبات على شركات أوروبية بموجب هذا القرار. وأصدر باتن بيانا جاء فيه : من حيث المبدأ والسياسة فإن الاتحاد الأوروبي يعارض منذ مدة طويلة فرض عقوبات من جانب واحد يكون لها آثارا اقتصادية سيئة على دول الاتحاد الاوربى خاصة من دول خارج حدود الاتحاد . وأضاف : هذه العقوبات التي تهدف إلى فرض شروط أميركية على العاملين بالقطاعات الاقتصادية في دول أجنبية هي فى واقع الأمر تهدد النظام التجاري الدولي المفتوح .
ايران تحسن علاقاتها مع دول الخليج:
على الطرف الآخر ، وفى 6 أغسطس 2001 قام محمد على ابطحي مدير مكتب الرئيس الإيراني محمد خاتمى بزيارة الى دولة الامارات لتهنئة الشيخ زايد آل نهيان بالعيد الـ35 للجلوس على كرسى الحكم ، وقد أجرى خلال تلك الزيارة مباحثات مع المسئولين الإماراتيين حول القضايا السياسية والاقتصادية والتجارية وقضية الجزر الثلاث . وقد أكد على ابطحي أثناء زيارته أن المباحثات كانت بناءة وإيجابية وناجحة وتناولت البحث فى الوسائل التى تخدم أمن المنطقة، ولكنه لم يشر الى حل مشكلة الجزر الثلاث .
وفيما يتعلق بالجزر الثلاث(أبو موسى ، طنب الكبرى ، طنب الصغرى) فان ايران تعتبرهم المتنفس الاقتصادي والتجاري والإستراتيجي الوحيد لها بالمنطقة وذلك بعد ان سحب شاه ايران محمد رضا بهلوى مطالبته بالبحرين التى يعتبرها الإيرانييون أحد الأراضي الفارسية. ولكن إحقاقا للحق فان الشاه سعى للتوصل الى اتفاق مع إمارة الشارقة بخصوص جزيرة أبو موسى ، كما سعى الى اتفاق مع إمارة رأس الخيمة بخصوص جزيرتي طنب الكبرى والصغرى . وبالفعل تم التوصل الى مذكرة تفاهم مع إمارة الشارقة نصت على عدم تنازل اى من الطرفين عن مطالبته بالسيادة أو الاعتراف بمطالب الطرف الآخر مع تقسيم السيادة بين الطرفين بحيث تتولى ايران السيطرة على شمال الجزيرة وتتولى الشارقة السيطرة على الجزء الجنوبي بما فى ذلك قرية أبو موسى مع تقسيم ناتج النفط مناصفة بينهما . وبالنسبة لامارة رأس الخيمة لم يتم عقد اتفاق نظرا لان الشاه كان مصرا على السيادة الإيرانية الكاملة على جزيرتي طنب الكبرى والصغرى نظرا لموقعهما الإستراتيجي وقربهما من الأراضي الإيرانية حيث انهما أشبه بالصمام الذى يشرف على الشريان المائي والملاحي للخليج العربى وما يتمتع به من تحكم فى تصدير البترول من مناطق إنتاجه فى الدول المطلة عليه الى الدول المستوردة فى أوربا والولايات المتحدة واليابان وغيرها .
اتهامات أمريكية جديدة ضد روسيا والصين وكوريا الشمالية :
وفى 8 سبتمبر عام 2001 قام جورج تينيت مدير وكالة المخابرات الامريكية CIA بتقديم تقرير مفصل للكونجرس الامريكى جاء فيه:ان جهات روسية وكورية شمالية وصينية وايضا أوربية قد زودت ايران بمعدات وتكنولوجيا متقدمة لها صلة بصواريخ ذاتية الدفع خلال الفترة من أول يوليو 2000 وحتى 31 ديسمبر 2000 وهو ما ساعد ايران على الاكتفاء ذاتيا فى مجال إنتاج الصواريخ بعيدة المدى . وأوضح تينيت فى تقريره ان ايران مازالت إحدى اكثر الدول سعيا للحصول على التكنولوجيا الغربية والشرقية أيضا الخاصة بتطوير أسلحة الدمار الشامل، وان طهران تمضى قدما فى محاولة تطوير قدراتها المحلية من أجل بناء ترسانة من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية ، بالإضافة الى تطوير شبكتها الصاروخية التى سوف تستخدمها فى حمل تلك الأسلحة الفتاكة . كما أشار تقرير تينيت الى ان دوائر الـCIA تتوقع ان تمتلك ايران القدرة على تهديد أمن الولايات المتحدة الامريكية بصواريخ عابرة للقارات فى غضون 15 عاما على الأكثر .
وشدد تقرير مدير المخابرات الامريكية على انه خلال النصف الثاني من عام 2000 استمرت جهات فى روسيا وكوريا الشمالية والصين فى تزويد ايران بمعدات وتكنولوجيا وخبرة حاسمة ذات صلة بصواريخ ذاتية الدفع. وأوضح تينيت ان الشركات الروسية مازالت تشكل مصدرا هاما لحصول ايران على معدات كيماوية وتكنولوجيا متطورة يمكن استخدامها فى النواحي العسكرية ، وان روسيا تحديدا مازالت إحدى الجهات الرئيسية التى تزود البرنامج النووي الإيراني باحتياجاته ولاسيما بناء مفاعل للطاقة النووية بقدرة ألف ميجاوات فى مدينة بوشهر . واشار تقرير تينيت الى ان الخبرة الروسية والتكنولوجيا المتطورة قد يؤديان الى تطوير وتعزيز البرنامج النووي الإيراني لاستخدامه فى إنتاج أسلحة نووية .
وحول الموقف الصيني : أشار تينت فى تقريره الى ان النصف الثاني من عام 2000 شهد استمرار تمسك الصين بتفسير ضيق جدا لالتزاماتها مع واشنطن فى مجال حظر الانتشار النووي . ولكن فى نوفمبر 2000 أعلنت الصين عدم مساعدة اى دولة بأي شكل فى تطوير الصواريخ ذاتية الدفع والتى قد تستخدم فى اطلاق أسلحة نووية.
وفيما يخص كوريا الشمالية أوضح التقرير أن النظام الكورى واصل تصدير معدات ومكونات ومواد فنية لها صلة بالصواريخ ذاتية الدفع لدول الشرق الأوسط وجنوب آسيا وشمال أفريقيا خلال عام 2000 .
ايران ترحب بعودة علاقاتها مع الاتحاد الاوربى:
فى 10 سبتمبر 2001 التقى وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي أثناء زيارته لمقر الاتحاد الاوربى ببروكسل بكل من خافيير سولانا مسئول الشئون الخارجية بالاتحاد الاوربى ووزير خارجية بلجيكا لويس ميشيل وذلك فى محاولة لإحياء بلاده للعلاقات مع الاتحاد الأوروبي وبدء التفاوض بشأن التعاون والتجارة مع الدول الأعضاء في الاتحاد. ( يذكر أن هذه الزيارة تعد الأولى من نوعها منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979). وقد بحث خرازي مع سولانا مقترحات من أجل التوصل لاتفاق التعاون والتجارة مع الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، خاصة فى مجال خفض التعريفات الجمركية والحصول على حصص أكبر للصادرات الإيرانية ( لم يتم التوقيع على اتفاق بهذا الخصوص فى ذلك الوقت نظرا للمعارضة الامريكية التى طالبت ربط تلك المقترحات بإعادة النظر فى سجل انتهاك حقوق الانسان فى ايران وموقف نظام طهران من دعمه للإرهاب وتطوير أسلحة الدمار الشامل ) .
ايران تنفى قيامها بتطوير أسلحة الدمار:
في الوقت نفسه جدد خرازي أثناء لقائه بخافير سولانا ووزير خارجية بلجيكا نفي بلاده محاولة تطوير أسلحة نووية . وقال إن إيران أبدت ضبط نفس في هذا الصدد رغم وجود دول نووية تقع فى شرق وغرب ايران ولا يسائلها أحد . وطالب خرازى بأن تكون منطقة الشرق الأوسط بأكملها خالية من أسلحة الدمار الشامل.
وفى الوقت نفسه أكد الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية حميد رضا أصفى : إن إيران التي عانت أكثر من أي دولة أخرى على الصعيد البشري من تأثير أسلحة الدمار الشامل والأسلحة الكيميائية، لم تسع يوما ولا تسعى إلى امتلاك مثل هذه الأسلحة". وأوضح أن تعاون إيران النووي والدفاعي مع دول أجنبية يندرج في إطار المعاهدات الدولية ويسعى إلى الحفاظ على الأمن والسلام العالميين.
وشدد أصفى على أن المسؤولين الأميركيين والصهاينة يطلقون هذه الاتهامات المتكررة ضد ايران في حين يرفض النظام الصهيوني أن يدع الوكالة الذرية الدولية تتحقق من ترسانته النووية .