الحذر من تهميش الإسلاميين

الحذر من تهميش الإسلاميين

في جبهة الخلاص الوطني

محمد هيثم عياش

[email protected]

عقدت جبهة الخلاص الوطني  مؤتمرها الثاني أو الثالث في العاصمة الالمانية برلين في الفترة ما بين 3 و 5 رمضان 1428 الموافق لـ 15 و 17 أيلول/سبتمبر عام 2007 الحالي  تحت رئاسة الاستاذين علي البيانوني وعبد الحليم خدام الذي كان نائبا لرئيس النظام السوري ووزير خارجية ذلك النظام منذ استلاب الطاغية حافظ اسد /عليه من الله ما بستحق / السلطة في حركة تصحيحية أهلكت الحرث وكادت أن تهلك النسل  واستمر في منصبه الى السنوات  الخمسة العجاف الأولى  من حكم الطاغية الصغير بشار ليواصل جرائم ابيه .

وكانت المصيبة في هذا الاجتماع انتقاد خدام لنظام بشار أسد بينما تغاضى عن جرائم حافظ  اذ ان جرائم بشار تتمة لجرائم ابيه  مؤكدا بأنه لا علاقة له  بالجرائم التي ارتكبها الطاغية والسفاح الكبير لأنه أي خدام كان مختصا لشئون السياسة الخارجية ، ولا أدري ان كان هذا الرجل يهزأ بنا اذ ان السياسة الخارجية تعتبر عمادا  للسياسة الداخلية في كل دولة فهو كمثل الشيطان اذ قال للانسان اكفر فلما كفر أعلن براءته ، والمصيبة التي كانت أكبر من ادعاءات   الاستاذ خدام ،  جلوس الاسلاميين  الذي عانوا من جرائم النظام السوري الى جانب الشيوعيين والبعثيين الذين كانوا وراء مصائب الشعب السوري . وربما يجهل الكثيرون بأن الشيوعيين والبعثيين ودعاة القومية استغلوا الاسلاميين للوصول الى اهدافهم ليس لأن ذوي النزعة الاسلامية الذين يريدون الخلاص لوطنهم أغبياء بل لأن الدين قد وقذهم فهم يعتقدون بصدق دعاة القومية والشيوعية بإنقاذ بلادهم ، استغل شيوعيو أوروبا معاناة  مسلمي تلك القارة فلما ساعدهم المسلمون وأوصلوهم الى حكم روسيا ويوغوسلافيا السابقة أذاقوهم التنكيل اكثر من تنكيل القياصرة الروس وغيرهم ، وقد أمرنا الله تعالى باتخاذ الحذر من هؤلاء كما أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن المؤمن لا يلدع من جحر مرتين . ومهما يكن من تصريحات الاستاذ عبد الحليم خدام ووجود شيوعيين وبعثيين وقوميين في المؤتمر فانما الأعمال بالنيات كما انهم يحشرون على حسب أهدافهم فقد روت الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يغزو جيش المدينة حتى اذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم ، قالت / أي عائشة / وكيف وفيهم حثالة الناس / أي الذين لهم أطماع ومصالح / فأجاب عليه الصلاة والسلام يحشرون على حسب نياتهم . الا أنني أريد أن أحذر الاسلاميين من التهميش من قبل أصحاب المطامع والمصالح من هؤلاء .

واسمحوا لي قبل أن أتطرق الى العلوم السياسية الخاصة بالمعارضة أن أذكر لكم بأن مؤتمر جبهة الخلاص الذي عقد في برلين  لم يكن مؤتمر معارضة بل مؤتمر للمغتربين السوريين وبدون حياء وعدم مبالاة كان الشيوعيون وقدامى البعثيون وأمثالهم يدخنون ويأكلون أمام الصائمين من المسلمين ، أذكر بأن النصارى واليهود في دمشق كانوا لا يتناولون الطعام والشراب والتدخين علانية في شهر رمضان ليس لأنهم كانوا يخافون منا ولكن أدبا واحتراما لمشاعرنا ، هل تعلمون بأن زملائي الألمان في مهنة الصحافة بألمانيا لا يتناولون الطعام والشراب  أمامي وحتى   زملائي السابقين أثناء عملي في  المنظمة الاوربية للامن والسياسة الاروبية وفي المصانع التي كنت أعمل لها لا يتناولون الطعام والشراب والتدخين أمامي في شهر رمضان احتراما لي ؟  وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال : إن آخر ما أدركه الناس من النبوة الأولى اذا لم تستحي قاصنع ما تشاء ، والايمان بضع وستون أو بضع وسبعون  شعبة / شك الراوي / أعلاها الشهادتين وأدماها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان .

ولنعد الى علم سياسة المعارضة ، فقد أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة هومبولدت البرلينية  هانس ليبر في كتابه العلمي  النظريات السياسية من العصور الوسطى الى أيامنا هذه بأن على المعارضة السياسية ان تكتسب أصدقاء وخاصة كسب مودة أصدقاء النظام الذي يعارضونه ، وقد استخدم رسول لله صلى الله عليه وسلم سياسة التخذيل ، ورضي الله عن خبير السياسة سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما الذي قال لو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت ان رخوتها شدوها وان رخوها شددتها ، ففي المؤتمر الصحافي الذي عقده خدام والاستاذ البيانوني هاجم الاثنان ايران بشكل قوي ، علما ان خدام كان مهندس العلاقات السورية الايرانية  ، وايران بالرغم من عداوتها لأهل السنة ومحاولتها تشييع العالم الاسلامي ووقوف طهران مع نظام دمشق النصيري ضد الاخوان المسلمين واتهام الخميني لنا بالخيانة الا أن كسب صداقتها ضروري او وقوفها بشكل مستقل بنزاعنا مع نظام دمشق ، كما ان اعلان زعماء الجبهة المذكورة تغيير النظام سلميا يعتبر مستحيلا  والحاجة ضرورية لتغيير هذا بالقوة وبالمظاهرات الشعبية على ان يكون التغيير من إرادة الشعب السوري وليس من قوى خارجية ، ان الشعب السوري الذي استطاع دحر فرنسا قادر على إزاحة هذا النظام الا أنه يجب أن يكون هناك معارضة لها برامجها السياسي لعرضه على الدول التي تريد الخير لسوريا وذلك من أجل دعم مطالب الشعب السوري ، صدقونني  بأن أكثر الذين شاركوا في اجتماع جبهة الخلاص كانوا لحاجة في نفس يعقوب قضاها وكأن المعارضة أصبحت مصلحة ، سألت احد السوريين الذين يعيشون في نيويورك وكان يضع على بزته شارة العلم الامريكي الى جانب شارة العلم السوري ما اذا كان يعرف ذلك الفيلسوف فريد الغادري فقال لي انه يعرفه هو من المعارضة أي غادري / ومحدثي / من المعارضة / والعلاقة بينهما مرحبا وصباح الخير ، محدثي هذا لم يستمع الى كلمة واحدة من مناقشات الجبهة ، هل تعلمون لماذا لأنه كان مثل الحاجب يفتح باب القاعة ويدخل اليها وسرعان ما يخرج . نحن بحاجة الى معارضة خالية من المصالح ، هل تذكرون التحالف الوطني لتحرير سوريا الذي قام بعيد مجازر حماة وغيرها الذي تم بين الاخوان والبعثيين وغيرهم  لقد مات ذلك التحالف منذ نشأته  ذلك التحالف الذي قالت عنه السيدة زينب الغزالي رحمها الله بأنه لا يريد وجه الله .