اضطرابات باكستان وقنبلتها النووية
اضطرابات باكستان وقنبلتها النووية
د. ياسر سعد
في تعليقه على إعلان حالة الطوارئ في باكستان, دعا البيت الأبيض إلى تنحي مشرف عن منصب قائد الجيش قبل أدائه اليمين الرئاسية. ووصفت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس "تحرك مشرف بأنه أمر يدعو لبالغ الأسف", في حين عبرت بريطانيا عن "الشعور بقلق بالغ" وحثت مشرف على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر. الموقفان الأمريكي والبريطاني لا يخلوان من النفاق السياسي ويرجعان بذاكرتنا إلى أكتوبر 1999 حين نجح انقلاب برويز مشرف في إقصاء حكومة نواز شريف المنتخبة, وقتها نددت الخارجية الأمريكية بشدة بالانقلاب ودعت لفرض عقوبات على الحكم الجديد لحين استرجاع الديمقراطية المسلوبة. ولكن مع إعلان إدارة جورج بوش الحرب على الطالبان وجدت الولايات المتحدة في برويز حليفا وثيقا وتحول الجنرال من مغتصب للسلطة إلى صديق مقرب و شخصية دولية تستحق الإطراء والثناء.
ما يحدث في باكستان, وإن كان يتحمل المسؤولية الكبرى عنه الرئيس الباكستاني وسياسته الخاطئة, فإن الإدارة الأمريكية بضغوطها ألشديدة على حكومة باكستان وطلباتها المتكررة قد ساهمت مساهمة فعالة, وربما مقصودة, لتصل الأمور هناك إلى ما وصلت إليه من اضطراب وغليان واحتمالات مفتوحة للأسوأ. فهل ما يحدث في باكستان يقع ضمن الفوضى الخلاقة الأمريكية؟ وهل القنبلة النووية الباكستانية "الإسلامية" هي هدف أمريكي وغربي غير معلن؟
في الشهر الماضي نشرت منظمة أمريكية تحمل اسم "مستقبل دون إرهاب" وتتخذ من واشنطن مقراً لها تقريرا عن استطلاع للرأي زعم أن شعبية الرئيس الباكستاني، برويز مشرف أدنى بكثير من شعبية زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وبحسب نتائج المسح "المعلنة"، يتمتع زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، برضا 46 في المائة من العينة المستطلعة التي شملت 1044 باكستانياً، فيما لم ينل مشرف سوى 38 في المائة من الأصوات ووصفت المنظمة المستقلة التي أجرت الاستطلاع النتائج بأنها "مزعجة كثيرا". وقد أظهر التقرير أيضاً رضا 43 في المائة من أفراد العينة عن تنظيم القاعدة و38 في المائة عن حركة طالبان، فيما حصلت الجماعات المتشددة المحلية على نسب تتراوح ما بين 37 و 49 في المائة.
وتعليقا على النتائج، قال كين بالين، رئيس المنظمة "لقد أجرينا 23 مسحاً مماثلاً في مختلف الدول الإسلامية، لكن هذه النتائج لم تسجل سوى في الدولة الوحيدة التي تمتلك سلاحاً نووياً، والخطير في الأمر أن الجهات التي ترغب باستخدام هذه الأسلحة ضد الولايات المتحدة، مثل طالبان والقاعدة، أكثر شعبية من حلفاء واشنطن، مثل مشرف".
القاعدة أعلنت في غير مناسبة الحرب على النظام الباكستاني داعية إلى إسقاط نظام مشرف مهدرة دمه, فهو عميل أمريكي يحارب الجهاد, والجماعات الإسلامية المسلحة كما القبائل دخلت في مواجهة عنيفة مع الحكم الباكستاني وانتشرت عمليات التفجير التي استهدفت ضباط وجنود باكستانيين. والضغوط الغربية والأمريكية قد تزداد على مشرف, بل أكاد أقول أن زعزعة الاستقرار السياسي في باكستان قد يكون هدفا مشتركا لخصوم الألداء وإن كانت لأهداف متباينة. دخول باكستان مرحلة مضطربة والحروب داخلية كارثة جديدة تنزل بالأمة الإسلامية. وربما ترتفع الأصوات الغربية تطالب بتفكيك القنبلة النووية "الإسلامية" حتى لا تقع في يد المتطرفين, وقد تكون جزء من المقايضة مع نظام مشرف الضعيف والمترنح, نقدم لك الدعم والقبول الدولي مقابل أن تفكك البرنامج النووي الباكستاني, وحين يكون هدف الحاكم الضعيف البقاء في السلطة فقد يقدم على مبادرات خطيرة وتنازلات جسيمة.