توقع دائما مفاجآت النظام السوري
في العهد الجديد بعد القديم
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
قد نقرأ العهد القديم لنعرف كيف كان تاريخ ظهور البشرية على الأرض , وقد زادنا بالأمر معرفة البداية والنهاية (لأبن كثير) .
ولو تتبعنا سلوك النظام السوري في العهد القديم لكان حري بنا أن نعرف من مساره, العهد الجديد في تولي الإبن لمقدرات الأمور في سورية .
والمرحلة الفاصلة بين العهد القديم والجديد والتي تكاد تتساوى بالزمن لرأينا أن العهد الجديد يكون كما عبر لي دكتور عراقي في سنة 2002 مصورا العهدين كالآتي :
في زمن الأب الفساد كان بيد الرئيس ويتلاعب به كيف يشاء , وفي زمن الوريث أصبح الفساد يملك الرئيس .
فقد عرفنا عن العهد القديم الكثير والكثير , منها تسليم الجولان بدون حرب , وفقدان عشرات الآلاف في السجون وتشريد الآلاف وإعدام عشرات الآلاف واستمر الأمر هكذا للعهد الجديد ,
صحيح لم نسمع بإعدامات جماعية ولكن توجد تصفيات جسدية تسجل ضد مجهول كاغتيال الشيخ الخزنوي رحمة الله عليه , وقتل أكراد بالخطأ في الجيش وقس على ذلك الكثير .
يمين القسم في العهد الجديد , والخطوة الجبارة في مزيد من الحرية , كانت لكشف المستور في نفوس الناس .
وكانت المفاجأة الكبرى في إعتقال أصحاب إعلان دمشق وعلى رأسهم فداء حوراني ورياض سيف وعارف دليلة والكثير الكثير.
وخرجت منظمات حقوق الإنسان في سورية وكانت المفاجأة في اعتقال كوادرها والحسني والبني شاهدين على ذلك .
فالعهد الجديد لم يكن ساكنا وإنما كانت أعماله ديناميكية متحركة بين صفوف الأحرار في سوريه .
وفي العهد القديم كثير من الأطفال أعدمو ونساء ورجال , ومحامين وأطباء وحتى علماء الذرة .
وفي الوقت الحالي الذنب ليس ذنب المعتقلين وإنما ذنب الفضائيات والأنترنيت , وذنب المحامين .
هيثم المالح شيخ المحامين في سورية والحسني قبله ومع أنهم انطلقوا من القانون ولم يخرجوا عنه فقد كان من مفاجآت النظام
المحامون ورجال القانون يحطمون نفسية الأمة ويدعون إلى الفتنة وإضعاف شعور الأمة فمأواهم المعتقلات الأبدية .
وجاء الدور في المفاجأة الكبرى والتي تعادل في صيغتها اعتقال شارون أو نتنياهو .
في الذهاب وراء قصيدة كتبتها فتاة بعمر الورد اسمها طل الملوحي .
السيدة فداء الحوراني وسهير الأتاسي لهن باع طويل في السياسة , ولكن تلك الأخت والإبنة والوردة الجميلة تمس من قبل وحوش تربوا على دماء الناس البريئة من شعبنا السوري المقهور .
هل عقد مجلس مايسمى بمجلس الحرب في دمشق لتأكيد شمول البنات مهما صغر سنهم السجن والتعذيب وهتك الأعراض .
لن نتوقع من العهد الجديد إلا كما توقعنا وشاهدنا في العهد القديم فأين تلك الأصوات والتي تنادي بوجود الخير في الكثير من القيادات السورية؟
علينا نحن المعارضة السورية أن نتبنى نظريات جديدة لاتنتمي لا للعهد القديم ولا للجديد , علينا أن نتجاوز عقدة الشعور بالنقص وأن نثق بذاتنا ,
لما لانتبنى نظرية جديدة تنطبق علينا نظرية أحمد داوود أغلو وزير الخارجية التركية .
(الثقة بالذات الحضارية) هي مصدر قوة إضافية للدولة في علاقتهاالخارجية , وخاصة إذا اقترنت بتجاوز عقدة النقص وبالتغلب على الشعور بالدونية تجاه الطرف الآخر .
عندما نثق بأنفسنا وبقدراتنا المبعثرة في كل مكان وتجميعها في قالب واحد منطلقة من السمو والشعور بعدم الدونية لن يجرؤ النظام وقتها على اعتقال طل الملوحي .
فلا تفريط في الحقوق ولا يجب التنازل عنها مع أي سياسة كانت ووضع قائم بحد ذاته .
يقول (أحمد داوود أغلو)كي تكون ناجحا في إدارة العلاقات الدولية , يتعين عليك مراعاة التوازن الدقيق بين قوة الأمر الواقع , وقوة الحق الأصيل .وأنه لايجوز المغامرة بمواجهة قوة الأمر الواقع , دون استعداد كافي, كما لايجوزالتفريط في قوة الحق الثابت والأصيل وأنه يمكن إنجاز الكثير في المسافة القائمة بين قوة الأمر الواقع وقوة الحق الأصيل.
الأمر الواقع مفاجآت النظام في سورية للشعب السوري , والقوة والحصانة الدولية التي يتمتع بها , وصراعه ضد الحق الأصيل للشعب السوري .
وهذا الصراع موجود بين فصائل المعارضة وأحزابها وجمعياتها وأفرادها وبضعفها وتشتتها ولم تجد أو تسعى لأن يكون عندها الإستعداد الكافي لمقاومة قوة الأمر الواقع , ليضيع الحق الأصيل بالكامل ودليلنا الكبير على ذلك اعتقال الفتاة دون سن العشرين طل الملوحي ورجل الثمانين هيثم المالح والمسيرة مستمرة , وقوة الحق الأصيل تناثرت ولم يبق منها إلا سرابا ببقيعة يحسبه الظمآن ماءا .
متى يعي إخواننا في المعارضة السورية أن تشتته سيأكل الحرث والنسل ولم يبق من من كرامة المة شيء إلا وتم انتهاكه .
معولين على الخير ان يخرج من صلب العهد الجديد
لن يكون هناك خير أبدا مادام الوهن والتشتت شعار الجميع
فمتى يعي الناس حقيقة مواقفهم تلك حتى نقول بصوت واحد
حقنا لن يكون مداسا
وبناتنا لن تكون بيد طغاة بعد الآن
وأعراضنا سنصونها دائما بإذن الله
فمتى نعود عن ضلالنا؟