الخطر المردوخي حل في دارنا
روبرت مردوخ |
محمد فاروق الإمام |
الشراكة الجديدة بين صاحب أكبر إمبراطورية صحفية وإعلامية في الغرب مع شركة روتانا الفنية العربية (التي يملكها الأمير السعودي الوليد بن طلال) يمكن أن تكون حصان طروادة باعتبارها الخطوة الأولى لرجل معروف بدفاعه الشديد عن إسرائيل والأفكار الصهيونية عموماً.
والصهيونية التي أخفق العرب مجتمعين من طردها من فلسطين على مدى ستين عاماً من الحروب باتت اليوم تسكن بيوتهم عبر أكبر شبكة إعلامية أخطبوطية يديرها كبير أباطرة الإعلام في العالم المسيحي المتصهين (روبرت مردوخ)، الذي يتباهي بحبه للصهيونية والدفاع عنها وتغطية جرائمها في العالم.
شركة روتانا الفنية باتت بيد مردوخ بعد أن أمسك أصبعها بشرائه لـ20% من أسهمها، والتي تقدر قيمتها ما بين 250 إلى 350 مليون دولار، عملاً بالمثل الذي يقول (إذا أردت أن تمسك اليد فأمسك بالأصبع).
حصان طروادة هذا هو الذي سيدخل منه (روبرت مردوخ) الذي يعتبر واحداً من أكثر الأشخاص خبرة في التأثير السياسي على الدول والأمم، سيدخل منه إلى بيوتنا ومن ثم إلى عقول بناتنا وشبابنا، هذا المردوخ لم يفوت فرصة انعقاد قمة أبو ظبي للإعلام ، وكان من بين المتكلمين في يوم افتتاح القمة الإعلامية العالمية، وحث في كلمته حكومات المنطقة العربية على رفض الرقابة على وسائل الإعلام وقال إنه يراهن على الإبداع العربي. ووجه نداء إلى تخفيف القواعد التنظيمية.
وحتى يوهم العرب بأنه يريد الاستثمار في المنطقة العربية، وأن غرضه شريف، أضاف إلى شرائه حصة في مجموعة قنوات روتانا التلفزيونية نقل بعض عمليات قنوات فوكس التلفزيونية التي يملكها إلى أبو ظبي.
كما دعا مردوخ إمارة
أبو ظبي الغنية بالنفط إلى تنويع اقتصادها وتعزيز وضعها الدولي بالتحول إلى مركز
ثقافي للمنطقة وقال إن الإمارة ينبغي أن يكون لديها الثقة لفتح أسواقها.
وقال (القطاع المبدع يزدهر بشكل أفضل في المجتمعات التي تتدخل فيها الحكومات بقبضة
خفيفة) مضيفاً (أن الحوافز الاقتصادية أكثر فاعلية من إجراءات الحماية التجارية).
وتابع (في ظل تلك الحوافز ستبنون قطاعاً إبداعياً يليق بالعاصمة العظيمة التي
خططتموها).
وعلى هذا الأساس يمكن القول
بأن مواهبنا الفنية العربية سوف تكون مرهونة للمزاج المردوخي في السنوات المقبلة.
وأن نوايا مردوخ الربحية قد تعمل على التحكم بمستوى مضمون الفيلم العربي القادم
وتسويق الرذيلة الفنية الهابطة وتعميمها استناداً إلى عقود احتكارية مع فنانين عرب.
هذا إضافة إلى حق الملكية العامة في تراث السينما العربية وحق التصرف فيها
باعتبارها من أملاك الشركة. والعمل على المساعدة في إنتاج أفلام عربية هابطة تسوق
لاحقاً لأفكار مدمرة لمجتمعاتنا.
وعلى الجانب الآخر من السطوة المردوخية القادمة يمكن أن تساق الأغنية العربية إلى أحط المستويات على الصعيد الكلمات والموسيقى والغناء، وذلك عن طريق العقود الاحتكارية التي سوف تلزم المطرب أو الفنان أو الشاعر الغنائي المتعاقد مع الشركة بتقديم المستوى الفني البذيء الذي ستحدده الشركة سلفاً.
إن هدف مردوخ من دخول فضاء الفن العربي يهدف إلى تقويض المجتمعات العربية، وتربية أجيال من الشباب المنسلخ عن دينه وأخلاقه وقيمه، مبتعداً عن قضايا أمته الكبرى، صاكاً أذنيه عن كل ما يجري حوله، وحصر تفكيره بالجنس والرذيلة.
إنها عقلية الصفقة التي ستقود الأجيال القادمة إلى صناعة عقلها ومزاجها على الطريقة المردوخية تلك الطريقة التي أفسدت العالم الغربي بهيمنتها.. واليوم هي في بيتنا تريد إفساد أبنائنا وبناتنا، وتربية أجيال من الشباب المائع الذي لا يعرف إلا العبث واللهو والغناء والرذيلة والطرب والمجون.. بعيداً عن قضايا الأمة وهمومها.
وهذا فيلسوف الإسلام محمد إقبال يقول.. إني أتمنَّى للإسلام جيلاً من شباب القرآن شبابه طاهر نقيّ، وضربه موجع قويّ، إذا كانت الحرب فهو في صولته كأسد الشِرى، وإذا كان الصلح فهو في وداعته كالغزال الحمى، يجمع بين حلاوة العسل ومرارة الحنظل، هذا مع الأعداء وذاك مع الأصدقاء، إذا تكلم كان رفيقاً رقيقاً، وإذا جدَّ في الطلب كان شديداً حفيَّا، إذا كان بين الأصدقاء كان حريراً في النعومة، وإذا كان أمام الأعداء كان حديداً في الصلابة، يجمع بين جلال إيمان الصديق، وقوة عليّ، وزهد أبي ذر، وصدق سلمان، يقينه بين أوهام العصر كمصباح الراهب في ظلمات الصحراء، يُعرف في محيطه بحكمته وفِراسته وبآذان السحر، يقتنص النجوم ويصطاد الأسود ويباري الملائكة ويرفع قيمته ويزيد في سعره، حتى لا يستطيع أن يشتريه إلا ربّه.
وقديماً قال الشاعر:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وقال شاعر آخر متـأثراً بقوله:
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا