استحقاق الرئاسة والابتزاز بـ(الشوفينية)

وحيد بلال الحلي

[email protected]

فيما يلعن الجميع المحاصصة صباح مساء ويحملونها اوزار الفشل الذي رافق العملية السياسية ،فان تلك المحاصصة الملعونة تتحول متى كانت في المصلحة ،الى حق وطني ودستوري وما شئت من حقوق اخرى .

في هذا المجال يبرز موضوع استحقاق الرئاسة ،الذي تحول دون سابق انذار الى حق طلباني كردي ، ترك من اجله المام جلال امنيته في الراحة وكتابة المذكرات للاجيال القادمة ،وصار الكلام في المسوغات السياسية والوطنية والموضوعية لان يتولى الرئاسة في العراق عربي والعرب في هذا البلد تتراوح نسبتهم بين 80 الى 85% من السكان ، صار كلاما تنطبق على اهله التهمة الطرزانية الخالدة ، الشوفينية!.

وتعرف ان واحدا من اليات الهيمنة السياسية في هذا البلد منذ اقرار المحاصصة السياسية والعرقية البريمرية هي النسبة العددية السكانية ،لكن هذا المعيار يزول متى تعارض مع مصلحة الذين يتصورون انهم الاذكياء الوحيدون في هذا الكون والسياسيون البارعون في هذا البلد المبتلى ،ومع هذا فلا احسب ان احدا من الداعين الى استحقاق عرب العراق لهذا المنصب يطرح الموضوع على اساس الغلبة والتميز ،بل ان ما يساق من حجج هو اقرب الى المنطق الوطني والسياسي والموضوعي ،فضلا عن الخشية من ان تتحول المناصب الى استحقاقات محاصصية على الطراز اللبناني يصعب بعد ذلك الخروج من اسرها .

نعم صحيح جدا انه لامانع دستوريا ان يتولى جلال الطالباني اوغيره  الرئاسة ،لكن بربكم دلوني على مانع دستوري من ان يدخل العربي مناطق ما تسمى بكردستان دون كفيل ،ودلوني على المانع الدستوري من ان يمتلك العربي عقارا في الامبراطورية الطرزانية ،بل دلوني على مانع دستوري من ان يعين مدير شرطة او رئيس دائرة صغيرة بل موظف صغير من اصل عربي هناك لنقول ان الجماعة هم عبيد للدستور لايخرجون عن احكامه ،كما يجادل امثال المشاغب الثرثار البذيء سامي العسكري الذي حول موضوع الرئاسة

الى مادة من مواد الصفقة السياسية بين حزب الدعوة والحزبين الكرديين ، ويقينا ان امثال العسكري لايمانعون من تقديم الموصل وكركوك وديالى وغيرها هدية الى الحزبين الكرديين لمجرد ان يتحالفا مع المالكي فيميل القبان به امام خصومه التاريخيين في الائتلاف الاخر .

ان اعتبار الرئاسة استحقاقا للطالباني اوغيره من قادة الحزبين المهيمنين على مصائر اكراد العراق ،هو حجة لاتمتلك الاهلية لاقناع اي احد لانها حجة مردودة من عدة اوجه فضلا عن متغير جديد هو رفض المعارضين الاكراد لذلك التوجه الذي يسمح للطالباني التسويق لحزبه ولنفسه ولتوريث ابنه من خلاله .

ا ن واحدة من اكثر مشاكل العراق تعقيدا هي ابتعاد العراق عن عمقه الستراتيجي العربي وعن امتداده التاريخي والجغرافي الطبيعيين ومحاولات مسخ هويته وابراز كل عنصر من عناصر مكوناته والاشادة بها الا عندما يتعلق الامر بعرب هذا البلد الذين نقل عن واحد من عتاة الشوفينيين الاكراد قبل الاحتلال انه هددهم بان يجعلهم من (البدون) بعد ا ن ياتي هو وامثاله مهرولين خلف دبابات الامريكان .

ومع هذا وغيره من علامات العنصرية والفساد والتامر على وحدة هذا البلد وضرب الاخوة بين مكوناته وزرع الفتن والاستقواء بالمحتلين وبالمليشيات والدكتاتورية الحزبية والعشائرية ،فان استحقاق عرب العراق منصب الرئاسة في هذا الوقت الحرج من تاريخ العراق ،هو ليس رد فعل او اقصاء اوتعصب بقدر ماهو حاجة وطنية ستراتيجية تعيد لهذا البلد وجهه ودوره المتقدم وحقه في الانتماء الى حاضنه التاريخي والجغرافي ولترسيخ الامن فيه في هذا العصر الذي يعتمد فيه البلد قوة وتاثيرا واهمية على تحالفاته لا على ضمانات امن واهم من محتليه .