وقفة أمام كلمات مباركية
أ.د/
جابر قميحةما أكثر الكلام !! وما أقل الأفعال بصور تجتمع كلها في الخروج على ما يجب أن يكون ، تمسكا بما هو كائن قائم . وفي السطور الآتية ــ ونحن في عهد الغربة والكربة ، وتضييع الأمانة ، وتوسيد الأمر غير أهله ــ نقف أمام بعض كلمات الرئيس في بعض خطبه وتصريحاته ولقاءاته ، قاصدين بذلك الانتصار للحق والحقيقة .
**********
في الخطاب الذي ألقاه الرئيس حسني مبارك في عيد الشرطة وقفت أمام نقاط قد تثير عجبي ، وعجب كثير من أبناء الشعب . منها :
1- الحديث بضمير ألـ " أنا " ، مع أن هناك أجهزة مسئوليتها الأولى القيام بما يضيفه الرئيس إلى نفسه ، كما نجد في قوله : إنني لن أتهاون مع من يحاول النيْـل من الوحدة الوطنية, أو الإساءة إليها.
إن أمن مصر القومي بمفهومه الشامل هو مسئوليتي الأولي ، ولا أسمح
حياله بأي تهاون أو تفريط ولا أقبل في شأنه أنصاف الحلول .
**********
2- غموض بعض ما يعرضه الرئيس ، وفيه تعريض لم يكن الرئيس
موفقا فيه . كقوله : " لدينا من المعلومات الموثقة الكثير, والذين
يقومون بهذه الحملات وينظمون مهرجانات الخطابة للهجوم علي مصر
في دولة شقيقة بيوتهم من زجاج, ولو شئنا لرددنا لهم الصاع صاعين,
لكننا نترفع عن الصغائر " .
وهي عبارة تترك المواطن في حيرة التخمين ، ومسألة البيت الزجاجي هذه لا تليق بخطاب سياسي وصف بأنه خطير .
ويدور في نفس الفلك ... وبنفس المنهج قوله : " فإننا نتعرض لحملات مكشوفة من قوي عربية وإقليمية لم تقدم يوما ما قدمته مصر لفلسطين وشعبها, وتكتفي بالمزايدة بالقضية الفلسطينية, والمتاجرة بمعاناة الفلسطينيين " .
**********
3ـ ولا ننسى في حديث الرئيس مبارك لمندوب التليفزيون الاسرائيلي بتاريخ 13 / 5 / 2009 جاء ما يأتي :
س _
المذيع: سيادة الرئيس خلال تجربتكم للسلام علي مدي30 عاما لمعاهدة السلام بين
مصر وإسرائيل هل تراها إيجابية. سلبية. مريحة ؟
ـ الرئيس:
معاهدة السلام. يكفي الاتصالات الموجودة.. يكفي أن هناك تعاونا في مجالات
كثيرة.. يكفي ان إحنا نستطيع أن نتحدث عن قضية السلام معكم ونتحدث بمنتهي الصراحة
، ويكفي أننا نساعد في حل مشكلات بينكم وبين بعض الدول..
ونسي الرئيس أن اسرائيل إذا تحدثت عن السلام يكون الحديث شكليا ... لا
وجود له في الواقع القائم .
ـ المذيع: هل هناك مجال لتطوير العلاقات ؟
ـ
الرئيس: التطوير مستمر. وكلما تحركنا في حل
القضية الفلسطينية فالتطوير سيزيد بقوة. شوفوا المبادرة العربية. القرار ده
بتاع مجلس الجامعة العربية في بيروت. فإذا توصلنا إلي حل في مسألة السلام,
الدول العربية ستكون مهيأة إنها تقيم علاقات مع إسرائيل.
( فهل نسي سيادة الرئيس ما أعلنته شخصيات قيادية إسرائيلية بأنها : تركت سينا اختيارا ؛ لأنها لا تملك في الوقت الحاضر من القوة البشرية ما يشغل أرض سيناء . وحينما تتوفر هذه القوة عند اسرائيل فمن حقها عندئذ احتلال سيناء من جديد) .
**********
4 ـ التغيير ــ بطريقة التخفيف ــ من المصطلحات التي اشتهرت على مستوى العالم : فالجدار الفولاذي . أصبح في خطاب الرئيس " أشغالات هندسية للحفاظ على أرض مصر ... وهو اصطلاح أصبح يجري على ألسنة كل المسئولين المصريين . وقد قلنا في مقالات سابقة : إن العدل هو الجدار الحقيقي الذي يحمي الشعب .
**********
5 ــ تحدث الرئيس كثيرا عن أن هذه الأعمال تدخل في نطاق السيادة المصرية التي لن نتهاون في الدفاع عنها . وأنا أقول إن السيادة المصرية يجب أن تنبع أولا من الشعب ... أي لابد أن يشعر الشعب بأنه سيد في وطنه له حقوق وعليه واجبات ، والفيصل الحاكم هو القانون لا رجال الأمن . فلا سيادة لشعب يُحكم بقانون الطوارئ ، ويحاكم أمام محاكم عسكرية . أي أن المواطن يشعر في وطنه بأنه غريب ، مفقود الأمان ، ومن ثم يضعف ولاؤه للأمة ، والنظام القائم .
**********
6ـ ومن أغرب كلمات مبارك : ما جاء على لسانه في تصريح صحفي:
جماعــة الإخــوان خطــر علي أمـن مصـــر ، فصعود الإسلام السياسي يؤدي لانتشار البطالة ، وهروب رءوس الأموال .
وهذه الكلمات تذكرنا بما قاله الوزير مفيد شهاب " إن جماعة الإخوان أخطر على مصر والبلاد العربية من اسرائيل ".
**********
7 ــ وفي حوار مبارك مع " بيتر برسلان "رئيس تحرير الشئون الدولية بصحيفة لوفيجارو الفرنسية *
سأله الصحفي :
المعارضة تدعو الي خفض السلطات الرئاسية والحد من فترة حكمكم . فما رأيكم؟
الرئيس: في حالة انتخاب الرئيس بالاقتراع الشعبي
المباشر, فإن الحد من فترات الحكم ستكون بمثابة عائق أمام رغبة الشعب .أما
بالنسبة للحد من سلطات الرئيس, فإن ذلك سيعني إعطاء الرئيس دورا شرفيا, إن رئيس
الجمهورية هو الضمان لتحقيق الاستقرار.
( وكلام الرئيس يعني :
أ ــ أن انتخابات الرياسة كانت حرة نزيهة نظيفة .
ب ــ إذا حددت مدة حكم رئيس الجمهورية ، فإن هذا التحديد يعد عدوانا على إرادة الشعب .
ج ــ وإن الحد من سلطات الرئيس واختصاصاته تلغي فاعليته ، وتجعل دوره شكليا .
وكل أولئك مخالف تماما لما حضرْناه وعشناه . ويرفض ما قدره مبارك بشأن تحديد المدة والاختصاصات ).
**********
وفي السطور االسابقة ــ ونحن في عهد الغربة والكربة ، وتضييع الأمانة ، وتوسيد الأمر غير أهله ــ وقفنا وقفة قصيرة جدا أمام بعض كلمات الرئيس في بعض خطبه وتصريحاته ولقاءاته ، قاصدين بذلك الانتصار للحق والحقيقة .