الغرابة في انتخابات النقابة!!

صلاح حميدة

[email protected]

من سنوات وحال نقابة الصحفيين الفلسطينيين لا يسر صديق، وكان ولا يزال هذا المجلس  النقابي، والنقيب على وجه الخصوص  محل انتقاد وسخط غالبية الجمهور الصحفي، وكان مطلب إجراء الانتخابات يتكرر بشكل دوري، حتى يتم تغيير النقيب والمجلس المعيّنين من قبل السلطة من سنوات، وبالتالي كان واضحاً أنّ الثقة مفقودة بالنقيب وبعض من معه.

زادت الضغوطات لإجراء الانتخابات في الفترة الأخيرة، وفي نفس الوقت لاقت هذه الضغوطات هوىً عند من يملكون إجراء الانتخابات، وخاصة في منظمة التحرير الفلسطينية، وكان القرار بإجرائها " تحت أي ظرف" كما قالت عضو قائمة منظمة التحرير خلود عطاري!!.

منذ اتخذ القرار، دبّ الحراك في الجسم الصحفي، وبدأ الصحافيون يعدّون أوراقهم ، ويتجهزون لتسجيل أسمائهم، وبدأت الكتل الصحافية والمستقللين يعدون قوائم المرشحين، ولكن هذه الجهود باءت بالفشل، وجرت الانتخابات على وجه السرعة، و" تحت أي ظرف" وبدلاً من معالجة كافّة المشاكل التي تراكمت عبر سنوات خلت، جرى سلق الانتخابت على وجه السرعة، حيث قال بسام الصالحي، أمين عام حزب الشعب الفلسطيني، الذي فاز حزبه في الانتخابات التشريعية بمقعد واحد فقط:-

" وجود الخلافات لا يعني أن لا نجري الانتخابات" ولم يعقّب على الأنباء التي تحدّثت عن سلق الانتخابات ولفلفتها، وحصول الكثير من التجاوزات التي مست جوهر العملية الانتخابية، بل نقلت وسائل الاعلام ما قالت أنّه خلاف بين قوى اليسار في المنظمة مع حركة فتح، على حصتها في قائمة منظمة التحرير، التي كانت قائمة لا منافس لها في الانتخابات، في ظل ما قال العديد من الصحفيين المستقلين و المؤطّرين، أنّه  استبعاد مقصود من قبل  منظمة التحرير الفلسطينية، ودلّلوا على ذلك بالعديد من الحوادث، ومن ضمنها تصريحات عضو قائمة منظمة التحرير، خلود عطاري :-

( إنه بينما عانى صحفيون معروفون من أجل إدراج أسمائهم أدرجت أسماء بائعي صحف وحلاقين وأعضاء من مهن أخرى) وهذا الكلام عزز الادعاآت والتظلّمات التي أعلنها الصحفيون الذين منعوا من نيل عضوية النقابة، في ظل حلول" بائعي الصحف والحلاقين" مكانهم.

وزاد عدد من الصحفيين  في مؤتمرات ومقابلات صحفية على ما قالته خلود عطاري، بأن قالوا أنّهم لا يعلمون من هم الاعضاء في النقابة، ولا من هم المرشحون، وأنّ هناك صحافيين من القطاع فازوا في الانتخابات، وهم غير مرشحين فيها، بل بعضهم ليس عضواً في النقابة؟!.

كما يقول هؤلاء أنّ انتخابات النقابة تم نسجها بالكامل بأيد سياسية عليا في فصائل منظمة التحرير، وبمساعدة لصيقة من قوى أمنية، وهذا يبرره الحضور الكثيف لقيادات من أعلى الهرم في قوى منظمة التحرير.

التصريحات التي قيلت عن الحرص على تدوير الانتخابات، التي برزت فجأة، وأنّ هناك حرصاً على التغيير الديمقراطي والتمثيل، وحقن النقابة بدماء جديدة، تفنّده كل الاجراآت التي تمت قبل وخلال وبعد الانتخابات التي تمت، وهي تعكس رغبة جامحة من قبل فصائل منظمة التحرير للإستئثار بكافة المؤسسات الفلسطينية، وليس فقط استبعاد القوى السياسية الأخرى خارج المنظمة، بل القوى المستقلة أيضاً، فقد عبّر أحد الصحفيين المستقلين - عطا منّاع- عن غضبه مما جرى وقال :-

( اعتبروا الصحفي المستقل مجرد شخص خارج عن إطار منظمة التحرير، وهذا مرفوض)  وقال :-(الانتخابات التي جرت بالضفة  سطو على حرية الرأي والتعبير)، وقال ( ما حدث محاصصة بين فصائل المنظمة مع ضمان سيطرة حركة فتح، في حين استثني صحفيو قطاع غزة بالكامل).

هذه الشهادات تؤكّد أنّ حالة حب الاستئثار بالسلطة على كل شيء، وحالة الفزع من المنافس، مهما قل شأنه، مستقلاً أو مؤطراً، تنتاب فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ودفعها هذا إلى التحوصل ورفض الآخر، واعتبار أنّ المنظمة بيتهم هم، ولا يحق لأي كان أن يدخل هذا البيت، الذي يتملّكونه، بل دفعهم هذا إلى سلوكيات تتنافى جذرياً مع ما يعلنونه عن الرغبة في انتخابات حرة ونزيهة، بل إنّ هذا السلوك المستهجن من قبل الكثير من الصحافيين وغير الصحافيين، يلقي المزيد من الشكوك، عن طبيعة الانتخابات التي يراد تنظيمها في كافة المؤسسات الأخرى، من أعلى الهرم السياسي والنقابي، حتى أصغر مؤسسة، انتخابات لا منافس فيها، انتخابات يتم لفلفتها وسلقها، يتم استبعاد من يستحق العضوية، ويتم جلب من لا علاقة له بالموضوع من أساسه، انتخابات مفصّلة على مقاس فصائل منظمة التحرير، التي رشح أنّها اختلفت على الحصص، ولم تختلف على قانونية ومهنيّة الانتخابات، ومشاركة كل من يستحق فيها، وتمثيلها لكافة القوى في الجسم الصحفي،  انتخابات ينتج عنها أجسام نقابية وسياسية مشوّهة، ولا تعبّر عن واقع الاجسام التي تدّعي تمثيلها، فاقدة للثقة والمصداقية، وتعطي صورة مشوهة للعالم أجمع، عندما يتم نشر كل هذه التجاوزات على الملأ.