إسرائيل تتوقع عمرًا أطول لحماس في غزة
د محمد يوسف
محطة كهرباء غزة نجحت حماس فى اعادة تشغيلها
أقرت الأوساط الأمنية الإسرائيلية بخيبة أملها في سياسة بلادها التي فشلت في زعزعة حكم حركة حماس لقطاع غزة من خلال الضغط الاقتصادي، متوقعة أن يطول عمر الحركة في إدارة القطاع، وخاصة بعد نجاحها إنهاء أزمة الكهرباء.
واعتبر محللون سياسيون فلسطينيون أن صمود حماس في السيطرة على القطاع والتي بدأت في يونيو الماضي رهن بقدرتها على المحافظة على شعبيتها الجماهيرية في ظل ازدياد الخناق المفروض على غزة.
ونقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن مسئولين أمنيين إسرائيليين بارزين قولهم: "إن التحليلات التي أجراها جهاز الأمن بإسرائيل تبين أن النظام العام في غزة قد تحسن بشكل كبير جدًّا، فيما قلّ الفساد لأدنى درجاته عقب سيطرة حماس على القطاع".
وحسب تلك التحليلات فإن هذا التحسن يزيد من رضا المواطنين الفلسطينيين عن حكم حماس لغزة، مشيرة إلى أن الحركة تمنع في هذه المرحلة تطبيق الشريعة على القطاع؛ لعدم إثارة الأهالي ضدها.
واعتبرت تلك القيادات الأمنية أن سياسة إسرائيل الهادفة "لإضعاف حكم حماس في القطاع من خلال الضغط الاقتصادي أصيبت بضربة قاضية".
وأشارت إلى أن آخر المعارك التي انتصرت فيها حماس معركة قطع الكهرباء عن غزة، وذكرت أن: "الطريقة التي حلّت بها الحركة أزمة الكهرباء الأسبوع الماضي تدل على أنها قادرة على توفير احتياجات السكان وليس فقط فرض إمرتها بقوة السلاح".
ونقلت الصحيفة عن المصادر ذاتها قولها: "جهاز الأمن يشعر نتيجة لذلك بخيبة أمل عميقة، و"يعتقد الآن أن الحكم الإسلامي في القطاع سيطول"، في إشارة لسيطرة حماس على غزة.
واندلعت أزمة الكهرباء عندما جمد الاتحاد الأوروبي الذي يموّل توريد الوقود لمحطة توليد الكهرباء في شمالي القطاع دفعات الوقود، عقب اتهام رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض لحماس بأنها تجبي رسومًا إضافية على الكهرباء؛ لتمويل أنشطتها، وهو ما نفته حماس لاحقًا.
ووفقًا للصحيفة فإن تحذيرات حماس من وقوع كارثة إنسانية أدت لعودة الاتحاد الأوروبي سريعًا لتمويل الوقود، واكتفى الأوربيون بتشكيل لجنة تفحص إذا كانت حماس تستخدم هذا المصدر كي تموّل نشاطاتها أيضًا.
ومنذ سيطرة حماس على غزة، قطعت إسرائيل كل علاقاتها الاقتصادية مع القطاع تقريبًا، حيث لا تسمح إلا بإدخال المواد التموينية الأساسية والمياه إليه، منعًا للجوع والعطش، ولكن تتجه النية للقطع المتدرج حتى لهذه المواد، بحيث تصل احتياجات القطاع من مصر، بحسب الصحيفة.
شعبية حماس
وفيما يتعلق بمدى قدرة حماس على الصمود في إدارة قطاع غزة بنجاح، شدد عدنان أبو عامر المحلل السياسي والخبير في شئون حركة حماس على ضرورة "أن تحافظ الحركة على شعبيتها لكي تصمد في حكم غزة، وقال لـ(إسلام أون لاين.نت): رأس مال حماس الوحيد في الجمهور، ويجب عليها أن تحافظ عليه وتسعى قدر الإمكان أن تجنب الشارع مآسي ما يصب عليه من حصار".
وفيما يتعلق بالضغوط المتواصلة على الحركة قال: "على حماس أن توفق بين عدم التنازل عن الثوابت وعدم مساعدة الآخرين في تجويع الشعب الفلسطيني"، معتبرًا أن الأمر المهم في ذلك ليس المكاسب التي ستجنيها حماس وإنما كيف يمكن أن تخرج من هذه الأزمة بأقل خسائر لإنقاذ الشعب.
ومتفقًا مع أبو عامر الدكتور أيمن يوسف أستاذ العلوم السياسية اعتبر أن قدرة حماس على المحافظة على شعبيتها بين الجمهور سيكون العامل الحاسم الذي يحدد مدى قدرة حماس على الصمود في وجه أدوات خنق غزة.
وشدد على أهمية الحفاظ على هذه الشعبية، قائلاً: "إذا استشعر مفكرو الحركة أن القاعدة الشعبية لحماس والمتعاطفين معها بدأت تتآكل سيكون لهم مراجعات على جملة مواقف الحركة من قضايا مثل الحسم العسكري بالقطاع، ورفض شروط الرئيس محمود عباس لعودة الحوار"، وعلى رأسها إعادة الأوضاع لما كانت عليه في القطاع قبل سيطرتها عليه.
عمليات عسكرية بغزة
جاء ذلك فيما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم الأحد أن جيش الاحتلال يستعد لشن عمليات عسكرية أكثر عمقًا داخل غزة قريبًا، منوّهة إلى أن عمليات الاقتحام الأخيرة في غزة استهدفت جمع معلومات استخبارية تساعد على توسيع دائرة العمل العسكري ضد حركات المقاومة.
وأشارت إلى أن بعض مقربي عباس شجعوا إسرائيل على شن مثل هذه العمليات، إلى جانب ضمان إسرائيل لغطاء أمريكي لأي عمل عسكري تقوم به ضد القطاع في ظل سيطرة حماس عليه.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن ضابط كبير في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي قوله: في ظل الأوضاع السائدة حاليًّا، ليس من المستبعد أن تقوم إسرائيل بإعادة احتلال الشريط الحدودي الذي يفصل غزة عن مصر، زاعمة أن مثل هذه الخطوة قد تكون ضرورية لوقف عمليات تهريب السلاح والوسائل القتالية للقطاع.
ونوّهت المصادر إلى أن توسيع دائرة العمليات العسكرية في غزة وجعلها أكثر عمقًا تهدف إلى عدة أهداف، منها، إخراج المستوطنات اليهودية الواقعة في محيط غزة من مدى الصواريخ التي تطلقها حركات المقاومة، وذلك في ظل الانتقادات الموجهة لقيادة جيش الاحتلال لعجزها عن وضع حد لعمليات إطلاق الصواريخ.
وتهدف أيضًا إلى ضرب البنية العسكرية والتنظيمية لحركة حماس، في ظل التقديرات الاستخبارية الإسرائيلية التي تؤكد أن قوة الحركة تعاظمت خلال العام الماضي بشكل كبير، في ظل تواصل عمليات تهريب السلاح، وبعد سيطرتها على كميات كبيرة من السلاح والوسائل القتالية إثر استيلائها على غزة.
بالإضافة إلى التشويش على حكومة حماس المقالة والعمل على منعها من الاستقرار، على اعتبار أنه ليس من مصلحة إسرائيل السماح بنجاح الحركة في إدارة القطاع. وتعزيز قوة الردع الإسرائيلية في أعقاب حرب لبنان الأخيرة الصيف الماضي.