الانتخابات المحلية وفساد الرأس

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected] 

إذا فسد الرأس ؛ أفسد كل شيء ،وكذلك الحال مع الانتخابات المحليه ، التي لم يكترث بها شعبنا ، كما أنه لم يكترث لا بما سُمّي بانتخابات مجلس الشعب ولا بالاستفتاء الرئاسي وكلّه عنده سيّان ، "ضحك على الذقون وعلى عينك ياتاجر"،ويعتبرها ماهي إلا عباره عن مسرحيات سخيفة يقوم بها هذا النظام المتهالك بألاعيب لم تعد تنطلي على أحد،لكي يستمر في حكمه البوليسي القمعي، من وراء هذه المظاهر والشخصيات الكاريكاتورية التي يأتي بها، والدمى التي يُحركها كيفما يشاء. فالرئيس يتم تتويجه بما يسمّى بمسخرة الإستفتاء الممجوجة والكريهة ، والتي إن دلّت على شيء فإنما تدل على مدى استحقار هذه الطغمة الحاكمة بشعبنا وإرادته وقدراته، ومدى استهتارها بعقول النّاس لتفرض عليهم بالقوة شخصاً جاء من رحم الاستبداد والطغيان وتتقول عليهم أنهم اختاروا هذا الطاغيه بشار؛ وأن لابديل عنه ، وكأنما عجزت نساء سورية إلا أن ينجبن الأشرار؟ ولم يعد للأخيار مكان في هذا البلد المصابر.

ولكنني ومن خلال بعض الأسئلة البسيطه  ليس للاذكياء وإنما حتى لمحدودي الفهم ، بأنه اذا كان بشار فعلاً هو الاصلح في سورية لاعتلاء هذا المنصب فمن هو الأسوأ ؛فإذا كانت النتيجة لصالح بشار فحينها سيُحكم على شعبنا أنه فعلا يستحق الحرق والسحق والمحو من الخارطه لأنه صار مختلاً في عقله ، وفاقداً لضميره ، عندما باع أحبابه من الملايين الذين شُرّدوا ، ونُفوا من أرضهم وجذورهم وأحضان أهاليهم الدافئة ويعيشون في الشتات،أو عندما باع شهداءه الذين قُتلوا على يد جلاوزة هذا النظام القمعي والذين تجاوز عددهم المئة ألف شهيد ،أو أولئك الذين غُيّبوا في سجون هذه الأسره الحاكمة الظالمة والذين تتجاوز أعدادهم عشرات الالاف مُغيّب أو لأنهم نسوا مأساة تدمير مدنهم وفي مقدمتهم مدينة حماة أم الفداء، وأحياء حلب وأدلب وحمص وجسر الشغور وغيرهم من المدن والبلدات أو أن الذي جرى وكما هي الحقيقة  تزوير إرادة الشعب من خلال إرهاب النّاس وممارسة أسوأ أنواع الضغط اللاإنساني واللاأخلاقي ، وتملئة الصناديق الفارغة؛ التي لم تتجاوز نسبة الحضور ال5%،هذا عدا عن تبديد الأموال الطائلة على المصفقين والمطبلين بينما أكثر من ثلثي شعبنا تحت خط الفقر بسبب سياسات وسرقات هذه الاسره وتوابعها وحواشيها ،وهذا يعني أنّ هذا الحاكم الطاغيه يفتقد الى الشرعيه الدستورية والقانونية والأدبية  وهذا مايجب علينا أن نظهره للعالم أجمع ؛ونُظهر الاسباب التي تخيف هذا النظام لعدم السماح لأي كائن للترشح أمام هذا الرأس الطاغوت المتجبّر.

وعلى نفس الشاكلة فيما سُمّي بمجلس الشعب الذي أكثر من ثلثيه يتم تعينهم بموجب المادة الثامنة من الدستور الأخرق عالمياً ؛ والذي قلّ من نظير له ، حيث يرسل بشار الاسد الى القيادة القطرية أسماء من سمّاهم لينزلوا على اللوائح دون منافسين لهم ويفوزون جميعاً بإرادة قائدهم وولي نعمتهم وتبقى مسرحية التنافس على الثلث الأخير، التي يسمحون بها لأكثر من موال لهم بالتنافس ، وبالتالي تفوز الاسره الحاكمة ؛عفواً الحزب الحاكم بأغلبية الاصوات الساحقة ، ويتم بعدها تكريمهم وعمل البروفات لهم ، ليكونوا كياناً واحداً ،قيامهم واحداً وتصفيقهم واحداً ونظرهم باتجاه واحد ، وترديدهم للفظ التوحيد- لسيدهم- واحدا ، فيظهروا بمنظر واحد، و"كأنهم خُشبٌ مُسنّده"في عرض إستعراضي بغيض ، قرفه الناس وعافتهم أنفسهم ، ثم يتم إطلاق العنان لأوقحهم في التصريحات ، لأنّ في أغلبيتهم أُمّيون جاهلون، فلا يجيدون المنطق ولايفهمون، سوى الأكل والشرب وأمرك ياسيدي، فهم أشبه بالبهائم التي تُساق بل هم أضلّ سبيلا.

ونفس الحالة تنطبق على المجالس المحلية التي تعتبر أكثر سُخفاً وأكثر انحطاطا من سابقاتها ، والتي تحتوي على الشريحة الأكثر جهلاً وبُعداً عن الحياة السياسية، والتي في معظمها  لاتجيد القراءة والكتابة ، ولاتجيد أكثر من فلاحة الارض والاعتناء بها، وهي طبقة الفلاحين الكادحة التي نمتنُّ لها بالكثير لعطاءاتها وجهودها، ولكن دفع البعض منها لهذا الاتجاه يُفسدها ، ويُبعدها عن غاياتها وأهدافها، كالطبيب الذي نطلب منه أن يهندس لنا العمارة، فلكلٍ إختصاصه ومجال عمله ، ومع ذالك فإن الامور لاتسير على النحو الذي نتوقعه، بل يتم الدفع بأحمق الناس وأبغضهم لهذا المجلس ، وفي معظمهم ينتسبون الى جهاز الإستخبارات الأسوأ سمعة وصيطاً ، لرفع التقارير وليلحقوا أكبر الاذى بالمواطنين، حتى يلعن الناس الانتخابات والسياسة ، ويبتعدون عنها كبعد المشرقين والمغربين وأخيراً : ماأود الاشارة اليه، أنّ كل القوى السياسية والاجتماعية والمعارضة لاسيما قوى إعلان دمشق ،قد أعلنت بوضوح عن مقاطعتها الكاملة ، لهذه المهازل التي سميت بالأنتخابات التي لاجدوى تُرجى من وراءها، سوى تكريس الاستبداد والفساد للنظام الشمولي الذي يحكم سوريا بالحديد والنار منذ أربعة عقود ويزيد، كما وأن معظم المثقفين والنشطين والحركيين في الداخل السوري هم في السجون ، وقد كُممت أفواههم ،وكذلك لاأحزاب على الارض مسموح بها ولاجمعيات أو نشاطات سياسيه ، وتأتي هذه الألاعيب والمسرحيات في ظل حالة الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية المفروضة على شعبنا منذ نحو نصف قرن من سيطرة العصابات الاستخباراتيه والبوليسيه الأمنيه التابعة للأسرة الحاكمة ؛التي تقمع أي ناقد وتُنزل به سوء العقاب، هذا ماعدا الملايين من تلك الطبقة المتعلمة والمثقفة التي تعيش في الخارج مُنعت عن المشاركات أو الحديث ، وبالتالي كان لها البيان الواضح برفضها لهذه المهازل جملةً وتفصيلاً،والتي يعتبرها البعض ماهي إلا للتهيئة للايام العصيبة التي تنتظر هذا النظام وقرب زواله ، وهذا ماصرّح به بشار في خطاب القسم ، والذي أعلن عن تخوفه من القادم لنظام حكمه، ليُظهر التأييد الشعبي على حد علمه ، من خلال هذه الزواحف والفانصوهات المُزيفة لارادة شعبنا تماما كما فعل النظام العراقي في أيامه الأخيرة، وكأنما التاريخ يُعيد نفسه ؛ ودون أن يكون ذلك سبباً لأولئك الطغاة لكي يعقلون أويرشدون