عن أية دولة يتحدثون ؟..

مازن كم الماز

[email protected]

عملية محاصرة حماس و استئصالها تجري بهمة و دون أي فتور..فعملية إلغاء حماس تحولت إلى حاجة إقليمية و دولية أكثر منها حاجة فلسطينية سلطوية تحديدا..مضمون الخطاب السياسي الذي يصر على تهميش حماس وصولا إلى استئصالها ينطلق من موضوعة الدولة التي تصبح هي الغاية المنشودة و تعتبر كهدف نهائي لنضال الشعب الفلسطيني..هنا يلجأ الخطاب السائد سواء فلسطينيا أو عربيا إلى تمويه مقصود لقضية الدولة فيمتنع عن تحديد نموذج الدولة-الغاية أو اشتراطاتها المطلوبة و يصورها على أنها مطلوبة لذاتها و يتعامل بانتقائية مع الدول الموجودة بالفعل فيفرق بين الدولة الشريرة أو غير الشرعية كما في حالة ما تسمى بإمارة حماس في غزة أو الأنظمة الديكتاتورية القوميوية دون أن تنطبق مثلا على أنظمة الاعتدال أو على بيروقراطية فاسدة حاكمة كالسلطة الفلسطينية..و هنا طبعا يعطى البعد الأمني المتمثل في أجهزة القمع و "فرض القانون" الأولوية في صورة الدولة هذه في استنساخ لحالة الأنظمة العربية المترهلة بحزام أجهزة الأمن التي تتولى حمايتها و تكريس سلطتها..نقطة أخرى يسميها الإعلام المضاد لحماس بالمجتمع الدولي تكتسب أهمية أساسية في محاولة تصوير حماس على أنها خارجة على القانون , الدولي هذه المرة..و قد أصبح هذا المجتمع الدولي تميمة ليبرالية يراد لها بما ينسب إليها من قوة مطلقة و حتى سحرية أن تقابل تميمة الأصوليين المقدسة..هكذا يراد تجريم حكومة حماس و تشريع حكومة أبو مازن في رام الله..كما يقسم الاستبداد إلى استبداد مذموم و آخر ابن حلال يجري إدانة انفلات القوة في مرة و رفعها لمستوى المطلق في حالة أخرى في مقاربة تتوقف بسرعة عن الإدعاء أنها تتناول الإنسان في منطقتنا و لا حتى قضية نهضة و تقدم مجتمعاتنا , هذا المنطق ببساطة يواصل استثناء الإنسان من المعادلة و يبقي الأمر بيد بوش و رايس و أولمرت بدلا من صدام و حافظ الأسد..ليست القضية في إنقاذ حماس رغم خسارتها الواضحة شعبيا فإن مغامرة إسرائيلية واحدة كفيلة بقلب الطاولة على رأس السلطة..نعرف من تجربة عرفات أن الكرم الأمريكي و الإسرائيلي سرعان ما ينفذ كما نعرف أن ثمن هذا الكرم باهظ جدا على من يستفيد منه مؤقتا..القضية هنا أنه لا يمكن بناء دولة تقوم على خدمة شعبها إلى حد معقول بدون حد أدنى من الديمقراطية و ليس تشديد القمع كما يزعمون و لا يمكن إقامة ديمقراطية بدون الإسلاميين و إن كانت بعض المواقف التي يطلقها بعض الإسلاميين أنفسهم تشير إلى ترددهم في اعتبار الديمقراطية أو الشعب كمصدر للشرعية السياسية و تداول السلطة لكن إذا اعتبرنا أن الديمقراطية هي عبارة عن تحرير الحراك الشعبي من قيود القمع و التجيير لحساب سلطات مستبدة فلا مناص عندئذ من مشاركة الإسلاميين الجدية و بالمناسبة ليس الإسلاميون وحدهم من يبدو أن خطابهم في بعض الأحيان بحاجة لإعادة تأسيس على أسس أكثر ديمقراطية..النتيجة المطلوبة هنا فلسطينيا و عربيا هي استمرار الأنظمة الحالية أي السلطة بشكلها البيروقراطي الفردي مع بعض التقنين في القمع و الفساد بعد أن يصورا على أنهما أساس المشروع الوطني..