الفروق بين الاحتلال الأجنبي والاحتلال المحلّي
ومضات محرّضة :
الفروق بين الاحتلال الأجنبي،
والاحتلال المحلّي (الوطني!)
/ سورية نموذجاً /
عبد الله القحطاني
1) الحريّة هي جوهر إنسانية الإنسان :
- إذا فقد الإنسان حريّة الفعل كان عبداً !
- وإذا فقد حريّة التفكير، أو تحطّمت لديه القدرة على التفكير السليم ، صار مسخاً بين الإنسان والحيوان ! فلا يستطيع التصرّف على أنه إنسان ، ولا يستفاد منه كما يستفاد من الحيوان الأعجم !
2) الاحتلال الأجنبي ، يستطيع أن يتحكّم ، ضمن ظروف معيّنة ، بحريّة الفعل ، لدى الشعوب التي يحتلّ أوطانها ويحكمها ، لكنه لايستطيع التحكّم بحريّة التفكير، ولا بتحطيم القدرة على التفكيرالسليم ! لأن الشعب الواقع تحت الاحتلال ، ينغلق أمام مساعيه ، الرامية إلى تحطيم الإرادة ، وتحطيم القدرة على التفكير السليم ، من خلال النظر الدائم إليه ، على أنه أجنبي غريب ، محتلّ للبلاد !
3) الاحتلال المحلّي ( الاستبداد السلطوي الوطني ) يستطيع أن يتحكّم بحريّة الفعل ، وحريّة التفكير، وأن يحطّم ـ أو يشوّه ـ القدرة على التفكير السليم ، لدى الشعب الذي يحكمه ، بالتركيز الشديد ، والاستبداد الطويل ، لأنه جزء من تركيبة الشعب ، يعرف كيف يفكّر مواطنوه ، ويسخّر مِن هؤلاء المواطنين ، مَن يعينه على تحطيم الشعب ، إرادةً ، وحريّةً ، وشخصيةً ، وتفكيراً ! ولا يشعر كثير من أبناء البلاد ، بضرورة الانغلاق ، أم تأثيره التخريبي الهدّام (لأنه حكم وطني!).
موازنة بين الاحتلال الفرنسي لسورية ، في النصف الأول من القرن العشرين ، والاحتلال (الوطني !) الراهن :
· الاحتلال الفرنسي : لم يكن يقتحم المساجد ، ويهدمها على رؤوس المصلين ! ( وذلك كيلا يتّـهَم بأنه عدوّ لدين الشعب الذي يستعمره .. أمّا الاحتلال الوطني ، فلايخاف من هذه التهمة ، حتى لو كان أشدّ عداوة ، لدين شعبه ، من الشيطان نفسه !).
· ولم يكن ينزع حجاب النساء في الشوارع !
· ولم يكن يقتحم السجون ، ويقتل فيها مئات من نزلائها وهم نيام !
· ولم يكن يزيّف الانتخابات التشريعية في سورية !
· ولم يفرض على سورية حكم الفرد الواحد ، والأسرة الواحدة !
· ولم يشكل ميليشيات طائفية خاصّة ، مستقلّة عن الجيش ، لحماية حكمه !
· ولم يرفع شعار الوحدة والحرية والاشتراكية ، ليدمّر الوحدة الوطنية ، ويخنق حريات البشر عن التعبير ، وينهب قادةُ عسكره وأمنه ثروات البلاد، لحساباتهم الشخصية !
· في عهد الاحتلال الفرنسي : كان ثمّة عشرات من الصحف والمجلات ، التي تعبّر عن آراء الناس وتوجّهاتهم السياسية ، وعشرات الأحزاب التي تتنافس في الساحة السياسية.. لا ثلاث صحف ، مملوكة للدولة ، ناطقة باسمها ، وحزب واحد ، هو قائد الدولة والمجتمع ، بنصّ دستور فرِض على البلاد بالحديد والنار!
· في العهد الفرنسي : كان القضاء مستقلاً ، غير خاضع لأجهزة المخابرات.. والنقابات منتخبة ، لا معيّنة من قبل أجهزة المخابرات !
· في العهد الفرنسي : لم تكن طائفة واحدة ، تشكّل نسبة عشرة في المئة من الشعب، تتحكّم بسلطات الدولة كلها ، وتضع ديكورات بشرية ، لتغطّي على حكم الأقليّة !
· في العهد الفرنسي : لم يكن التطوّع في الجيش ، خاضعاً لسيطرة الطائفة الحاكمة ، تسمح به لمن تريد ، وتمنع عنه من تريد .. بل كان حقاً لأبناء سورية جميعاً !
· وأخطر نقطة على الإطلاق ، وهي بيت القصيد في البحث كله .. هي مايلي : في العهد الفرنسي ، كان مَن يقاوم الاحتلال ، يدعى بطلاً ، لأنه يحارب احتلالاً أجنبياً .. أمّا في عهد الاحتلال المحلّي ، فمَن يقاوم الاحتلال ، حتّى بالكلام ، يدعى خائناً ومجرماً ..! وقد انطلت هذه اللعبة ، مع الأسف ، على كثيرمن الناس ، ومنهم سياسيون متمرّسون ، ومفكّرون يدركون ، بعمق ، الفروقَ بين المصطلحات ودلالاتها الحقيقية ..! ولا تلام عامّة الناس ، التي لا تفهم من معنى الاستعمار، إلاّ رؤية عسكري أجنبي ، يتجول في بلدانها ، ويفرض عليها أوامره وقراراته ، بشكل واضح مباشر!