الشيخ البحبحاني والسور العظيم
د. محمد رحال /السويد
[email protected]
تصنف انتفاضة الحجارة الفلسطينية
المباركة على انها من اعظم الانتفاضات في العالم ، وهذا ليس لانها حررت القدس او
فلسطين من احتلال عالمي ممثل بالصهيونية ، ولكن لرمزية هذه الانتفاضة وخاصة لدى
المؤمنين بالعقيدة الاسلامية والتي ترتكز في احدى قواعدها على الحج الى بيت الله
الحرام والذي من اهم شعائره رجم ابليس اللعين ممثلا برمي الجمرات ولثلاث ايام
متعاقبة ، ولا يكتمل الحج مع مشاقه الا بها .
ومنظر اطفال فلسطين والذين ادوا هذه
الشعيرة نيابة عن امة الاسلام النائمة، مثلَ ذروة الكراهية لهذا العدو الجاثم على
ارضنا السليبة ، والمصدرلامتنا من ارجاء الارض ، وكانت تلك الحجارة والتي قابلت
الدبابات الصهيونية ، كانت اقسى ماتلقته الصهيونية من عقاب بالرجم بالحجارة وكأن
الصهيونية لاتختلف في سلوكها عن الاباليس.
ومنظر اطفال غزة البارحة مساء وهم
يرمون جنود الجيش المصري وعلى الطرف الاخر من رفح المصرية ويحصبوهم بالحجارة ، كان
منظرا يبكي العين ويدمي القلب لهذا المنظر المؤلم والحزين والذي حشرت فيه الحكومة
المصرية ابنائها وجنودها كبديل للصهيونية وحشد الاعلام المصري صفوفه متوحدا من اجل
اثارة الكراهية ضد اخوان كانوا وما زالوا اخوة في الدم والارض والدين ووحدة المصير
، ولقد قصف الجنود المصريون بالحجارة كما قصف جنود الصهاينة ، وكما يرمى عمود
ابليس في منى بعد الانتهاء من وقفة عرفة ومرورا بالمزدلفة .
هل كان من الضروري ايصال جياع غزة الى
الدرجة التي وصلوا لها من الغضب ، وهل كان من الضروري على الشيخ البحبحاني شيخ
الازهر ان يجمع جنوده من اجل صب المزيد من الفتاوى على نار الحرب الصهيونية ويقحم
الدين في امر لايخصه باعتباره لايفهم بالدين فضلا عن السياسة بعد ان تحول الى شبح
للمراسم وافتاآت تحليل الحرام ، وبعد ان انتهك اعظم قدسية عندما سمى نفسه بالامام
الاعظم بالرغم من ان هذا اللقب حصرا لرسول الهدى والنور عليه وعلى آله افضل الصلوات
والتسليم ، ولم اصدق ابدا عيناي وانا ارى جنود النظام المصري يضربون بالعصي من حمل
الدواء والغذاء قاطعين الاف الاميال من اجل ايصالها لجائع ومريض يرابط على ثغور
الجهاد المبارك ، وبدلا من ان يكرم هؤلاء القوم افرادا ومجموعات والذين حملوا
الورود ليقدموها للطرف المصري ومعهم قائد القافلة السيد غالاوي والذي سخر نفسه
ووقته وجهده وماله ونفوذه وصنع من نفسه ترسا ودرعا يتلقى سهام ونصال وسيوف ماكينة
الشر الصهيونية واذيالها ، في الوقت الذي يقف فيه قادة الجانب المصري وفي ظل رفض
شعبي من شعب مصر اسود التحرير وابطال العبور ، يقف هذا النظام لياخذ دور ابليس
ويتاجر بدم جندي سقط نتيجة طبيعة لرعونة النظام وعمالته وقد تكون الاصابع الصهيونية
من يقف وراء قتله .
الجدار وهو جدار العار يقام اليوم في
ظل ظروف ومعطيات عالمية اسقطت كل الفواصل والحدود من اجل تواصل البشر وتآخيهم ،
وازالت حقول الالغام بين الدول وهاهي تركيا وسوريا تفتح الحدود بين هذين الشعبين
كمثالا على ذلك ، وجدار العار هذا والمصنوع امريكيا وفرنسيا لن يؤذ ابدا الشعب
الفلسطيني المحاصر اصلا وانما سيؤذي اصحاب مشاريع التركيع والتطبيع الصهيوني
وازلامه من انظمة واعلام متصهين، وقمة العار ان يصل الدواء والماء لهذا الشعب من
خلال الانفاق في وقت تولى فيه النظام المصري حصار الشعب الفلسطيني بدلا وبالوكالة
عن الصهيونية وكلابها ، وكنت ارجو الرجولة من هذا النظام الذي رجمه ابناء فلسطين
بالحجارة ، كنت اتمنى ان تكون لديه الرجولة والكرامة عندما سارعت قوات الاحتلال
الامريكية لاحتلال بلد عربي هو العراق بان يسترجل ويعلو صوت الاعلاميين المتنطعين
والذين ينتشر فحيحهم عبر وسائل الاعلام ، وكان الجيش الامريكي وحلفاؤه يبخشون
السيادة المصرية وكرامتها ليل نهار ومن اكثر من ثقب في الوقت الذي كان فيه راس
النظام يعلن عن سعادته بزيادة واردات قناة السويس والتي استشهد على مائها من العرب
اكثر من شهيد عربي عام 1957 وعلى رأسهم الشهيد العربي السوري الخالد الذكر جول جمال
والذي صنع ملحمة تفجير مدمرة فرنسية في مياه القناة والذي ينتمي الى جيل عربي ومصري
لاعلاقة له بالجيل الذي رضع من معاهدة كامب ديفيد.
ان قصف الجانب المصري بالحجارة من
اطفال غزة هو انذار وعقاب رباني لمن يفهم ويعرف مغزى الرجم بالحجارة ، وانه عقاب
لايناله ويستحقه الا من يتنكب اعمال ابليس وافعاله.