الإعدام لأطفال ليبيا والبراءة لقاتليهم
الإعدام لأطفال ليبيا والبراءة لقاتليهم
محمد محمد البقاش - طنجة
اليوم الثلاثاء 24 يوليو سنة 2007 تصل الطائرة الرئاسية الفرنسية بالممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني المتهمين بزرع الفيروس المسبب لمرض الإيدز لمآت الأطفال الأبرياء بليبيا.
حطت الطائرة الفرنسية بمطار صوفيا ببلغاريا وفيها قرينة الرئيس الفرنسي المنتخب حديثا تصطحب المجرمين والمجرمات..
عرفت القضية سنة 1999 عندما اعتقلت السلطات الليبية عددا من الأطباء والممرضات بتهمة زرع فيروس الإيدز لأطفال أبرياء بليبيا، وحوكموا بالإعدام عدا بعض منهم أخلي سبيلهم لعدم ثبوت الأدلة.
لقد أدين المجرمون بحجج دامغة رغم ادعائهم أنهم إنما اعترفوا تحت الضغط.
لم ينفذ فيهم حكم الإعدام بسبب خوف ليبيا من عقوبات زائدة، وبسبب مخاطبتها ود الغرب خوفا من ضربة ريغانية ثانية؛ فحوكموا مرة أخرى بالمؤبد، ثم جاءت وساطة ساركوزي مسبوقة بضغوط دولية في هذه السنة فاتفق على الإبقاء على حكم المؤبد، ولكن السجن الذي سيقضي فيه المجرمون عقوبتهم لن يكون ليبيا، بل سيقضون سجنهم في بلغاريا، وبينما الطائرة توشك على الهبوط في مطار صوفيا أذيع خبر العفو العام على الجميع من طرف الرئيس البلغاري بما فيهم الطبيب الفلسطيني الذي منح منذ وقت قصير الجنسية البلغارية، فتم استقبال المجرمين والمجرمات بالورود في حفاوة بالغة تخجل عن تصويرها عدسات المصورين..
إن الاستخفاف بأطفال ليبيا من طرف الغرب لا يقل استخفافا عن استخفاف النظام الليبي بهم، وكيف لا والمتهمون مدانون مجرمون قتلة؛ استعملوا أطفالنا حقولا للتجارب عن سابق إصرار وترصد ضمن شبكة من المرتزقة يعملون لحساب غيرهم الذين لم يكشف النقاب عنهم؟
هنيئا لقضائنا النزيه، وهنيئا لأطفالنا بالإنصاف الذي لحقهم وأعاد لهم حقوقهم، هنيئا للعرب والمسلمين بهذه الصفقة التي أدمت قلوب أولياء الأطفال وأحرار العالم، ولكنها في المقابل أرقصت أولياء القتلة والإرهابيين..
لماذا لا يتم الإبقاء على المجرمين والمجرمات في ليبيا لقضاء محكومتيهم، أم أن الأمر متفق عليه مسبقا ضمن صفقة خسيسة يستهان فيها بأطفالنا؟
لماذا تنطلق الفرحة بلقاء المجرمين والمجرمات في مطار صوفيا ولا تستقر في قلوب أولياء المظلومين وهم ينشدون تحقيق العدالة وتنفيذ القصاص في القتلة والمجرمين، أم أن أهلنا دونيون عن البلغار؟
إننا لا نريد أن نطعن في مؤسسات لا تتحمل الطعن لغيابها كمؤسسات العدل في البلدان العربية، بل نريد فقط أن نلفت النظر إلى الذات من الذات وبالذات التي تود التحرر من الدونية والظلم والطغيان، فهل من مجيب؟