تقرير أحداث غزة الأخيرة 2

تقرير أحداث غزة الأخيرة

2

******

مواقف وبيانات

الإخوان يدعمون المقاومة الفلسطينية

 ويرفضون الإقتتال الداخلي

   أكد الدكتور محمد مرسي - عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين- أن القضية الفلسطينية هي قضية محورية وأساسية بالنسبة للإخوان وأنهم سيستمروا في تقديم الدعم الكامل للمقاومة الفلسطينية من أجل تحرير الأرض المقدسة.

وقال إن دعم الجماعة لحركة حماس هو دعم لمشروع المقاومة الفلسطينية، مضيفًا أن هذا الدعم يمتد أيضًا لكل فصائل المقاومة سواء كانت سرايا القدس أو شهداء الأقصى.

وحذر مرسى  من خطورة التوافق الخطير الحادث الآن بين الإدارة الأمريكية وقوات الاحتلال وبعض قادة فتح وعدد من الأنظمة العربية المرتبطة بالقضية الفلسطينية، وهو التوافق الذي يهدف لتعويق المقاومة ومنح الكيان الصهيوني كل شيء مقابل لا شيء.

وتساءل مرسي: ما الذي جنته هذه القيادات طوال 15 عامًا في مفاوضاتها مع قوات الاحتلال وبرعاية أمريكية سواء في أوسلو أو واي ريفر أو خارطة الطريق؟!، وما الذي فعلته للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والذي أكدت الوثائق أنه تم اغتياله بمؤامرة حقيرة يعرفها القاصي والداني.

وأكد مرسي أن جماعة الإخوان ترفض أي نوع من الاقتتال الداخلي بين الأشقاء الفلسطينيين، كما تؤيد قرارات اجتماع مكة وتؤيد وتدعم قرارات مجلس وزراء الخارجية العرب بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، واعتماد لغة حوار بين قادة فتح وحماس.

وأبدى مرسى تعجبه واستنكاره من قبول رئيس السلطة الفلسطينية وقادة فتح الالتقاء مع رئيس الوزراء الاسرائيلى إيهود أولمرت وفتح حوار جديد معه رغم أن يديه ملوثتان بدم الشهداء والأطفال، في الوقت الذي ترفض هذه القيادات الالتقاء بإخوانهم في المقاومة؛ وهو الأمر الذي يمثل صورة مغلوطة للواقع الذي يجب أن تكون عليه القضية.

وأشار مرسى إلى أن مثل هذه الأفعال لا تصب بأي حال من الأحوال إلا في صالح قوات الاحتلال، وأن القرارات الأخيرة المتسارعة من قادة فتح يخدم بدون مقابل الرغبة ومخطط قوات الاحتلال بفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وبالتالي محاصرة المقاومة ومنعها من القيام بدورها، ووقف تأثيرها على قوات الاحتلال لأرض فلسطين والذين يمارسون العدوان على الشعب الفسطيني والذين قتلوا أطفاله واعتدوا على أعراض نسائه وقتلوا رموزه وقادته.

واختتم د. مرسي تصريحاته بدعوة الجميع إلى النظر في المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، وضرورة أن يعرف الجميع أنهم أولى ببعضهم البعض من الصهاينة الذين لا يرقبون في أي منهم إلاًّ ولا ذمة، ومن الإدارة الأمريكية المتطرفة التي تقف دائمًا في صف قوات الاحتلال وتمدهم بكل أنواع الدعم المادي والسياسي والعسكري.

*************

نص المؤتمر الصحفي الهام الذي عقدته حركة "حماس"

في مدينة غزة يوم الجمعة 22/6/2007

ما قبل اتفاق مكة

أولا: حالة التآمر على نتائج الانتخابات من اليوم الأول.

- التحريض على حماس والحكومة أمام الأوربيين والأمريكان بعدم فك الحصار بل تشديده.

- تحريض البنوك والمؤسسات المالية بعدم التعامل مع الحكومة.

- العصيان الوظيفي في الوزارات حتى وصلنا للإضرابات المسيسة وخاصة في التعليم والصحة.

- المسيرات المسلحة وخاصة من منتسبي الأجهزة الأمنية والاعتداء على الوزارات والمؤسسات الخاصة والعامة. حتى تم تحطيم المجلس التشريعي أكثر من مرة وكذلك مجلس الوزراء.

- تعطيل المجلس التشريعي واستغلال اعتقال سلطات الاحتلال لنواب حماس لفرض بعض القرارات والقوانين التي يريدونها.

ثانيا: حالة الحسم بالقوة  

لما فشلت كل الإجراءات في إخراج الحركة أو سقوط الحكومة كما كان القرار الأمريكي والصهيوني بدأت مرحلة القوة والاعتداءات والتصفيات الجسدية التي طالت رموز وكوادر وعناصر الحركة للوصول للانقلاب على الحكومة وإعلان حالة الطوارئ .

- قتل الشاب رامي الدلو والقتلة معروفون ولم يفعلوا لهم شيئا بل هربوهم للخارج.

- قتل العالم وأستاذ الجامعة وعضو القيادة السياسية لحركة حماس الدكتور حسين أبو عجوة وحماية القتلة وعلاجهم وتهريبهم للضفة الغربية، في ظل الإغلاق الأمني الكامل على قطاع غزة .

- جهاز الوقائي في سابقة خطيرة يجبر أحد الأشخاص على الإدلاء باعترافات كاذبة ويقوم الوقائي بحمل الشاب لعائلة كوارع ليدلي أمامهم بالاعترافات الكاذب ليغروا العائلة بقتل من اعترف عليه بالكذب وقد فعلو ودبروا لقتل القاضي الشيخ بسام الفرا أما م مكتبه، واعترافات الشاب موجودة لدينا وموثقة

- الأمن الوقائي قام بإعدام عائلة من عائلات الغلبان على حاجز له دون أن تطلق عليه رصاصة واحدة، وقد قتل في هذا الحادث القائد ياسر الغلبان وزوجة أخيه وابنة أخيه من بين من كانوا في السيارة .

- سميح المدهون الذي اعترف على جرائمه أمام الإعلام بقتل وحرق البيوت كان بؤرة قتل ودمار في المنطقة الشمالية وكم قام بالتحقيق وإطلاق النار على أقدام المجاهدين دون رادع.

- بعدما اتفقنا على وقف كل مظاهر الاقتتال مع هذا التيار وعقدنا جلسات الحوار الوطني كنت قد جلست مع قيادات من حركة فتح وحذرتهم من محاولات لبعض شبابهم بالاعتداء وإعادة الأمر من جديد للأسف قامت مجموعة منهم بعد ساعتين من اللقاء بوضع عبوة لجيب للقوة التنفيذية في منطقة جباليا، وقاموا بتدمير وقتل أربعة ممن كانوا فيه وقد تم إلقاء القبض على القتلة وقد اعترفت المجموعة بعد ذلك على جريمتهم وقد سلمناهم للنيابة ولكن للأسف الشديد تم الإفراج عنهم.

- محاولة اغتيال رئيس الوزراء في معبر رفح واستشهاد مرافقه عبد الرحمن نصار وإصابة المستشار السياسي والأمين العام لمجلس الوزراء، وبحوزتنا الآن اعترافات مسجلة تدين متخذي القرار لهذه الجريمة والضباط الذين رسموا حطة الاغتيال ومن قام بإعطاء الأوامر للتنفيذ وسنقدم هذا للجنة تقصي الحقائق أو أي جهة قانونية لاحقاً .

- منصور شلايل وقتله لمجموعة من شباب الحركة في سيارة الإذاعة ووقت الانسحاب من أمام البيت بناء على الاتفاق بيننا وبين فتح قام بقتل اثنين من كتائب القسام أيضاً

- جريمة مسجد الهداية ودور الوقائي السيئ فيها، وكذلك الوثائق والتحقيقات موجودة ومنع الوقائي من الوصول لإسعاف الجرحى من المسجد إلى أن استشهد أربعة من بين أبناء الحركة على رأسهم القائد أبو أنس المنسي

- جريمة حرق الجامعة الإسلامية من قبل أمن الرئاسة ومجموعات التيار الخياني، دون أن نجد موقفاً واضحاً لا من الرئاسة ولا من قادة هذا التيار الانقلابي

- عائلة بعلوشة ومحاولة التيار المجرم إلصاق مقتلهم بشباب الحركة دون دليل بل كنا من اليوم الأول بجانب العائلة المكلومة والمجروحة، ووقوف الحكومة ورئيس الوزراء بجانبه.

- ليلة اتفاق مكة قاموا بقتل محمد أبو كرش أحد قادة القسام وأمروا أحد الفاعلين من عائلة دغمش أن يتحمل الفعلة باسم العائلة لينجوا التيار المجرم من التبعة وليورط عائلته بهذه الجريمة.

بعد اتفاق مكة

- عدنا بعد اتفاق مكة وكلنا أمل أن تنتهي الأمور ولا نرجع للوراء ولكن للأسف الشديد ظل التيار نفسه على نفس السياسة . فواصل استقبال الدعم الصهيوني والأمريكية .

- إدخال السيارات المصفحة بدون علم الحكومة ولا الجهات المختصة، تشكيل المجموعات خارج حركة فتح وخارج الأجهزة الأمنية، متابعة وملاحقة قيادات الحركة ورموزها وعناصرها وجمع المعلومات عنها.

والتصنت على كل وسائل الاتصال. وكشف أماكن تخزين وصناعة الأدوات والمعدات العسكرية لمواجهة الاحتلال . والكشف عن أماك العبوات والأنفاق المعدة للاحتلال وأماكن تخزين السلاح. وتدريب المئات من عناصرهم على حرب الشوارع في دول متعددة. وتحديد مواعيد للمواجهة مع الحركة وهي بعد الانتهاء من امتحانات الثانوية العامة.

- قمنا بإبلاغ أبو مازن بأفعال هؤلاء وكذلك قيادة فتح التي كانت تجلس معنا وحذرناهم مما يخطط هؤلاء.

- أبلغنا بعض الجهات العربي بهذا المخطط ومنهم عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية والوزير عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية.

قبيل دعوة مصر للفصائل للحوار الأخير

- عقد بعض رموز هذا التيار وهم معروفون بالاسم اجتماعا مع جهات أجنبية وسلموهم معلومات عن قيادات سياسية وعسكرية لحركة حماس وبعد هذا الاجتماع بأيام وضعت الأسماء على قائمة المطلوب تصفيتهم من قوات الاحتلال .

- بعد الاتفاق الذي جرى بين رئيس الوزراء إسماعيل هنية وأبو مازن على تنفيذ الخطة الأمنية التي أعدتها وزارة الداخلية في عهد الوزير هاني القواسمي وكان الاتفاق على تغييرات في قيادات أمنية على رأسهم رشيد أبو شباك. عقد رشيد أبو اشتباك اجتماعاً لبعض القيادات الأمنية وذلك في مقر الأمن الوقائي وقام يسب الدين والذات الإلهية ويقسم أنه سيقلب الطاولة على الجميع، وفي ذات الليلة قام بنشر قوات في مدينة غزة دون علم وزير الداخلية ولا الحكومة واصطدمت هذه القوات بكتائب القسام وكادت أن تقع مجزرة وتمت السيطرة على مجموعة من سياراتهم وتدخل رئيس الوزراء بنفسه وأعاد السيارات لجهاز الشرطة، وبعد يوم واحد تم قتل بهاء أبو جراد واتهموا حماس في قتله كذبا وبهتانا.

ورغم أننا أبدينا الاستعداد لتشكيل لجنة تحقيق مشتركة قاموا بإشعال قطاع غزة، مع العلم أن بهاء أبو جراد له خلافات ومشاكل مع كل من سميح المدهون ومنصور شلايل.

وللعلم لقد صارحنا ماجد أبو شمالة في حضور الوفد الأمني المصري بهذه المعلومات فلم ينكرها وعلق على خبر رشيد أبو شباك قائلا: إن رشيد كان غضبان.

- قاموا بأبشع الجرائم التي عرفتها البشرية قتلوا الناس على اللحية والانتماء وأطلقوا النار على الأقدام، وقتلوا الصحفي محمد عبدو وسليمان العشي وعصام الجوجو بعدما أخذوهم وحققوا معهم. قتلوا التاجر المسن ناهض النمر أمام بيته وأما أعين أبائه وبناته. والذين قاموا بقتله خرجوا من منتدى الرئاسة وعادوا إليه بعد فعلتهم الشنيعة، وكذلك  رفعوا الحجاب عن وجه إحدى الأخوات من بنات الكتلة الإسلامية وأطلقوا النار بين أقدامها،

- حرقوا البيوت الآمنة والمحلات التجارية.

- كل هذه الجرائم كانت تحدث في غرف خاصة في منتدى الرئيس أبو مازن، وضعوا الحواجز واعتلوا الأبراج وضيقوا على الناس حياتهم.

- هذه الجرائم كان يقوم بها جهاز أمن الرئاسة ومن مجوعات من الأمن الوطني على الحواجز التي كان ينصبها ، والتنفيذية التي شكلها محمد دحلان ليحقق بها طموحاته وأهدافه ومخططاته تحت أعين أبو مازن ولم يحرك ساكنا ولم نسمع عبارة استنكار أو شجب لكنه للأسف نشرت صور له مع سميح المدهون الذي كان أحد رموز القتل والتعذيب في المنتدى، بل الأخطر أن سميح ومنصور شلايل تلقوا أموالاً من حرس الرئاسة والوثائق بين أيدينا .

اتفاقات عقدت ولم يتم احترامها

بل كانوا أول من يخرقها

- الاتفاق الأول خرقته مجموعات ماهر مقداد عندما اعتدت على موقع للقسام وقتل فيه بعض حراس مقداد وجرح بعض شباب القسام في الاشتباك بينهم.

- الاتفاق الثاني بعد ربع ساعة قام الأمن الوطني وبقتل القائد إبراهيم منية أبو أسامة . وفي اثناء تشييع جثمانه قاموا بإطلاق النار على الجنازة وقتل القائد محمد أبو الخير أبن الخمسين عاما.

- الاتفاق الثالث بعد الاتفاق بساعة وأثناء توجه وفد الفصائل من الوفد الأمني المصري لتنفيذ الاتفاق تمت محاولة اغتيال غازي حمد وأيمن طه على يد مجموعات عرفت نفسها انها من الأمن الوقائي. وأصيب على إثرها العميد شريف إسماعيل ، ولولا أن الوفد كان يستقل سيارة مصفحة لقتلوا جميعاً ثم تم إطلاق النار عليهم بغزارة أمام مقر الجوازات

- اتخذنا موقفا من طرف واحد وأوقفنا إطلاق النار لأن كل الاتفاقات لا نجد من يلزم هذا التيار بالوقوف عن جرائمه وغيه. وقصفت كتائب القسام مواقع الاحتلال بالصواريخ ردا على جرائم الاحتلال وتفويتا على من يريدنا أن ننشغل بالقضايا الداخلية عن مقاومة الاحتلال.

- في ليلة الوقف من جانب واحد رغم أن أبو مازن أعلن الوقف من جانبه أيضا قتل من عناصر الحركة ثمانية على يد هؤلاء القتلة. وفي مشهد مروع لم تنجح كل الاتصالات مع قيادتهم التي دامت ساعة ونصف من إنقاذ حياة شاب ينزف فقد كانت مجموعات من الأمن الوطني تطلق النار على سيارة الإسعاف كلما حاولت الاقتراب منه حتى فارق الحياة.

- بعد ذلك تم تطويق الأحداث نهائيا ولما كنا نجلس لننهي كل جذور وذيول الأحداث تم ضبط أحد عناصر أمن الرئاسة وبعد التحقيق معه اعترف بأنه مكلف بمراقبة رئيس الوزراء إسماعيل هنية ومتابعته. واعترافاته مسجلة بالصوت والصورة وقد أبلغنا الوفد الأمني المصري بذلك وأبو مازن فماذا فعل ؟.. وكذلك وجدت خارطة في منتدى الرئاسة تشير إلى مداخل ومخارج بيت رئيس الوزراء وطريق خروجه ودخوله إليه

-  قاموا بالطلب من شبابهم المغرر بهم بأن يحصوا ويجمعوا المعلومات عن المؤسسات التابعة للحركة أو المقرب أصحابها من الحركة أو التي تتعاون من الحركة، ووضعوا هذه البيانات ونشروها عبر الانترنت وروجوا عنها معلومات كاذبة مما أغرى سلطات الاحتلال باستهدافها وتدميرها كما حدث مع محلات أبو عكر للأغذية ومحل البرعصي وحرز الله والخازندار للصرافة.

-  قاموا بحملة منظمة ومبرمجة ضد القوة التنفيذية وقدموا معلومات لجهات أمنية متعددة عنها وعن أماكن تواجدها وإمكاناتها ، وقال يومها عزام الأحمد ليرفع الغطاء عنها: هذه القوة يجب سحقها وإنهاؤها من الوجود؛ وإذا بعد يوم واحد من قولته يستبيح جيش الاحتلال عشرات المقرات للقوة التنفيذية مما أوقع فيهم عشرات الشهداء والجرحى ودمت المواقع بالكامل.

الانفجار الأخير

- لقد أوضحنا للأشقاء المصريين كل الحقائق الماضية وقلنا لهم مادام تيار دحلان الخياني باقيا في وسطنا لن ينعم أحد بالأمن وأظن أن غيرنا ممن التقاهم المصريون قالوا لهم نفس الكلام، وسألنا المصريين هل يوجد أحد يمكنه لجم هذا التيار؟ فأفادونا بالإيجاب .

- لقد وعدنا الأشقاء المصريين بالالتزام بتهدئة الجبهة الداخلية وتمكنينا عليهم إلزام هؤلاء فوعدوا خيرا.

ولكن كانت المفاجأة والمفارقة:

- قاموا بإطلاق النار على مجموعة من المجاهدين في رفح ووقعت أحداث مؤسفة قتل فيها أحد قادة القسام في رفح. الشهيد أحمد أبو حرب ومع ذلك تم تطويق الأحداث.

- بعد يوم واحد من أحداث رفح نقلوا الأحداث لأي غزة فقاموا بطلاق النار على أقدام الدكتور/ فايز البراوي الذي كان يحضر حفل تخرج لأخيه في منتدى الرئاسة. وقاموا بخطف اثنين من حماس في منطقة الزيتون، وخطفوا أحد مرافقي رئيس الوزراء "حسن البزم" وعذبوه عذابا نكرا وحلقوا حواجبة ونصف شاربه وحلقوا رأسه بإشارة (17)

- إطلاق النار على مقر الحكومة في أثناء اجتماعها وانعقادها كذلك إطلاق قذيفة آربيجيه على منزل رئيس الوزراء وأصابوا البيت إصابة مباشرة

- ثم قاموا بأبشع جريمة وهي قتل العالم وإمام مسجد العباس الشيخ/ محمد الرفاتي مما هز مشاعر كل الناس ولم يستطع أحد تحمل هذا المشهد. ومع ذلك ضبط الشباب نفوسهم لأن اليوم التالي كان بداية امتحانات الثانوية العامة وإذا بهم يدفعوا أذنابهم ومن يمدوهم بالمال والسلاح من عائلة بكر فحرقوا منجرة عائلة عجور وقتلوا المجاهد مازن عجور أحد كوادر كتائب القسام،فقام القسام بمحاصرة عائلة بكر لينال القلة عقابهم وإذا بأمن الرئاسة يمدهم بالعتاد والسلاح،وفي نفس اليوم قام هؤلاء القتلة بإلقاء الشاب /حسام أبو قينص من البرج عن الطابق الثاني عشر واسألوا عائلته . ومع ذلك يكذبون ويتهمون حماس أنها هي التي ألقت الناس من فوق الأبراج وهو وقامت مجموعاتهم بمهاجمة قناة الأقصى الفضائية، بعدد من الجيبات والأسلحة الثقيلة فاتسعت الأحداث وتدهور الموقف وبالذات لما أعلن سميح المدهون أنه قتل وحرق أكثر من عشرين بيتا وقتل العشرات وسيفعل ويقتل كل من هو حمساوي وسيذبحهم كالخراف وتواصلت حملة التطهير العرقي لأبناء وقيادات حماس من منطقة تل الإسلام ( أي تل الهول) فحرقت عشرات البيوت والمؤسسات وسمعنا صرخات النساء الحرائر يستغثن من هول ما يتعرضون له في بيوتهم وأماكنهم في هذه المنطقة التي كان يسيطر عليها التيار الخياني .

- كانت هذه الأعمال الشرارة والوقود الذي وضع على النيران فتمت مهاجمة رأس الأفعى ومعقلهم الذي تدبر فيه المكائد ووجدت فيه المقبرة الجماعية لثمانية من شبابنا لم يتم التعرف على أغلبهم بسبب تحلل الجثث.ووجدت في الجرائم الأمنية والأخلاقية والوطنية.

- سقط الأمن الوقائي في يد القسام. وبعده سلمت بقية المواقع مباشرة ففر من في مركز المخابرات ما يسمى بالسفينة، بعدها انهارت المواقع الأمنية أمام كتائب القسام وخرج من فيها ودخل الناس هذه المواقع قبل وصول القسام إليها ، كما حدث في منتدى الرئاسة .

- وبعد الأحداث بيوم تم السيطرة على كل المواقع وتم تأمينها وحراستها وهي الآن تحت الحراسة ولا يمسها أحد بسوء.

- أما الشرطة التي لم تدخل في الأحداث فلم يمسها أحد بسوء وتم الاتفاق مع قادتها لتقوم بمهماتها. ولكن للأسف الشديد صدرت الأوامر لها من أبو مازن على لسان كما الشيخ بالانسحاب من المواقع ودعوها حتى تخرب وتحرق. حتى إنهم تركوا قاعات امتحانات الثانوية دون حراسة وهم في وسط الامتحانات يوم السبت . ولكن تم ترتيب الأمور يوم الأحد بالقوة التنفيذية ومن أصر على البقاء من الشرطة الذين نوجه لهم التقدير والاحترام.

أحداث التخريب والانفلات

لقد حدثت حوادث لا نقبلها وندينها مثل كسر الجندي المجهول أو جلوس بعض الشباب على كرسي الرئيس أو الاعتداء على بعض البيوت ولكن:

- هذه إما حدثت من عوام الناس الذين اندفعوا لهذه الأماكن ولم يستطع أحد في أول يومين أن يضبط الأمور.

- أو حدثت بسلوك فردي من بعض أنصار الحركة ومنتسبيها ولكن هذا لا نقرة ونرفضه وندينه.

ولكن نستغرب من تسليط الضوء عليها وننسى الجرائم التي حدثت فما الموقف من رمي حسام أبو قينص من فوق البرج وهو الحالة الوحيدة التي حدثت؟ وما هو الموقف من قتل الناس داخل منتدى الرئيس والتحقيق معهم؟ وما هو الموقف من استباحة كل ما هو حمساوي في الضفة الغربية؟ وما هو الموقف من حرق بيت عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي المختطف في سجون الاحتلال والاعتداء على بيوت وأبناء وبنات النواب المختطفين أيضا؟ وقبل كل هذه الجرائم ما هو موقف الجميع وفي مقدمتهم ابو مازن من حرق الجامع الإسلامية وقتل العلماء؟ أم أن هؤلاء دمهم وأموالهم وبيوتهم  مستباحة!!!!!

الأجهزة الأمنية وقياداتها لم تكن أجهزة وطنية

لقد بنيت الأجهزة الأمنية لا لخدمة الوطن بل لتكون قاعدة أمنية لكل مخابرات العالم فقامت بالدور السيئ من التنسيق الأمني مع الاحتلال وملاحقة المجاهدين والمتاجرة بالمعلومات الأمنية لصالح جهات خارجية وهذا تفصيل هذه الجرائم

1- محاربة ومطاردة ومتابعة ورصد رجال المقاومة.

2- البحث الحثيث عن مكان الجندي الصهيوني الأسير شليط

3- التننصت على كل الناس خارج القانون. قيادات سياسية وأمنية وفصائل وتجار ورجال أعمال رجالا ونساء حتى لم تسلم منهم ومن تنصتهم البعثات الدبلوماسية العربية وغيرها بما فيها المصرييين. حتى ابو عمار رحمه الله كانوا يتنصتون عليه.

4- إسقاط الناس في حبائلهم بعد استدراجهم جنسيا وأخلاقيا ثم مساومتهم لينفذوا لهم ما يريدون. وقد اسقطوا وزراء ومدراء وسياسيين .

5-   التنسيق الأمني أو قل الخيانة الوطنية وكان المشرف المباشر على ذلك دحلان ورشيد أبو شباك. وهذا باعتراف قيادات هذا التيار الخياني.

6- لقد تحول قيادات الوقائي من فقراء عالة إلى رؤوس أموال وإقطاعيين واسألوا رأس الفتنة  محمد دحلان من أين له المليارات في الداخل والخارج من أبراج وفلل وعقارات وشركات وغيرها يديرها أزلامه لحسابه. مما هو مسجل باسمه أو أسماء أخرى معروفة لدينا.

7- الوقائي هو من شكل فرق الموت التي ذاق الناس منها الويلات وابتزوا الناس وقتلوهم وبثوا الرعب في صفوفهم. منذ مجزرة فلسطين مروراً بمجزرة الجامعة وجباليا وغزة .... إلخ .

8- العمل لصالح المخابرات الأمريكية والصهيونية ودول أجنبية حيث قاموا بتسليم معلومات تضر بالأمن القومي العربي والإقليمي والإسلامي ولاحقوا قيادات سياسية وعلماء وقيادات للفصائل وأبلغوا عن معلومات خطيرة ، بل وعملوا ضد دول لحساب دول أخرى تحت ما يسمى بالعلاقات الخارجية داخل الأجهزة الأمنية وخاصة في الأمن الوقائي والمخابرات .

9- الوقائي وراء معظم حالات الخطف خاصة للأجانب.

10- الوقائي استطاع أن يسيطر على قيادة الأجهزة الأمنية والمؤسسات والوزارات ليكون الوطن تحت تصرفه. لذلك بث كوادره وقياداته لتكون متنفذة في القطاع العام.

11- تهريب المخدرات إلى الضفة الغربية بعدما يتم السيطرة علها وضبطها من تجار المخدرات في غزة، واستخدام الدولارات المزورة حيث ضبطت كميات منها في مقرات الأجهزة الأمنية .

حركة المقاومة الإسلامية حماس

‏الجمعة‏، 22‏ حزيران‏، 2007م - الموافق‏07‏ جمادى الثانية‏، 1428هـ

*************

ستتعامل مع أي قوات دولية يتم استقدامها إلى غزة كقوات احتلال

أكد نائب رئيس كتلة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في المجلس التشريعي الفلسطيني، النائب يحيى موسى أن حركة "حماس" ستتعامل مع أي قوات دولية يتم استقدامها إلى غزة كقوات احتلال، مستهجناً تفكير رئيس السلطة محمود عباس باستقدام مثل هذه القوات لاستنساخ تجربة العراق وأفغانستان بكل مرارتهما.

وشدد موسى في كلمة له خلال لقاء مع مئات النساء في مسجد الإمام الشافعي في مخيم خان يونس على أن حل الوضع الحالي الذي وصل إليه الوضع الفلسطيني بسبب ما قال إنه تعنت عباس لن يكون إلا عبر حل سياسي على أساس الالتزام بما تم الاتفاق عليه في كل الحوارات الوطنية السابقة. وقال رغم كل ما حدث يدنا لا تزال ممدودة من أجل الحوار تغليباً لمصلحة شعبنا ووحدته.

وشدد على أن الوطن كتلة واحدة ولا يمكن تقسيمه مؤكداً أن محاولات التقسيم وتجزئة الوطن الواحد التي يخطط ويسعى لها البعض ستفشل، مشيرا إلى أن الذي انتصر في غزة هو الشعب الفلسطيني كله وليس "حماس".

*************

كيف فسر الإسرائيليون ما جرى في غزة ؟

صالح النعامي- 18-6-2007

لم يخوضوا معركة دحلان

داني روبنشتاين، المعلق للشؤون الفلسطينية في صحيفة " هآرتس " يحاول الإجابة على السؤال الذي حير الاسرائيليين، ومعهم الكثيرين في العام، الا وهو: كيف سقطت غزة بكل هذه السهولة في ايدي حركة حماس.

ويقول " الشيء الأكثر غموضا في الأحداث الدامية في غزة هو سرعة نجاح قوات حماس المسلحة في التغلب على جميع اجهزة الأمن الرسمية للسلطة الفلسطينية، التي كانت خاضعة لسلطة الرئيس محمود عباس. كانت الاجهزة الرسمية تضم عشرات الآلاف من الجنود. وقد ملكوا السلاح، والتجهيزات والمنشآت، لكن كل هذا لم يساعدهم. إن مقاومة الاجهزة وقادتها من حركة فتح هجمات الوحدات التنفيذية وكتائب القسام لحماس استمرت أقل من 48 ساعة. كيف حدث هذا؟ ".

ويضيف أن تفسير ذلك "  يكمن في أن عاصر حركة  فتح وقادتهم في هذه الاجهزة لم يريدوا القتال أصلا؛  لقد خضعوا لانهم لم يروا هذه الحرب حربهم ". ويؤكد روبنشتاين أنه من وجهة نظر أكثر نشطاء فتح في غزة، كانت الحرب بين حماس ومحمد دحلان " فلماذا يُعرضون حياتهم للخطر من أجل الدفاع عن دحلان وعن العشرات من رجاله، ينظر اليهم الفلسطينيون كجماعة فاسدة و آثمة؟ "، على حد تعبيره.

ويحدد روبنشتاين سبباً آخر للانفضاض الجمهور الفلسطيني عن ابو مازن ودحلان قائلاً " مشكلة دحلان وأبو مازن انهم  اوصلا شعبهم الى حضيض فظيع، والى حياة فقر، وضيق وحصار. المسار السياسي الذي مشوا فيه عشرات السنين، منذ الاعتراف باسرائيل في صيف 1988 – أفضى الى طريق مسدود. ........ الجمهور الفلسطيني المسحوق في غزة، تهمه حقيقة أن قادته الذين علقوا آمالا على اسرائيل، قادوه الى هذا الوضع ".

من ناحيته يرى عوديد جرانوت معلق الشؤون العربية في القناة الاولى للتلفزيون الاسرائيلي قرار ابو مازن بحل حكومة الوحدة ، بأنه يمثل مصلحة اسرائيلية لأنه يعني اسدال الستار على اتفاق مكة. ويطالب غرانوت الحكومة الإسرائيلية ب " عناق ابو مازن وتشجيعه لعدم التصالح مع حركة حماس "، معتبراً أن تصالح الفلسطينيين يأتي دوماً ضد المصلحة الإسرائيلية.

من ناحيتها اشادت صحيفة " هارتس " في افتتاحية عددها الصادر الاثنين الماضي بالقرارات " الشجاعة " التي إتخذها الرئيس عباس مثل الاعلان عن حكومة الوحدة والإعلان عن القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية الفلسطينية، وتشكيل حكومة طوارئ، معتبرة أن هذه القرارات " تمثل بداية عهد جديد، يتوجب على اسرائيل استغلاله ". وتضيف الصحيفة أنه من الأفضل لإسرائيل أن يكون في مناطق السلطة الفلسطينية حكم مركزي وإن كان ضعيفاً وهشاً على أن يكون فيها حكماً للإسلام المتعصب "، مطالبة أولمرت أن ينسق خطواته بشكل جيد مع الرئيس بوش.

ونوهت الصحيفة الى أنه من اجل دق اسفين بين الجمهور الفلسطيني وحركة حماس لا يكفي فقط التخفيف على حياة الناس وتحسين شروط معيشتهم، بل يتوجب العمل على الشروع في التفاوض على تطبيق خطة " خارطة الطريق " التي بلورتها اللجنة الرباعية التي تضم الى جانب الولايات المتحدة الاتحاد الاوروبي وروسيا الاتحادية والامم المتحدة، معتبرة أنه بدون افق سياسي يؤدي الى انهاء لاحتلال، فأن كل الخطوات الهادفة الى عزل حماس ستبوء بالفشل.

المستشرق الإسرائيلي جاي باخور في صحيفة " يديعوت احرنوت " " مجرد وجودنا في الضفة يبقي على قيد الحياة حركة فتح. فاذا خرجنا، لانتهت نهاية تامة، ولكان التيار الاسلامي سيجرف الضفة ايضا ". ويضيف في عبارة لا تخلو من التشفي " هذه هي الحالة الشاذة الوحيدة في التاريخ البشري التي يساعد فيه الاحتلال احد تيارات الشعب المحتل "، داعياً الى عدم اطلاق كلمة الاحتلال على الوجود العسكري في الضفة الغربية، معتبراً أن هذا الاحتلال يخدم بقاء حركة " فتح ".

بؤس الرهان على أبو مازن

يختلف رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق الجنرال شلومو غازيت، مع الرؤى السابقة التي عبر عنها البرفسور زئيفي، معتبراً أن حركة فتح والرئيس الفلسطيني ابو مازن اصبحا من مخلفات التاريخ. ويضيف في مقال نشره في صحيفة " معاريف " " لا ينبغي أن نعتمد على قيادة وعلى حركة فلسطينية خلّفها المستقبل وراءه ". ويضيف أن اسرائيل ارتكبت خطأ كارثياً عندما اعتقدت أنه بممارستها الضغط على الشعب الفلسطيني، فأن هذا سيؤدي الى انفضاض الجمهور الفلسطيني عن حركة حماس، مشدداً على أن التجربة دللت على أن العكس هو الذي حدث تماماً، منوهاً الى أن السياسات الإسرائيلية كان لها دور كبير في تحقيق حماس للنصر الكاسح في الانتخابات التشريعية الأخيرة. ويستخف غازيت بالدعوات التي تصدر عن بعض القادة الإسرائيليين الذين يطالبون باعادة الحكم المصري الى غزة والاردني الى الضفة من أجل محاصرة حركة حماس والتيار الاسلامي، قائلاً " لا نوهمّن أنفسنا أنه يمكن إرجاع عقارب الساعة اربعين سنة الى الوراء. لن تعود الضفة الغربية الى سيطرة الاردن، ولن يعود المصريون للسيطرة على قطاع غزة، سنضطر الى إخراج حبات الكستناء من النار بأيدينا ".

الدور العربي الحاسم

لكن القضية التي ليست مثار جدل في إسرائيل هي حقيقة أن اسرائيل بحاجة للدول العربية من أجل اطباق الخناق على حركة حماس.فالجنرال عاموس جلعاد مدير الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الحرب الإسرائيلية، والذي كان مسؤولاً عن تحديد قوائم المرشحين للتصفية من بين قادة وعناصر حركات المقاومة الفلسطينية؛ يقول أن إسرائيل تحتاج  أكثر من أي وقت مضى لمساعدة الدول العربية، وتحديداً مصر في مواصلة خنق حركة حماس. ويعتبر جلعاد أن اسرائيل والدول العربية " المعتدلة " تمضي في نفس السفينة في مواجهة الحركة الإسلامية.

من ناحيته يكشف بن كاسبيت كبير المعلقين السياسيين في صحيفة " معاريف " عن أن عدداً من الدول العربية ارسلت مبعوثين سريين الى تل ابيب للتباحث مع الحكومة الاسرائيلية حول سبل تنسيق المواقف في اعقاب سيطرة حماس على قطاع غزة. وضاف كاسبيت في تقرير نشره اليوم الاثنين في الصحيفة أن احداث غزة مهدت الطريق أمام ارساء علاقات استراتيجية بين اسرائيل والدول العربية والاسلامية المتعدلة، مشيراً الى أن هذا العلاقات تجد تعبيرها في الاتصالات التي يجريها قادة الدول العربية سراً مع قادة إسرائيل منذ سيطرة حماس على غزة.

*************

القسام يسيطر علي أجهزة تنصت

ووثائق خطيرة بمقري المخابرات والوقائي بغزة

تقريرـ خاص: تمكنت كتائب القسام من سيطرتها  على جميع الملفات والوثائق والأجهزة الحساسة التي كانت في مقر جهاز الأمن الوقائي في منطقة تل الهوا بقطاع غزة إضافة إلي الوثائق والملفات والأجهزة التي كانت في مقر جهاز المخابرات والتي يتم فحصها من جانب كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس.

وكانت مصادر صهيونية قالت أن أجهزة الاستخبارات الغربية والصهيونية تبدي قلقاً بالغاً من سقوط ما سمته كنزا استخباراتيا بيد حركة حماس"السفينة والمخابرات والوقائي" ، بعد بسط سيطرتها علي قطاع غزة ومؤسسات السلطة الفلسطينية.

وكان موقع ملف دبكا الصهيوني المختص بالشؤون الاستخباراتية قد أشار في تقرير خاص عقب حوالي 48 ساعة من سيطرة حماس علي قطاع غزة إلي أن أجهزة المخابرات الأمريكية سي.آي.إيه والبريطانية إم.آي 6 والصهيونية الموساد والشاباك تعتبر أن سلاحاً ثقيلا وأكثر حدة وتهديداً من الناحيتين الأمنية والسياسية سقط بيد حماس بعد سيطرتها علي القطاع .. واستولت حركة حماس إضافة لذلك علي نظم أجهزة استخباراتية أمريكية وبريطانية متطورة كانت لدي المخابرات الفلسطينية، إضافة لملايين الوثائق التي كانت في مقر الأمن الوقائي.

هذا ويدور الحديث عن سيطرة حماس علي وثائق حول عمليات سرية لمنظمات استخباراتية غربية جرت في الشرق الأوسط ، علاوة علي معلومات تلقي الضوء علي اتصالات تمت بين الفلسطينيين وجهات مخابراتية منذ أيام الرئيس الراحل ياسر عرفات، إضافة الي عمليات تنسيق امني مع دول خليجية وأماكن ووسائل تدريب القوي الأمنية الفلسطينية.

وجّه رئيس اللجنة القانونية بالمجلس التشريعي الفلسطيني، فرج الغول، اتهاماً محدداً إلى دحلان ، وقال لصحيفة "الخليج" الشارقية، "إنّ حركة حماس حصلت على وثائق خطيرة تؤكد بالدليل القاطع تورّط دحلان وفريقه في اغتيال الزعيم الراحل أبو عمار". 

وأضاف الغول قوله "إنّ الوثائق تدين دحلان بالفساد، وإنشاء فرق الموت"، وشدّد على أنّ اتهام دحلان بالتورّط في اغتيال عرفات ليس "كلاماً مرسلاً" وأكد بالقول "لدينا وثائق حالية وسابقة، واعترافات لقادة الأمن الوقائي الذين تم توقيفهم في غزة مؤخراً، ومع ذلك نحن مع تشكيل محاكمة عادلة لدحلان ورفاقه، والتحقيق النزيه والمجرد في هذه الأدلة والمستندات".

منظومة استخبارية سقطت ناضجة بيد المقاومة...

والصهاينة يتحدثون عن "كارثة"

سقوط قلاع الأجهزة المتنفذة وحصونها، يعني الكثير في حسابات المشروع الأمريكي في الساحة الفلسطينية. ولا يتعلّق الأمر أساساً بتلك الأسلحة والذخائر وفيرة العدد ومتنوِّعة الأشكال والأنواع التي جرى إمداد تلك المقار بها، بما في ذلك المدرّعات والمتعلقات الدفاعية، وخاصة في الآونة الأخيرة تحضيراً لحرب أهلية.  

كما أنّ الخسارة الأمريكية والصهيونية، لا تنحصر في هذا الصدد في حصول المقاومة الفلسطينية، على تجهيزات ونظم متطوِّرة في العمل الأمني والجوسسة والتنصّت والاتصالات. فالأمر يتعلق أساساًَ بمستنقع عميق من المعلومات الاستخبارية المعززة بالحقائق والوثائق.

ويبدو أنّ لوحات السيارات الصهيونية التي عرضتها كتائب "القسام" من مقارّ بعض الأجهزة ليست سوى قمة جبل الجليد.

وتشمل تلك التقاطعات قوائم بأسماء عملاء ومتعاونين، وتفاصيل بخدمات استخبارية ومعلومات ثمينة، والكثير الكثير من الوثائق. وبلغ الأمر بردود الفعل الأولية على تلك "الكارثة"؛ حدّ تسرّب أنباء في الأوساط العبرية والغربية عن عمليات تحريض خارجية على قصف الطيران الحربي الصهيوني لمقار الأجهزة الأمنية، بُعَيْد تمكّن مجاهدي القسام من السيطرة عليها، للحيلولة دون الإفادة من تلك "الكنوز" الاستخبارية.

ويدرك المراقبون أنّ أهمية تلك المعلومات والوثائق والتجهيزات تتزايد، بالنظر إلى أنّ كتائب عز الدين القسام ليست فصيلاً هشاً أو متواضع القدرات التنظيمية والأمنية، بل لديها منظومة أمنية مؤسسية ومتماسكة مشهود لها، خاصة مع كفاءة الكتائب في بعض الاختبارات الملموسة، مثل إدارتها الكفؤة للمتطلبات الأمنية لعملية أسر جندي الاحتلال جلعاد شليط. ويعني ذلك، أنّ المقاومة الفلسطينية لديها القدرة على استثمار المكسب الأمني الذي تحقق لها، وأنها ستسارع إلى تسجيل مكاسب في رصيدها جراء ذلك، في معركتها طويلة الأمد مع الاحتلال وأذرعه التي كانت يوماً ما طويلة، لكنها تبدو اليوم أقصر من أي وقت مضى، وبخاصة بعد التحوّل المفاجئ في قطاع غزة.

 *************

صلاح البردويل لـ"قدس برس":

الزمن لا يعود إلى الوراء وحماس لن تكترث للتضليل الإعلامي والاستقواء عليها بالخارج

أكد الناطق باسم كتلة حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور صلاح البردويل في تصريحات خاصة لـ"قدس برس" أن العجلة لن تعود إلى الوراء، وقال "لن نقبل بأن يتم التلاعب مرة أخرى بمصير شعبنا، فما قام به الرئيس محمود عباس حتى الآن مخالف للقانون الذي جاء به رئيسا للسلطة، والمجلس المركزي الذي يعرف الجميع أنه عاجز وفاقد لصلاحياته، هو أشبه بالأداة التي يؤتى بها لتحليل الحرام ولتبييض القرارات الوسخة، ولهذا فلا يوجد أي احترام لقرارات هذا المجلس، لأنه غير شرعي"... ونفى القيادي في "حماس" أن يكونوا قد فكروا في إقامة إمارة إسلامية أو ظلامية كما روج لذلك الرئيس محمود عباس، وقال "هذا نوع من التضليل الإعلامي، فنحن لم نقل ولن نقول بأننا نسعى لإقامة إمارة إسلامية في غزة، هؤلاء يريدون تأليب العالم ضدنا باتهامنا بهذه المشاريع، فحماس معروفة للقاصي والداني أنها صاحبة فكر إسلامي وسطي معتدل، وتنهج نهجا يأخذ بمقاصد الشريعة، وهم يعلمون ذلك، لكنهم يروجون لهذه الاتهامات في محاولة لاستعادة كراسيهم التي سقطت من تحتهم"، كما قال.

وأوضح أن "قطاع غزة هذه الأيام يعيش استقرارا أمنيا لم يعرفه منذ أكثر من 13 عاما، لا بل منذ الاحتلال، حيث لا تكاد ترى مسلحا واحدا ملثما في الشوارع، والقوة التنفيذية مهمتها مراقبة الوضع في مفترق الطرق"، مشيرا إلى أن هذا الاستقرار يشمل قادة فتح ومن عاد من ضباط الأجهزة الأمنية إلى عمله من دون أي خروقات تذكر.

*************

ماذا جرى ؟

جـواد الحـمد - مدير مركز دراسات الشرق الأوسط - الأردن، ورئيس تحرير مجلة "دراسات شرق أوسطية".

تشير المعلومات المتوافرة إلى أن الجهاز العسكري لحماس قدم تصورين لحسم المعركة –

الأول خلال 24 ساعة والثاني خلال 72 ساعة- لقيادته السياسية.

ونظرا للخسائر المتوقعة من الجانبين في الحسم السريع، فقد وقع الاختيار على خطة الحسم الثانية، وبالفعل منذ صبيحة يوم الاثنين 11/6 شرعت قوة قوامها ربع قوة كتائب القسام فقط بتنفيذ خطة الحسم وتطهير القطاع من ظاهرة الفلتان الأمني والمليشيات التي تقف خلفها، ومع بواكير صبيحة الخميس 14/6 كانت العملية قد تكللت بالنجاح وبخسائر متواضعة جدا، ما يفرض تسجيل الإعجاب الكبير بهذه الكفاءة من جهة، وبهذا الانضباط من جهة ثانية.

وكان أساس نجاح العملية إفقاد هذه الميليشيات كل الأغطية الشرعية والمقرات المحصنة التي تعمل فيها واللافتات التي تستخدمها، ولاحظنا عند التدقيق بمختلف مصادر المعلومات والصور أن كتائب القسام قد تمكنت من ضبط التداعيات في أضيق الحدود، وضبطت محاولات الانفلات الشعبي العامة أو السرقات أو محاولات العبث بالأمن العام والنظام وحرست الممتلكات العامة، كما أنها تجنبت الخسائر المدنية لأي سبب كان.

ومع انجلاء غبار هذه المواجهة الحاسمة مع هذه الميليشيات تبين أنها لا تشكل إلا ظاهرة عابرة في صفوف الأمن الفلسطيني تم تطويقها والقضاء عليها بسهولة، كما أن هذه الظاهرة لا تتمتع بدعم تنظيمي في داخل حركة فتح، وأن كتائب الأقصى الجناح المقاوم لا ينتمي لها إطلاقا، كما تبين أن قياداتها هربت إلى مصر مبكرا، واختفى بعضها في القنصلية المصرية، وفر بعضها الآخر إلى إسرائيل عبر البحر والمعابر، وأن الشعب الفلسطيني لم يبك على هذه المليشيات ولا على قياداتها.

وعلى صعيد عملية الحسم فقد نجحت حركة حماس وجناحها العسكري بإجرائها بكفاءة مهنية عالية وبمسئولية وطنية جنبت قطاع غزة ما كانت تحلم به إسرائيل من فوضى خلاقة (حرب أهلية، فلتان أمني، سرقات، حرق، اقتحام منازل...إلخ) تتسق مع نظرية المحافظين الجدد في واشنطن، ومن أبرز الدلائل على ذلك:

لم تشتبك كتائب القسام مع أي قطاع من تنظيم فتح في كل القطاع طوال العملية أو بعدها على الإطلاق.

لم تشتبك الكتائب مع أي مجموعة مقاومة من كتائب الأقصى وإنما مع الذين يزعمون الاسم ولا يمثلونه، كما أكد القيادي الفتحاوي خالد أبو هلال مرارا.

لم تقم كتائب القسام باعتداء على أي مقر من مقرات فتح التي تبلغ أكثر من 150 مقرا في قطاع غزة بأي شكل كان.

لم تتم مداهمة أي بيت لعضو في حركة فتح لأي سبب كان.

تمكنت كتائب القسام من حماية الممتلكات العامة والخاصة من العبث، وأحبطت محاولات السرقة والعبث، وفرضت الأمن والأمان على كل القطاع بما في ذلك مقر الرئيس الفلسطيني ومنزله ومبنى فضائية فلسطين التي تديرها حركة فتح.

حيدت الكتائب جهاز الشرطة والأمن العام وجهاز قوات الأمن الوطني تماما من العملية، حيث لا يتمتع تيار هذه المليشيات بنفوذ كبير فيها.

قبلت الكتائب مبدأ الاستسلام والعودة إلى البيت بسلام من الغالبية العظمى من منتسبي جهازي حرس الرئاسة والأمن الوقائي والمخابرات العامة، فيما لم تجر عمليات قتالية خلال دخولها مقرات هذه الأجهزة إلا بشكل محدود وهو السر في قلة عدد الضحايا خلال مراحل الحسم النهائية.

سارعت قوات حماس العسكرية إلى محاصرة أوكار المخدرات ومداهمتها، والإفراج عن المعتقلين لدى العائلات أو لدى مجموعات مسلحة، ومنعت اللثام في الشوارع لمنع عمليات الاختراق الاجتماعي والأمني من العابثين.

هذه وغيرها من الدلائل والمؤشرات، ووفق هذا التحليل، تبين أن عملية الحسم التي اتخذتها حماس لوقف الفلتان الأمني والتمرد على تعليمات الحكومة في قطاع غزة كانت عملية نظيفة وجراحة ناجحة تستحق الاحترام والتقدير، وأن ما يجري من تركيز على جزئيات أو تضخيم لبعض التداعيات لا يخدم المصلحة الوطنية ولا الأمن والاستقرار في فلسطين، ولا يوفر الجهود لمقاومة الاحتلال، وهذا ما يجعل النظر الموضوعي والدقيق والشامل إطارا ناظما للتفكير الوطني العملي.

*************

د. الغزالي: الكيان الصهيوني

المستفيد الوحيد من مؤتمر شرم الشيخ

أكد الدكتور عبد الحميد الغزالي- الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة- أن الكيان الصهيوني هو المستفيد الأول والوحيد من مؤتمر شرم الشيخ الذي عُقد أمس في القاهرة، وقال الثلاثاء الموافق 26/6/2007-: إن المؤتمر لم يُسفر إلا عن تأييد السلطة الفلسطينية ممثَّلةً في محمود عباس أبو مازن وحكومة الطوارئ؛ مما يؤكد ويعمِّق الشرْخَ الفلسطيني، والذي نتج كردِّ فعلٍ من الموقف العالمي من الحكومة الشرعية وهي حكومة الوحدة الوطنية، والتي كان عليها أن تقوم بواجبها لإعادة الأمن والأمان للمواطن الفلسطيني في غزة بعد الانفلات الأمني والفوضى المقصودة غير المقبولة ولا المعقولة.

   وأوضح أنه كان لا بد لهذا المؤتمر أن يخرج بشكل مختلف عما تمَّ من حيث التشكيل والهدف، فبدلاً من أن يشكَّل من مصر والأردن ورئيس الكيان الصهيوني وعباس فقد كان يتعيَّن كحدّ أدنى أن يتشكَّل من الأطراف العربية، مضافًا إليها السعودية وقيادة حماس، فكيف يحاور عباس الصهاينة ويرفض الحوار مع حماس؟! ...

   وقال د. الغزالي إن الهدف من المؤتمر كان لدعم عباس في مجابهة الحكومة الشرعية برئاسة هنية، فكان ينبغي معالجة الشرخ الفلسطيني بالعودة إلى الوحدة الفلسطينية كثابتٍ من ثوابت القضية، وأكد أن الشيء الوحيد الإيجابي الذي انبثق عن المؤتمر هو الدعوة إلى حوار فوري بين فتح وحماس من قِبَل القيادة السياسية المصرية.

وطالب الدكتور الغزالي الأنظمةَ العربيةَ بتفعيل الضوء الذي ظهر من هذا المؤتمر، وهو إجراء حوار فوري وحقيقي بين فتح وحماس، والذي يعدُّ مطلبًا نادت به حماس كثيرًا؛ حتى لا تضيعَ بوصلة النضال الفلسطيني؛ حتى يتفرَّغ الجميع للمقاومة الواجبة للحصول على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

غزة: ارتياح أجنبي ومسيحي فلسطيني

 للأوضاع الأمنية بعد 10 أيام من سيطرة "حماس"

غزة (فلسطين) ـ خدمة قدس برس

لا يزال الهدوء والأمن، بعد نحو عشرة أيام من سيطرة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على قطاع غزة، هما سيدا الموقف، بعد أن وضعت الحركة يدها على مقرات الرئاسة والأمن، التي تقول إنها كانت وراء كل الفلتان والفوضى الأمنية الموجودة، والتي لم تستطع السلطة حتى أيام الرئيس الراحل ياسر عرفات من الحد من "تغولها".

ويستشعر أهالي قطاع غزة، كما يؤكدون، والأجانب الذين عادوا إلى القطاع، بشكل واضح الأمن الذي يلمسونه على أرض الواقع، بعد غياب كامل لكل مظاهر التسلح والمسلحين وعدم سماعهم لصوت الرصاص حيث لم تسجل تلك الفترة أحداث تذكر لاسيما بعد عمليات العفو والمسامحة التي سادت بين العائلات والمواطنين.

وبخلاف القلق من الحصار، الذي يهدد به الإسرائيليون والأمريكيون وأطراف في السلطة الفلسطينية كمعاقبة لحركة "حماس"، وعزلها عن العالم الخارجي بشكل نهائي، فإن أهل غزة، فيما يبدوا، قد رموا وراء ظهورهم تلك التهديدات واتجهوا هذه الأيام إلى الاستمتاع بالبحر، وفوق رمال شواطئ غزة التي كما يقولون، لم يكونوا قادرين على الاقتراب منها خوفا من رصاص المسلحين.

ارتياح مسيحي

من جهتهم المسيحيون الفلسطينيون، أبدو ارتياحهم للهدوء الذي ساد القطاع، وقال راعي كنيسة دير اللاتين في غزة منويل مسلم "إن شوارع غزة تشهد هدوءاً ونظاماً لم أشهده من قبل، بعد تغيير المعادلة الأمنية لصالح حركة حماس". وأضاف: "يبدو أن جذور الانفلات الأمني والفوضى اقتلعت من غزة، ونأمل أن يستمر الوضع بهذا الاتجاه"، مؤكداً على عمق العلاقة المسيحية الإسلامية على ارض فلسطين.

وأشاد مسلم بتواصل وزراء وأعضاء المجلس التشريعي وقيادات "حماس" مع إخوانهم المسيحيين في غزة، لافتاً إلى أن "حماس" عرضت المساعدة بشكل رسمي عدة مرات.

وحسب إحصائية شبه رسمية فإن عدد الصحفيين الأجانب الذين كانوا يقيمون في قطاع غزة قبيل الحسم العسكري كان يساوي: (صحفي واحد) وهو ألان جونستون المختطف منذ 100 يوم في مدينة غزة، فيما زاد عدد الأجانب الذين قدموا إلى غزة في غضون أسبوع عقب الحسم العسكري لكتائب القسام، عن 60 صحفيا.

وقال راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: "أنا فوجئت وفوجئ العديد من الزملاء بمستوى الهدوء الذي ساد في الأيام الماضية، كان الحديث عن عودة إلى الحياة الطبيعية". وعبر عن ارتياحه من انتهاء ظاهرة المسلحين الملثمين في الشوارع التي بدأت في الاختفاء مقابل ظهور الشرطة المدنية بدلاً منها، وقال "منذ العام 1994 لم أجد عدد مسلحين منخفضا كما هو الآن".

واستغرب الصوراني الخوف الذي يسود أوساط الموظفين المدنيين والموظفين العاملين في مجال الأمن والشرطة، بالرغم من  أن حركة "حماس" أعلنت "عفواً عاماً"، مضيفاً "لا يوجد أساس للتخوف من هذه الأمور".

عودة الصحفيين الأجانب

وعبر الصحفيون الأجانب الذين يقيومون في غزة الآن، عن ارتياحهم لعودة الهدوء إلى القطاع، مؤكدين أن هذا الهدوء لم يشهده القطاع منذ سنوات وهذا ما دفعهم للعودة إلى غزة في هذه الظروف بعد الحسم العسكري.

من جهته، اعتبر سامي أبو زهري الناطق الرسمي باسم حركة "حماس" عودة الصحفيين الأجانب للعمل داخل قطاع غزة بأنه انعكاس لحالة الأمن التي توفرت في قطاع غزة عقب الحسم العسكري الذي نفذته كتائب القسام، مشيرا إلى أن العديد من الاتصالات جرت مع الكثير من الأجانب الذين أكدوا تقديرهم لهذه الأجواء الأمنية، وانتهاء حالة الفوضى وحالات الاختطاف، معبرين عن رضاهم عن ذلك.

وأشار أبو زهري إلى أن هؤلاء الأجانب، تلقوا قبل وصولهم إلى غزة تحذيرات كثيرة من الاحتلال ومن بعض قيادات السلطة بعدم الذهاب إلى غزة، بدعوى أن غزة مليئة بالأخطار، "إلا أنهم أدركوا حقيقة الهدوء والأمن في شوارع القطاع حين وصلوا إلى غزة" حسب قوله.

وأوضح أن جميع حالات الخطف التي تعرض لها الأجانب في القطاع باستثناء بعض الحالات خططت لها مجموعات تتبع للأجهزة الأمنية، لافتا إلى أنه بانتهاء هذه المجموعات توقفت حالات الخطف والتهديد للأجانب.

ولفت إلى حرص حركة "حماس" على توفير أجواء أمنية لكل الصحفيين، لتمكينهم من نقل حقيقة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم ومؤامرات"، حسب قوله.

إسماعيل رضوان لـ"قدس برس":

الطريق الإسرائيلي إلى غزة لن يكون مفروشا بالورود

غزة (فلسطين) ـ خدمة قدس برس

حذر ناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من استمرار التوغل الإسرائيلي في قطاع غزة واستهداف المقاومة، لأن الطريق إلى غزة سوف لن يكون مفروشا بالورود على حد قوله.

واعتبر الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الدكتور اسماعيل رضوان في تصريحات خاصة لـ "قدس برس" أن اجتياح القوات الإسرائيلية للمنطقة الشرقية في خان يونس أو المنطقة الشرقية لغزة تأتي في إطار سياسة ممنهجة ومبرمجة لإسرائيل، وهي الآن تستغل الإنقسام السياسي الداخلي لاستهداف برنامج المقاومة، على حد قوله.

وأوضح رضوان أن ستة شهداء من بين عشرة استهدفتهم إسرائيل هذا صباح الأربعاء (27/6) هم من قادة كتائب القسام، وقال رضوان "نحن كبرنامج مقاومة نعتقد أن الحل الإستراتيجي هو في استمرار برنامج المقاومة، ولذلك فإن شيئا لم يتغير في برنامجنا، ونتوقع كل شيء من الاحتلال، ونحن في الميدان وعندما يكون هناك اعتداء فسيكون هناك رد، ونحن نحذّر الاحتلال من اجتياح غزة لأن طريقه لن يكون مفروشا بالورود"، على حد قوله.

ونفى قيادي حركة المقاومة الإسلامية حماس أن يكون قد جرى أي اتصال بينهم وبين الرئيس محمود عباس بشأن طبيعة الاجتياح الإسرائيلي لغزة، وقال رضوان "ليست هنالك أي اتصالات مباشرة بيننا وبين الرئيس محمود عباس بشأن التصعيد الإسرائيلي ضد غزة، على الرغم من أننا رحبنا بالحوار تحت أي مظلة عربية"، على حد قوله.

وكانت مصادر طبية فلسطينية قد أكدت أن عشرة فلسطينيين على الأقل قتلوا أثناء توغل قوات إسرائيلية في قطاع غزة اليوم الأربعاء، في أكبر عملية للجيش الاسرائيلي في غزة منذ سيطرة حركة حماس عليه قبل نحو أسبوعين.

مقالات وتحليلات 

هل يتحمل مبارك دولة للإخوان المسلمين

 على بعد 10 كيلو مترات من حدود مصر ؟!!

بقلم – إبراهيم عيسى- نافذة مصر 18/6/2007م

بعدما أعلنت حماس سيطرتها على أدوات السلطة في غزة ، فالخطوة العملية الحاصلة هي تصرف حماس المطلق في حدود هذه الرقعة الجغرافية السياسية ، فعلياً هذا أول فرع للإخوان المسلمين يصل للحكم ، ثم إذا به ينفرد بحكم إقليم ملاصق لمصر ، هذا يعنى :

1- تحالف مصري إسرائيلي فوري و كامل لمواجهة خطر إقليم مقاومة بقيادة حماس ، و خطر تصدير و استيراد إخوان مسلمين بين مصر و فلسطين .

2- ضغط مصري رهيب وعصبي على جماعة الإخوان المسلمين في مصر بالمزيد من الملاحقة والمطاردة والسجن والتحجيم منعاً من استغلال أي انتصارات محدودة محتملة لحماس في مواجهة سلطة أبو مازن أو في مواجهة الاحتلال لإسرائيلي ، واستباقاً لأي مساندة إخوانية مصرية لإخوان فلسطين .

3- استمرار الدور المصري الذي انحاز وتورط مع فتح لتوريط وتفشيل حماس .

4- ابتزاز أمريكي أكثر إلحاحاً و ضغطا على الحكومة المصرية فيما يخص الإهمال و التراخي المصري الذي تدعيه إسرائيل وأمريكا إزاء ضعف مصر من تهريب الأسلحة إلى غزة وفتح الأنفاق بين رفح المصرية و الفلسطينية .. سوف تبتز إسرائيل مصر أكثر ، وستكون مصر أكثر تهورا وتوترا في ملاحقة أي عمليات تهريب الأسلحة وهدم الأنفاق ، مما سيخلق احتكاكاً حقيقياً ومفتوحاً على احتمالات كثيرة بين حكومة مصر وحماس غزة .

5- ستشارك مصر في حصار حماس بقوة عن طريق منع قياداتها من المرور بمعبر رفح أو دخول مصر ، و هو ما سيجعل حكومة القاهرة بين نارين ، النار الأولى هي قدرتها على لعب دور وسيط وحامل الرسائل بين غزة ورام الله من جهة ، وغزة وتل أبيب من جهة أخرى ، وبين خوفها من ردود فعل حماس إذا ما أدركت أن ساعي البريد يفض الرسائل و يغير فيها و يعيد لصقها .

6- ستلعب أجهزة مصرية ضمن أجهزة أخرى دوراً داعماً لتنظيمات دينية متطرفة تكفيرية داخل غزة ، من اجل تشويه صورة حماس وتقديمها باعتبار تحول غزة إلى إمارة إسلامية وطالبان أخرى في فلسطين ، وهنا تلعب قدرة حماس على ضبط الواقع الغزاوى المفتاح الفاصل لهذا السيناريو بان ينجح و يتمدد أو يفشل و يتبدد .

7- من اليوم ورايح ، فإن حماس ستبذل جهدا ضخما ، ويتضخم من أجل تحييد موقف مصر تجاهها و هو جهد تعرف حماس انه فاشل و تعرف حماس انه لا بد من بذله وسيلعب المصريون دورا في تطمين حماس إلى حياد مصر وهو جهد تعرف مصر انه فاشل وتعرف أنه لا بد من بذله .

*********

ما الذي جري في قطاع غزة؟

حماس إذ تدشن بداية نهاية الحقبة المكية في التفكير الإخواني

أسامة أبو ارشيد - كاتب ومحلل سياسي مقيم في واشنطن-23/06/2007

في غضون أسبوع واحد تمكنت حركة حماس من إلحاق هزيمة كاسحة بحركة فتح وأجهزة الأمن الفلسطينية التابعة لها ولمؤسسة الرئاسة الفلسطينية في قطاع غزة. ومع سقوط مقر الأمن الوقائي في تل الهوا جنوب غرب مدينة غزة في يد حماس يوم الخميس (14/6)، انهارت أسطورة الهرم الثلاثي الأضلاع الحاكم في القطاع، محمد دحلان ورشيد أبو شباك وسمير مشهراوي، قادة هذا الجهاز وسادته.

ومع صباح يوم الجمعة (15/6)، كانت حماس وجناحها العسكري المعروف باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، والقوات التابعة للداخلية الفلسطينية القوة التنفيذية ، يحكمون سيطرتهم الكاملة علي قطاع غزة ومعابره، وذلك بعد أن سقطت السرايا ، مقر حكم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، وبالتالي سقوط قوات حرس الرئاسة التابعة له.

لماذا ابتدأت بهذه المعلومات المعروفة لدي الجميع؟ ببساطة لأنها تحمل مدلولات أعمق من الخبر ذاته أو سرديته، والتي يبدو أن كثيرين لم ينتبهوا لها أو أنهم يتقصدون التغاضي عنها.

فإذا كانت حماس تمتلك فعليا كل هذه القدرة التي أبرزتها في قرار الحسم العسكري مع حركة فتح والأجهزة الأمنية التابعة لها في غزة، فما الذي دفعها إذن لأن تتحمل لمدة 15 شهرا مماحكات ومؤامرات بعض أطراف حركة فتح ومؤسسة الرئاسة والأجهزة الأمنية التابعة لهما؟

وما الذي دفعها مثلا إلي أن تتغاضي عن جريمة محاولة اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية في 14/12/2006 عندما كان عائدا من جولة خارجية له عبر معبر رفح؟

ولماذا صمتت علي تحرشات حركة فتح ومؤسسة الرئاسة والأجهزة الأمنية التابعة لهما كل هذه المدة؟ ولماذا قبلت باتفاق مكة في شهر شباط/فبراير الماضي، والذي كان في مضمونه انتقاص من فوزها المستحق في الانتخابات التشريعية مطلع عام 2006، وإجهاض له؟

ولماذا قبلت قبل ذلك بسحب جلَّ الصلاحيات من حكومتها بل وحتي من المجلس التشريعي ذاته لصالح مؤسسة الرئاسة؟

ولماذا صبرت علي تعرض قوات فتح والأجهزة الأمنية لمسؤولي الحكومة عن حماس وأعضاء التشريعي عنها، وقادتها السياسيين والعسكريين؟

هذه الأسئلة وغيرها الكثير، توضح بما لا يدع مجالا للشك، بأن حماس لم تكن قد اتخذت يوما قرارا بـ الانقلاب علي السلطة الفتحاوية وهياكلها في قطاع غزة، رغم امتلاكها القدرة العسكرية علي ذلك، حتي قبل دخولها للانتخابات التشريعية. فهي التي صبرت في عز قوتها، وقبل دخول الانتخابات التشريعية علي التلاعب في الانتخابات البلدية، خصوصا في بلدية رفح أواخر عام 2005، وهي نفسها التي كظمت غيظها وهي تري موعد الانتخابات التشريعية يؤجل مرة بعد أخري بما يتواءم وظروف حركة فتح الداخلية.

كما أنها هي نفسها من حافظت علي الحكمة والتعقل وهي تري ملف إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية يتلاعب به لسنوات حتي لا يتاح لها دخولها، ومن ثمّ يسلط عليها سيف وحدانية وشرعية تمثيلها للشعب وللقضية الفلسطينية وتعير بأنها لم تدخلها بعد وهي لا يسمح لها أصلا.

وفوق هذا وذاك، التزمت حركة حماس جانب ضبط النفس وهي تري بأم عينيها تجاوزات وتعديات كوادر فتح والأجهزة الأمنية علي كوادرها وقادتها، حتي وصل الأمر إلي تصفية بعضهم، والتطاول علي بعض من قياداتها السياسية، بما في ذلك رئيس وزرائها نفسه، والذي منع موكبه يوما من أن يمر من أمام مقر جهاز الأمن الوقائي، وكادت أن تتحول الأزمة إلي مذبحة، لولا تعقل هنية واختياره للعودة من حيث أتي، وهو رئيس الوزراء... أو علي الأقل كان هذا هو المفترض  ... واضح جدا أن حماس لم يكن في واردها فكرة الحسم العسكري في غزة، ليس عجزا وضعفا كما عيرها دحلان في خطابه الشهير مطلع العام الحالي في مهرجان انطلاقة فتح في غزة 1/1/2007، وذلك عندما أخذ يصرخ في ذكري انطلاقة فتح ويتحدي حماس أن تطلق عليه الرصاص إن كانت تستطيع (وين حماس .. خلي حماس تطخني!؟)، فقد ثبت أن حماس كانت تستطيع ذلك حينها لو أرادت، وها هو الدليل قد جاءه في صيغة لا تخطئها العين، ولعله من حسن حظ دحلان أنه كان هاربا منذ أشهر خارج قطاع غزة، وإلا لكان تحديه لحماس قد تجسد حقيقة.

إذن ما الذي دفع حماس إلي الوصول إلي قناعة بضرورة الحسم العسكري؟ وهو قرار واضح بالمناسبة أنه لم يكن جراء فقدان القيادة السياسية للسيطرة علي عناصرها العسكرية والميدانية.

فالذي رفض الهدنة التي أعلنتها فتح من جانب واحد في خضم المعركة وبعد أن بدا واضحا اتجاهها لخسارتها لم تكن القيادة العسكرية لحماس، بل إن الرفض جاء علي لسان ناطق وقائد سياسي بالحركة، هو فوزي برهوم.

أيضا وخلال فترة الحسم العسكري، اختفت تقريبا قيادات حماس السياسية الكبيرة عن الساحة وغابت تصريحاتها، وكان من الواضح أن ذلك إنما يجيء في سبيل إعطاء فرصة كاملة للجناح العسكري لإنجاز المهمة التي أوكلت إليه بدحر الانقلابيين ، كما تسميهم حماس.

بل إن رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، لم يخاطب وسائل الإعلام إلا يوم الجمعة (15/6)، أي بعد أن أحكمت حركته سيطرتها التامة علي قطاع غزة. وفي ظهوره ذاك، دعا مشعل حركة فتح إلي الحوار، مؤكدا أن المعركة في غزة لم تكن موجهة ضد حركة فتح، وإنما إلي تيار داخلها سعي دائما إلي إجهاض مبادرات الوفاق الوطني عبر تحكمه بالبنية القيادية للأجهزة الأمنية، والتي تمثل صميم المشكلة. وأكد مشعل تمسك حركته بحكومة الوحدة الوطنية بعد معالجة الملفات العالقة، وخصوصا الملف الأمني، إلا أن رد فتح ـ والتي كانت تشعر بالإهانة- جاء بالرفض علي لسان مستشار عباس، أحمد عبد الرحمن.

ولنعد مرة أخري إلي السؤال حول دافع حماس للحسم عسكريا في قطاع غزة هذه المرة.

لقد كتب الكثير وقيل أكثر حول مشروع أمريكي ـ إسرائيلي وبعض عربي وبعض فلسطيني كان يطبخ علي نار هادئة لمدة أكثر من عام للإطاحة بحكومة حماس المنتخبة، ولإجهاض قوة الحركة ذاتها في قطاع غزة.

وكانت التقارير حول تفاصيل هذا المشروع تجد طريقها إلي صفحات الجرائد الأجنبية والعربية، بما في ذلك الأمريكية والإسرائيلية، نقلا عن مصادر مطلعة. وكان واضحا من تلك التقارير المتسارعة وحجم المعلومات المتوافقة التي احتوتها أن ساعة الصفر للتحرك والحسم مع حركة حماس قد تمّ ضبطها في أشهر الصيف القادمة، وغالبا في شهر تموز( يوليو) القادم.

حماس بالتأكيد لم تكن غائبة عن هذه المعلومات.

كما أنها لم تتعامل معها علي أساس أنها إشاعات إعلامية، كيف وهي تري بأم عينيها عبر معابر القطاع مع إسرائيل ومصر، شاحنات الأسلحة تلك، بما فيها شبه الثقيلة، تدخل ليلا ونهارا باتجاه الأجهزة الأمنية الفلسطينية المحسوبة علي الرئاسة وفتح؟

فضلا عن تلك المعلومات التي أشارت إلي أن دحلان كان يقوم بتكوين جهاز أمني آخر من الموالين له وللرئاسة مائة بالمائة، والذين كانوا يرسلون بالمئات للتدريب في دول عربية كمصر.

أضف إلي ذلك سعي الإدارة الأمريكية مرة أخري عبر وزيرة الخارجية الأمريكية، كوندوليزا رايس، والمبعوث العسكري الأمريكي إلي المنطقة، الجنرال كيث دايتون، لدي الكونغرس للمصادقة علي تخويل الإدارة بإنفاق عشرات الملايين من الدولارات علي بناء الأجهزة الأمنية التابعة لعباس. ففي إعلانها يوم الاثنين (18/6) عن قرار الإدارة الأمريكية رفع الحصار عن حكومة الطوارئ الفلسطينية، التي شكلها أبو مازن، برئاسة سلامة فياض، تقول رايس بما لا لبس فيه: وكنا قد حددنا في السابق ما يصل إلي 86 مليون دولار لدعم جهود الرئيس عباس في تشكيل قوات أمن مسؤولة. والآن، وفي ضوء الحكومة الفلسطينية الجديدة، سنعمل مع الكونغرس لإعادة هيكلة تلك المساعدة بحيث يمكن استخدامها بشكل فعال .

أما صحيفة يونغافيلت الألمانية فأشارت في تقرير لها نشر يوم الخميس (14/6) إلي أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش خططت منذ فترة طويلة لتفجير الأوضاع الداخلية الفلسطينية وتحريض تيار موال لها داخل حركة فتح علي القيام بتصفيات جسدية لقادة الفصائل العسكرية لحركة حماس. وقال المعلق السياسي للصحيفة فولف راينهاردت إن هذا الاتهام مبني علي أقوال لا تحتمل اللبس أدلي بها مسؤول الاتصال العسكري الأمريكي المقيم في إسرائيل الجنرال كيث دايتون أواخر ايار (مايو) الماضي أمام جلسة استماع في لجنة الشرق الأوسط بالكونغرس الأمريكي. وأوضح راينهاردت أن دايتون اعترف أمام اللجنة بوجود تأثير قوي للولايات المتحدة علي كافة تيارات حركة فتح، وذكر لأعضاء اللجنة أن الأوضاع ستنفجر قريبا وبلا رحمة في قطاع غزة.

ولفتت صحيفة يونغافيلت إلي تأكيد الجنرال دايتون لرئيس لجنة الشرق الأوسط بالكونغرس السيناتور غاري أكرمان علي إلقاء وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ووكالة الاستخبارات المركزية (سي . آي . أي) بكامل ثقلهم خلف حلفاء الولايات المتحدة وإسرائيل داخل حركة فتح. ونقلت الصحيفة عن دايتون قوله إن تعبئة الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ضد حماس مثل ويمثل خيارا إستراتيجيا للإدارة الأمريكية الحالية. وأشارت إلي نجاح الجنرال دايتون في الحصول من الكونغرس علي مبلغ 59 مليون يورو لتدريب حرس عباس الرئاسي في مصر والأردن منذ عام 1996 وإعداده لخوض مواجهة عسكرية ضد حركة حماس.

ونوهت الصحيفة إلي أن التيار الأمريكي ـ الإسرائيلي داخل فتح لم ينجح رغم كل الدعم السخي المقدم له في كسر شوكة حماس جيدة التنظيم والتسليح عبر القتال المباشر. وقالت إن هذا الفشل دفع وكالة (سي. آي. أي) لاستدعاء خبرتها السابقة في جمهورية السلفادور وتوجيهها الأطر الفتحاوية التي تحركها لتشكيل فرق موت لاغتيال قادة وكوادر حماس. وتحدثت يونغافيلت عن وجود خيوط كثيرة تربط بين فرق الموت والحرس الرئاسي الفلسطيني الذي يشرف عليه النائب في فتح محمد دحلان. ونسبت الصحيفة إلي خبيرة التخطيط السياسي بالجامعات الإسرائيلية د. هيجا باومجارتن قولها إن دحلان مكلف من وكالة الاستخبارات المركزية وأجهزة أمريكية أخري بتنفيذ مهمة محددة هي تصفية أي قوي مقاومة لإسرائيل داخل وخارج حماس.

ليس هذا فحسب، بل إن وكالة رويترز وفي تقرير لها أعده مراسلها من القدس المحتلة آدم أنتوس، ونشر يوم الأحد (17/6) تحت عنوان: بعد غزة... من كان يسعي للإطاحة بمن؟ ، يشير بوضوح إلي أن الخطة الأمريكية كانت بدأت قبل عام علي الأقل لتمهيد الطريق أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس للإطاحة بالحكومة الفلسطينية التي تقودها حماس.

بل وأبعد من ذلك حيث ينقل التقرير عن مصادر غربية وإسرائيلية وفلسطينية رسمية في مطلع الأسبوع إن إعلان عباس حالة الطوارئ وتنصيب سلام فياض الذي يتمتع بقبول لدي الغرب مكان رئيس الوزراء المنتمي لحماس لم يكن مجرد رد علي هجوم حماس بل جاء تتويجا لشهور من المشاورات والتخطيط وراء الستار وتحريض الولايات المتحدة .

ويذهب التقرير إلي القول: وفي نهاية الأمر كان الضغط علي عباس للعمل ضد حماس بنفس القدر من داخل حركة فتح إن لم يكن أكبر من ضغط واشنطن التي تحاول التقليل من أهمية دورها . مضيفا: ولا يمكن أن يقال ان أمرا كهذا كان بمثابة مفاجأة سيئة للأمريكيين إلا الأحداث الأخيرة التي أسفرت عن سيطرة حماس علي كل قطاع غزة وذهبت أدراج الرياح خطط الولايات المتحدة وحلفائها لبناء قوات عباس في غزة في مواجهة حماس.

ويري كثير من المسؤولين والمحللين الغربيين أن الهجوم كان ضربة وقائية وجهتها حماس قبل أن تتمكن واشنطن من بناء فتح.. هناك عناصر قوية داخل حماس رأت أن الوقت ليس في صالحهم .

وينقل التقرير عن إدوارد أبينجتون مستشار عباس والقنصل الأمريكي السابق في القدس، منذ وقت طويل والعضو في جماعات للضغط في واشنطن، أن إدارة الرئيس بوش أبلغت الرئيس الفلسطيني بنواياها بعد قليل من فوز حماس في الانتخابات في مطلع عام 2006. وأضاف أنه جري إبلاغ عباس بأن حماس منظمة غير مشروعة وأنهم يفعلون كل ما يستطيعونه لإجبارها علي ترك السلطة . وحكي أبينجتون عن اجتماع عقد في تموز (يوليو) العام الماضي قائلا ذكر لي (عباس خلاله) أن الأمريكيين يحثونه علي حل الحكومة وتشكيل حكومة طوارئ. إلا أنه رفض أن يفعل ذلك لأنه سيؤدي إلي حرب أهلية. لم يكن يريد الدخول في مواجهة لكنه قال في نهاية الأمر إن ذلك كان مفروضا عليه . وقال مسؤولون غربيون-حسب التقرير-إن عباس استطاع أن يتحرك بسرعة الأسبوع الماضي لتشكيل حكومة جديدة لأن جزءا كبيرا من العمل التحضيري كان قد أنجز بالفعل. ويشير التقرير إلي أن بعض المسؤولين الغربيين والفلسطينيين يجادلون بأن واشنطن أذكت النار بمجرد انتهاء حماس وفتح في آذار/مارس من تشكيل حكومة وحدة لم تستمر طويلا. وحث مسؤولون أمريكيون عباس علي منح محمد دحلان السيطرة علي الأمن ثم حثوه علي نشر قوات فتح في غزة.

بل إن دينس روس، المبعوث الأمريكي السابق للسلام في الشرق الأوسط زمن إدارة الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون، كتب مقالا في واشنطن بوست في ـ ((4/6 أي خمسة أيام قبل بدء المواجهات الأخيرة الحاسمة بين قوات حماس والتنفيذية ضد قوات الأمن وفتح والرئاسة في قطاع غزة-تحت عنوان: شبح حماسستان: يجب فعل المزيد من أجل مواجهة انتصارات الإسلاميين في غزة ، أشار فيه بوضوح إلي أنه حضر نقاشات في رام الله والقدس لم تدر حول الطريق المسدود الذي وصلت إليه العملية السلمية، ولا حول المبادرة العربية للسلام، بل كان (ت) حول الصراع الذي يدور في غزة بين المنظمتين الفلسطينيتين، فتح وحماس، وما إذا كان قطاع غزة قد أصبح بالفعل بيد الإسلاميين. فقد كان الإسرائيليون والفلسطينيون علي حد سواء يتساءلون عن عواقب تحوّل غزة إلي ما يسمونه بمصطلحهم حماسستان .

ويضيف: كما سمعت أيضاً من الفلسطينيين والإسرائيليين علي حد سواء بأنه يمكن لمصر أن تفعل أكثر مما تفعله بكثير من أجل منع حماس من تلقي الأسلحة والأموال المهربة من الأنفاق المحفورة التي تصل سيناء بغزة . ويتابع روس ناقلا لما دار في تلك النقاشات علي جانبها الفلسطيني: أما بالنسبة للفلسطينيين، فإنهم يرون أنه من الضروري أن لا تحقق حركة حماس في الضفة الغربية النجاح الذي حققته في قطاع غزة.

والدافع الأكبر وراء ما خلص إليه الفلسطينيون المشاركون في النقاشات هو خوفهم، الذي ربما يكون كبيراً بما فيه الكفاية ليجعلهم يتعالون علي الخصومات الشخصية والداخلية التي أنهكت حركة فتح وأعاقتها في منافستها لحركة حماس... وسمعت من هؤلاء الفلسطينيين طرحاً مثيراً للاهتمام، يتطلعون من خلاله إلي جعل الضفة الغربية مثالاً ناجحاً في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية، يرفعونه في وجه الفشل الذي يعاني منه قطاع غزة، حيث تبلغ نسبة البطالة ما يقارب السبعين بالمائة.

ويقولون: فلتتولي حماس شؤون الدولة التي تعاني من الشلل وغياب القانون والنظام ولنبن نحن دولتنا، ولنتوصل إلي تفاهم مع الأردن وإسرائيل، علي الأقل من أجل التوصل إلي كونفدرالية اقتصادية وأمنية. وإذا ما بقيت حماس صامدة في غزة فربما يكون هناك حل قائم علي إنشاء ثلاث دول ! .

بمعني آخر، فإن ثمة تخطيطا مسبقا كان من أجل فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، وتحويلهما إلي كيانين في حال هزمت فتح عسكريا في قطاع غزة، فضلا عن أن إعلان الولايات المتحدة والدول الغربية وإسرائيل عن استئناف مساعداتها لحكومة الطوارئ في الضفة الغربية لم يكن وليد لحظته وإنما كان مخططا له من قبل، وذلك في أفق إفشال حماس جماهيريا فــي قطاع غزة، بعد أن يري سكانه بركات التماهي مع المشروع الأمريكي-الغربي-الإسرائيلي في الضفة الغربية، في حين يعيشون هم تحت الحصار والفاقة والعوز بسبب خطاب الممانعة والحقوق والثوابت الذي تتمسك به حماس.

ولعل الرئيس الأمريكي جورج بوش، كان أكثر من واضح في تصريحاته التي أطلقها خلال اللقاء الذي جمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت فــي البيت الأبيض، يوم الثلاثاء (19/6) وذلك عندما أعرب بوش عـن أمله أن يتلقي عباس وفياض دعما يمكنهما مـن قيادة الفلسطينيين فـي اتجاه مختلف.. موضحا أنه وأولمرت لديهما إستراتيجية مشتركة لمحاربة من سماهم المتطرفين في قطاع غزة .. من جانبه قال أولمرت إنه يريد دعـــم المعتدلين والتعاون مـع عباس، مبديا اســتعداده لبدء مفاوضــات معه.

إذن لا شك، أن كل الدلائل كانت تشير إلي استعداد فتحاوي-رئاسي، بدعم أمريكي-إسرائيلي وبغطاء بعض عربي، للقيام بانقلاب عسكري علي حركة حماس في قطاع غزة..

ولا شك أن حماس استصحبت-محقة-في قرار حسمها، أنها تمثل الشرعية في الساحة السياسية الفلسطينية، والتي تواجه تمردا من قبل قادة الأجهزة الأمنية، والذين يتحرك غالبيتهم بأجندة فصائلية ضيقة وأخري خارجية، بما في ذلك الأمريكية والإسرائيلية.

 

ولكن ثمة سؤال يبرز في هذا السياق، وبدأت تتبلور محاوره الآن مع تصاعد التهديدات بعض الفلسطينية وبعض العربية، والإسرائيلية والأمريكية والغربية بفرض حصار علي قطاع غزة وعزله... فهل كانت حماس لا تدرك طبيعة الثمن الذي ستدفعه في حال سيطرتها علي غزة؟

في الحقيقة يصعب تصور غياب تداعيات وارتدادات سيطرة حماس علي قطاع غزة محليا وإقليميا ودوليا عن ذهن وتفكير قادة الحركة. فمثل هذه التداعيات المتوقعة، لا تحتاج إلي عقل استراتيجي متفتق لكي يستوعب مفرداتها وسياقاتها. فقطاع غزة، لا يشكل أكثر من شريط أرضي ضيق وصغير (365 كيلومترا مربعا) بسكان يناهزون المليون ونصف المليون إنسان محاصر برا وبحرا وجوا. محاصر من الداخل الفلسطيني، المتمثل في مؤسسة الرئاسة وحكومة الطوارئ وحركة فتح في الضفة الغربية، والذين أنعم عليهم الآن باستئناف المساعدات الغربية وتحرير أموال عائدات الضرائب الفلسطينية والتي كانت تحتجزها إسرائيل منذ تشكيل حماس لحكومتها الأولي في آذار (مارس) 2006، حيث ستصرف في الضفة دون غزة حتي يشعر سكان القطاع بالفرق ويثورون علي حماس. ومحاصر من جهة إسرائيل والتي تسيطر علي معابره البرية والبحرية فضلا عن فضائه الجوي، كما أنه محاصر من قبل الأشقاء في النظام المصري العتيد.

وفوق هذا وذاك، فإن القطاع تحت سيطرة حماس لوحدها، يعني أنه أكثر عرضة وأسهل هدفا الآن للتعرض لحملة اجتياح أو تصعيد عسكري إسرائيلي، أو حتي تصعيد داخلي جديد فلسطيني-فلسطيني في القطاع بدعم أمريكي-إسرائيلي-مصري، في جولة جديدة لحسم المعركة.

 

إذن لماذا قررت حماس رغم كل ذلك المضي قدما في الحسم العسكري؟

ببساطة، وبناء علي كل ما سبق، فإن مرحلة الحسم العسكري من قبل فتح وقوات الرئاسة كانت أمرا مفروغا منه، بدعم إسرائيلي-أمريكي وبعض عربي. وكل الذي فعلته حماس في هذا السياق هو أنها قدمت موعد الصدام العسكري وغيرت نتيجته المتوخاة، من انتصار لفتح والأجهزة الأمنية المرتبطة بها، إلي انتصار لحماس وإحباط مخططات سحق عظمها دون أدني دفاع عن النفس.

يبدو أن حماس قد قررت، عن وعي منها أو دون وعي، أن تضع حدا للـ الحقبة المكية في تفكير المدرسة الإخوانية وتدشن بداية نهايتها. تلك الحقبة التي تستصحب التلذذ بالمحنة وآلامها كما يعبر عنها الإخوان المسلمون في أدبياتهم، ربما دون وعي.

فإذا كان السحق هو قدر حماس وعقوبتها، فلماذا تنسحق حانية الرأس مطأطأة الجبين!؟

وإذا كان يراد كسر عظمها فلماذا لا تُكَسِّرُ عظام خصمها معها!؟

من المفارقات أن حماس كانت تخوض معركة الحسم مع فتح، في حين كان أشقاؤهم في تنظيم الإخوان المسلمين في مصر يسامون سوء العذاب في انتخابات الشوري الأخيرة، والتي زورها النظام المصري عيني عينك .

والمفارقة الأخري الأكثر تراجيدية، أن النظام المصري والذي يخنق جماعة الإخوان عنده هو ذاته الوسيط غير النزيه بين حماس وفتح.

منذ أواخر العشرينيات من القرن الماضي، تاريخ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين، وهم يتقلبون بين محنة وأخري، ولم يفد تعقلهم وحكمتهم في جلب السلامة لهم.

صحيح أن الوضع في غزة والأراضي الفلسطينية مختلف عن أوضاع فروع جماعة الإخوان المسلمين الأخري في البلدان العربية المختلفة. ولكن خطوة حماس هذه قد تدفع بالإخوان المسلمين إلي التفكير بطرق خلاقة أخري لمواجهة القمع والكبت الممارس عليهم وعلي شعوبهم من قبل الأنظمة. ليس معني هذا، أنهم قد يلجأون إلي خيار العنف ، سيكونون هم الخاسرين فيه طبعا، وإنما علي الأقل، فإنهم قد يلجأون إلي تغيير قواعد اللعبة مع الأنظمة، ونقل التوتر معها إلي الشارع في صورة عصيان مدني واسع، وهو أمر ينبغي أن تفكر فيه الجماعة في مناطق نفوذها. فما فعلته حماس في غزة، رغم ما تدفعه وستدفعه من ثمن في القطاع والضفة الغربية، حيث تعلو يد فتح والأجهزة الأمنية في هذه الأخيرة بغطاء إسرائيلي، قد دق مسمارا آخر في نعش الحقبة المكية في التفكير الإخواني التي طالت.

 ولعله من المفارقة أن الحقبة المكية زمن الرسول صلي الله عليه وسلم، قد دامت 13 عاما، في حين أنهت حماس هذه الحقبة في قطاع غزة، وإن مؤقتا، بعد 13 عاما أيضا، من دخول السلطة الفلسطينية منذ شهر نيسان (أبريل) 1994، وتغولها منذئذ.

بل أبعد من ذلك فإن أولئك الذين حملوا علي ما فعلته حماس، حتي من قبل قوميين ويساريين، متعاطفين معها نوعا ما كحركة مقاومة، فإنهم ما فعلوا ذلك إلا لأنهم اعتادوا علي الأنموذج الإخواني الذي يقبل أن يتعرض للسحق دونما أدني مقاومة.

أنا هنا لا أتحدث عن أعداء حماس، بقدر ما أتحدث عن أولئك من غير الإسلاميين الذين كان عندهم نوع من التعاطف مع حركة حماس، كحركة مقاومة إسلامية في فلسطين. فهم ورغم أن كل الحقائق متوفرة بين أيديهم عن حقيقة الأوضاع في الساحة الفلسطينية، إلا أنهم ليسوا علي استعداد لهذا التغيير في منطق التفكير الإخواني (والذي يبقي خصما لهم علي الصعيد الإيديولوجي)، فهم يريدون للإخوان أن يبقوا أساري فكر المحنة والاستسلام القدري، وهو الأمر الذي دشنت حماس بداية نهايته في هذا الفضاء الفكري الواسع.

نعم، قد يكون ثمن سيطرة حماس في غزة وانتصارها علي بيادق المشروع الإسرائيلي-الأمريكي (كما تراهم) في الساحة الفلسطينية، انتصارا مكلفا، بما قد يستدعيه ذلك من حصار عربي ودولي وإسرائيلي، بل وربما تصعيد عسكري واجتياح شامل بدعم من بعض الدول العربية، وقطعا من فلول المهزومين الهاربين من قطاع غزة، إلا أن حماس-في منطق التفكير السياسي- لم يكن أمامها خيار آخر، فهي كانت أمام خيارين لا ثالث لهما: إما السحق مع الدعاء علي الظالم، وإما سحق الظالم معها والدعاء عليه بعد ذلك.

وفي أي حال، فإن اجتثاث حماس حلم صعب المنال، فالإخوان ورغم كل ما قاسوه في الجارة مصر من حروب استئصال واجتثاث، سواء تحت الملكية أم تحت النظام الجمهوري، لا زالوا هم القوة الشعبية الأولي هناك. وحماس نفسها تعرضت لعمليات سحق عام 1996 علي أيدي هاربي اليوم، ومع ذلك عادت لهم من تحت الرماد من جديد لتذيقهم من نفس الكأس.

كل ما سبق لا يعني أنه لم يبق مجال لأصوات التعقل والحكمة داخل حركة فتح، فالقضية الفلسطينية مركب واحد، وأينما حدث الخرق فالجميع لا محالة غارق. هذا الكلام لا يعول فيه علي المجموعة الدحلانية ومن لف لفها، ولكن يعول فيه علي شرفاء فتح والذين غيبوا جراء الدعم الغربي والإسرائيلي لدحلان ومن علي شاكلته. ويبقي الأمل أن لا تتوه فتح وراء أصوات الحقد القادمة من ذلك التيار، والذي انضم إليه للأسف، القيادي الفتحاوي المعتقل، مروان البرغوثي، والذي قد يكون الورقة الأمريكية-الإسرائيلية القادمة لمواجهة نفوذ حماس.

أما الأنظمة العربية، فعليها أن تدرك، أن أخذ جانب طرف علي حساب طرف آخر يعني أن مسألة التوتير الداخلي في دولهم أضحت مسألة وقت، وذلك بعد أن بدا واضحا من تجربة سقوط النظام العراقي علي أيدي الاحتلال الأمريكي وسقوط إمبراطورية دحلان الأمنية في غزة علي أيدي حماس بأنهم ليسوا أقوياء كما يبدون، رغم تحالفهم مع أعداء شعوبهم.

وكلمة أخيرة إلي بعض من يلقون باللوم علي حماس لدخولها الانتخابات التشريعية ابتداء وتشكيلها للحكومة بعد ذلك، فسواء دخلت حماس هذه الانتخابات أم لم تدخلها فإن الصدام كان قادما لا محالة.

فالقضية متعلقة بمشروعين وبرنامجين في الساحة الفلسطينية. مشروع يريد بيع كل شيء وبأي ثمن مهما كان بخسا... ومشروع يريد الحفاظ علي الحقوق والثوابت ولو في حدودها الدنيا. وإذا كانت حماس تحارب اليوم لنجاحها الكاسح في الانتخابات، فإنها كانت سَتُحارَبُ لو لم تدخلها باسم الشرعية والتمرد عليها. فالقضية ليست مسألة فخ نصب لحماس ووقعت فيه بمشاركتها في الانتخابات التشريعية وتشكيل الحكومة وبعد السيطرة علي قطاع غزة.. فالفخ قائم في كل الأحوال ضد القضية الفلسطينية، وكل ما فعلته حماس أنها حاولت وتحاول إفشاله.

ولعله من الخطأ الجزم بأن أيام حماس قد أصبحت معدودة... فاحتمالات تفجر المنطقة ككل لا زالت مفتوحة، وهي بلا ريب ستفيد كل قوي الممانعة فيها، ومن ضمنها حماس. بعد ذلك كله إنها دعوة للتعقل وتغليب مصلحة الشعب والأمة العليا... فهل من مذكر!؟

*********

روبرت ساتلوف:

غزة "حماس" لمصر والدولة في الضفة *

المدير التنفيذي لمعهد "واشنطن لدراسات الشرق الأدنى".

الخيارات والفرص

لا شك أن مسألة تعزيز حركة إسلامية "راديكالية" عاقدة العزم على تدمير إسرائيل لسيطرتها السياسية والعسكرية في غزة تخلق موقفا جديدا، وحان الآن الوقت لدراسة الخيارات المتوافرة. ورغم أن هذا الموقف يشكل انتكاسة خطيرة فإنه يحتوي أيضا على فرص إيجابية.

تتمثل أول فرصة إيجابية في ميزة الوضوح، حيث تخضع غزة بشكل كامل لسيطرة نظام معاد، وليس هناك تواجد ظاهري لمنظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية أو فتح، من شأنه تعتيم هذه الحقيقة.

أما الفرصة الإيجابية الثانية فتتعلق بأحد أخطر عيوب اتفاق أوسلو، ألا وهو قرار إسرائيل الرسمي بالتعامل مع غزة والضفة الغربية كوحدة واحدة. في الواقع، احتلت إسرائيل هذه الأراضي من دولتين مختلفتين، ما جعل هاتين المنطقتين تتسمان بجذور تاريخية مختلفة كلية وسكان يتميزون بخصائص اقتصادية واجتماعية متباينة للغاية. وكان اعتراف إسرائيل بعدم إمكانية الفصل بين المنطقتين منذ بدء عملية السلام بمثابة تنازل هائل لم يكن هناك ما يستدعيه. والآن، انتهى هذا الوضع على أرض الواقع.

أما الفرصة الثالثة الإيجابية، فهي أن انتصار حماس في غزة يمنح إسرائيل الفرصة للنظر في خيارات واضحة:

ـ الاحتلال العسكري لغزة بهدف تدمير "النظام العدو" المسيطر عليها حاليا. بيد أن مختلف التيارات السياسية، بما في ذلك زعيم المعارضة "بنيامين نتنياهو"، تعارض مثل هذه العمليات البرية الكبرى في غزة. ونظرا للاحتمالات الكبيرة لاندلاع مواجهة في الصيف على الحدود الشمالية للبلاد، لا يوجد حماس كبير داخل إسرائيل لاقتحام غزة في الوقت الراهن.

ـ الاحتلال العسكري لمساحات محدودة من أراضي غزة، إما في صورة قطاع من الشمال للعمل كمنطقة عازلة ضد صواريخ "القسام"، أو قطاع بالجنوب لمنع التهريب، أو كليهما. ورغم المنطق الجيد الكامن وراء هذه الخيارات، فإنها تشكل على أفضل تقدير إجراءات لا تحدث تغييرا جوهريا بالمعادلة الإستراتيجية.

ـ فك الارتباط الكامل.. أعتقد أن الولايات المتحدة ينبغي عليها تشجيع إسرائيل على إنجاز عملية فك الارتباط التي بدأتها عام 2005. يذكر أن إسرائيل أخرجت جنودها وسكانها المدنيين من غزة، لكنها أبقت على مسئولياتها القانونية والاقتصادية والأمنية هناك. وعليه، واجهت إسرائيل مشكلة أنها دفعت تكليف فك الارتباط، دون التمتع بالمزايا. وفي أعين العالم الخارجي، ظلت إسرائيل قوة احتلال حتى بعد أن أنهت احتلالها.

ينبغي على إسرائيل إنجاز فك ارتباطها بغزة، وذلك يتضمن ما يلي: إنهاء اتحاد الجمارك، إعلان أنه بعد نقطة زمنية معينة ستتوقف إسرائيل عن العمل كنقطة مرور لجميع السلع والأفراد والخدمات إلى داخل غزة، وإنهاء اتفاق أمن "محور فلادلفيا" (محور صلاح الدين) الذي تحول إلى فخ للأمن الإسرائيلي. وفعليا سيجعل ذلك من مصر المنفذ الوحيد لغزة على العالم، مع تدفق الغذاء والمياه والكهرباء والسلع الإنسانية الأخرى عبر الحدود بينها وبين غزة.

وعندما أعرض هذا الاقتراح تكون الإجابة المعتادة: "لكن مصر لا تود تحمل هذه المسئولية؟"..

أجيب: "منذ متى تمارس القاهرة حق الفيتو على القرارات الإسرائيلية السيادية بإنهاء احتلال ظل العالم يطالب بإنهائه على امتداد أربعين عاما؟".. بدون اتخاذ إسرائيل هذه الخطوة، ستستمر حماس في التمتع بوضع متميز يمكنها من استغلال التوجهات "الإنسانية" لإسرائيل، بينما تقصف هي بالصواريخ.

هل ستستمر حماس في قصف إسرائيل بالصواريخ؟..

المؤكد أنها ستشهد جدالا داخليا حول هذا الأمر، حيث سيرى فريق داخل الجماعة ضرورة العمل على تعزيز المكاسب وعرض اتفاق على "أبو مازن" يقوم على إقرار هدنة داخلية طويلة الأجل مقابل التمتع بوضع مكافئ لـ"فتح" داخل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية. وقد يتقدم رئيس الوزراء "إسماعيل هنية" بهذا العرض، وربما أيضا "خالد مشعل" الذي بدا مندهشا من سرعة الانتصار العسكري الذي أحرزته حماس.

ولكن لا أعتقد أن هذا العرض سيحظى بالقبول، حيث سيصر "الملثمون" في خان يونس ورفح ومدينة غزة على الاستمرار في إطلاق الصواريخ على أمل ضرب مدرسة أو مستشفى في سديروت، أو إذا حالفهم الحظ، موقع صناعي ضخم بأشكيلون. ويرغب هؤلاء في أن تقتحم إسرائيل غزة بكامل قوتها، حيث يعتقدون أن حرب الشوارع داخل شوارع ومخيمات اللاجئين سيفوزون فيها بسهولة.. أعتقد أن من الأفضل لإسرائيل إنهاء صلاتها بغزة واعتبارها متمردا معاديا رسميا يخضع لحكومة معادية، الأمر الذي سيمنح إسرائيل قدرة أكبر على التعامل مع التهديدات الناشئة عن حماس.

ـ ترتبط فرصة إيجابية أخرى بالضفة الغربية، حيث حان الوقت لاستغلال التأثيرات التي يخلفها الموقف الراهن. لقد اتخذ "عباس" الذي تردد طويلا ـ حتى أنه لم يأمر جنوده بإطلاق النار حتى اليوم الخامس من حرب الأيام الستة الثانية ـ في اتخاذ خطوات جريئة وإيجابية بشكل مثير للدهشة منذ فقدان غزة، بما في ذلك تجريم ميليشيات حماس. وفي أكثر إجراءاته حكمة، لم يقم "عباس" بتعيين الحكومة الجديدة من كوادر حماس القديمة، بدلا من ذلك عين مجلس وزراء بقيادة "سلام فياض"، يتألف بصورة رئيسة من عناصر مستقلة ذات كفاءة، وربما تشكل في نهاية الأمر حكومة فلسطينية لا يلوثها الإرهاب، تستحق دعما سريعا وكبيرا.

ولا ينبغي أن يأتي هذا الدعم في صورة رؤية سياسية كبرى جديدة، وذلك لأنه لا يتعين علينا تصديق المنطق المفرط في التبسيط الذي يرى بأن الضفة الغربية تخضع لسيطرة "فتح" الكاملة، بينما تخضع غزة لسيطرة "حماس" الكاملة، حيث يوجد دعم كبير لـ"حماس" داخل الضفة الغربية. لكن "حماس" لم تتمكن من اختراق الضفة الغربية بنفس القدر.. لماذا؟.. يكمن وراء ذلك العديد من العوامل، على رأسها التواجد النشط للجيش الإسرائيلي. وتتركز المفارقة في أن الأفق السياسي الذي ينادي به بعض أعضاء الإدارة الأمريكية سيثير آمالا سابقة لأوانها بشأن إزالة هذا العامل الذي يشكـل الحاجز الأكبر الحائل دون انتشار حماس في الضفة الغربية في الوقت الراهن.

إلا أن ذلك لا يعني أنه ليس هناك مجال للدبلوماسية. ففي الواقع هناك بالفعل مجال للدبلوماسية، ولكن ينبغي أن تكون دبلوماسية عملية تقوم على الاستفادة من التأثيرات المترتبة على "انقلاب" حماس لتعزيز المصالح المشتركة بين أبناء الضفة الغربية والإسرائيليين والأردنيين والعرب والغربيين بهدف خلق موقف مختلف يثمر في نهاية الأمر عن ظهور حكومة بالضفة الغربية عاملة وشفافة وتخضع للمحاسبة وتوفر الخدمات لسكانها، وهي حكومة قد تلبي في يوم من الأيام نصف الصفقة (قد يقصد الكاتب بهذا إقامة دولة فلسطينية في الضفة فقط) التي أعلنها "بوش" في 2002. وينبغي أن تتبع واشنطن إستراتيجية تقوم على العمل على تنفيذ رؤية الرئيس للحكم الفلسطيني، مع توفير الموارد والالتزام الضروريين لذلك.

خاتمة

علينا الاعتراف بعدم توافر حلول بسيطة واضحة للخروج من المرحلة الراهنة من تاريخ الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. أقصى ما يمكننا أن نطمح إليه أن نعمل وشركاءنا بتعقل أكبر في مواجهة هذه التحديات الجديدة عما سبق أن كان عليه الحال. وعلينا تقبل حقيقة أن هذا الصراع سيبقى قائما لفترة طويلة.

وما شهدناه مؤخرا ليس سوى تحول في الصراع، مثلما حدث كثيرا على مدار القرن المنصرم. وتتركز مهمتنا في إدارة هذا الصراع والحد منه والتخفيف من حدة آثاره السلبية والتمهيد لليوم الذي تصبح فيه التسوية أمرا ممكنا. وهناك بعض الأمل في أن يسفر تحول غزة إلى (جمهورية فلسطين الإسلامية) والتأثير القوي الذي سيخلفه ذلك على مختلف جوانب المشهد العربي ـ الإسرائيلي عن تحطيم هذه المشكلة إلى أجزاء أصغر يمكن استيعابها وتسويتها في نهاية الأمر... ولكن علينا إضفاء غطاء من الواقعية على أي شعور بالأمل، ذلك لأن أي طريق نحو التقدم لن يكون يسيرا أو ممهدا.

* مقال نشر على موقع معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، سلسلة بوليس واتش، عدد 1247، 18 يونيو 2007، تحت عنوان: "حماس وحرب الأيام الستة الثانية.. الدلالات والتحديات والفرص".

*********

صراع فتح وحماس .. العلاج

د . علي الحمادي

رئيس مركز التفكير الإبداعي بدولة الإمارات، ورئيس مركز الدقيقة الواحدة، والمشرف العام على الموقع الإلكتروني "إسلام تايم".

ما وصلت إليه الساحة الفلسطينية لم يكن وليد يوم وليلة، وإنما هو ابن السنوات الطوال من الصراع والتآمر والمكر والدهاء والكيد من قبل الصهاينة اليهود والإدارة الأمريكية ومن لف لفهم واتبع خطاهم من العملاء من أبناء جلدتنا الذين لم يعودوا أخفياء مستورين، إذْ فضحهم الله تعالى، وأظهر حقيقتهم، وكشف سترهم، حتى إنك لترى أحدهم يجري مسرعاً إلى أسياده اليهود والأمريكان بمجرد أن يشم رائحة الخطر تمر من جانبه... إن علاج هذه الأزمة ليس بالأمر اليسير، ولا هو نزهة، وإنما يحتاج إلى تضافر الجهود وصدق النوايا وعدم اليأس، وأظنه يكمن في النقاط العشر التالية:

1- اللجوء إلى الله تعالى، والاستعانة به، وصدق التوجه إليه، إذْ ليس لهذه الفتنة من دون الله كاشفة.

2- الحوار الفلسطيني الفلسطيني، والجلوس مرة تلو الأخرى على طاولة التنسيق والتفاهم حتى يتم الوصول إلى حل، إذْ لا يليق أن يكون لدينا الاستعداد التام للجلوس مع العدو الصهيوني مراراً وتكراراً، رغم نكوثه المتواصل لوعوده وتنصله المستمر من تعهداته، ثم لا يكون عندنا الاستعداد للجلوس مع إخوتنا وأشقائنا وأبناء جلدتنا.

3- على الدول العربية أن تحذر من شق الصف الفلسطيني، والوقوف مع فتح ضد حماس بأية حجة كانت، خاصة وأن صناديق الاقتراع قد أثبتت أن غالبية الشعب مع حماس، لذا فإن الحكمة تقتضي من الدول العربية أن تقف على الحياد، وأن تعالج الموقف بتروِّي، وأن تسبر أغوار الفتنة، وتحدد بوضوح وشفافية من هو المتسبب الحقيقي والرئيس لها، ثم تكون لديها قرارات حازمة وحاسمة وسريعة ومستقلة عن أي تأثير أجنبي لإيقاف هذا النـزيف ورأب الصف وإعادة المياه إلى مجاريها.

4- ضرورة قيام الجامعة العربية بدور فاعل وحقيقي ومتزن تجاه هذه الأزمة، وإلا فما هو دور الجامعة العربية، والتاريخ لا يرحم.

5- ضرورة قيام مصر والمملكة العربية السعودية بدور تاريخي في هذه الأزمة، إذْ كان لكل واحدة منهما في السابق دور من نوع ما، وآن الأوان كي يكون لهما مجتمعتين دور ضاغط وعاقل وحكيم، يكون من خلاله وأد الفتنة والتوصل إلى حل يوقف هذا النـزاع والتشرذم.

6- ضرورة وضع حد للطابور الخامس والعملاء في الساحة الفلسطينية وتعريتهم وفضحهم وبتر شرهم وتأثيرهم، حيث أن هؤلاء في النهاية خطر على الجميع، فهم خطر حقيقي على فتح وعلى حماس وعلى جميع الشعب الفلسطيني، إذْ أنهم لم يُوجدوا إلا لهذا الغرض، وعلى العقلاء أن ينتبهوا لذلك قبل أن يفوت الأوان، وصدق أخو هوازن حينما قال:

أمرتهم أمري بمنعرج اللوى     فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد

7- الحذر من تفتيت الساحة الفلسطينية إلى غزة وضفة غربية، أو من انتقام فئة من أخرى، ذلك لأن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى الوحدة والتآلف وليس إلى الفرقة والتشرذم والنـزاع.

8- على كل من فتح وحماس الكف عن إظهار النتائج التي تحققت على الساحة الفلسطينية اليوم على أنها انتصار، أو تحرير، أو فوز عظيم، فلا أظن أن أحداً فائز في هذه الفتنة، فالكل خاسر، بل القضية الفلسطينية برمتها خاسرة.

9- ضرورة إلغاء حالة الطواريء وحكومة الطواريء، والرجوع إلى حكومة الوحدة الوطنية، وعلاج نقاط التأزم داخلياً بعيداً عن وسائل الإعلام وعن التدخل الأجنبي.

10- على العقلاء والغيورين من كل الفصائل والحركات الفلسطينية عدم الاكتفاء بالتفرج، بل لا بد لهم من التحرك للقضاء على هذه الفتنة في مهدها وبسرعة، وعدم تركها حتى تتفاقم ويصبح من الصعوبة القضاء عليها، لأنه إن حدث هذا فإنهم جميعاً خاسرون، في حين أن الرابح الوحيد هو العدو الصهيوني .

وأخيراً أسأل الله تعالى أن يفرج على إخواننا في فلسطين، وأن يلطف بأمتنا، وأن يؤلِّف بين قلوبنا، وأن يكبت عدونا، وما ذلك على الله بعزيز، والحمد لله رب العالمين.

*********

رسالة مفتوحة

إلى حركة حماس في فلسطين

24-06-2007- علي بالحاج

الحمد لله القائل في كتابه العزيز "والذّين كفروا بعضهم أولياء بعض، إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" الأنفال 73، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين القائل في الحديث الصحيح "ما من امرئ يخذل مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره في موطن يحب فيه نصرته" وعلى آله وصحبه الذين وصفهم الله بقوله "أشدّاء على الكفار رحماء بينهم".

أما بعد: إخوتي في حماس السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. معشر الإخوة الأفاضل في زمن الخذلان والتخاذل أذكركم بقوله تعالى "ولا تهنوا، ولا تحزنوا، وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين" سائلا الله عز وجل لكم السداد في القوله والعمل وكذا الثبات على المبادئ وبعد النظر في معالجة الأزمة الطارئة باذن الله تعالى "والعاقبة للمتقين".

إخوتي في الله لا يهولنكم مسارعة إدارة واشنطن والإتحاد الأوروبي لرفع الحظر السياسي والمالي على السلطة الفلسطينية ولا يقلقكم مساندة رئيس وزاء إسرائيل لرئيس السلطة الفلسطينية ورئيس حكومة الطوارئ وتذكروا قوله تعالى "الذين قال لهم النّاس إن النّاس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم ايمانا، وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل" واعلموا أن ا! ليهود والنصارى لا يسارعون بمساندة إلا من كان على نهجهم أو يخدم أغراضهم قال تعالى "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتّى تتّبع ملّتهم" ولا ينال من عزيمتكم خذلان الحكومات العربية المتهالكة على إرضاء المخطط الأمريكي الإسرائيلي مقابل بقائها على كراسي الحكم، وصدق الله العظيم إذ "فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أس! رّوا في أنفسهم نادمين"

ولذلك قل حذيفة بن اليمان" ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهولا يشعر لهذه الآية" لولا تعلقوا كبير ا! لأمل على الجامعة العربية التي استعمت لطرف دون الآخر واعلموا أنه ما دام مقر الجامعة العربية دوما بمصر وأمينها العام لا يكون إلا من مصر، فلن يصدر منها إلا قرارات متخاذلة تخدم مخطط الأعداء ومسايرة النظام المصري المتخاذل! .

واعلموا أن استقواء السلطة الفلسطينية بالإدارة الأمريكية الإرهابية والإتحاد الأوروبي المائع التابع للهيمنة الأمريكية، وبعض حكام العرب المتخاذلين العملاء ما هو إلا "كسراب يحسبه الضمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ! ووجد الله عنده فوفّاه حسابه". إخوتي في الله، إذا كانت أمريكا وأوروبا وحكام العرب – إلا ما رحم ربي- وقفت مساندة ومعاضدة للسلطة الفلسطينية فإن قادة الفكر والعلم والدعوة هم معكم فضلا عن سائر الشعوب العربية والإسلامية التي تميز بفطرتها الصادقة المحق من المبطل، لا شئ إلا لأنكم من ! جملة الفصائل الهامة التي تحمل لواء الجهاد والمقاومة لتحرير البلاد والعباد "وما رآه المسلمون حسن فهو عند الله حسن"

ولقد أدركت الشعوب العربية والإسلامية وقادة الفكر والعلم والدعوة أن التأييد المتسارع للسلطة الفلسطينية مرده إلى الرغبة الجامحة من طرف قوى الاستكبار العالمي وعملاءه في القضاء على روح الجهاد والمقاومة لدى الشعوب العربية والإسلامية، ونحن نقول أنه لولا المقاومة الباسلة في العراق وأفغانستان لاجتاحت أمريكا العالم وقضت على دول وقفت لسياستها بالمرصاد وعلى رأسها سوريا وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا أما بعض الأنظمة العربية الخانعة الذليلة أصبحت ماهرة في تحويل الانتصارات العسكرية إلى هزائم سياسية كما حدث في حرب أكتوبر 1973 بمصر وكما هو الحال في جنوب لبنان بعد انتصار حزب الله على أكبر قوة عسكرية في الشرق الأوسط

واعلموا أخوة الإسلام والعقيدة أن الفكر الإستسلامي الإنهزامي الذي أخذ في التوسع والإنتشار وذلك بدعم من دوائر مخابراتية داخلية وخارجية لو فسح له المجال أثناء فترة استعمار الغرب للدول العربية! والإسلامية لما تحررت تلك الدول ومنها الجزائر، وليكن في علمكم أن فلسطين لن تتحرر إلا بسلوك نهج الجهاد والمقاومة كما فعلت الجزائر المجاهدة، ولكم فيها بعد سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام قدوة وأسوة حسنة والتي عرف قادة الثورة فيها كيف يتعاملون مع الخونة والعملاء والجواسيس.

إخوتي في الله، لا أريد أن أشير عليكم بما ينبغي فعله، فأهل مكة أدرى بشعابها وكل ما يأتيكم من نصح وإرشاد من هذه الجهة أو تلك فلكم أن تأخذوا منه ما ترونه مناسبا بمعروف، وتتركوا ما لا ترونه بإحسان، فأنتم أعلم بالواقع وأعلم بما يصلح لتغييره في حدود القدرة والاستطاعة والظروف الداخية والإقليمية والدولية، والذي أنصح به في هذه العجالة ما ي! لي والله الموفق:

أولا: التمسك بحقوقكم السياسية المشروعة وحق مقاومة الاحتلال المتعارف عليه شرعيا وسياسيا ودوليا ولا تقطعوا الحوار حتى مع خصومكم الذين بالغوا في نعتكم بنعوت بالغة القسوة والحيف، فأجمعوا بين صلابة التمسك بالحقوق المشروعة والانفتاح على الحوار الجاد المفيد القائم على الاحترام والاعتزاز لاذلّ ولا دنيّة فيه، لعلكم تصلون إلى قواسم مشتركة تف! ضي إلى حل الأزمة التي تحدث في كل حركات المقاومة والثورات، والتاريخ أكبر شاهد على ذلك.

ثانيا: حبذا لو تطالبون بإعادة النظر في منظمة التحرير وإعادة صياغة قوانينها لتضم جميع الفصائل الفلسطنية التي تهدف إلى مقاومة الإحتلال بجميع الوسائل المشروعة. ثالثا: إعادة النظر في الأجهزة الأمنية بحيث تكون أجهزة وطنية واضحة المعالم والأهداف ذلك أن لب الصراع مصدره تغول الأجهزة الأمنية على مؤسسات السلطة الفلسطينية، وكلنا يعلم أن عرفات رحمه الله تضايق منها في آخر حياته حتى قضى نحبه وحيدا دون أن تتحرك ا! لدول العربية لنصرته!!

فهذه الأجهزة ما لم تكن تحت سلطة سياسة شرعية تصبح كيانا سرطانيا مدمرا وقد يتحول إلى جهاز عميل يخدم مخطط الأعداء. إخوتي ! في الله، هذا ما تيسر الصدع به في ظل هذه اللحظة سائلا الله تعالى أن تجد هذه الأزمة حلا عاجلا وعلى أهل العلم والدعوة والفكر الأحرار أن يقوموا بواجبهم الشرعي والسياسي نحو المساهمة الفعالة في حل عقد هذه الأزمة الخطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية التي هي قضية المسلمين جميعا، وما لم يقوم العلماء بواجبهم الشرعي نحوها فهم آثمون جميعا ولهم في العز بن عبد السلام قدوة، والله في عون العبد ما ماكان العبد في عون أخيه.

ويجب على قادة حماس التحذير من العمالة لليهود والنصارى المحاربين والتعامل معهم، قال تعالى "ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين" قال الإمام القرطبي المالكي "أي من يعاضدهم ويناصرهم على المسلمين، فحكمه كحكمهم في الكفر والجزاء وهذا الحكم باق إلى يوم القيامة وهو قطع الموالاة بين المسلمين والكافرين" وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن المعاون لأعداء الله فقال "حكمه حكم المباشر، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وأحمد" وإن من يستقوى باليهود والنصارى وأعداء الإسلام فهو من المنافقين، قال تعالى"بشّر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتّخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، أيبتغون عندهم العزّة فإن العزّة لله جميعا"

واعلموا أن الشعوب الإسلامية معكم عربا وعجما بل حماسة المسلمين الأعاجم أقوى من حماسة العرب، وخير دليل، المظاهرات التي يقوم بها عند كل مسّ بالإسلام وعقائده وشرائعه والمسارعة في نصرة القضايا الإسلامية بكل غال ورخيص.

قبــل أن نفـاجـأ

بـزلـزال جـديــد

فهمـي هـويـــدي – الأهرام 26 يونيو 2007

 إذا أردنا أن نخرج سالمين من الزلزال الذي شهدته غزة‏، فينبغي أن ننحي الانفعال جانبا‏، وأن نتخلص من الأوهام والأساطير التي راجت حول ما جري‏، لأن الخطأ في التشخيص يمكن أن يرتب أخطاء في العلاج‏، قد تستدعي زلزالا آخر لم يخطر علي البال‏.‏

‏(1)

‏من مفارقات المشهد وسخريات الأقدار أن الزلزال فاجأ كل القريبين منه‏، بينما لم يستغربه البعيدون عنه‏.‏ فقد أدلي الجنرال كيت دايتون مسئول الاتصال العسكري المقيم في تل أبيب بشهادة أمام لجنة الشرق الأوسط في الكونجرس الأمريكي‏، في شهر مايو الماضي‏.‏ وتحدث فيها عن انفجار قريب للأوضاع في غزة‏،

وعن دور الإدارة الأمريكية في تعزيز وتسليح القوي الأمنية في مواجهة القوة التنفيذية التي أنشأتها حماس لضبط النظام في القطاع‏، وهذا الذي قاله الجنرال دايتون لم يختلف كثيرا عما تضمنه التقرير السري الذي قدم إلي الأمين العام للأمم المتحدة من نائبه‏، ومبعوثه إلي الشرق الأوسط الفارودي سوتو‏.‏

وقد تسرب محتوي التقرير إلي صحيفة الجارديان البريطانية التي نشرت بعض مقتطفاته في عدد‏6/20، وهو ما فعلته أيضا صحيفة ها آرتس الإسرائيلية في عدد‏6/19، وفيه قال صراحة إن الإدارة الأمريكية عملت منذ البداية‏، بالتواطؤ مع بعض عناصر السلطة علي إسقاط الحكومة الفلسطينية التي تشكلت بعد الانتخابات التشريعية بأي ثمن‏، حتي إذا كان الثمن حربا أهلية دامية‏.‏ وأضاف المبعوث الدولي أنه كان من الممكن تشكيل حكومة وحدة وطنية عقب الانتخابات‏، لولا أن الولايات المتحدة دفعت الرباعية إلي وضع شروط مستحيلة للاعتراف بها‏، فضلا عن أنها عارضت مبدأ تشكيل حكومة من ذلك القبيل‏.‏ وأشار الرجل إلي أنه خلال اجتماع اللجنة الرباعية الذي عقد قبل أسبوع من لقاء مكة‏، حين كانت المواجهات علي أشدها بين حركتي فتح وحماس‏، فإن المندوب الأمريكي في الرباعية قال مرتين في الاجتماع‏:‏ إنني أحب ذلك العنف‏، لأنه يعني أن ثمة فلسطينيين يقاومون حكومة حماس‏.‏

لا أريد أن أستطرد في عرض الشهادات المحايدة والوثائق التي سلطت الضوء علي العناصر الأساسية في خلفية ما جري في غزة‏، إلا أنني أنبه مجددا إلي حقيقتين غيبهما خطابنا السياسي والإعلامي‏، الأولي أن الأصابع الأمريكية التي تحركها المصالح الإسرائيلية‏، سعت جاهدة إلي تفجير الوضع في غزة منذ ظهرت نتائج الانتخابات التشريعية في بدايات العام الماضي‏، الحقيقة الثانية أن الحكومة التي تشكلت عقب الانتخابات كانت لها مصلحة في تهدئة الأوضاع في القطاع‏، علي الأقل لكي تنجح في مهمتها‏، لذلك فإنها عملت طوال الوقت علي إبطال مفعول محاولات التفجير التي تمثلت في استمرار إشاعة الفوضي والفلتان الأمني‏.‏

‏(2)

‏الالتباس في قراءة وفهم ما جري قبل الأحداث استمر بعدها بنفس الوتيرة تحت عناوين عدة‏.‏ وكانت حكاية الإمارة الإسلامية في غزة من بين تلك العناوين‏.‏ ذلك أن القراءة الموضوعية والمتأنية لما حدث في القطاع تشير إلي أن المشهد حركته أجندة أمنية بامتياز‏، ولم تكن وراءه أي أجندة سياسية‏، علي العكس تماما من الأسطورة التي يروج لها الإعلام الآن‏.‏ ذلك أن خبرة‏15‏ شهرا أقنعت الحكومة بأنه طالما بقيت الأجهزة الأمنية خارجة عن السيطرة‏، وتؤدي دورها في إثارة البلبلة والفوضي‏

فإنها لن تستطيع أن تنجز شيئا علي الأرض‏، وحين لم تسفر استقالة ثلاثة وزراء للداخلية لهذا السبب عن إحراز أي تقدم إيجابي يخدم التعاون بين تلك الأجهزة والحكومة‏، فإن رئيسها السيد إسماعيل هنية قدم مشروعا من ثماني نقاط لإعادة هيكلة تلك الأجهزة‏، واخضاعها لسلطة الحكومة الشرعية‏.‏ وحين كانت الاجتماعات مستمرة لبحث المشروع‏، فإن اشتباكا وقع في منتصف الأسبوع الماضي في رفح بين مجموعتين‏.‏ إحداهما تمثل القوة التنفيذية التي شكلتها حماس‏، والثانية من عناصر الأمن الوقائي‏.‏

وأدي الاشتباك إلي قتل أحد عناصر القوة التنفيذية‏، واثنين من الأمن الوقائي‏.‏ وكان الظن أن الحادث سيمر شأن غيره من الحوادث المماثلة التي وقعت خلال الأيام الأخيرة‏، وتم تجاوزها بصورة أو أخري‏.‏ غير أن الأمر اختلف هذه المرة‏.‏ فقد أعقب الاشتباك انتشار لقوات الأمن الوقائي في الشوارع‏.‏ استصحب وضع الحواجز واعتلاء المسلحين للأبراج السكنية‏، والإقدام علي إعدام اثنين من حماس‏، وخطف آخرين‏.‏ وهو تحرك أيقظ شكوكا كثيرة لدي الحكومة التي لم تجد مفرا من اتخاذ قرار بالسيطرة علي مقار الأجهزة الأمنية‏، لإنهاء الفلتان والفوضي في القطاع‏.‏

المفاجأة التي حدثت أن تلك الأجهزة انهارت بسرعة لم تخطر علي بال أحد‏، في حين استسلم بعض قادتها‏، وهرب البعض الآخر‏، منهم عبر الحدود‏، وغادر القطاع‏، ومنهم من لجأ إلي بيت رئيس الوفد الأمني المصري ليحتمي به‏.‏

ثمة تفاصيل مثيرة في هذا الشق لا مجال للخوض فيها الآن‏، لكن أهم ما يستخلصه المرء من وقائع تلك المواجهة أن تحرك الحكومة لم يكن موجها لا ضد أبومازن‏، ولا ضد السلطة‏، بل ولا ضد حركة فتح ذاتها‏.‏ وإنما كان موجها فقط ضد مقار الأجهزة الأمنية‏، بهدف اخضاعها لسلطة الحكومة‏، بعدما فاض الكيل وفشلت المساعي طيلة‏15‏ شهرا في التفاهم حول الموضوع‏.‏

المدهش في الأمر أن الإجراء الذي اتخذ قرئ علي نحو مختلف تماما‏، وجري تسييسه علي الفور‏، وكأن الأجهزة الأمنية هي السلطة والدولة‏.‏ فتحدث كثيرون عن انقلاب في القطاع‏، وذهب آخرون إلي حد الادعاء بأن ما جري في غزة يمهد لإقامة إمارة إسلامية‏، أطلق عليها البعض اسم حماستان‏، وتطوع نفر من المحرضين فتساءلوا عن الخطر الذي يهدد أمن مصر من جراء إقامة إمارة إسلامية علي حدودها‏، وصفها أحدهم بأنها قنبلة موقوتة‏، إلي آخر تلك الأساطير المسرفة في الخيال‏، حتي بدا مضحكا أن يجري تخويف المصريين وإثارة فزعهم من قنبلة موهومة في غزة بدعوي أن مصر لا تحتمل وضعا كهذا‏، في حين أنها احتملت‏200‏ قنبلة نووية حقيقية قامت إسرائيل بتخزينها علي حدودها‏، ولم ير أولئك المتحدثون في ذلك أمرا يثير القلق أو يهدد أمن مصر‏.‏

(3)‏

في استعراض ما جري وفهمه علي نحو صحيح‏، تقتضي الموضوعية أن نفرق بين عناصره الجوهرية والممارسات التفصيلية‏، وفي تتبعي للمناقشات والمساجلات التي جرت حول الموضوع‏، لاحظت أن التفاصيل الفرعية استحوذت علي الاهتمام بأكثر من المسائل الجوهرية والكلية‏.‏ وأحسب أن الدور الأمريكي والإسرائيلي في إذكاء الصراع وتفكيره من تلك القضايا الجوهرية‏، كما أن الموقف الذي اتخذته الأجهزة الأمنية التي صممت لتكون فتحاوية وفصائلية‏، قبل أن تكون فلسطينية‏، وتحولت بمقتضاه إلي أداة لإثارة الفوضي‏، واسقاط الحكومة‏.‏ هذا الموقف هو مسألة جوهرية أخري تحتاج إلي تحقيق وتحرير‏.‏ يسري ذلك أيضا علي الهدف من تحرك الحكومة‏، وهل كان أمنيا كما ذكرت أم أنه كان سياسيا؟‏.‏

وهل كان إجراء حكوميا لاخضاع الأجهزة الأمنية لسلطة الحكومة الشرعية‏، أم أنه كان انقلابا من جانب الحكومة الشرعية؟ حتي مسألة الشرعية ذاتها تحتاج إلي تحرير من زاويتين‏، إحداهما ما إذا كانت مظلة الشرعية تغطي الرئاسة المنتخبة فقط أم أنها تتسع للحكومة المنتخبة بدورها من جانب الشعب الفلسطيني‏.‏ أما الزاوية الثانية فتتمثل في مدي شرعية القرارات التي أصدرها الرئيس أبومازن بما في ذلك قراره بتعطيل ثلاث مواد من القانون الأساسي الفلسطيني‏.‏

هذه الأمور المهمة لم تنل حقها من الاهتمام والتمحيص‏، في حين أن كثيرين تعلقوا بالتفاصيل المتفرعة عن تلك الكليات‏.‏ وهي التفاصيل الحافلة بعناصر الإثارة وبالأخطاء علي الجانبين‏، خصوصا إذا لاحظنا أن كل طرف أراد أن يشوه صورة الآخر لكسب المعركة الاعلامية التي صارت موضوع الصراع الراهن‏، بعدما حسمت المعركة عسكريا في غزة‏، حتي الآن علي الأقل‏.‏

فجري الحديث عن جرائم ارتكبها كل طرف بحق الآخر‏، والتنديد بالممارسات الانفعالية والتصريحات التي اتسمت بالرعونة التي صدرت عن بعض عناصر حماس بوجه أخص‏.‏ حتي وجدنا أن بيان المجلس المركزي لمنظمة التحرير‏، وبعض الأبواق الإعلامية‏، تتحدث عن حوادث القتل وإنزال العلم الفلسطيني من فوق بعض المباني‏، والاعتداء علي مقر أبومازن‏، وبيت أبو عمار‏، ونهب بعض الممتلكات إلي غير ذلك من الممارسات التي لا تستغرب في أجواء الاشتباك والفوضي‏، ويظل من الصعب للغاية تحديد فاعلها أو محاسبته‏.‏

(4)

الآن يشهر كل طرف اتهامه للطرف الآخر‏.‏ فثمة حديث من جانب بعض قيادات فتح عن انقلاب حدث في غزة ومؤامرة لاغتيال أبومازن‏.‏ وثمة أحاديث صادرة عن حماس تتحدث عن انقلاب في رام الله‏، وعن وثائق تم العثور عليها تكشف عن دور خطير وتخريب قامت به الأجهزة الأمنية‏.‏ ولا سبيل إلي حسم هذا التراشق إلا بعرض الموضوع برمته علي لجنة تقصي الحقائق التي قررها مجلس وزراء الخارجية العرب‏، ولم أجد سببا مقنعا لاعتراض بعض ممثلي السلطة عليها‏.‏

المثير للانتباه أن ثمة جدلا واسعا حول الموضوع في الصحف الإسرائيلية‏، التي تعددت فيها الآراء بصدده‏.‏ ولكننا لا نكاد نري هذا التعدد في ساحاتنا الإعلامية‏، التي تتبني أغلبها رأيا واحدا ينطلق من الاتجاه إلي التصعيد والدعوة إلي قمع حماس‏، وإقصائها من المشهد السياسي الفلسطيني‏.واستئصالها بالكلية من غزة والضفة‏، وهو الرأي الذي يتبناه المتطرفون في فتح‏، ويشجعه الإسرائيليون‏، ويصفق له الأمريكيون بشدة‏.‏ ولست أعرف إن كان ذلك ممكنا علي أرض الواقع أم لا‏، ولا ما هو الثمن الذي يمكن أن يدفع لقاء ذلك‏، ولا ما هي النتائج التي يمكن أن تترتب عليه‏.‏

وفي هذه النقطة الأخيرة استوقفني تعليق لمحرر الشئون العربية في صحيفة هاآرتس‏، داني روبنشتاين‏، قال فيه إن من يرفض الحديث مع حماس اليوم‏، سيجد نفسه غدا في مواجهة تنظيم القاعدة‏، وهي ملاحظة مهمة للغاية لها شواهدها علي أرض الواقع‏، ذلك أن القاعدة بدأت تتسلل إلي غزة والقطاع خلال العام الأخير‏، ولم يحل دون انتشار تنظيمها سوي الوجود القوي لحماس في الشارع الفلسطيني‏، وتقليص ذلك الوجود هو أثمن هدية تقدم إلي القاعدة‏، التي ظهرت طلائعها في العراق‏، ولبنان‏، والمغرب‏، والجزائر‏، والأردن‏، واليمن‏، فهل نحن وداعون ومستعدون لذلك الاحتمال‏.‏

أما كلمتي الأخيرة فهي تتمثل في السؤال التالي‏:‏ لماذا لم يعد هناك ذكر لاتفاق مكة‏، ولماذا لا يتم تفعيله والاحتكام إليه فيما جري‏، لعلنا نجد فيه مخرجا وطوق نجاة من آثار الزلزال الحالي‏، والآخر القادم‏.‏ 

*************

مؤتمر شرم الشيخ..

تكريس سياسة المحاور

د. حسن نافعة- كاتب وأكاديمي، خبير بالشئون السياسية العربية.

من المفيد أن أشير هنا إلى ورشة العمل المفتوحة التي عقدها المجلس المصري للشئون الخارجية يوم الثلاثاء الماضي (19 يونيو) تحت عنوان "المشهد العربي الراهن"، جرت خلالها مناقشة التطورات الأخيرة على مدى أربع جلسات كاملة. فقد لفت نظري إصرار عدد من المشاركين في هذه الورشة من رموز الحزب الوطني، خاصة القريبين من مطبخ لجنة السياسات، على وصف "المد الأصولي" بمصدر التهديد الرئيسي للأمن الوطني المصري، ووصل الأمر بأحدهم إلى حد التأكيد على أن مصر "لن تسمح بإقامة دولة دينية على حدودها الشرقية"، وذلك في إشارة واضحة، وإن كانت غير مباشرة، إلى رفض مصر سيطرة حماس على قطاع غزة.

وبرغم أن الأغلبية الساحقة من الحضور ـ الذي اشتمل على عدد كبير من رموز الفكر والدبلوماسية المصرية ومن العسكريين السابقين ـ رفضت هذا الاتجاه، وأشارت إلى الطابع الديني لدولة إسرائيل القائمة على حدود مصر الشرقية، ورأت في السياسات الإسرائيلية والأمريكية الحالية مصدر التهديد الأكبر على أمن المنطقة، إلا أنه كان من الواضح تماما أن الاتجاه الذي عبر عنه رموز لجنة السياسات كان هو الأكثر تعبيرا عن سياسة مصر الرسمية، وهو ما أكدته التصريحات التي نسبت مؤخرا إلى وزير الخارجية المصري.

وأيا كان الأمر فمن الواضح أن إسرائيل ـ وبدون أي محاولة من جانبنا لاستباق نتائج مؤتمر شرم الشيخ أو التقليل من شأنها مسبقا ـ ستعمل كل ما في وسعها لتعميق التناقضات بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، والحيلولة بكل الوسائل الممكنة لعودة الحوار الوطني الفلسطيني، كما ستعمل في الوقت نفسه على تعميق التناقضات بين الدول العربية وإيران.

ولأن السياسة الأمريكية في المنطقة تتطابق كليا مع إستراتيجية إسرائيلية دائمة لا ترى في المنطقة سوى «موزاييك» من تشكيلات عرقية وطائفية وقبلية يتطلب أمنها واستقرارها، فسوف تبذل كل ما في وسعها للعمل على جبهتين، الأولى: للحيلولة دون قيام حركة وحدوية في المنطقة تحت أي مظلة، والثانية: تفتيت الدول المركزية الكبرى التي لا تزال متماسكة، وتحويلها إلى دويلات تقوم على أسس دينية أو عرقية أو طائفية. وقد سبق لإسرائيل أن حاولت تطبيق إستراتيجية التفتيت في لبنان في بداية الثمانينيات لكنها فشلت، وها هي تعود على أجنحة أمريكية لتطبيق إستراتيجيتها في المنطقة، بعد أن نجحت في استدراج الولايات المتحدة لغزو العراق. فالأصابع الإسرائيلية لا تبدو واضحة في العراق فقط، والتي تريد تفتيتها إلى ثلاث دويلات، وإنما أيضا في لبنان والسودان والصومال وغيرها. وتعمل إسرائيل الآن بكل قوة لحمل الإدارة الأمريكية على توجيه ضربة لإيران، ليس فقط لتدمير برنامجها النووي، ولكن لأنها تدرك أيضا أنه يمكن لمثل هذه الضربة أن تزيد سرعة دوران عجلة التفتيت الدائرة في المنطقة على قدم وساق.

لست في حاجة لإعادة تأكيد قناعتي بوجود مشروع يستهدف تحويل إيران إلى دولة إقليمية كبرى في المنطقة واحتمال تعارضه مع بعض المصالح العربية، لكن التعامل مع المشروع الإيراني يستدعي قيام مشروع عربي مستقل لإحداث التوازن المطلوب، وليس تحالفا عربيا إسرائيليا أمريكيا لضرب إيران!!

نقلا عن جريدة المصري اليوم، 24-6-2007

*************

إنهم يتلاعبون بالشرعية الفلسطينية

   فهمي هويدي - الشرق الأوسط -27/6/2007

   أما وقد أصبح الجميع يتحدثون عن الشرعية الفلسطينية، فإن ذلك يغدو مبرراً لتحرير المسألة وتقصي حقيقتها.. ذلك اننا تعلمنا من دراسة الفقه الدستوري أن للشرعية ركنين،

أولهما قبول الأغلبية التي تعبِّر عن رأيها من خلال الانتخاب الحر،

وثانيهما احترام الدستور والقانون.

وبهذا المفهوم، فان الشرعية الفلسطينية تصبح حاصل جمع رئيس السلطة المنتخب، ورئيس الحكومة التي تمثل الاغلبية، والمجلس التشريعي المنتخب، وهو ما يعني أن اختزال الشرعية في رئاسة السلطة دون غيره يعد خطأ محضاً، وربما كان حقاً أريد به باطل. رئيس السلطة له شرعيته لا ريبَ، ولكنه يظل جزءاً من الشرعية وليس كلا لها. وحصر الشرعية فيه وحده، لسحب الشرعية عن الحكومة والمجلس التشريعي هو من قبيل التغليط والباطل الذي يُرَادُ الترويج له. بسبب من ذلك فإننا حين نتطرق الى المسألة الشرعية فينبغي ان يظل حاضراً في الأذهان ان لها ثلاثة أعمدة، وليس لواحد فيها أن يهدم أو يلغي شرعية العمودين الآخرين.

الركن الآخر في الشرعية المتمثل في احترام الدستور والقانون شابَهُ لبس كبير، ويتطلب وقفة أطولَ.

لكن قبل أن أتحدث عن هذا الجانب ألفت الانتباه إلى مسألة شكلية ذات مغزى. ذلك ان الطريق التي تمت بها صياغة المراسيم الرئاسية التي صدرت تباعاً في الآونة الأخيرة تبعث على الدهشة حقاً. فرئيس السلطة صدق نفسه وتصرف كأنه رئيس حقيقي في دولة مستقلة، وليس مجرد موظف كبير في نظام خاضع للاحتلال.

كما ان صياغة تلك المراسيم استخدمت لغة غامضة، اندثرت في أدبيات الخطاب السياسي والقانوني.

من ناحية لأن الرئيس عباس في مراسيمه احال الى «الصلاحيات المخولة لنا». ولم يشر الى طبيعة تلك الصلاحيات ومرجعيتها، لسبب جوهري هو انه ليس في القانون الاساسي (الدستور) اية نصوص يمكن الاستناد إليها فيما ذهب إليه. وحتى مصطلح تحقيق المصلحة العامة لا قيمة له من الناحية القانونية، لأنه مطاط ولا حدود له، ثم انه يرهن مستقبل المجتمع لتقدير المسؤول ومزاجه الخاص. وكان ملاحظاً في صياغة تلك المراسيم، أنها استخدمت عبارة «رسمياً بما هو آت»، وتلك لغة تعبر عن انتفاخ لا مبرر له في قاموس الصياغة السياسية والوطنية، منذ اكثر من مائة عام في الأقل.

اذا انتقلنا من الشكل الى الموضوع، فان الاجراء الدستوري الوحيد الذي اتخذه رئيس السلطة الفلسطينية هو إقالة الحكومة، وهو الحق الذي مارسه طبقاً للمادة 45 من القانون الاساسي، أما كل ما تلا ذلك من مراسيم، فانها لا تستند إلى أية مرجعية دستورية أو قانونية. وفي ظل أي نظام قانوني وسلطة قضائية مستقلة، فان هذه المراسيم يمكن الطعن فيها وإبطال مفعولها. وحتى نكون أكثر دقة، فربما استثنينا مرسومه باعلان حالة الطوارئ، لأن ذلك من حقه دستورياً «عند وجود تهديد للأمن القومي بسبب حرب او غزو او عصيان مسلح او حدوث كارثة طبيعية»، هذا اذا افترضنا ان ما جرى في غزة يمثل تطوراً ينطبق عليه أحد تلك العناوين. ومع ذلك، فنص المادة 110 من الدستور تشترط ان تتحدد مدة الطوارئ التي يعلنها رئيس السلطة في ثلاثين يوماً، يجوز تمديدها ثلاثين يوماً أخرى بعد موافقة ثلثي اعضاء المجلس التشريعي (وهو ما يلتزم به الرئيس ابو مازن). (لقد نص المرسوم الذي اصدره رئيس السلطة في 14/6 على تشكيل حكومة مكلفة بتنفيذ أنظمة وتعليمات حالة الطوارئ)، وتزاول هذه الحكومة مهمتها بعد تأدية اليمين القانونية أمام رئيس السلطة الفلسطينية. وذلك كله لا أصل ولا سند له في الدستور أو القانون.

وما أقدم عليه أبو مازن في هذا الصدد تصرف خارج القانون بإطلاق، لماذا؟

أولا: لأنه ليس من حق رئيس السلطة تشكيل حكومة جديدة من جانبه، وطبقاً للدستور، فان حق الرئيس في إقالة الحكومة لا يمنحه أية صلاحية لتشكيل حكومة جديدة من تلقاء نفسه، وانما يؤكد الدستور مسؤولية الحكومة المنتهية ولايتها في القيام بعملها لتسيير الاعمال التنفيذية، الى حين تشكيل حكومة جديدة، يمنحها المجلس التشريعي ثقته.

ثانيا: لأنه لا يوجد في الدستور او القانون الفلسطيني شيء يمكن تسميته بحكومة إنفاذ الطوارئ، وليست هناك اية اشارة الى ما سمي انظمة وتعليمات حالة الطوارئ، وانما هذه المسميات الجديدة من اختراع «فقهاء السلطان» الذين يطلق عليهم في مصر «ترزية القوانين»، الذين يقومون بتفصيل النصوص القانونية على النحو الذي يستجيب للهوى السياسي، بصرف النظر عن الاصول والمبادئ الواجب الالتزام بها في التقنين. وللعلم، فان نص المادة 114 من القانون الاساسي ينص صراحة على إلغاء جميع الأحكام التي تنظم حالات الطوارئ المعمول بها في فلسطين قبل نفاذ القانون الاساسي، بما في ذلك جميع احكام انظمة الدفاع (الطوارئ) الانتدابية لعام 1945.

ثالثاً: لانه في غياب اية مرجعية قانونية لما سمي أنظمة وتعليمات الطوارئ، فلا مفر من الاعتراف بان البديل في هذه الحالة هو أن يقوم رئيس السلطة باصدارها، ثم تقوم الحكومة المذكورة بتنفيذها، وهو ما يثير سؤالاً آخر هو: هل يعقل من الناحية الدستورية والقانونية ان يقوم رئيس السلطة الوطنية باصدار أنظمة تكلف الحكومة باصدارها، أم أن الحكومة التي تشكل وفقاً لأحكام بإصدار الأنظمة واللوائح، وهو ما تقضي به المادة 70 من الدستور.

رابعاً: لأن ابتكار صلاحيات دستورية اضافية لرئيس السلطة الفلسطينية، من خلال مرسوم رئاسي بتشكيل حكومة بمسمى إنفاذ أحكام الطوارئ، يعد مخالفاً لاحكام نص المادة 38 من القانون الاساسي، التي اكدت الصلاحيات الدستورية الحصرية لرئيس السلطة الوطنية، حين نصت على انه: يمارس رئيس السلطة الوطنية مهامه التنفيذية على الوجه المبين في هذا القانون.

لا يفوتنا في هذا الصدد ان نذكر ان ابتكار صلاحيات دستورية اضافية لرئيس السلطة الوطنية من خلال المرسوم المذكور، وعلى نحو مخالف لأحكام ونصوص القانون الاساسي يعد مخالفاً لجوهر ومضمون القسم الدستوري لرئيس السلطة، الذي ألزم نفسه بمقتضاه باحترام النظام الدستوري والقانوني. وفي ذلك الوقت، فإن نص الدستور على أن رئيس الوزراء وأعضاء حكومته يرددون ذلك القسم، يعني ان اية حكومة جديدة تشكل بخلاف الأصول الدستورية المتفق عليها تكون قد خرقت القانون الاساسي الفلسطيني واعتدت عليه في لحظة اداء القسم.

ذلك كله في كفة، والمرسوم الذي اصدره ابو مازن لاحقا في (15/6) بتعليق بعض احكام الدستور في كفة أخرى، ذلك ان اي معنيٍّ بالشأن القانوني أو حتى بالعمل السياسي الرشيد حين يطلع على ذلك المرسوم، سوف يدرك على الفور انه يمثل سابقة هي الاخطر في نوعها بتاريخ العمل التشريعي في عهد السلطة الوطنية، ذلك انه كفيل بان يؤدي إلى انهيار النظام الدستوري وإهدار قيمة القانون في فلسطين. ولعلها المرة الاولى التي ستوثق فيها الجريدة الرسمية (الوقائع الفلسطينية) من خلال المرسوم المذكور ـ وللأجيال القادمة، ان رئيس السلطة الوطنية سجل انعطافاً خطيراً في مسيرة التجربة الديمقراطية التي قدرها الجميع في فلسطين، فتجرأ على القانون الاساسي، وهو التشريع الأسمى، بما يحمل في طياته من قيم ومبادئ وأحكام دستورية سامية، ومن ثم رسم طريق النهاية لمستقبل الديمقراطية والحكم الصالح في فلسطين.

ولان ديباجة المرسوم اشارت الى احكام الباب السابع من القانون الاساسي، التي نصت على انه: لا يجوز حل المجلس التشريعي الفلسطيني أو تعطيله خلال فترة حالة الطوارئ او تعطيل احكام هذا الباب، فأغلب الظن أن فقهاء السلطان سوغوا هذه الخطوة بواحدة من الحيل التي يجيدونها. ذلك انه اذا كان النص الدستوري المشار اليه يقول انه لا يجوز تعليق أحكام الباب السابع خلال فترة الطوارئ، فان مفهوم مخالفة النص يعني انه يجوز تعليق جميع ابواب القانون الاساسي باستثناء احكام الباب السابع، وهو ذات المنطق الذي روج له بعض ترزية القوانين ذاتهم، الذين أفتوا بأنه إذا كان نص الدستور يقضي بأنه لا يجوز حل المجلس التشريعي الفلسطيني خلال فترة الطوارئ، فإن مفهوم المخالفة يعني انه يجوز حل المجلس التشريعي في الظروف والاحوال العادية!

ان السؤال المهم الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: مَنْ الذي أعطى رئيس السلطة الوطنية الصلاحية الدستورية التي تسمح له بأن يعلق مواد القانون الأساسي، علماً بأنه ليس في نصوص الدستور ما يخوله ذلك الحق من أي باب، كما ان صلاحياته المذكورة في الدستور واردة على سبيل الحصر، وليست بينها ثغرة يمكن النفاذ منها للانقلاب على الدستور على النحو الذي تم.

خطورة هذه الخطوة التي تسمح لرئيس السلطة بان يعلق بعض مواد الدستور، انها تفتح الباب واسعاً لتعليق مواد اخرى، الأمر الذي يفقده قيمته واحترامه، ويحوله في نهاية المطاف الى لعبة يمكن العبث بها في اي وقت، وتلك من آيات انهيار النظام الدستوري والقانوني، بل من علامات الانقلاب على الدستور، لانه اذا كانت يد رئيس السلطة ملتزمة بأية مرجعية أو إطار قانوني، فان الامر كله يصبح مرهوناً بارادته وحساباته، فضلاً عن انه يغلق تماماً باب الحديث عن الشرعية.

ذلك كله أمر غريب ومدهش لا ريب، لكن الأشد غرابة منه ان تستقبل تلك الخطى الموغلة في العدوان على الدستور والقانون، بحفاوة من جانب الاغلبية الساحقة من الديمقراطيات الغربية، الامر الذي يكشف لنا عن وجه آخر في السياسة الدولية، شديد القبح والكآبة، إذ نرى في هذا الوجه المبادئ والتضحية بها، في مقابل المصالح والمنافع. ونرى فيه حماساً شديداً لإهدار قيمة القانون والدستور والاطاحة بهما، ومن ثم العبث بالشرعية طالما أنها تنتهي بحصار المقاومة وضربها، وتعزيز موقف اسرائيل واستعلائها ـ وا اسفاه.