المشروع الإيرانيّ الصفويّ الفارسيّ المشبوه 4
المشروع الإيرانيّ الصفويّ الفارسيّ المشبوه
في بلاد العرب والمسلمين
(4)
د.محمد بسام يوسف*
تصدير الثورة الشيعية الصفوية الفارسية ، والخطة الخمسينية الجديدة
نشرت مجلة البيان الإماراتية في عددها رقم (78) تحت عنوان: (الخطة السرّية للآيات في ضوء الواقع الجديد)، نصَّ رسالةٍ موجَّهةٍ من (مجلس الشورى للثورة الثقافية الإيرانية) إلى المحافظين في الولايات الإيرانية، وذلك في عهد الرئيس الإيرانيّ (خاتمي)، وقد كانت المجلة قد حصلت على تلك الرسالة الخطيرة من (رابطة أهل السنة في إيران - مكتب لندن)، التي عرضها وعلّق عليها: (الدكتور عبد الرحيم البلوشي).. ومما جاء في تلك الرسالة:
[لقد قامت، بفضل الله، دولة الإثني عشرية في إيران بعد عقودٍ عديدة، وبتضحية أمة الإمام الباسلة، ولذلك، فنحن -بناءً على إرشادات الزعماء الشيعة المبجَّلين- نحمل واجباً خطيراً وثقيلاً، هو (تصدير الثورة)، وعلينا أن نعترفَ بأنّ حكومتنا -فضلاً عن مهمّتها في حفظ استقلال البلاد وحقوق الشعب- فهي حكومة مذهبية، ويجب أن نجعلَ تصدير الثورة على رأس الأولويات، لكن نظراً للوضع العالميّ الحاليّ، وبسبب القوانين الدولية -كما اصطُلح على تسميتها- لا يمكن تصدير الثورة، بل ربما اقترن ذلك بأخطارٍ جسيمةٍ مدمِّرة.. ولهذا، فإننا وضعنا (خطةً خمسينيةً) تشمل خمس مراحل، مدة كل مرحلةٍ عشر سنوات، لنقوم بتصدير الثورة (الإسلامية) إلى جميع الدول المجاورة، لأنّ الخطر الذي يواجهنا من الحكّام ذوي الأصول السنيّة، أكبر بكثيرٍ من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب، لأنّ أهل السنّة هم الأعداء الأصليون لولاية الفقيه والأئمّة المعصومين، وإنّ سيطرتنا على هذه الدول تعني السيطرة على نصف العالم، ولتنفيذ هذه الخطة الخمسينية، يجب علينا أولاً، أن نُحَسِّن علاقاتنا مع دول الجوار، ويجب أن يكونَ هناك احترام متبادل وعلاقة وثيقة وصداقة بيننا وبينهم.. وإنّ الهدف هو فقط (تصدير الثورة)، وعندئذ نستطيع أن نُظهر قيامنا في جميع الدول، وسنتقدّم إلى عالم الكفر بقوةٍ أكبر، ونزيّن العالم بنور التشيّع، حتى ظهور المهديّ المنتَظَر]!.. (ا هـ).
منذ أن انتصرت الثورة الشيعية الإيرانية في عام 1979م، صرّح زعماؤها وأولهم مرشد الثورة وزعيمها: (الخميني)، بأنهم لن يقفوا في ثورتهم عند حدود إيران، بل سيعملون على نشرها في بلدان العالَم الإسلاميّ، خاصةً في العراق ودول الخليج العربيّ ولبنان، ورفعوا شعاراً علنياً هو شعار: (تصدير الثورة)، وأعلن الخميني ذلك بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لانتصار ثورته، أي بتاريخ 11/2/1980م، إذ قال: (إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالَم)!.. ولتحقيق هذه الغاية، تم تشكيل المنظمات الداخلية والخارجية، التي قامت بانتهاكاتٍ وأعمال عنفٍ في بعض البلدان، كالكويت والسعودية ولبنان.
عقيدة (تصدير الثورة) نابعة من العقيدة الشيعية الإمامية، التي (تعتبر أنّ أهل السنّة هم (نواصب) كفار ينبغي قتالهم وقَتلهم، أو تغيير دينهم إلى الشيعة الإمامية)!.. لكنّ وقوع الحرب العراقية الإيرانية التي هُزِمَت فيها إيران، ثم وفاة (الخميني).. استدعى إعادةَ النظر في السياسة الثورية الانقلابية الإيرانية، بهدف ترتيب الأوضاع الداخلية بعد الهزيمة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.. من جهة، وبهدف الاستجابة لمتطلّبات التحوّلات الدولية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفرُّد الولايات المتحدة الأميركية بالهيمنة على العالَم.. من جهةٍ ثانية.
لذلك كان لابد من تغيير التكتيك والأسلوب، مع بقاء الهدف الاستراتيجي قائماً: (تصدير الثورة)، لكن من غير ضجيج، أو إراقة دماء، أو إثارة ردود الأفعال المحلية والدولية!.. وهكذا، رُسِمَت الخطة الخمسينية (أي مدتها خمسون سنة) على طريقة (بروتوكولات حكماء صهيون)، وأبرز ما جاء فيها:
1- الخطة تستهدف أهل السنّة داخل إيران وخارجها، وهي ذات صبغةٍ ثقافيةٍ اجتماعيةٍ تاريخيةٍ سياسيةٍ اقتصادية دينية.
2- تعتمد الخطة على تحسين العلاقات مع الآخرين، وعلى نقل أعدادٍ من العملاء إلى الدول المستهدَفَة.
3- تدعو الخطة إلى زيادة النفوذ الشيعيّ في مناطق أهل السنة، عن طريق بناء الحسينيات والجمعيات الخيرية والمراكز الثقافية والمؤسّسات الطبية والصحية.. كما تدعو إلى تغيير التركيبة السكانية، بتشجيع الهجرة الشيعية إلى تلك المناطق، وبتهجير أهل تلك المناطق منها.
4- توزَّع الخطة على خمس مراحل، مدة كل مرحلةٍ عشرُ سنوات، ينفّذون في كل مرحلةٍ حزمةً من الإجراءات، كما يلي:
أ- المرحلة الأولى (مرحلة التأسيس ورعاية الجذور): يقومون خلالها بإيجاد السكن والعمل لأبناء الشيعة المهاجرين إلى الدول المستهدَفَة، ثم بإنشاء العلاقة والصداقة مع أصحاب رؤوس الأموال والمسؤولين الإداريين في تلك الدول، ثم بمحاولة خلخلة التركيبة السكانية عن طريق تشتيت مراكز تجمّعات أهل السنّة وإيجاد تجمّعاتٍ شيعيةٍ في الأماكن المهمّة.
ب- المرحلة الثانية (مرحلة البداية): إذ يتم العمل من خلال القانون القائم وعدم محاولة تجاوزه، والسعي للحصول على الجنسية المحلية للمهاجرين الشيعة، ومحاولة الانسلال إلى الأجهزة الأمنية والحكومية،.. ثم التركيز على إحداث الوقيعة بين علماء السنة (الوهابيين -كما يصفونهم-) والدولة، من خلال تحريض العلماء على المفاسد القائمة وتوزيع المنشورات باسمهم، وارتكاب أعمالٍ مُريبةٍ نيابةً عنهم، ثم إثارة الاضطرابات.. وبعدها يتم تحريض الدولة عليهم.. وذلك كله، للوصول إلى هدف إثارة أهل السنّة على الحكومات، حتى تقمعَ تلك الحكومات أهلَ السنّة، فيتحقق هدف انعدام الثقة بين الطرفين.
ج- المرحلة الثالثة (مرحلة الانطلاق): يتم خلالها ترسيخ العلاقة بين الحكام والمهاجرين الشيعة العملاء، وتعميق التغلغل في أجهزة الدولة، وتشجيع هجرة رؤوس الأموال السنية إلى إيران، لتحقيق المعاملة بالمثل، أي للسماح لرؤوس الأموال الإيرانية بالعمل في تلك البلدان السنيّة.. ثم القيام بضرب اقتصاديات تلك الدول، بعد السيطرة عليها.
د- المرحلة الرابعة (بداية قطف الثمار): التي تتميّز بالوصول إلى المواقع الحكومية الحسّاسة، وشراء الأراضي والعقارات، ما يؤدي إلى ازدياد سخط الشعوب السنيّة على الحكومات، بسبب ازدياد نفوذ الأغراب الشيعة فيها.
هـ- المرحلة الخامسة (مرحلة النضج): فيها تقع الاضطرابات الشديدة، وتفقد الدولة عوامل قوّتها (الأمن، والاقتصاد)، وبسبب الاضطرابات يتم اقتراح تأسيس (مجلسٍ شعبيٍ)، يسيطرون عليه ويقدّمون أنفسهم مخلِّصين لمساعدة الحكّام على ضبط البلاد، وبذلك يحاولون السيطرة بشكلٍ هادئٍ على مفاصل الدولة العليا، فيحقّقون هدف (تصدير الثورة) بهدوء.. وإن لم يتم ذلك، فإنهم يحرّضون الشعوب لإعلان الثورة الشعبية، ثم يسرقون السلطة من الحكّام، ويسيطرون بشكلٍ كاملٍ على مفاصل الدولة.
(انظر: الرافضة في سطور، أبو عادل إبراهيم العوفي.. والخطة السرية: دراسة في الأسلوب الجديد لتصدير الثورة الإيرانية، موقع البرهان).
* * *
إننا حالياً نشهد تنفيذ هذه الخطة الخمسينية الخبيثة بكل دقةٍ في بعض بلاد العرب والمسلمين، من مثل: العراق والكويت والبحرين واليمن وسورية ولبنان والأردن، والسودان وبعض الدول العربية في شماليّ إفريقية.. وغيرها!.. ولعل افتضاح أمرهم وقع بسبب خروجهم عن بعض محاور خطتهم الخمسينية الخبيثة في العراق، وبسبب ممالأتهم للمحتل الأميركي (الشيطان الأكبر) والعدو الصهيوني، ضد العرب والمسلمين.. فوقعوا في فخ أحقادهم، التي دفعتهم لارتكاب أفظع الجرائم وأشدها خسّةً ونذالةً في بلاد الرافدين، ما أدى لتعبئة الرأي العام العربي والإسلامي ضدهم بعد انكشاف نواياهم وعقائدهم وخلفيات سلوكهم المشين البشع ضد الشعوب المسلمة.. بينما هم في سورية مثلاً، ينفّذون خطتهم الخبيثة بكل تفاصيلها، تحت الحماية الكاملة التي يقدّمها لهم النظام الأسدي المجرم ضد سورية وشعبها.. وليس من المعقول أن يقفَ المسلمون متفرّجين على شعوبهم وبلدانهم وهي تسقط الواحدة تلو الأخرى، في أحضان أصحاب المشروع الصفويّ الفارسيّ المشبوه.. إذ لا بد من مشروعٍ مضادٍ يحمي الشعوب والأمّة والأوطان من هذا الشرّ المستطير القادم من بلاد فارس الصفوية، بالتواطؤ الكامل مع نظام بشار أسد الخائن لوطنه وشعبه وأمّته!..
*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام