آن للكتل السياسية أن تعتذر للشعب العراقي
ولبعضها البعض
سلمان السلمان /أمريكا
في المفهوم السياسي أن تجعل خصمك يتقبل ما تطرحه دون أن تخسر صداقته.
أما عندنا في العراق فالمعادلة معكوسة وتكاد تشوه علم السياسة لذلك نحن نعتقد أن التجربة السياسية في العراق سوف تكون نموذجا فاشلا ما لم تتغير، وسوف تكون مادة تدرس في منهاج التعليم السياسي العالمي تحذر الشعوب من خطورة تكرارها.
أن الوعي السياسي نعمة يمنها الله على عباده ليجنبوا بلدانهم الكوارث، وأي وعيا لا يحمل هذا المعنى يكون وعيا مريضا ومشكوكا فيه، وعلى الشعب أن يتصدى له بكل قوة وحزم.
ونحن اليوم نعيش الوعي السياسي المريض من خلال تجربة خاضها الشعب العراقي طوال هذه الفترة، وتفنن فيها السياسيون في لملمة الكوارث على الشعب العراقي، فلم يستطع العقلاء من السياسيين بناء تجربة حقيقة في بناء العراق لأسباب كثيرة وغير واقعية في منظور السياسة الواعية.
فكانت الكارثة الأولى برلماننا ضعيفا غير قادر على اتخاذ القرارات النوعية التي تخدم الشعب. فآل الأمر إلى ستة من السياسيين المختلقين في كل شيء، لا يجمعهم سوى كلمات يرددونها في كل مناسبة وهي وحدة الشعب العراقي، ولكننا لم نراها قد تحققت يوما.
ثم ابتدعوا فكرة مجلس الرئاسة ولا ندري من أي كوكب جاءونا بهذه الأطروحة مع أن العراق اختار أن يكون نظامه السياسي برلماني.
لذلك أصبحت قرارات البرلمان مهما حصل فيها من إجماع يستطيع شخص واحد أن ينقضها من مجلس الرئاسة إذا لم تتماشى ومزاجه وتطلعاته المستقبلية باعتباره يملك حق النقض (فيتو)، ومجلس الرئاسة هذا فيه ثلاث أشخاص لم يضعوا لهم نظام داخلي يحدد حركة وانضباط تصرفاتهم، والسفينة التي يقودها ثلاث ملاحين حتما ستؤول إلى الغرق.
لذا نرى السياسة الخارجية للعراق غير واضحة المعالم لأن هؤلاء كلهم رؤساء واني لأتعاطف مع الدول التي يزورنها هؤلاء فكيف يكون استقبالهم؟ هل على أساس رئيس أم نائب رئيس أم ماذا؟
ثم أن ميزانية رئاسة الجمهورية ستكون لثلاث رؤساء، وأنت تخيل كم ستكون تلك الميزانية؟ أضف إلى ذلك عدد المكاتب التي يمتلكها كل رئيس وغير ذلك مما لا يحيط به علما الشعب العراقي.
ولم يكتفوا بذلك بل زادوا الطين بلة فاجتهدت عقولهم فولدت لنا وبعد مخاض عسير مجلس شورى الدولة، ولوا أطال الله في أعمارهم ومناصبهم لسمعنا مجالس ما أنزل الله بها من سلطان.
ثم اكتشفوا بعد جهدا جهيد أن الفساد مستشري في الدولة العراقية فاخترعوا منطادا هوائيا فارغا اسمه هيئة النزاهة.
ولكي يحافظوا على النظام والقانون تناغمت أهوائهم مع العشائر فقرروا تأسيس مجلس وطني للعشائر، ليعيدوا لنا سطوت الإقطاع مرة أخرى.
ولولا خوفي من الإطالة وكره القارئ للمواضيع الطويلة لعددت الكثير من هذه القبائح التي استنزف فيها المال العراقي.
والسؤال هنا ما الذي جناه الشعب العراقي من كل هذه المسميات؟
نعم استفاد الشعب في تأخير القوانين وتعطيل المواد الدستورية والقبول بأنصاف الحلول وترحيل القضايا المفصلية إلى دورات لاحقة، والتناحر والتنافر وإصرارهم على التخندق الأعمى وفتح الأبواب أمام الجيران ليرسموا لنا مستقبلنا، واستنزاف ميزانية الدولة على قضايا هامشية لم يكن للمواطن العراقي فيها نصيب......الخ.
واليوم وبعد كل هذه المضادات على الجميع أن يعتذر للشعب العراقي. نعم كل السياسيين وان يعترفوا بفشلهم في إدارة العراق الجديد بكل تقسيماتهم وألوانهم وليتركوا الشعب يقرر في رسم مستقبله دون تدخل الأجندات الخارجية فقد مللننا هذا الانبطاح من قبل السياسيين لدى الجيران فهم يبنون أوطانهم ونحن نهدم وطننا.
ولكي ينصفوا الشعب اليوم على السيد الهاشمي أن يعترف بأنه سبب العودة إلى الطائفية وانه قد أخطأ عندما نقض القانون لأن القانون ما جاء إلا بعد جهد جهيد ومماطلة برلمانية واضحة وتوافق لا بأس به بين الكتل البرلمانية وإن كان لا يلبي الطموح إلا انه أهون الشرين كما يقال، وهذه المزايدة الهاشمية أدخلت البلاد في حسابات غبية سرعان ما تنتهي في حلبة التنافس الانتخابي.
وأيضا على السيد المالكي أن يعتذر للسيد الهاشمي والشعب العراقي لأنه تسرع في الرد على نقض الهاشمي للقانون لان التسرع يجر البلاد إلى ما لا يحمد عقباه لأننا رأينا السيد المالكي يحاول أن يخرج من لعبة التخندق الطائفي وأي تسرع في اتخاذ القرار يجر البلد للتخندق مرة أخرى وعليه فنحن ندعوه لأن يكون شجاعا كما عهدناه وان لا تأخذه العزة بالأثم.
وعلى الكتل السنية أن تعتذر للشعب العراقي والكتل الأخرى الشيعية والكردية لأنها تسرعت في مناصرة السيد الهاشمي في نقضه للقانون لأنهم كانوا ضمن الصفقة التي تم بها إقرار قانون الانتخابات في البرلمان.
ذلك لأن الشعب يعلم إن مناصرتهم لنقض القانون ليس حبا بالهاشمي وتأييدا لرأيه وإنما خوفها من ذهاب الأصوات التي يطالب بها الهاشمي إلى الهاشمي دونهم.
وعليه فإنها مطالبة بالاعتذار لهذا الشعب المظلوم.
وعلى الكتل الشيعية والكتل الكردية أن تعتذر للشعب العراقي والكتل السنية لأنها تسرعت في ردة الفعل فكان التعديل بمستوى ردة الفعل وليس من منطلق حب الشعب والوطن.
وعليه نحن ندعو السيد الهاشمي إلى عدم التسرع في نقض القرار مرة أخرى وأيضا ندعو السياسيين إلى مراعاة حق الشعب في وحدة الموقف ووحدة الكلمة وان يخرجوا العراق من هذا النفق الذي أدخلوه فيه.
كذلك ندعو المؤسسات والمنظمات المدنية للضغط على السياسيين لاتخاذ المواقف الموحدة، وأن يبتعدوا عن الاصطفاف الطائفي.
وأيضا ندعو الشعب إلى اليقظة والحذر من المؤامرات الخارجية وان يتعامل مع الأحداث بروح عالية من الفهم والوعي لأننا نعتمد عليه في المواقف الصعبة التي تحاك ضد العراق.